سفن أمريكية وسعودية تنصب نقاط حجز وتفتيش قرب جيزان وتقوم بإيقاف السفن المحملة بالوقود واقتيادها إلى مكان للحجز
• ما تسميه الأمم المتحدة «آلية التحقق والتفتيش» ساهمت في تقويض وصول الوقود والأغذية إلى اليمن
• اليمن بلا وقود منذ مطلع 2021 سمحت سفن القراصنة بدخول حوالي 8%من الاحتياج فقط
تحقيق خاص / عادل عبدالاله
ليس بالطائرات والصواريخ والقنابل والمدرعات والآلة العسكرية وحدها يتم استهداف الشعب اليمني، ففي سيناريوهات وأجندات تحالف العدوان وسائل كثيرة للاستهداف والقتل الجماعي، وليس هذا وحسب بل إن في جعبة دولة مثل السعودية -التي تقود تحالف العدوان على اليمن- الكثير من الحيل، وسجل عداوتها لليمن واليمنيين حافل بالمؤامرات والجرائم منذ تأسيسها وحتى اليوم.
اليوم وبعد سبع سنوات من الحصار والعدوان والاستهداف المتعمد للمدنيين والتدمير الممنهج للبنية التحتية ومؤسسات الدولة، تستغل دول تحالف العدوان صمت المجتمع الدولي وتجاهله المتعمد لما ارتكبته وترتكبه من جرائم على مدى سبع سنوات، وتواصل استهدافها للشعب اليمني من خلال فرض قيود على الواردات النفطية، أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين.
قراصنة بغطاء أممي
تزامنا مع إعلانه الحرب على اليمن وبدء عملياته العسكرية -في مارس 2015- فرض تحالف العدوان حصارا على الشعب اليمني، حيث قامت السعودية وحلفاؤها وبدعم وتأييد من الدول الغربية، بنشر قوات بحرية في المياه اليمنية، بهدف منع وصول الأسلحة إلى اليمن حسب مزاعمها، لكن استعراض القوة الذي قامت به دول تحالف العدوان بقيادة السعودية سرعان ما قوبل باستهجان الكثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية حول العالم، التي انتقدت الأمم المتحدة واتهمتها بالمساهمة في قتل وتجويع الشعب اليمني، الأمر الذي دفع المنظمة الدولية في العام 2016م لتغطية جريمة الحصار بوضع آلية للتحقق والتفتيش وإصدار تصاريح للسفن المتجهة إلى ميناء الحديدة، مؤكدة أن عملية الفحص والتفتيش لن تتجاوز بضعة أيام فقط.
الآلية التي وضعتها الأمم المتحدة لم تخدم الشعب اليمني بقدر ما خدمت دول العدوان ومنحتها المشروعية للقيام بأعمال غير مشروعة تمثلت في القرصنة على السفن المحملة بالوقود والمشتقات النفطية بعد تفتيشها واقتيادها إلى موانئ السعودية ومنعها من الوصول إلى اليمن واحتجازها لأسابيع وأشهر متجاهلة ما ستخلفه أعمال القرصنة والاحتجاز من مآس إنسانية.
كما ساهمت القيود التي فرضها تحالف العدوان -بقيادة السعودية- على المشتقات النفطية واحتجازها للسفن في تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير، إذ أدى نقص الوقود بسبب عمليات احتجاز إلى توقف الكثير من الأعمال في الكثير من القطاعات وفي مقدمتها قطاعات الزراعة والصحة والنقل.
وفي الوقت الذي قدرت الأمم المتحدة احتياجات اليمن من الوقود بحوالي 533 ألف طن شهريا، إلا أن الآلية التي وضعتها لتفتيش السفن وتغطيتها وتجاهلها للجرائم التي يقوم بها قراصنة تحالف العدوان، صنع أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ أدت عمليات القرصنة ومنع السفن النفطية من الوصول إلى انخفاض كبير في نسبة الوقود الذي يصل إلى اليمن والذي لم يعد يصل إلى ربع كمية الاحتياج التي تحدثت عنه الأمم المتحدة مستندة في معلوماتها على مستويات الاحتياج قبل العدوان.
احتجاز بتصريح اممي
شركة النفط اليمنية، أكدت أن الحصار وعمليات القرصنة أدت إلى انخفاض كبير في نسبة الوقود والعجز عن التموين مطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إيقاف أعمال القرصنة البحرية والممارسات التعسفية لدول تحالف العدوان واستمرارها في احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة.
وبحسب مدير عام شركة النفط بالحديدة عدنان محمد الجرموزي، فإن الاحتياج الفعلي للمشتقات النفطية خلال العام الواحد يتراوح ما بين مليون و360 ألف طن للبنزين ومليون و540 ألف طن للديزل، لكن أعمال القرصنة والاحتجاز أدت إلى انخفاض هذه الكميات إلى أدنى مستوياتها.
