لثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م تحركٌ وقاد في قلب كل يمنيٍ أسباباً ورؤيةً واستنهاضاً ، وبما أنني كيمني غيور على وطني وأرضي وعرضي فقد جعلتُ نفسي عينةً بحثية إزاء هذا الحدث العظيم، لأدرك وأتمعّن في طبيعة عوامل الثورة ودوافعها ، ولذلك فقد وجدتُ أن ثمة احتقانات اجتماعية منذ عقودٍ مضت كانت تعاني قهراً واستبداداً من قبل فئات مجتمعية محدودة استأثرت بالقرار السياسي المطعّم بالإملاءات الخارجية وبطبيعة ونوع العلاقات الدبلوماسية مع الدول والمحكومة من الأجنبي.
والتي اتسمت بعدم الندّية ويشوبها نفوذ دول الغرب الاستكبارية التي عملت على احتكار تلك العلاقات لصالحها وفرض ذلك أمراً واقعاً مما جعلها علاقة تابع لمتبوع دون أن تكون لأي دولةٍ أخرى وبالذات من دول المعسكر الشرقي أي علاقة تعاون مع اليمن، وإن وجدت ففي حدود سطحية جداً لا عميقة ، الأمر الذي جعل اليمن تحت هيمنةٍ خارجية كان لها أهدافا استراتيجية طامعة تسعى لتحقيقها من خلال اعتمادها على أدوات رخيصة يبيعون الولاءات والذمم بالتقرب والتودد لأنظمةٍ مرتهنة لقوى الاستكبار العالمي التي تسعى من خلال سياساتها في المنطقة إلى إضعاف مظاهر وعناصر الدولة بانتهاك سيادتها وتدخلاتها دينياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الجانب ما كشفه المعتوه محمد بن سلمان في مقابلةٍ صحفية، أجرتها معه صحيفة واشنطن بوست، من أن بلاده دعمت انتشار المذهب الوهابي في العالم لمواجهة التمدد السوفيتي خلال الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي موضحاً أن استثمار بلاده في بناء المساجد والمدارس الإسلامية في الخارج كان سياسة متبعة وأن الرياض امتثلت لطلب الحلفاء في استخدام مواردها المالية لمنع تمدد الإتحاد السوفيتي في الدول الإسلامية.
ولذلك نلاحظ مدى الإعداد والتحضير الدقيق الذي يحاك ضد الدين الإسلامي عموماً و اليمن خصوصاً لإضعافها والحط من كرامة وقدر شعبها ومحاولة النيل من هويته وتغيير ثقافته وعقيدته وكذلك العمل على إرهاق المجتمعات اقتصاديا بإخضاع الدول والشعوب الحرة لسياسة الإفقار والتجويع من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الذي تهيمن عليه أمريكا لتحدد من هي الدول التي تنمو وتزدهر ومن هي الدول التي يجب أن تتوقف فيها عقارب الزمن لتظل المجتمعات العربية في معاناةٍ دائمة ومشغولةً بأسباب الحياة والبحث عن لقمة العيش دون التفكير في النمو والتطور وإيجاد نهضةٍ فكريةٍ علمية تضمن لشعبها دولةً قوية ذات اكتفاءٍ ذاتي في المجالات الصناعية والتجارية والعلمية .
ويبدو جلياً ما حصل على الساحة اليمنية قبل ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م من انتهاكات جسيمة وحروب عبثية ظالمة قامت بها السلطات اليمنية ضد أبناء صعدة إرضاءً للأمريكي والإسرائيلي واستهدفت الأحرار الثائرين في وجه الطغاة المستكبرين وكل ذلك بسبب صرخةٍ وملازم مثّلت في مضمونها ثقافةً قرآنية وصحوةً دينية حقيقية.
كما وصل الحال بالسلطة اليمنية بعد ذلك إلى خلق معاناة إنسانية كان الشعب اليمني في غنى عنها تفاقم على إثرها الوضع الاقتصادي بجرعات غير مبررة اصطلى بنارها الشعب اليمني وقد كشفت قراءات وأرقام مدى مزاجية وعشوائية قرار الجرعات وعدم الوضوح والشفافية في كشف إيرادات النفط والغاز والإفصاح الحقيقي عن موازنة الدولة.
ولا يخفى أيضاً ما كانت تقوم به السفارة الأمريكية بصنعاء من أدوار مباشرة في الشؤون الداخلية في اليمن ولقاء السفير الأمريكي بالمشائخ فيمضي بالأمر والنهي واتخاذ ما يراهُ ملبياً لسياسة ومصالح بلاده التي أقحمت اليمن في الدخول إلى مستنقع ما يسمى بالحرب على الإرهاب وعملت على تهيئة الساحة اليمنية لتكون ميداناً لتصفية الحسابات وخلق الصراعات وتنفيذ مخطط اغتيالات الضباط والمفكرين وتفجير المساجد والمستشفيات.
وليس بخفيٍ على أحد قيام سلطة علي صالح بتدمير الصواريخ اليمنية بإشرافٍ أمريكي مباشر بعد أن تعهد علي عبد الله صالح بعدم شراء أسلحة إلا بموافقة وإشراف أمريكا في خيانةٍ للشعب والوطن و ذلٍ وانبطاحٍ بلا حدود.
ومما تجدر الإشارة إليه ما خرج به مؤتمر الحوار الوطني الذي تبنتهُ جهات أجنبية والقاضي بتقسيم اليمن إلى أقاليم ليكون لأبناء كل إقليم بعد ذلك الحق في تقرير المصير.
وبمناسبة التدخلات والإملاءات الخارجية التي تساهم في تدمير اليمن وشعبه أستذكر هنا المكالمات المسجلة لصالح وهو يتلقى تعليمات أمريكية بشأن العولقي وفي المكالمة يطلب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جورج تينيت من علي عبدالله صالح التدخل لدى الأمن السياسي لإطلاق أنور العولقي الذي كان مسجونا في الجهاز.
كما كشفت المكالمة إلحاح الأمريكي على إطلاق سراح المعتقل في الأمن السياسي ، وفي نفس اليوم أجرى علي عبدالله صالح مكالمة مع المسؤول الأمريكي أكد فيها موافقته على إطلاق سراح العنصر المعتقل.
وبالتالي ومع ما تم عرضه فليس هنالك ما يدعو أحد إلى أن يشكك في عوامل ودوافع ثورة الـ 21 من سبتمبر إلا جاهل أو عديم النزعة الدينية والوطنية ، فخيانة واحدة فقط تكفي لأن يتخلق الفعل الثوري من رحم كل من له غيرة وحمية على أرضه ووطنه ..