الواقع في المهرة وميُّون وسقطرى يشهد بصوابية موقف التصدي للعدوان ويكشف خطأ الاستسلام

احتلال أم تحرير.. ما الذي تفعله القوات الأمريكية والبريطانية في المهرة؟

 

 

الثورة / حمدي دوبلة

في كلمته بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي – عليهما السلام – 25 محرم 1443- هجرية، أشار قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى ما يحدث في المهرة وسقطرى وميون من احتلال مباشر من قبل أمريكا وبريطانيا ، لافتا إلى أن الواقع القائم في المحافظات المحتلة يشهد بصوابية خيار مواجهة العدوان وكذب العناوين والذرائع التي روجها.
وقال قائد الثورة في هذا السياق «مهما كانت العناوين والذرائع- ما يريده الآخرون، على مستوى العدوان على بلدنا، رفعت عناوين لتبرير هذا العدوان، ولكن عندما دخل الأعداء إلى المهرة؛ ليجعلوا فيها قاعدةً عسكريةً أمريكيةً بريطانية، وأتى السعودي والإماراتي إلى المهرة، إلى حضرموت، إلى سقطرى، إلى ميُّون، ونرى التراتبية في العمالة، وطبيعة الأدوار في هذا العدوان، لنرى الذين هم من أبناء البلد، وخانوا وطنهم، وخانوا شعبهم، وخانوا أمتهم، ليسوا سوى أدوات رخيصة، يقدمونهم هم في المعارك؛ ليكونوا هم من يُقتَل، ومن يُجرَح، ومن يَخسَر، ومن يضحي بنفسه ويفدي بنفسه المحتل الأجنبي، وليأتي من خلفهم السعودي والإماراتي، ومن خلف السعودي والإماراتي يأتي الأمريكي، ويأتي البريطاني، سواءً في قاعدة الريان بحضرموت، أو في القاعدة في الغيضة في المهرة، أو في سقطرى، أو في ميُّون، ليأتي من خلف أولئك؛ لأنهم ليسوا سوى مجرد أدوات، الهدف من كل ما يفعلونه وما يقدمونه هو تمكينه هو»
وأضاف «ولهذا نحن نعي حقيقة هذه المعركة، ونعي خطورة التفريط فيها، وأننا لو فرَّطنا فيها؛ لكانت القواعد العسكرية للأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين في وسط صنعاء، ولكانت في مختلف بلدنا، في كل المناطق الاستراتيجية من هذا البلد، ولأذلوا شعبنا، ولأهانوا وقهروا شعبنا، ولما بقي لنا لا كرامة، ولا حرية، ولا استقلال.
فما الذي يحدث في المهرة وميون وسقطرى وما هي الأدوار والتموضعات العسكرية والأمنية في هذه المناطق.
نظرا للأهمية الاستراتيجية المميزة التي تحتلها المهرة على ساحل بحر العرب، بات البريطانيون والأمريكيون يتمركزون عسكريا في قواعد عسكرية داخل المحافظة ، وهو ما يعني احتلال مباشر ، مع إبقاء دور أمني وعسكري سعودي لحماية الأماكن الرئيسية ، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي وحدودها الجيوسياسية مع عمان كذلك ، ولكلٍّ من الأمريكي والبريطاني أهدافه وتطلعاته ، والفتات للسعودي ، أما المرتزقة فبعدما استخدمتهم كأدوات هم اليوم لا يستطيعون مجرد التجول في المهرة.
في 26 مارس 2015 شن تحالف العدوان الذي تقوده أمريكا بمشاركة بريطانية ودور صهيوني وتنفذه السعودية والإمارات ودول عربية أخرى شاركت في الحرب بداية ثم انسحبت بأشكال متعددة كمصر والمغرب والسودان الذي ما يزال يشارك بمرتزقة في معارك متعددة ، قال تحالف العدوان العسكري الأمريكي السعودي إن حربه على اليمن تهدف إلى إعادة ما يسميها «الشرعية» ، ومواجهة من يصفهم بالحوثيين.
