أحزانٌ .. وإصرارُ

 

شوطُنا فوقَ احتمالِ الإحتمالْ
فوق صبرِ الصَّبرِ … لكنْ لا انخذالْ
نغتلي … نبكي … على من سقطوا
إنَّما نمضي لإتمام المَجالْ
دمُنا يَهمي على أوتارنا
ونُغنِّي للأماني بانفعالْ
مُرةٌ أحزانُنا … لكِنَّها
ـ يا عذابَ الصَّبر ـ أحزانُ الرِّجالْ
نَبلعً الأحجار … نُدمَى إنَّما
نعزِف الأشواق … نشدو للجَمالْ
ندفن الأحبابَ … نأسى إنَّما
نتحدَّى … نحتذي وجهَ المُحالْ
***
مذّ بدأنا الشَّوطَ .. جَوْهَرنا الحَصى
بالدمِ الغالي وفرْدَسْنا الرِّمالْ
وإلى أين …؟ عرفنا المُبتدا
والمسافات ـ كما ندري ـ طِوالْ
وكنيسان انطلقنا في الذُّرى
نسفحُ الطِّيب يميناً وشمالْ
نبتني لليمَن المنشودِ مِنْ
سُهْدِنا جسراً وندعوه: تعالْ
***
وانزرعْنا تحت أمطار الفَنَاء
شجراً مِلءَ المَدى … أعيا الزَّوالْ
شجراً يَحضِنُ أعماق الثَّرى
ويُعير الريح أطراف الظّلالْ
واتَّقدنا في حشا الأرض هوىً
وتحوَّلنا حقولاً … وتلالْ
مشمشاً .. بُنَّاً .. وروداً .. وندىً
وربيعاً … ومَصِيفَاً وغِلالْ
نحن هذي الأرض .. فيها نلتظي
وهيّ فينا عنفوانٌ واقتتالْ
من روابي لحمِنا هذي الرُّبى
من رُبى أعظُمِنا هذي الجبالْ
***
ليس ذا بدءَ التَّلاقي بالرَّدى
قد عشقناهُ وأضنانا وِصالْ
وانتقى من دمنا عِمَّتَهُ
واتخذنا وجهه الناري نِعالْ
نعرفُ الموتَ الذي يعرفُنا
مَسَّنا قتلاً … ودُسْناهُ قِتَالْ
وتَقَحَّمْنا الدَّواهي صُوراً
أكَلَتْ مِنَّا … أكَلناها نِضالْ
موتُ بعض الشَّعب يُحيي كلَّهُ
إنَّ بعض النَّقص روحُ الاكتمالْ
***
ها هنا بعضُ النُّجومِ انطفأتْ
كي تزيد الأنْجُمُ الأُخرى اشتعالْ
تفقدُ الأشجارُ من أغصانِها
ثمّ تزداد اخضراراً واخضلالْ
***
إنَّما … يا موت .. هل تدري متى
ترتخي فوق سريرٍ من مَلالْ؟
في حنايانا سؤالٌ … ما له
من مجيبٍ … وهو يَغلي في اتصالْ
ولماذا ينطفي أحبابُنا
قبل أن يستنفدَ الزَّيتَ الذُّبالْ؟
ثُمَّ ننسى الحُزنَ بالحزنِ ومَنْ
يا ضياعَ الرَّدِّ ـ يُنسينا السُّؤالْ ..؟
مايو- 1973م

قد يعجبك ايضا