وأكد الجرموزي أنه ومنذ بداية العام 2021 م لم يصل من الوقود إلى ميناء الحديدة سوى 27893 طناً من البنزين بما يعادل 4% من الاحتياج الفعلي فقط، و57982 طناً من الديزل وهذه الكمية لا تغطي أكثر من 7% من الاحتياج الفعلي، مشيرا إلى أن الكميات التي وصلت إلى ميناء الحديدة من المشتقات النفطية منذ بداية هذا العام لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً من حجم الاحتياج الفعلي.
من جانبه، قال مدير الموارد في شركة النفط بالحديدة هايل محمد قطشي: إن هناك 5 سفن محتجزة منها سفينتان محملتان بالبنزين وواحدة ديزل واثنتان محملتان بالغاز المنزلي وبما يعادل 106999 طنا من الوقود.
وأوضح هايل قشطي أن أقصى فترة احتجاز لسفن المشتقات النفطية حتى اليوم بلغت أكثر من 260 يوماً، مؤكداً أن جميع حمولات سفن المشتقات النفطية التي يحتجزها العدوان مخصصة للاستهلاك العام وتحمل تصاريح من الأمم المتحدة.
بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر محمد أبو بكر إسحاق أن إمعان العدوان في احتجاز سفن المشتقات النفطية، إمعانٌ في حصار الشعب اليمني، وأضاف: “نحن في بداية عام دراسي ويعاني أطفالنا من انقطاع التيار الكهربائي نتيجة قرصنة العدوان على سفن الوقود”.
مغادرة سفينة بعد 8 أشهر من الاحتجاز
في الوقت الذي يواصل تحالف العدوان قرصنته على السفن، قالت شركة النفط اليمنية إن السفينة “فوس سبيريت” المحمّلة 29.987 طنا من مادة الديزل غادرت منطقة الاحتجاز إلى وجهة خارج اليمن.
وأوضح الناطق الرسمي لشركة النفط عصام المتوكل، أن السفينة المصرّح لها من قِبل الأمم المتحدة اضطرت إلى المغادرة بعد منع وصولها إلى ميناء الحديدة، واحتجازها من قِبل تحالف العدوان لأكثر من ثمانية اشهر، مشيرا إلى أن الشركة المالكة اضطرت لسحب السفينة من منطقة احتجازها قبالة سواحل جيزان، خشية تعرضها لأعطال نتيجة لطول فترة الاحتجاز.
وأكد المتوكل أن قوى العدوان لا تزال تحتجز أربع سفن نفطية، ولفترات متفاوتة أكثر من ثمانية أشهر من القرصنة البحرية.
وأفاد المتوكل بأن السفن المحتجزة تشمل سفينتين تحملان مادة الغاز، وسفينتي مشتقات نفطية بحمولة إجمالية 59.707 أطنان من مادتي البنزين والديزل.
ولفت إلى أن الصمت الأممي، وتواطؤ المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الأممية مع قوى العدوان في منع دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، يضاعف من معاناة الشعب اليمني.
وبحسب مراقبين فإن قيام الشركة الناقلة بسحب السفينة دون اعتراض من تحالف العدوان يؤكد أن عمليات الاحتجاز لا علاقة لها بالمبررات التي يستند إليها العدوان في عمليات القرصة والاحتجاز التي يقوم بها، مؤكدين أن ما يقوم به تحالف العدوان يدخل في اطار الحرب الشاملة التي تستهدف شعبا بكامله.
السفن المحتجزة
شركة النفط اليمنية وردا على الأكاذيب التي يروج لها تحالف العدوان ومزاعمه بعدم احتجازه للسفن المحملة بالمشتقات النفطية، نشرت كشفا بأسماء السفن المحتجزة من قبل قراصنة التحالف، مؤكدة أن العدوان من خلال عمليات القرصنة والاحتجاز يشن حربا اقتصادية يستهدف بها الشعب اليمني بكل شرائحه.
وأوضحت الشركة أن تحالف العدوان لا يزال يحتجز 4 سفن على الرغم من استكمال تلك السفن كافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر آلية بعثة التحقق والتفتيش في جيبوتي (UNVIM) وحصولها على التصاريح التي تؤكد مطابقة حمولاتها للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقق والتفتيش.
واتهمت الشركة التكوينات المعنية التابعة للأمم المتحدة بالقيام بأعمال تخالف بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون الصراع المسلح، وكافة القوانين والأعراف المعمول بها، فضلا عن تجاهلها الدائم جوهر وغايات اتفاق السويد الذي شدد في مجمله على ضرورة تسهيل وصول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة وبما يلبي احتياجات وتطلعات الشعب اليمني .
وأشارت إلى أن المعطيات المتبعة على أرض الواقع والمتمثلة باستمرار القرصنة الإجرامية وتداعياتها الكارثية لم يقابلها أي تحرك جاد وملموس من قبل الأمم المتحدة المعنية بتسهيل دخول واردات السلع الأساسية، مؤكدة أن الأمم المتحدة لم تغادر حالة الجمود والانحياز المشين على الرغم من اعترافها الصريح بتفاقم التبعات الإنسانية الناجمة عن النقص الحاد في إمدادات الوقود وتشديدها على ضمان تدفق السلع الأساسية وغير ذلك مما ورد في إحاطات المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، مارتن غريفيث.