الوعي القرآني درعُ الأمّة الحصين من اختراق الأعداء

نبيل بن جبل

 

 

حين يأمر الله ( سبحانه وتعالى ) رسوله محمد ( صلوات الله عليه وعلى آله ) بالجهاد في سبيل الله في قوله : «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير» وحين يكلف الله سيد الخلق وأعظمهم وأكرمهم وأحبهم إليه لأداء هذه المهمة والقيام بهذه المسؤولية العظيمة لتخليد هذا المبدأ العظيم ( الجهاد في سبيل الله في مواجهة الطواغيت والمستكبرين) ، وحين يضطر رسول الله للقتال بنفسه دفاعاً عن الدين والمستضعفين لترسيخ قيم ومبادئ وأخلاق القرآن ، وتثبيتا لدعائم الإسلام ثم تجد بين المسلمين اليوم من يتخذ من الحياد موقفاً ومن السكوت عن قول الحق وإقامة الحق ومواجهة الباطل منهجاً في حياته ويتنصل عن واجبه باسم الدين تحت تأثير عقائد باطلة وثقافات خاطئة وأفكار معوجة ، ويظن أن حياته ونفسه أهم من حياة ونفس رسول الله يومئذ تتيقن أن هناك خللاً في الإيمان والعقيدة في التربية و في الرجولة وأن ديننا قد حُرّف وأرواح المنتسبين إليه ممن يدعون الحياد قد قُتمت ونفوسهم قد خبثت ومفاهيمهم وأفكارهم قد ضُللت وقلوبهم قد اسودّت وأن أعداءنا قد نجحوا في اختراق مجتمعنا الإسلامي من خلال الحرب الناعمة وأدواتها في وسائل الإعلام ومن علماء الضلال وشيوخ الفتنة المضلّين في الأرض والمفسدين للمفاهيم والأفكار المحرّفين للمعاني والمقلّبين للحقائق ، وهذا خلل كبير وهو أمر يجب أن نعترف به مهما كان حجم الاختراق صغيراً أو كبيراً ولكنه واقع وللأسف مُعاش ونلمسه جميعاً من خلال تنصل الكثير من أبناء الأمة عن مسؤولياتهم الكبرى وواجباتهم الدينية والإنسانية العظمى ، مسؤولياتهم وواجباتهم التي يترتب عليها فوزهم وفلاحهم وصلاح حالهم وواقعهم في الدنيا والآخرة والتي تحفظ لهم عزتهم وكرامتهم ودينهم وهويتهم ، وتعلي شأنهم ومكانتهم بين الأمم ، ومن خلال استسهال العمالة للأجنبي والتطبيع والتعاون مع اليهودي والنصراني مع الأمريكي والإسرائيلي على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا وعلى حساب الدين والأرض والعرض والكرامة والإنسان ، وهناك بالتأكيد نقاط كثيرة أخرى يمكن الحديث عنها والإشارة إليها لأن الكلام هنا يطول ولكن كما أكدنا ونؤكد دائماً فإن الاختراق الحاصل من خلال القوة الناعمة لايمكن مواجهته إلا بالقوة الناعمة وبالبدائل الذكية وبالمرونة الاستراتيجية وبطرح الحلول العلمية والمدروسة القابلة للتطبيق بالوعي بقيم ومبادئ وأخلاق القرآن ومشروعه العظيم وبتوجهات ومشروع القضية العادلة التي نضحي من أجلها وبتوجيهات علم الهدى ، والشواهد كثيرة والحقائق واضحة جلية والأحداث تميز الصادق من الكاذب والحق من الباطل ولايمكن حجب شمس الحق والحقيقة الساطعة بغربال التضليل الكاذب ، من ناحية المبدأ فإنه بالرغم من هذه الاختراقات في واقعنا العربي المعاصر وواقع أمتنا الإسلامية ككل سابقاً وحالياً إلا أنه يجب أن نعترف أن وعي الأغلبية العظمى من أبناء الشعب اليمني الوعي الذي رسخه المشروع القرآني في أفكارهم وعقولهم وواقع حياتهم وفي ثقافتهم القرآنية كافٍ للمواجهة ، وأن نسبة هذا الوعي يتزايد مع انكشاف أوراق الأعداء وسقوطها واحدة تلو الأخرى واعترافات هؤلاء المجرمين ومافعلوه ويفعلونه في اليمن من جرائم حرب لامثيل لها عبر التاريخ وإبادات جماعية ومجازر وحشية وحصار خانق وأعمال عدوانية يندى لها جبين الإنسانية وتتنافى مع كل القيم الأخلاقية والأعراف والتقاليد الدينية والوطنية ومع الفطرة الإنسانية ومع كل القوانين الربانية منها والدولية التي صاغها البشر ، وبأعمالهم المشؤومة اللاأخلاقية واللاإنسانية ، وبتطبيعهم وخيانتهم لدينهم وقضايا أمتهم الأولى والمركزية وعلى رأسها قضية فلسطين والأقصى الذي يعاني الأمرّين جراء احتلال الصهاينة الغاصبين وخيانة وتواطؤ وعمالة العرب الخائنين ، وهذا الوعي الكبير يجب أن ينتشر بين أوساط الأمة وسيسود ( بعون الله ) وقوته لأن هذا المشروع القرآني العظيم ليس فقط لأبناء الشعب اليمني وحسب بل هو للأمة كافة .. للبشرية جمعاء .. للعالمين وهو عالمي بعالمية القرآن وليس محصوراً في طائفة أو فئة أو مذهب أو حزب ولا مؤطرا بأي قانون لأنه امتداد للقرآن وعنوانه الأسمى» الجهاد في سبيل الله» ووجهته الرئيسية تحرير فلسطين وهي قضيته الأولى والأساسية ، ونصرة المستضعفين في العالم وعنوانه الموت لقوى الاستكبار العالمي ، وفي مواجهة القوة الناعمة والاختراق الحاصل لأبناء الأمة لابد من زج كل الطاقات الوطنية والقومية وفي كل المجالات الدينية والثقافية والفنية والسياسية والإعلامية وهو الأهم ولابد أن يتحول إعلامنا إلى إعلام جذاب ومثقفونا وخطباؤنا ومرشدونا إلى مؤثرين وجذابين إعلام تنويري تبصيري جذاب يتصدى للأعداء بشكل عملي مدروس يناقش كل القضايا بشكل حر ومسؤول ومنفتح ، وسوف يجذب عدداً أكبر ما يزيد قدرتنا على التأثير ونحن نمتلك في هذه المواجهة أزكى ثقافة وأعظم كتاب ومنهج وأقدس مذهب وأطهر أمة وأعظم وأحكم قيادة من آل محمد سفينة النجاة وهذه القوة مؤثرة وذات نفوذ على صعيد العالم العربي والإسلامي والعالم بأسره وإذا أخلصنا لله في جهادنا وبذلنا جهدنا وحشدنا طاقاتنا فسيكون تحرير الأمة في أرضها وأفكارها شرف ينتسب إلينا للأبد شرف وعزة في الدنيا والآخرة وقد اختصنا الله لنصرة دينه وأمته يوم سمانا بالأنصار ويوم شرفنا رسوله بالإيمان والحكمة : « الإيمان يمان والحكمة يمانية “والعاقبة للمتقين”.

قد يعجبك ايضا