مراد: المعرض تظاهرة ثقافية تسهم في تنشيط وتحفيز المشهد الثقافي
أصحاب دور النشر: يمثل نقطة تواصل بين الناشر وجمهور القراء، وبلادنا من أفضل أسواق الكتاب في الوطن العربي بشهادة الناشرين العرب
مثقفون وزوار: المعرض بادرة رائعة، ويعد رسالة سلام إلى العالم، لإنهاء الحرب والدعوة إلى التصالح الفكري والمجتمعي
استطلاع/ خليل المعلمي
اختتمت أمس فعاليات معرض صنعاء للكتاب، والذي استقبل زواره خلال الفترة (20-26) سبتمبر الجاري، بمشاركة العديد من دور النشر المحلية والمؤسسات الثقافية والتعليمية.
وشهد المعرض -الذي نظمته الهيئة العامة للكتاب بالتعاون مع القرية التجارية في مدينة سام الترفيهية- إقبالاً جماهيرياً من قبل القراء والباحثين والمثقفين وطلاب الجامعات والمدارس بالرغم من الظروف الاستثنائية التي تشهدها بلادنا، كما صحبته العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية من ندوات فكرية وتوقيع إصدارات جديدة لعدد من المبدعين وكذلك بازار ترويجي للمشغولات النسوية.
التسلح بالعلم
وفي حفل الافتتاح أوضح وزير الثقافة الأستاذ عبدالله الكبسي أهمية المعرض في ظل الوضع الاستثنائي لبلادنا، فقال: هذا المعرض يؤكد حرص وإصرار اليمنيين على التسلح بالعلم، فلولا العلم لما نجحوا في ثورتهم هذه الثورة التي يواجهها العالم من خلال أدواته في المنطقة كالسعودية والإمارات..
وأشار إلى أن دول العدوان تحاول استهداف فكر وثقافة اليمنيين خلال السنوات السابقة، لكن الصمود الاسطوري لهذا الشعب أثبت للعالم صلابتهم وقوتهم، ولا شك أن العالم قد أصبح يحسب لهم ألف حساب، وسيكون لهم دور في صنع القرار على المستويين الإقليمي والدولي.
تظاهرة ثقافية
من جهته أكد الأديب عبدالرحمن مراد -رئيس الهيئة العامة للكتاب- أن المعرض يعتبر تظاهرة ثقافية تسهم في تنشيط وتحفيز المشهد الثقافي الوطني بما تصاحبه من فعاليات ثقافية.
مشيرا إلى أهمية المعرض كونه الأول منذ بدء العدوان ويحمل رسالة إلى العالم بأن اليمنيين أحياء متفاعلون مع العصر، ومساهمون في نشر المعرفة.
وأوضح أن المعرض يتزامن مع احتفالات شعبنا بالثورة اليمنية 21 سبتمبر وثورتي أكتوبر ونوفمبر، للتأكيد على أن ثورتنا ثورة وعي ومعرفة وتفاعل إيجابي مع المستويات الحضارية والثقافية المعاصرة وليست ثورة تبعية وارتهان بل أيضا ثورة حق ووعي واستقلال وحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية وعلى السيادة الوطنية.
وقال مراد: نحن في الهيئة العامة للكتاب تفاعلنا مع توجهات رئيس المجلس السياسي الأعلى وحركته الدؤوبة التي يقوم بها لتفعيل وإنعاش دور المؤسسات الحكومية للمسارعة في تقديم خدماتها للمواطنين ونعمل جاهدين رغم الانعدام الكلي للإمكانات على تنظيم معرض صنعاء للكتاب تنمية للوعي وإيمانا منا بأن ثورة 21سبتمبر ثورة وعي وأخلاق واستقلال كما يؤكد على ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي.
وأضاف: طموحنا أن نجعل من الهيئة أكبر ناشر للكتاب على المستوى الوطني كما هو متعارف عليه في الكثير من الدول العصرية وأن يكون هناك تعاون بيننا وبين الهيئة العامة للزكاة والهيئة العامة للأوقاف حتى تتعاضد الجهود لحماية النشء من الانفلات المعرفي ونعمل وفق استراتيجية واضحة المعالم.
وثمن رئيس الهيئة العامة للكتاب تفاعل دور النشر والجامعات والمؤسسات الثقافية في صنعاء مع هذه التظاهرة لتقديم نموذج فريد لصنعاء كحاضرة ثقافية وحضارية وتاريخية فذلك جزء من الاستحقاق الوطني الواجب على الجميع تجاه صنعاء واليمن كلها.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أهمية الكتاب الورقي على الرغم من المنافسة التي يلقاها من الكتاب الإلكتروني قائلا “نحن معنيون بإحداث حالة التوازن بينهما، ومعرض صنعاء هو الخطوة الأولى، وستتبعها خطوات ايجابية أخرى”.