وقتذاك كانت المهرة وسقطرى وميون كل الجزر اليمنية ما تزال تحت سيطرة قوات تابعة للمرتزق الفار هادي الذي يتمسك تحالف العدوان بشرعيته رغم استقالته وهروبه إلى الرياض ، وظلت المهرة على سبيل المثال بعيدة عن الحرب وعن سياق الأهداف التي يدعي تحالف العدوان أنه شن الحرب لتحقيقها ، إلا أن إلا أن المحافظة منذ عام 2017 وجدت نفسها في أتون حرب بدأت بالوكالة ثم بالمباشرة ، فبعدما اجتاحت قوات سعودية ومليشيات إماراتية المحافظة الساحلية الهامة ، جاءت أمريكا وبريطانيا بجنودها وقواتها وتمركزت في مطار الغيضة وفي مناطق أخرى.
والحال كذلك في سقطرى التي باتت محتلة من قبل الإمارات التي أنشأت فيها قواعد عسكرية وشركات اتصالات ومعسكرات وجندت موالين لها ومنعت أي يمني من دخولها ، والأمر نفسه في جزيرة ميون التي تحتلها الإمارات في إطار التخادم بين الأنظمة الخليجية المنفذة للسياسات الأمريكية البريطانية الصهيونية.
خلال السنوات الأولى للعدوان على اليمن ، كان العدوان يرفع ذرائع الحرب على اليمن ويجند المرتزقة تحت الشعارات والعناوين التي يسوقها ، كان المرتزقة وكثير من اليمنيين الذين انخدعوا بتحالف العدوان ولم يتخذوا مواقف لمواجهته يعتقدون أن عناوين العدوان حقيقية ، ففي عدن التي اجتاحها العدوان في 2015 تتردى فيها الحياة والمعيشة وتنتشر فيها الفوضى الأمنية والاغتيالات ، وهي الموعودة بالجنان الخضراء من قبل تحالف العدوان.
أما المهرة التي ظلت بعيدة عن الحرب وسقطرى وميون وحضرموت فتشهد احتلالا بريطانيا أمريكيا مباشرا ، في بداية الأمر كان المرتزقة يرحبون بالجيوش الغازية لكن ما انكشف في والمهرة وسقطرى وغيرها أن تحالف العدوان جاء لاحتلال اليمن ونهب ثرواته واستعباد أبنائه.
أهداف تحالف العدوان هو احتلال اليمن ونهب ثرواته وهذا الأمر بات واضحا وواقعا يعرفه الجميع بما في ذلك المرتزقة الذين باتوا اليوم يتحدثون عن احتلال المهرة وسقطرى وميون ، وقد باتوا ضحايا للعمى الذي أصابهم في تأييد تحالف العدوان ، ولم يتحركوا في الوقت المناسب.
وعلى ضوء الواقع الموجود يزال من الضروري التذكير ليس فقط بأن البريطانيين والأمريكيين أعداء ، بل بأنهم جاءوا لاحتلال اليمن ونهب ثرواته واستعباد أبنائه ، لا لسواد عيون أطراف سياسية أو لأجل تمكينها من الحكم والسلطة.
ذرائع زائفة
مؤخراً وصلت قوات بريطانية جديدة إلى مطار الغيضة بالمهرة ، سبقه ترويج انطلق من جملة أكاذيب ومزاعم بريطانية أمريكية حول تعرض سفن شحن لهجمات في بحر العرب قرب عمان ، تتذرع بريطانيا بأن مهمة قواتها هو تعقب مهاجمي ناقلة النفط الإسرائيلية «ميرسر ستريت» في الـ29 من يوليو 2021، شمال شرق ميناء الدقم العماني، أثناء عودتها من تنزانيا إلى الإمارات، بطائرة جوية مسيرة.
خبر الاستهداف للسفينة الصهيونية في 29 يوليو المنصرم لم يكن حقيقيا ،لكن الكثير انخدع به ضمن حالة التيه والعمى التي تسود اليمن منذ شنت قوى العدوان الحرب على اليمن في مارس 2015م.
عقب نشر خبر استهداف السفينة الصهيونية ميرسر ستريت بساعات ، نشر تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خبراً يتحدث فيه عن إحباطه لهجوم على سفينة تجارية سعودية بطائرة مسيِّرة ، وفي الخبر نفسه ومنذ اللحظة الأولى قالت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر في تحالف العدوان أن الطائرة المسيِّرة أطلقها «الحوثيون»، حسب وصف الوكالة التي نشرت خبراً مقتضباً.
أكاذيب متشابهة
بدا التزامن والروايات المتشابهة للخبرين ومن الصياغة أنها ادعاءات فارغة ، أرادت بريطانيا وأمريكا والعدو الصهيوني والسعودية تبرير التحرك باتجاه المهرة ، وخلق الذريعة التي يواجهون بها السخط الشعبي في المهرة ، وكذلك عنوان تحشيدي تطرحه منظومة العدوان المارقة أمام المجتمع الدولي لإسنادها فيما تذهب إليه من احتلال لليمن ، تبرير يشابه تبريرات وذرائع شن العدوان على اليمن أساسا.
