احتفاء بالذكرى الثانية والعشرين لرحيل الشاعر الكبير عبدالله البردوني: السامعي يدعو لتحويل منزل البردوني إلى متحف
الثورة/ خليل المعلمي
نظمت الهيئة العامة للكتاب أمس فعالية احتفائية بمناسبة الذكرى الـ22 لرحيل الشاعر والمفكر الكبير عبدالله البردوني بحضور عدد من المسؤولين والمثقفين والأدباء.
وفي الاحتفائية أكد عضو المجلس السياسي الأعلى الفريق سلطان السامعي أهمية الاحتفال بذكرى رحيل الشاعر الكبير عبدالله البردوني وتذكير الجيل الجديد بهذه القامة الأدبية التي تعتبر ظاهرة عربية وإنسانية.
ودعا الجهات المعنية الاهتمام بأرث البردوني والسعي إلى تحويل منزله إلى متحف ومزار والقيام بطباعة أعماله الإبداعية التي لم يتم طباعتها.
وشدد السامعي على ضرورة أن يكون للمثقفين والأدباء موقفهم المشرف وطرق جميع الأبواب من أجل إیصال رسالتهم إلى العالم، مشيرا إلى ضرورة مراعاة الظروف التي يعيشها البلد، وإذا كانت الحكومة قد أهملت الجانب الثقافي، فما ذلك إلا أن لديها أولويات في الجانب العسكري والأمني والاقتصادي والاجتماعي وغيرها.
وأكد عضو المجلس السياسي حرص الحكومة على التخفيف من الأعباء على المواطنين، وهي عازمة على تذليل الصعوبات لصرف نصف راتب شهريا للموظفين وهذا جزء من حقوقهم التي يقوم بسلبها وسرقتها المرتزقة وأدوات العدوان.
من جانبه أكد وزير الثقافة عبدالله الكبسي أن الشاعر الكبير عبدالله البردوني كان يمثل شخصية تاريخية ومدرسة متكاملة في الأدب والثقافة والتاريخ والوطنية والثورية، وخلف لنا تاريخاً عظيماً وثقافة أوسع ومبادئ تضيء لنا الطريق.. مشيرا إلى أن البردوني لم يكن شاعر بلاط أو سلطة، وإنما معبر عن الأمة في الماضي والمستقبل وشعره لا يقتصر على زمن وحالة بعينها ولكنها حالة متطورة.
وقال وزير الثقافة: جزء مما كتبه البردوني في الثقافة والسياسة والتاريخ لا يزال غائباً عن الناس وعن المكتبات، ووزارة الثقافة تبذل كافة الجهود مع أسرة البردوني في الحصول على هذا الإرث وكذلك العمل على تحويل منزله إلى متحف بعد القيام بإعادة بنائه، وعلى جميع الأدباء والمثقفين التعاون معنا في جمع إرث هذا الرجل العظيم وإخراجه إلى الوجود.
فيما أوضح الشاعر محمد عبدالسلام منصور مستشار وزارة الثقافة أن البردوني أتى من أعماق المجتمع اليمني، من قرية نائية في الحدا ووالده كان فلاحا، وقد أصيب بالعمى وهو طفل، وتعلم في ذمار وصنعاء، وبالتالي فإن الثورية كانت نابعة من فقر مجتمعه وفكره الوقاد، ومن هذه البيئة أتت ثورية الموشكي والوريث وغيرهما من المناضلين اليمنيين.
وأشاد منصور بالخصال الحميدة التي كان يتمتع بها البردوني من إنسانية ووفاء لأصدقائه الذين كانوا محتجزين في السجون وكان يقوم بالمتابعة والمراجعة لهم، ولا يهدأ له بال ولا يشعر بالارتياح إلا بعد أن يتم الافراج عنهم.
وفي كلمته الترحيبية قال الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب:
عقدان ونيف من الزمان ونحن نقرأ البردوني ولكن لم نفقه شيئا مما كان يقول حتى جاءت الأيام كي تقول لنا ما غاب عنا وعجزنا عن فهمه، قال لنا في أغسطس من عام ١٩٨٧م إن عرب الصحراء ليس أكثر من حراس نفط وقد أفصح نصه الذي أبدعه وكان بعنوان “حراس الخليج” عن ذلك وقال أن دبي ليست إلا ويلز والأحمدي ليس أكثر من تكساس وقد صدق بنفاذ بصيرته.