فعاليات ومسابقات
وأشار عبدالغني السياغي من القرية التجارية إلى أن المعرض شهد عدداً من الفعاليات المصاحبة مثل عرض للمخطوطات اليمنية وكذا المشغولات اليدوية، وتم تنظيم عدد من الفعاليات الثقافية والندوات الفكرية والبرامج الترفيهية والمسابقاتية، من أهمها ندوة فكرية عن المخطوطات اليمنية وكذا توقيع إصدارات لعدد من المبدعين أبرزهم حمزة القاضي وسليمان القباتلي.
أهمية قطاع النشر
وخلال فترة المعرض تعرفنا على آراء بعض أصحاب دور النشر المشاركة ، فتحدث إلينا الأخ/ عبدالعليم الحزمي- مكتبة خالد بن الوليد- قائلاً: نحن مكتبة يمنية نعمل في قطاع الطباعة والنشر والتوزيع ونعلم أن هذا القطاع من أكثر القطاعات تضرراً خلال الفترة الماضية، ومن المعلوم أنه لم تقم معارض منذ 8أعوام، باستثناء بعض المعارض المحدودة والبسيطة، فيما كانت تقام معارض سنوية ودورية في اليمن وبمشاركة واسعة من دور نشر محلية ودولية، فاليمن من أفضل أسواق الكتاب في الوطن العربي بشهادة الناشرين المصريين واللبنانيين والسوريين، وكثير ممن يشتغل في صناعة الكتاب في الوطن العربي.
وأضاف: تأتي مشاركتنا في معرض صنعاء للكتاب بناء على أهمية إعادة عرض الكتاب للجمهور اليمني وتذكير الناس بمكانة الكتاب في ظل غياب المعارض لفترة طويلة.
وأشار الحزمي إلى أن المعرض يمثل نقطة تواصل بين الناشر وجمهور القراء، فالكثير من الباحثين والمهتمين بالكتاب بحاجة إلى مراجع وكتب وهي موجودة في مكتبات ودور نشر غير معروفة، إلا أن المعرض يمثل المكان الذي يجد فيه الباحث والقارئ والأكاديمي ما يريده وما يبحث عنه.
منوهاً بأن المعرض أيضاً يشجع على إعادة وضع الكتاب في مكانه الصحيح وتوزيعه، بالإضافة إلى قضية تعريف الجمهور بوجود كتب جديدة وإصدارات جديدة، وبالرغم من كل شيء لاتزال توجد في اليمن إصدارات جديدة وحراك ثقافي وأيضا هناك اصدارات تتحدث عن المرحلة التي نحن فيها سواء تؤصل كتاريخ أو ككتب ثقافية أو أدبية وهي فرصة للجمهور للاطلاع على أحدث الاصدارات في اليمن.
وبيّن الحزمي أهمية المعرض في إحداث حراك في قطاع الثقافة والنشر والكتاب والمكتبات لان الكثير من المكتبات أغلقت أبوابها والكتاب تعرض لنكبات رهيبة واغلب المكتبات لا تعمل في الكتاب ولكنها استبدلت الكتب بقرطاسية وبعضها أغلقت تماما فوجود المعرض يعيد للكتاب مكانه ويشجع الناشر على الاستمرار في الطباعة والنشر والتوزيع.
واستعرض الحزمي بعض الجوانب الضعيفة في المعرض مشدداً على ضرورة تكاتف الجهود من أجل إنجاح مثل هذه البرامج الثقافية، فالكتاب هو صنعة والصنعة تحتاج مهارة وعرضاً، ووجود معرض الكتاب كان يحتاج إلى تكاتف الكثير من الجهات إلى جانب الهيئة العامة للكتاب ووزارة الثقافة، وكان لا بد من دور لوزارة التربية والتعليم ومكاتبها، ودور للأدباء والمثقفين.
وطالب الحزمي الهيئة العامة للكتاب بالقيام بتبني معرض سنوي للكتاب وتخفيف الإيجارات وضبط عملية التنظيم إما في خيمة كبيرة أو أماكن مغلقة تتسع للجمهور.
تنشيط الحركة الثقافية
من جانبه يقول عبدالسلام طاهر من مكتبة الشيماء : يأتي تنظيم هذا المعرض تنشيطاً للحركة الثقافية والفكرية في بلادنا، كما أننا نريد أن نعيد للكتاب ألقه في ظل انحسار الاهتمام به نتيجة وجود وسائط الاتصال الالكترونية التي أصبحت منتشرة بشكل كبير.
وبالنسبة للإقبال على المعرض يشير طاهر إلى أن المعرض لم يلق رواجاً إعلامياً مناسباً لذلك فالإقبال مقبول إلى حد ما، بالرغم من أن فترة المعرض تخللتها عدد من الإجازات ولذلك لم يكن هناك زيارات للمدارس والجامعات سوى مدرستين أو ثلاث.