وقد أعاد وصول قوات بريطانية إلى المهرة في أغسطس بعد الترويج لحادثة السفينة، التأكيد من أنها كانت ذرائع بريطانية لملاحقة مهاجِمي سفينة «ميرسر ستريت» الإسرائيلية قبالة سواحل عُمان في 29 تموز الماضي، ما يعيد إلى أذهان اليمنيين ذرائع مشابهة استخدمتها بريطانيا في احتلال عدن.
الترويج البريطاني الأمريكي الصهيوني السعودي لمزاعم استهداف سفن شحن في البحر العربي أعقبه تعزيز بريطانيا من تواجدها العسكري في محافظة المهرة، أعاد للأذهان ذريعة بريطانيا العجوز في احتلال عدن ، ففي أواخر العام 1839 اتّخذت بريطانيا من حادثة جنوح السفينة «داريا دولت» في سواحل ميناء عدن، ذريعةً لاحتلال عدن الذي استمر قرابة 129 عاماً.
تبادل أدوار
في إطار تبادل الأدوار تركت الإمارات سابقا دورها في المهرة للسعودية وتوجهت منفردة إلى جزيرة سقطرى، وقامت بطرد المسؤولين المحسوبين على المرتزقة ، وكونت مليشيات خاصة بها ، في عملية تبادل النفوذ والأدوار بعدما انتزعت ممن تسميها «حكومة الشرعية» تبرير الاحتلال كأداة حقيرة استخدمتها في البداية ثم رمت بها البحر.
أصبحت السعودية صاحبة النفوذ الأمني العسكري في المهرة ، فإلى إلى جانب كونها المسيطر على المنشآت الحيوية هناك من موانئ ومطارات ومنافذ برية، تعمل على تجنيد عشائر قبلية مقابل دفع المرتبات لهم ، بل وتقود قوات الجيش والأمن المسؤولين والإعلاميين والناشطين مباشرة ، من خلال هذا تسعى لكسب الولاءات كما هي عادتها في اليمن؟
ادعت السعودية في بداية الأمر أنها جاءت لتحارب التهريب وتواجه القاعدة وداعش التي أوجدت بتمويل سعودي بطبيعة الحال ، لكن ما تفعله السعودية هو السيطرة والاستحواذ على الفعل والقرار لتنفذ مشروع مد أنابيب النفط إلى بحر العرب وهو مشروع السعودية الاستراتيجي.
بالمختصر أصبحت محافظات اليمن التي لم يتم فيها التحرك في مواجهة العدوان بما فيها تلك التي ظلت بعيدة عن جغرافيا الحرب، ساحة مفتوحة للاحتلال البريطاني والأمريكي والإماراتي والسعودي ، وباتت محكومة بسلطات إماراتية وسعودية ولا وجود لقوات وأجهزة أمنية وطنية يمنية.
البصيرة والوعي بالمعركة
على عكس العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة التي باتت حصينة اليوم أمام التدخلات والاحتلالات الخارجية بشتى أنواعها ، وهو الأمر الذي عناه قائد الثورة في كلمته التي ألقاها أمس الأول ، حين قال «ولهذا نحن نعي حقيقة هذه المعركة، ونعي خطورة التفريط فيها، وأننا لو فرَّطنا فيها؛ لكانت القواعد العسكرية للأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين في وسط صنعاء، ولكانت في مختلف بلدنا، في كل المناطق الاستراتيجية من هذا البلد، ولأذلوا شعبنا، ولأهانوا وقهروا شعبنا، ولما بقي لنا لا كرامة، ولا حرية، ولا استقلال».
الطغيان والفساد الذي يمارسه الغزاة الأمريكيون البريطانيون والصهاينة وأدواتهم الإقليمية والمحلية في المحافظات اليمنية المحتلة لم تعد خافية على أحد إلا من يعيش في حالة من العمى الذي يحول بينه وبين رؤية الحقائق الواضحة، بل وأغلبهم يعترفون بهذا لكن بعد فوات الأوان.
يكمن سر النجاح في مواجهة الطغيان كما يشير السيد القائد «في البصيرة التي نكتسبها من الإدراك الصحيح للواقع ونحن نرى الشواهد للآيات القرآنية جلية أمام أعيننا في كل ما يواجهنا في ساحتنا الإقليمية والدولية.
