إن من يهيئون الساحة لتحكمها أمريكا، من يهيئون الساحة لتحكمها إسرائيل، من يهيئون الساحة لتحكمها ثقافة الملعونين من اليهود والنصارى بدل ثقافة القرآن، هم أسوأ ممن أشهروا سيوفهم في وجه الحسين.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
الإمام الحسين -عليه السلام- ببصيرته العالية، بعلمه، بفهمه الصحيح وهو قرين القرآن الكريم، شخَّص حقيقة الخطر ومستوى الخطر وبالتالي اتخذ قراره في طبيعة الموقف فتحرك.
السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم-: (حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، والحسين سبط من الأسباط).
مثلت فاجعة كربلاء نقطة سوداء في تاريخ الأمة الإسلامية، ودلالة ناصعة على إن بداية الانحراف، فالانحدار، كانت من هنا، حيث البقعة الطاهرة التي ارتوت بدماء الحسين عليه السلام.
في الواحدة والستين من تاريخ الهجرة النبوية، كان أمر الأمة الإسلامية قد بلغ مستوىً كبيراً من التشويه لكل تلك القيم الإسلامية التي بعث الله بها رسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وهو ما أخذ يعتمل في نفسية الإمام الحسين الذي لم يجد بُدّاً من مواجهة هذا الانسلاخ والسعي لإعادة الأمة إلى مسارها الصحيح، محذراً من خطورة هذا الانقلاب على ثوابت ومكتسبات الرسالة المحمديّة الغرّاء.
حينها تحرّك الإمام الحسين من منطلق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وواجب الدفاع عن أركان الدين وأُصوله التي بُني عليها، كالولاية والصلاة والزكاة والصيام، معبراً بذلك وبكلّ حزم وإصرار وشموخ وتحدٍّ أمام مخاطر التفسّخ والانحلال الديني والخلقي الذي اتسم به آنذاك النظام الأُموي الفاسد؛ وهو ما نجده في توصيف الإمام الحسين (عليه السلام) لذاك الوقع بالقول: «إن الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها واستمرّت جدّاً، فلم يبقَ منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحقّ لا يُعمل به وأن الباطل لا يُتناهى عنه».
بدأت ثورة الحسين من اللحظة التي استشعر فيها الخطر على الأمة من نظام كان يقودها إلى الهلاك، ثم من اشتغال نفسه بهذا الأمر، فخروجه لمواجهة، وهناك، في كربلاء، بدأت تفاصيل الفاجعة.
في المكان حوصر الإمام الحسين ومن معه من قبل جيش يزيد بن معاوية الذين آمنوا في الحصار والتضييق فحالوا بين الإمام الحسين وأصحابه وأهله وبين ماء الفرات، فاشتد بهم العطش حداً مميتاً.
لمّا أصبح الصباح من يوم عاشوراء، نادى الحسين عليه السلام أصحابه وأمرهم بالصلاة، فتيمّموا بدلاً عن الوضوء وصلّى بأصحابه صلاة الصبح.
لتحين بعدها لحظة سقوط المنحرفين عن دين الله بإصرارهم على قتال الإمام الحسين، كان همهم دنيويا وكان هدفهم سلطوياً.. ولأنهم كانوا على يقين بأن الإمام الحسين، سبط الرسول صلوات الله وسلامه عليه، هو الأحق بقيادة الأمة على النهج القويم، استماتوا لرغبتهم في الخلاص منه.
وفي صبيحة اليوم الأسود واجه الحسين ومعه ثلاثون فارساً وأربعون راجلاً أو أكثر من ذلك جيشاً من عشرات الآلاف، فدارت رحى معركة غير متكافئة أنكرتها الأرض والسماء.
قُتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم وهم في دفاع عن سبط رسول الله، وعن مشروع العزة والكرامة والإيمان الحق الذي حمله الإمام الحسين.