ويقول طه الحداد من مكتبة النهضة الاكاديمية: مشاركتنا جاءت من اهتمامنا بسوق الكتاب في بلادنا فالمعرض يمثل حلقة تواصل بين المكتبات ودور النشر وما بين القارئ والمثقف، وهو أيضاً فرصة لتحريك النشاط الثقافي وعرض الجديد في عالم الكتاب الثقافي والتعليمي والأكاديمي، وأشار إلى أنه وبالرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا من عدوان وحصار إلا أن الاستمرار في نشر الثقافة وإقامة المعارض الثقافية قائم وسيظل قائماً بانتظام وهذا نوع من الصمود والمقاومة.
فيما أوضح عبدالرحمن القدسي من مكتبة ابن خلدون أن هذه الفعاليات ضرورية ولا بد من إعادة تنظيمها سنوياً ولفترة طويلة، ولكن الإقبال في الأيام الأولى كان قليلاً، وتواجهنا عدد من المصاعب منها صعوبة دخول الكتب إلى اليمن.
وقال: نحاول دائماً المشاركة باستمرار في جميع الفعاليات الثقافية وفي معارض الكتاب، والقيام بقدر المستطاع بنشر العلم والمعرفة لجميع المستويات، وسوق الكتاب في الوقت الحالي ضعيف جداً وفي أدنى، وتجارة الكتب ليست تجارة مربحة وإنما هي هواية الوالد منذ تأسيسه المكتبة منذ فترة طويلة لنشر الثقافة والمعرفة.
رسالة سلام
وتقول الأديبة نوال القليسي عن معرض صنعاء للكتاب: في ظل الأوضاع الاستثنائية التي نعيشها والناتجة عن تبعات الحرب والشتات وانقطاع الرواتب فالمعرض يعد رسالة سلام ومناشدة للمجتمع الدولي والعالم أجمع لإنهاء الحرب والعدوان وإحلال السلام والتصالح الفكري والمجتمعي بين أوساط المجتمع اليمني كافة.
ونتمنى لهذه المحاولة من خلال إقامة هذا المعرض النجاح وأن تكون مبادرة جيدة لمحاولات قادمة في إقامة معارض للكتاب من أجل نشر المعرفة وإتاحة القراءة للجميع.
وتضيف القليسي: نود أيضاً تفعيل نشاط قطاع النشر والتوزيع وإقامة معارض للكتاب وبشكل منتظم لخدمة القطاع الثقافي وتنشيط الاطلاع والقراءة بين أوساط الشباب وتشجيعهم على ذلك ونشر الكتب الثقافية والمعرفية والتعليمة والعلمية لنهضة البلد فكريا وانسانيا ومعرفيا واقتصاديا وفي شتى المجلات ولنمثل أمة اقرأ خير تمثيل.
فيما تقول الشاعرة ليلى إلهان التي وجدناها في المعرض: كان المؤمل أن يحتوي المعرض على إصدارات جديدة لكتَّاب يمنيين من قصة وشعر ورواية ودراسات.. المعرض يعتبر بشكل عام متواضعاً في ظل الظروف التي تعيشها البلاد وكلها دور نشر محلية خاصة ورسمية، فالهيئة العامة للكتاب عرضت إصداراتها القديمة ولا توجد إصدارات جديدة لها، وأعتقد أن بعض دور النشر الأخرى أيضاً حذت حذوها إلا في بعض الاستثناءات، ونحن نرجو أن يكون معرض العام القادم أفضل وتكون هناك إصدارات للمبدعين والمبدعات الشباب، وأن تكون الظروف قد تغيرت وتحسنت وأن تشارك دور نشر عربية كما كان يحدث في معارض الكتاب السابقة، ولا بأس أن يطلع الشباب على الإصدارات والكتب الموجودة والمعروضة.
بادرة رائعة
أما القارئ وليد مرشد فيقول: بالنسبة للمعرض فإن إقامته بادرة رائعة وجيدة من القائمين على المعرض في وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب، وأرى أن المعرض متواضع فهو أقل حجماً، ودور نشر المشاركة أقل من المعارض السابقة، ولكن هذا أفضل من لا شيء مع الظروف التي نعيشها، كما أن الإقبال متواضع خاصة في فترة الصباح وفي الأيام الأولى لافتتاح المعرض.
وذكر مرشد عدداً من الملاحظات منها ضرورة أن تصاحب المعرض العديد من الفعاليات الثقافية والفكرية والترفيهية والإنشادية والمسابقاتية المكثفة وغيرها، وكذلك تواضع الحملة الإعلامية للمعرض والتي يجب أن يتم ترتيبها مسبقاً قبل المعرض بفترة ويتم الإعلان عن المعرض في مختلف وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومواقع الكترونية وبطرق شتى.
تصوير/ حامد فؤاد