المهرة وعدن وغيرهما لا تعيش حالة مثالية ، الناس يعانون بشكل أسوأ مما هو الحال في صنعاء ، إذ يتسابق طغاة العصر وفي مقدمتهم الأمريكي والبريطاني إلى التنكيل بالمواطنين اليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم ، ينهبون الثروة ، يحتلون البلاد بكل ما تعنيه كلمة احتلال.
احتلال المهرة وسقطرى وميون وكل المناطق المحتلة ما كان ليحصل لولا الانخداع بالتضليل الأمريكي البريطاني السعودي ، إضافة إلى الارتزاق الممقوت من مرتزقة العدوان ، وشتان بين من انطلق في مواجهة العدوان وبين استكان وخنع ، أما من ذهب ليقاتل في صفوفه فقد باع الدنيا والآخرة وصار خائنا يتحمل وزرا تاريخيا في الدنيا ، وفي الآخرة عذاب عظيم.
قرار مسؤول
لفت قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد، أن مواجهة العدوان هو قرار حاسم وحازم ينطلق من رؤية وبصيرة ، الحقائق التي أشار لها في معرض الكلمة ومنها احتلال سقطرى وميون وغيرهما يعرفها الشعب اليمني جميعا ، هناك احتلال مباشر في بعض المناطق والمحافظات ، ولو لم يكن هناك مواجهة للعدوان لكانت اليمن كلها بما فيها صنعاء محتلة بذلك الشكل.
وقد انطلق قائد الثورة من ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام في التذكير بهذه الحقائق لما فيها العبر والدروس، وللاستفادة منها كمحطة تعبوية يتم التزود منها العزم وقوة الإرادة وشحذ الهمم بالإضافة لأنها ذكرى لإيقاظ المتنصلين عن المسؤولية لمراجعة حساباتهم هذه المناسبة هي ذات أهمية كبيرة لأنها تربطنا بنهضة مباركة امتدت بركاتها من ذلك الزمن إلى يوم الناس هذا.
وقال السيد القائد أن ثورة الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام كانت لإنقاذ الأمة من الطغيان الأموي والتسلط الأموي الذي سام الأمة سوء العذاب واستعبدها وأذلها وقهرها واستهدفها في دينها واستهدفها في قيمها وهويتها وظلمها بكل أنواع الظلم.. موضحا أن ثورة الإمام الشهيد زيد بن علي هي امتداد لثورة جده الحسين لنهضة الأمة وهي أعطت للحق صوته وبقي له امتداده واستمراريته و لا تزال هذه الاستمرارية وبركاتها حاضرة في امتنا إلى اليوم ، فقد كانت ثورة لإنقاذ الأمة فالإمام الحسين ورموز الهدى من آل البيت كانت حركتهم من أجل الأمة .كما أن خيارات الإمام زيد كانت قرآنية واستمدها من القرآن وعندما تحرك في أوساط الأمة لإنقاذها من الطغيان الأموي رفع عنوانا مهما وعظيما هو البصيرة البصيرة ثم الجهاد وهذا العنوان الذي تحتاجه الأمة في كل مرحلة من مراحل تاريخها وهي الآن أحوج إلى هذا العنوان.
ولفت السيد القائد إلى أن الأمة وهي تعاني من الطغاة وتواجه حملاتهم التضليلية تحتاج إلى الوعي والبصيرة في تشخيص الحقائق وتحديد الخيارات خاصة في المراحل المصيرية والمنعطفات الخطيرة على الأمة لتكون خياراتها ومواقفها محسوبة بمعيار القرآن والحق والمصلحة الحقيقة للأمة تحتاج إلى البصيرة والا قد يتخذ الكثير الخيارات على نحو خاطئ وكارثي يجر عليهما الخزي والهوان في الدنيا والآخرة .
بهذه النظرة إلى الواقع يرسم السيد القائد مسارات النصر على طغاة العصر سواء على الصعيد الوطني أو على مستوى الأمة باسرها فالطغيان منبعه واستراتيجياته واحدة في كل زمان ومكان ولا سبيل لمواجهته وكسر شوكته إلا من خلال التحلي بالبصيرة والمسؤولية ، وتحديد الخيارات المناسبة وفق معيار القرآن الكريم والحق وما يخدم مصالح الأمة.

قد يعجبك ايضا