ثم صُوبت سهام جيش يزيد نحو آل البيت، بلا رادع من دين أو ضمير، فقتلوهم جميعاً، لترتفع أصوات النساء، حينها تقدم الإمام الحسين إلى باب الخيمة، وقال لأخته زينب: ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه.. فحمله وسار قليلاً لتشهد السماء وذاك المكان ما لم يكن في الحسبان تصوره، شر أسس لكل شر مماثل له بعده، إذ رمى من يُدعى حرملة، الطفل بسهم حقده فوقع في نحر الطفل فذبحه من الوريد إلى الوريد.. فأخذ -عليه السلام- يقاتلهم بكل بسالة وثبات، كيف لا والحق معه، فيما جعلوا يرمونه بالسهام حتى كان ذاك السهم المسموم الذي أصاب صدره، ليقول عليه السلام لحظتها: «بسم الله و بالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله.»، لكنه ظل متماسكاً قادراً على الوقوف، لإكمال معركته بما كان لا يزال عليه من حياة، غير أن الشر المستطير في عيون جيش الخيانة لله ولآل رسول زادوا واستمروا في غيهم، فطعنه أحدهم في خاصرته، وصار عليه السلام إلى حال من انهيار الجسد بعد أن نزف كثيراً من الدماء، لكن لسانه بقيت تناجي الله، حتى أقبل عليه أحدهم بقصد الإجهاز عليه امتثالاً لطلب يزيد، فلمّا دنا ونظر إلى عينيه ولّى راجعاً مدبراً، فسألوه عن رجوعه فقال: نظرتُ إلى عينيه كأنهما عينا رسول الله. ثم أقبل من يدعى شبثُ بن ربعي فارتعدت يده ورمى السيف هارباً، وعند ذاك أقبل شمّرٌ وجلس على صدر الحسين عليه السلام ففاضت روحه.
الثائر لدين الله
خرج ثائراً لدين الله، ناشداً إصلاح أمر الأمة، فروت دماؤه الطاهرة أرض الحرية، لتنبت عزة وكرامة وتوقاً للفوز، إما بالشهادة في سبيل ترسيخ كل تلك القيم والمبادئ والمثل، أو الانتصار وإكمال مسار التوجيه ومسار التمكين بالوعي والبصيرة في الدين والدنيا.
لتعيش الأمة بعد تلك الفاجعة عقوداً من الذل والهوان والتيه، خسرت فيها عزتها، وتطاول عليها أعداؤها.
بتحركه عليه السلام إلى أرض كربلاء، مهد الطريق للأحرار والثوار المتعاقبين إلى قيام الساعة في كيفية الخروج على الظالمين، والتحرر من المستبدين، ومن الذلة والمسكنة، في اتجاه الهدف الأسمى الذي من خلاله ستنعم الإنسانية بالعزة والكرامة.
بتحركه عليه السلام، جسد الموقف الرسالي الرافض للظلم والفساد، وانكشفت أكذوبة الروايات التي ترى بطاعة الظالمين وبحرمة الخروج عنهم.
أرادوا قتل تلك الحقائق.. أرادوا الإمام الحسين عليه السلام قتيلاً في ذهنية الناس، لا حضور له في ذاكرتهم ولا أثر له في اهتماماتهم، فأخطأوا الحساب.
فلا «الإمام الحسين مات، ولا ثورته انتهت، ولا يزيد انتصر، ولا طغيانه انتهى»، ظل الحسين حاضراً في وجدان الأمة منذ اللحظة التي كان فيها استشهاده عليه السلام.
وثقه التاريخ بأكثر من لغة
دوّن المؤرخون، أنه حين جرى التنكر لمقتضيات توجيه الله في غدير خم والخروج به عن مساره وسياقه الواضح، ومقابلة حدث البلاغ بالولاية بيوم السقيفة، كان الانحراف، ليحدث الخلل في بنية الأمة الإيمانية، وماهي إلا سنوات قليلة، حتى كان التجرؤ على كل القيم ليصل حداً كرّس من وضعية الضياع والتيه والهوان للأمة وهو الحد الذي تجاوز حرمة المسلم فبلغ مبلغه بقتل الإمام الذي أراده الله خليفة في تحمل مسئولية الرسالة، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
حينها فقدت الحُرمة هيبتها في نفوس أشقياء ادّعوا الإسلام، وما الإسلام بمحرض المؤمنين قتل أوليائهم، ليشهد الكون أبشع جريمة عرفها التاريخ البشري في حق بيت النبوة، بقتل الإمام الحسين عليه السلام.