وأضاف: واليوم في ذكراه الثانية والعشرين حاول الغياب أن ينقصه لكنه بفرادته أصر أن يحضر ليكمله، خذلنا من توسمنا رعايتهم لهذا الحضور فغابوا اعتذارا فحضر البردوني حتى يكمل حلمنا في هذا اليوم الذي نراه بهيجا بحضوركم..
وقال: لقد كان البردوني من رموز العرب القلائل الذين تركوا سؤالا يتجدد كل عام، ولا أجد في سماء المشهد الثقافي العربي من يشغل فضاءاته اليوم سوى شاعرين معاصرين اثنين هما البردوني ومحمود درويش.
فدرویش اشتغل على قضية فلسطين، والبردوني اشتغل على قضايا اليمن وكلاهما رسما في ذاكرتنا الثقافية حضورا متجددا مع الفروق والتمايز بينهما.
واستعرض مميزات الكتابة لدى البردوني، أردف قائلا: كتب البردوني عن أدب العوام كما كتب عن أدب الخواص، وتعامل مع المشهد الثقافي اليمني كسلسلة متصلة الحلقات لم يلغ ولم ينف بل كتب حتى عن شعرية الإمام أحمد في زمن لم يكن أحد يجرؤ على ذلك، وكتب عن سياسته وشجاعته وفروسيته في كتاب اليمن الجمهوري، وتعامل مع التاريخ بحياد تام، فكتب عن الإمام يحيى وعن رموز الزيدية عبر الحقب والعصور في زمن كان الناس يرون ذلك لا يتسق مع ظروف المراحل الثورية.
واختتم رئيس الهيئة العامة للكتاب حديثه بالقول: اليوم يتجاذب الكل البردوني ويظل البردوني ذلك البهاء الذي لا يشغله سوى وطنه ، هو يقول بكل جلاء ووضوح ليس هناك إلا وطنية كاملة أو لا وطنية، أما من كان نصفه وطنيا ونصفه الآخر عميلا فقد تتغلب العمالة على نصف الوطنية لما للعمالة من منافع..
وكان رئيس اتحاد أدباء صنعاء الأديب محمد القعود قد ألقى كلمة أكد فيها أن الشاعر الكبير عبدالله البردوني هو ضمير الإنسانية وكان دائم الحضور ومفخرة للعالم أجمع، وأن إرثه للإنسانية جمعاء، وكان لا ينتمي إلى أي فئة أو طائفة أو حزب، هو ابن اليمن وخلاصة لحضارة معين وسبأ وحمير، وتراثه هو إشعاع دائم الإشراق.
وأوضح أن البردوني كان الشاعر الصادق المعبر عن ضمير اليمنيين، وهو تاريخ عظيم وحضارة سافرة عبر الأزمان، وعلى مدى حياته كانت السلطات تخشاه وتتجنبه، وهذا ما أدى إلى تجاهله عبر الفترات الماضية.
وبين القعود الجهود التي بذلها منذ سنوات وتردده على الجهات الخاصة في أمانة العاصمة ووزارة الثقافة وحتى الآن من أجل تحويل منزله إلى متحف ومزار يحتوي على مقتنياته، قبل أن ينهار العام الماضي بسبب الأمطار، مستنكراً الإهمال لهذه القامة الكبيرة التي يعتز بها العرب والعالم.
وأشار الأديب القعود إلى بعض الأعمال التي أصدرها عن البردوني وهي عبارة عن مذكرات البردوني والتي هي في نفس الوقت سيرة وطن وسيرة مجتمع ونضال الشعب اليمني، ولا يزال هناك الكثير من الأعمال الجاهزة وسيتم نشرها قريباً.
وأشار الأديب عبدالله العليبي إلى أن الأمة الحية هي التي تمجد وتخلد عظماؤها في كل مجال من مجالات الحياة، ونحن في معركة مصيرية إما النصر أو الارتهان، وعلينا التسلح بالعلم والثقافة.
تخلل الاحتفالية رسم حر للفنان التشكيلي خالد الجنيد، وقراءة قصيدة شعرية للشاعر الدكتور أحمد صغير خالد.
تصوير/ حامد فؤاد