
يؤكد الأستاذ/ عبدالباري طاهر السياسي والكاتب المعروف أهمية قضية صعدة وجوهرية مشكلتها بالنسبة للمشاكل التي ناقشها مؤتمر الحوار الوطني فهي برأيه «تصب في قلب القضية الوطنية ومعالجتها أمر حتمي وضروري».
يقول: صعدة شهدت ستة حروب تسببت في مشاكل اجتماعية عدة وهناك مئات وآلاف القتلى والجرحى تضرروا مما حدث ويحدث في صعدة وهناك من دمر بيته ومزرعته وهناك آلاف الناس من الذين هجروا وكل هذه المشاكل بحاجة إلى حل.
ويرى عبدالباري طاهر في حواره هذا أن «صعدة بحاجة إلى إقامة مصالحة بين كل الاتجاهات وأن لا حل لقضية صعدة إلا بالتصالح والتسامح». كما يرى أن السبب الرئيسي لقضية صعدة وكثير من مشاكل اليمن هي في غياب الدولة وغياب هيبتها.
* بداية لماذا برأيك اعتبرت قضية صعدة بأنها أحد أهم قضايا مؤتمر الحوار الوطني ¿
– هذا أمر طبيعي جدا فصعدة شهدت ستة حروب تسببت في مشاكل اجتماعية عدة فهي في رأيي قضية تصب في قلب القضية الوطنية ومعالجتها أمر حتمي وضروري فهناك مئات وآلاف القتلى والجرحى تضرروا مما يحدث في صعدة وهناك من دمر بيته ومزرعته وهناك آلاف الناس من الذين هجروا.
ودعني هنا أقول لك إن الدولة خاضت حربا عبثية بالإنابة .. حربا لم يكن لها مبرر ولو أن الدولة عالجت الأمر بالحسنى وفرضت هيبة الدولة لكان وضعنا على غير هذا الحال وقد تجلى ذلك في الحرب السادسة.
قضية معقدة
* كمتابع كيف تنظر لقضية صعدة¿
– قضية صعدة هي قضية معقدة وقضية شائكة للأسف الشديد اختلط فيها الديني بالقبلي ولكن الخلل في الموضوع هو عدم وجود الدولة التي ينبغي أن تكون موجودة بحيث يمارس الناس شعائرهم الدينية ومعتقداتهم كما يرون باعتباره حقا من حقوقهم سواء كان شيعي أو سني أو أي من غير ذلك وأرى أن أهم خاصية من خصائص الدولة هي محاصرة العنف أينما كان على أرضها وبمعنى آخر أن الدولة هي التي تمتلك القوة وهي التي تفرض القوة فهي هيئة فوق المجتمع تفرض سلطانها على الجميع وفي حال غياب هذا المعنى للدولة فإن النزاعات تسود ويعود الناس إلى المكونات والأولى سواء كانت مكونات طائفية أو قبلية أو عشائرية.
إذاٍ فإن الخلل في الأساس هو في غياب سلطة الدولة في هذه المنطقة صعدة وغياب الدولة هو الذي ساعد على خلق هذا النزاع سواءٍ كان في الماضي أو الذي يجري حاليا .. والأصل أن الأخ السلفي يمارس معتقداته دون احتكام للسلاح باعتبار ذلك مشروعا ومن أحق حقوقه الإنسانية وعلى الدولة حماية ممارسته لتلك الشعائر كما أن الحوثيين وبما أن لديهم قضية ولديهم معتقداتهم عليهم أن لا يلجأوا إلى السلاح لأن ذلك أمر غير مشروع.
الخلل الحقيقي للأسف هو في تجييش الدين واستخدام السلاح لصالح الدين وكذا غياب الدولة فهذا هو الخلل الحقيقي الذي أدى إلى مشكلة صعدة وإلى المشاكل الموجودة في كثير من مناطق اليمن.
يجب معالجة المشاكل
* كيف وجدت تعامل مختلف المكونات السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني مع هذه القضية¿
– المواقف أو الآراء السياسية أيا كان نوع الخطأ فيها فهو أمر مقبول فهناك تعدد آراء وتعدد استنادات وهي كلها في الإطار المشروع لكن الخلاف هو في الاحتكام إلى السلاح أو تبرير حمل السلاح في مواجهة الدولة.
والدولة مع الأسف الشديد هي التي سمحت بالاحتكام إلى السلاح وشجعت عليه ما أدى الكارثة التي نعيشها حاليا والمسئول عن تلك الأحداث هو النظام القديم وليس النظام الحالي .. لكن هذا لا يعني أن النظام الحالي لا يتحمل أية مسئولية فعليه أن يعالج تلك المشاكل التي خلفها النظام القديم.
لا نريد معالجات وقتية
* هل تلحظ تغيرا في تعامل الدولة حاليا مع قضية صعدة عما كان عليه في الماضي¿
– الموقف الحالي للدولة ليس هو الذي يجب والواجب عليها إيجاد حلول حقيقية وليس معالجات وقتية لإرضاء هذا الطرف على حساب هذا الطرف .. الموقف الحقيقي أن الدولة تقوم بإيقاف العنف وأن يمارس الجيش والأمن سلطاته في كافة مناطق اليمن ويكون الجميع سواسية أمام القانون وليس من حق أحد أن يفرض مذهبا أو عقيدة ما بقوة السلاح.