وفق ذلك، واستناداً إلى المدونات التاريخية التي رصدت تلك الملحمة وتداعياتها، فإن الإمام الحسين عليه السلام انتصر في ذلك اليوم.
لم يكن انتصاره عسكرياً، لكنه انتصر بالحجة والبرهان، في إيصال رسالة الحق، وفي التأسيس لواقع لا يمكن للمظلوم فيه أن يستكين إلى ظلمه، ولذلك تخبرنا السيَر أن ذاك اليوم أخذ أكثر من مسمى فسمي (يوم انتصار الدم على السيف) وسمي (يوم انتصار المظلوم على الظالم) كما سمي (يوم انتصار مشروع ألأُمه على مشروع السلطة).
يقول الزعيم الهندي المهاتما غاندي، محرر الهند، الذي تحدى بالحق قوى الاستعمار فتراجعوا: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر… لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء، واتضح لي إن الهند إذا أرادت أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين».
كنتم خير أمة
وليس بالغريب أو المبالغ فيه القول ان كربلاء كانت ولا تزال معركة مفصلية في تاريخ الأمة الإسلامية، عليها تأسس الكثير من الظلم والكثير من المهانة والامتهان لأمة أراد الله لها العزة، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ) فارتضت لنفسها في لحظة من سيطرة الشيطان، القبول بما يجود به عليها أعداء الأمة من وسائل الحياة، مستسلمة، خانعة.
حينها أدركت الأمة خطأ صنيعها الفادح في خذلان الإمام الحسين عليه السلام وتركه وحيداً في مواجهة الشر -وأطماع النفس- الذي تجسد في حب الاستحواذ على إدارة أمر المسلمين وتولي الخلافة عليهم من قبل بني أمية دون أي مسوغ، ليستشهد الإمام الحسين، وليرحل عليه السلام كجسد لكنه بقي كفكر ومبادئ وقيم، مرسخاً باستشهاده نهجاً للأحرار الثوريين، نهج الدفاع عن الحق والفداء والتضحية.
من هنا بقي حضوره شاخصاً ماثلاً في الوجدان البشري كمظلومية، وفي الإرث الإنساني كفكر ونهج تعرض فيه لمختلف مناحي الحياة.
إنصاف من هم على غير الدين
في الوقت الذي يتفق فيه العالم على مظلومية الإمام الحسين الذي امتلك الحق الإلهي في الدفاع عن قضيته المرتبطة بالأمة المحمدية، يتفق العالم أيضا أن هذه المظلومية لم تكن بملامح الضعف والخنوع وإلا لكان عليه السلام قد نزل عند رغبة يزيد بمبايعته وتمكينه من رقاب الناس، لكنها المظلومية التي ارتبطت بالعزة والإباء.
وان الإمام الحسين حدّد أحد أهم أهداف خروجه وهو الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا هو هدف الرسالات جميعها، كما أنه كان واجبه كإمام وخليفة للمسلمين، فرض الإمام عليه السلام خياراته ولو كان الثمن استشهاده، فاستشهد وعدد كبير من أبنائه وأصحابه وأهل بيته دفاعاً عن حقوق الأمة، ليسطّر بذلك أروع صور التضحية والوفاء في سبيل الأهداف الإنسانية النبيلة، وليؤكد بفعله -وهو الإمام المعصوم- أن الإصلاح واجب حد التضحية وأن محاربة الظلم والفساد أمر واجب وضروري حد الاستشهاد، وهذا كله من أبسط ما يمكن أن يستفاد من ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي تعتبر مدرسة متكاملة فيها من العبر والمفاهيم ما لا يمكن إيجازه.
