ستحاول أمريكا أن تخفي ندمها في أفغانستان وتلملم جراحها المثخنة بإبرة الإرهاب وخيوط الدبلوماسية، وليس هناك في العالم امكر من واشنطن في استثمار المآسي وإنتاج الأزمات الدولية لصالح الخزينة الأمريكية والمشروع الصهيوني.
فهل سيتعظ العملاء العرب من نكسة أمريكا في أفغانستان وتخليها الصادم عن أصدقائها ودورها ونفوذها الطويل أمام حركة مصنفة في قائمة الإرهاب؟!
تخيلوا معي مشهد رمي عرب الخليج بعقالاتهم فلول الأمريكيين وهم يغادرون القواعد العسكرية جواً وبحراً.
افترضوا معي وجهات ملوك وأمراء الخليج ومعابر هروبهم إلى دول المنافي حول العالم!!
التقطوا بعدسات خيالكم صورة ومشاهد فتح قصور وعروش الأنظمة الخليجية أمام الشعوب المضطهدة في ظل مساوئ الحكم الحالي!!
أفيدوني.. هل هناك مبالغة في توصيف حال الولايات المتحدة الأمريكية اليوم؟!
أستطيع أن أقول لكم: إن الأنظمة التي تزرعها استخبارات الولايات المتحدة الأمريكية مصيرها الانهيار المخزي!!
أطلقت لمخيلتي العنان وأنا أتصور مشاهد رحيل القوات الأمريكية وقواعدها العسكرية من خلجان وجزر العرب في (الخليج الزجاجي)، بناء على نماذج فيتنام والصومال وأفغانستان !!
وليس ذلك على الله ببعيد.. وحده الدائم القادر على كل شيء.
تطورات الوضع في أفغانستان واللطمة القاسية والمذلة التي وجهتها طالبان لواشنطن، أثارت فضولي لمتابعة هزائم الولايات المتحدة حول العالم وتكبدها للخسائر الفادحة التي منيت بها بشريا وماديا.
سيسجل التاريخ أفغانستان الهزيمة السابعة للولايات المتحدة الأمريكية بعد الصومال و”غرينادا” في أمريكا الوسطى وعملية “مخلب النسر” الفاشلة في إيران عام 1979م والمحاولة الفاشلة للسيطرة على موقع “205” في كوريا الشمالية عام 1950م، والهجوم الفاشل على جزيرة ماكين في المحيط الهادي عام 1942م، ومن ينسى فيتنام وإذلال الأمريكان فيها ؟! وستستمر الحكاية في الشرق الأوسط.
إن أمريكا خرافة باسم شرطي العالم وزعيمه الأوحد، لكنها في أفغانستان مؤخراً تحطمت أسطورة الدولة التي لا تقهر والصديق الذي لا يترك أصدقا في منتصف الطريق، فالقوات الأمريكية حسب الرئيس بايدن (لا يجب أن تقاتل وتموت)!!
فعلاً.. كانت الولايات المتحدة الأمريكية يوما ما دولة مهابة ورؤساؤها سيحررون الشعوب بكلماتهم الرنانة وشعاراتهم المعسولة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ورفاهية الشعوب.. والإعلام كل وسائل الإعلام العالمية تسلط الضوء على الجوانب الإيجابية لأمريكا.. لكن حبل الكذب الأمريكي قصير ولم يستمر.. ففي أول رد فعل سياسي للرئيس جو بايدن على هزيمة بلاده أمام طالبان، قال: لم نأت لأفغانستان لبناء دولة أو بناء أمة وإنما لمنع الاعتداءات على أمريكا..
هل من المعقول أن الولايات المتحدة الأمريكية وطيلة 20 عاماً في أفغانستان تحمي نفسها من الاعتداءات الإرهابية وبغمضة عين تخلت عن كل نفوذها وكل أصدقائها ولم تبرز قواتها لمواجهة حركة تتهمها بالإرهاب بل هرولت نحو المطار، وكأن قلوبهم معلقة في جناح طائر دون وداع أو التلويح بسلام لعملائها.
المؤكد أن الولايات المتحدة ستحاول ان تصنع من عناوين فشلها في أفغانستان مؤامرات جديدة ضد الشعب والجيران.