قرار مهم
* ضمان الحرية المذهبية والفكرية وممارسة الشعائر وتحريم فرضها أو منعها بالقوة من أي جهة كانت …. إلى آخر الفقرة من الرقم واحد من توصيات وقرارات فريق قضية صعدة ما هي قراءتك لهذا القرار بالذات¿
هذا قرار مهم لكن أهم شيء تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في بداية الحوار وهو معالجة قضية الـ11 نقطة المتعلقة بصعدة إضافة إلى هيكلة الجيش بما يضمن للدولة أن تفرض سلطانها وهيبتها على الأرض اليمنية وفرض النظام والقانون .. هذه هي القضية الحقيقية لكن للأسف الشديد غالبا ما تقول الدولة كلاما يفتقد للتنفيذ أو يكون في وادي والتنفيذ في وادي آخر فمثلا طلبة الحجوري هم طلاب علم وليسوا بحاجة إلى حمل السلاح والحوثي بما أنه صاحب قضية فهو لايحتاج لحمل السلاح كما أنه لا يجوز للقبيلة أن تحتكم للسلاح.
صعوبات ولكن!
* بنظرك أستاذ عبدالباري ما هي عوامل نجاح وضمانات تنفيذ قرارات فريق صعدة على الواقع ليلمسها المواطن¿
– ستكون هناك صعوبة وقد تحتاج إلى وقت لكن في النهاية ستمضي الأمور فالمواطن في صعدة تواق للدولة وتواق للنظام والقانون وتواق للأمن والسلام .. والذي ليس له مصلحة في فرض هيبة الدولة وفرض النظام والقانون هم المستفيدون من حالة الفوضى القائمة وهم من تجار السلاح وتجار الفوضى.
خلل في إدارة الدولة
* ما أبرز الصعوبات التي تتوقعها في حال تنفيذ المخرجات¿
– الصعوبة هي في ظل وجود حكومة عاجزة وفي ظل وجود تفلت على المستوى الأمني هذا هو الذي يؤدي إلى هذا الخلل ويؤدي إلى وجود جيش منقسم والخلل هو في إدارة الدولة وليس عند المواطن.
الناس توافقوا جميعهم على الرئيس عبدربه منصور هادي وانتخب بإرادة واسعة من كل الناس كما أن الناس قبلوا بالمبادرة الخليجية لكن أنت تلاحظ أنه لم يهيكل الجيش بالشكل المطلوب كما لم يجر أية هيكلة للأمن حتى اليوم.
* مخرجات قضية صعدة تؤكد على ضرورة أن يحرم الدستور والقانون ويضمن عدم فرض أي فكر أو مذهب أو منعها بالقوة وحيادية الدولة وأجهزتها في تبني أو دعم أي فكر أو مذهب ترى .. ما أهمية تنفيذ ذلك على صعيد التعايش الديني والمذهبي بالمحافظة»¿
– هذا كلام طيب ورائع ومهم أيضا لإرساء التعايش لكن المهم عندي هو التنفيذ والأهم من ذلك هو أن على القوى المتصارعة التي تغذي الصراعات وتخلق الفتن والحروب أن تكف عن تأجيج هذا الصراع فلا بد من هيكلة صحيحة للجيش وضبط الأمن وفرض هيبة الدولة والنظام والقانون وهذه هي رؤيتي لتنفيذ المخرجات.
صعدة بحاجة إلى تصالح
* القرار السابع أكد على ضرورة إقامة صلح عام وتصالح وتسامح بين أبناء محافظة صعدة والمحافظات والمديريات المتضررة .. بنظرك إذا ما تم ميلاد صلح عام هل نستطيع القول أن صعدة ستشهد عهدا جديدا من التعايش والحب ونبذ الكراهية¿
صعدة بحاجة إلى تصالح واليمن بشكل عام شمالا وجنوبا بحاجة إلى تصالح ونحن بحاجة إلى التصالح داخل كل قبيلة وداخل كل منطقة وبالأخص في صعدة .. صعدة بحاجة إلى إقامة مصالحة بين كل الاتجاهات والأفكار والآراء ولا حل لقضية صعدة إلا بالتصالح والتسامح وصعدة قابلة لإقامة تصالح وتسامح إذا ما بذلت جهودا جادة وصادقة.
فوضى تعليمية
* كيف ترى أهمية وضع ضوابط للمناهج الدراسية والتعليم الديني والأهلي بحيث يكون ذلك تحت إشراف الدولة بالمحافظة كما أوصى بذلك التقرير¿
– فعلا هناك فوضى عارمة في التعليم الديني ومناهجنا لا تربي الوسطية وتستجر الماضي بكل مساوئه وبالتالي يجب توحيد كافة المناهج الدينية سواء كانت تابعة لمدارس حكومية أو خاصة أو معاهد دينية فهناك فوضى وهناك تعبئة خاطئة تولد العنف وبالتالي فإن الدولة يجب أن تكون مشرفة على كل ما يدرس في كل المدارس في اليمن.