ومن هذا الطرح المتواتر وغيره من قبل المفكرين الغربيين يتبين عالمية الثورة الحسينية، وانه عليه السلام، عبر بثورته حدود المكان والزمان والدين، وجعل من هذه الثورة ثورة إنسانية أخلاقية عالمية، تجاوزت كل الحدود المذهبية والدينية، حيث رسم بثورته أروع صور التحدي في مواجهة الظلم، وأروع الملاحم في الإصرار على الإصلاح المجتمعي وتحرير الإنسان من العبودية والظلامية والارتهان للأصنام البشرية التي شكلت في ذلك الحين أبشع الصور وأخطرها، والتي هددت المجتمع الإسلامي كله بالانهيار التام أمام سطوة الفساد والظلم والتحريف.
في الفكر الغربي تجد قناعة راسخة بأن ما قام به الإمام الحسن عليه السلام كان «ثورة كونية» لأن إعادة صياغة المفاهيم وفق المبادئ الإسلامية التي تعزّ الكينونة البشرية.
يقول المستشرق الألماني ماريين: «لقد اثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر أن صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر إلا أنه لا يعدو أن يكون أمام الحق ريشة في مهب الريح.. ان الحسين كان يبث روح الثورة في المراكز الإسلامية.
الثائر لدين الله
خرج ثائراً لدين الله، ناشداً إصلاح أمر الأمة، فروت دماؤه الطاهرة أرض الحرية، لتنبت عزة وكرامة وتوقاً للفوز، إما بالشهادة في سبيل ترسيخ كل تلك القيم والمبادئ والمثل، أو الانتصار وإكمال مسار التوجيه ومسار التمكين بالوعي والبصيرة في الدين والدنيا.
لتعيش الأمة بعد تلك الفاجعة عقوداً من الذل والهوان والتيه، خسرت فيها عزتها، وتطاول عليها أعداؤها.
بتحركه عليه السلام إلى أرض كربلاء، مهد الطريق للأحرار والثوار المتعاقبين إلى قيام الساعة في كيفية الخروج على الظالمين، والتحرر من المستبدين، ومن الذلة والمسكنة، في اتجاه الهدف الأسمى الذي من خلاله ستنعم الإنسانية بالعزة والكرامة.
بتحركه عليه السلام، جسد الموقف الرسالي الرافض للظلم والفساد، وانكشفت أكذوبة الروايات التي ترى بطاعة الظالمين وبحرمة الخروج عنهم.
أرادوا قتل تلك الحقائق.. أرادوا الإمام الحسين عليه السلام قتيلاً في ذهنية الناس، لا حضور له في ذاكرتهم ولا أثر له في اهتماماتهم، فأخطأوا الحساب.
فلا “الإمام الحسين مات، ولا ثورته انتهت، ولا يزيد انتصر، ولا طغيانه انتهى”، ظل الحسين حاضراً في وجدان الأمة منذ اللحظة التي كان فيها استشهاده عليه السلام.
دوّن المؤرخون، أنه حين جرى التنكر لمقتضيات توجيه الله في غدير خم والخروج به عن مساره وسياقه الواضح، ومقابلة حدث البلاغ بالولاية بيوم السقيفة، كان الانحراف، ليحدث الخلل في بنية الأمة الإيمانية، وماهي إلا سنوات قليلة، حتى كان التجرؤ على كل القيم ليصل حداً كرّس من وضعية الضياع والتيه والهوان للأمة وهو الحد الذي تجاوز حرمة المسلم فبلغ مبلغه بقتل الإمام الذي أراده الله خليفة في تحمل مسئولية الرسالة، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
ثورة حسينية
نستطيع أن نجسد قيم الثورة الحسينية وذلك باتباع الوعي الذي صنعته ملحمة عاشوراء والموقف الحق الذي حدد المسار الصحيح لكل أجيال الأمة، كذلك حفظ أصالة ومنهج الإسلام الحق الذي كشف و فضح الزيف والضلال كما قال رسول الله عليه السلام، (ألا ترون أن الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما).
إن الثورة الحسينية قدمت لنا النموذج والقدوة بالفعل في الثبات على الحق والصمود في مواجهة الطغيان والتفاني في سبيل الله تعالى وفي الصدق والصبر والوفاء وانه لا شرعية لظالم وفاسق وان الإسلام لا يقبل الاستسلام، والضعف ليس من الإيمان، ولا ننسى (الإيمان يمان والحكمة يمانية) ويمن الإيمان حول الإمام الحسين في كربلاء ( أكثر أنصار الحسين كانوا يمنيين).
اليوم ونحن في العام السابع للعدوان الأمريكي السعودي على بلدنا الهادف إلى السيطرة علينا كشعب يمني واستبعادنا واذلالنا وبكل ما ارتكبه -منذ أول غارة جوية افتتح بها العدوان جرائمه اليومية الشنيعة- ندرك جيداً ونعي طبيعة هذه المعركة، فقدمنا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والآلاف من الأسرى والملايين من النازحين ومع الحصار والحرب الاقتصادية الظالمة في مظلومية يمكننا القول بأنها كربلاء العصر.
بصمود الشعب اليمني واستبسال حسيني مهما حشدوا وقصفوا وحاصروا وارتكبوا من جرائم وعدوان ومهما كان حجم التضحيات فلن نخضع لهم ولن نفرّط بحريتنا وكرامتنا واستقلالنا وهيهات منا الذلة.
الإيثار والتجديد
من أروع الكلمات التي قالها الشهيد السعيد آية الله السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) حول إيثار الإمام الحسين (عليه السلام) وتجرد النهضة الحسينية من أي معنى من معاني الأنا أو المطالب الشخصية قوله: “عاشوراء حدث جسد مبداً، فهي ثورة الحق المكبوت على الباطل الطاغي، وتلاشت المواصفات الفردية فيه؛ لأن الإمام الحسين عليه السلام صاغه صياغة بعيدة عن أية ظلال للأنانية، بشكل يبدو مبداً محصناً لا حدث فيه، فأصبح مستمراً في كل مظهر من مظاهر ثورة الحق المكبوت على الباطل الطاغي، فعاشوراء مستمر لا يمكن مسحه من ذاكرة الحياة مع بقية مبادئ الكون التي لا تنمحي من ذاكرة الحياة”، وكذلك كان الإمام الحسين (عليه السلام) طوال حياته ووقت استشهاده.
في كل وقت وزمان نحتاج إلى الإمام الحسين (عليه السلام) ليحارب الجاهلية والتخلف ويجدد في دمائنا وعقولنا ثورة الإصلاح ضد الباطل والاستبداد والفساد والجهل والظلم، لذلك فإن فكر الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته الخالدة تتجدد مع كل جيل تواق للحرية وفي كل زمان يحتاج إلى الإصلاح ولا يطلبه أو يجده سوى في ديوان الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، وقد ذكر المرجع السيد صادق الشيرازي (دام ظله) في إحدى كلماته التي استقبل بها قدوم شهر محرم الحرام هذا المعنى بقوله: “إن العالم اليوم بحاجة إلى الاستنارة بنور الإمام الحسين أكثر من قبل، فجاهلية اليوم أشد وأعنف وأوسع من الجاهليّة الأولى.
الطهر في النفس بتطهير العقول عن العقائد الفاسدة والطهر في الفكر بتطهير الأدمغة عن الأفكار السيئة والطهر في السلوك بطرد رذائل الأخلاق عن الممارسات، والطهر في اللسان واليد وسائر الجوارح بالالتزام بما ينبغي، والاجتناب عمّا لا ينبغي ولنبدأ بتطهير أنفسنا، ثم بتطهير المجتمع الصغير (البيت، والأقرباء، والعشيرة) والمجتمع الكبير (المدينة والمنطقة) والمجتمع الأكبر(العالم) عن جميع مظاهر الفساد والضلال.
الحُسَيْنُ .. في زَمَنِ الحَقِيْقَة
كربلاء حدث نستلهم منه العبر والدروس أمام متغيرات وأحداث الحياة