الطغاة يتوارثون الطغيان جيلا بعد جيل كما يتوارث الأحرار العزة ورفض الذل والهيمنة

ناشطون ومثقفون في ذكرى عاشوراء لـ”الثورة “: كربلاء ثورة الحرية الكاملة حرّر بها الإمام الحسين الإنسان من عبودية غير الله سبحانه وتعالى

 

 

أوضح ناشطون وثقافيون أن ثورة الحسين الجذوة لكل الثورات التي تقوم من أجل إعلاء كلمة الحق ودحر الباطل ، وأنه وبتتبع المنهجية التي سارت عليها، ثورة الإمام الحسين عليه السلام يمكن أن نحقق ثورة حسينية عظيمة ضد قوى الاستكبار العالمي في عصرنا هذا ، موضحين أن الطغاة يتوارثون الطغيان جيلا بعد جيل كما يتوارث الأحرار العزة والكرامة والأنفة ورفض الذل والهيمنة جيلا بعد آخر..

استطلاع / أسماء البزاز

الدكتور إبراهيم اللوزي -المدير التنفيذي لمؤسسة دار الخبرة للدراسات والتطوير-: المتأمل والمتتبع في بطون الأسفار والمآثر يجد الكثير من الأبطال وعظماء الرجال الذين دفعهم دينهم واينمانهم وإخلاصهم العميق إلى الجهر بالكلمة الحق والدعوة إلى العدالة باقتحام ميادين الجهاد والثورة- ضد طغاة الأرض وفراعنة العصور ولقد سجل التاريخ الكثير من تلك الثورات في تاريخ الأمم والشعوب.
وأضاف اللوزي: لكن تظل ثورة الحسين عليه السلام هي الثورة الأبرز والأكثر تأثيراً، حيث لا يزال امتدادها قائماً حتى اليوم وستظل ممتدة ما دام الظلم والجور وذلك لما لهذه الثورة الحسينية من قيم ومثل عليا أغنت بعطائها وأفكارها وأهدافها النبيلة تاريخ الإسلام، كما كشفت زيف أدعياء الدين واللاهثين خلف السلطة وما يضمرونه من شر وسوء حيث اتخذوا من الدين طلاء يخفي ويستر نزعاتهم الجاهلية التي كانوا يعملون على إحيائها وتحويل الإسلام إلى مؤسسة تخدم مصالحهم وأهواءهم.
ومضى بالقول: وما أشبه البارحة باليوم فما عاصره الحسين أمام الأمويين يعاصره رجال اليمن وشرفاؤهم أمام بني سعود وجبروتهم الذين عاثوا في اليمن والأمة الإسلامية الفساد وكانوا وراء كل شر يطال امة محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، وها هي يمن الإيمان والحكمة تثور ضد طغاة الأرض ومستكبريهم كما ثار الحسين عليه السلام آخذين ثورة الحسين نبراسا لتحركهم السامي في نشر ثقافة الحق ضد ثقافة الباطل وباذلين أغلى ما يملكون وهي الدماء الزكية الطاهرة في سبيل الله ودينه العظيم في مواجهة الشيطان الرجيمي وطواغيت هذا العصر وستدوم اليمن ويدوم الدين معها بإذن الله.
تاريخ ورسالة:
العلامة حسين السراجي يقول من ناحيته: من الذين تستفزهم المناسبة والحديث عنها !! عذراً من الذين يحصل لهم المغص والصداع من كربلاء !! ما نعمل لكم فأنتم ضحايا التعبئة الخاطئة والتحريض الممنهج للغزو الفكري الذي بذل كل الجهود واستجلب المال والإعلام والثروات والمنابر والسياسة لطمس التأريخ والطعن في رموز الأمة ؟!
وقال السراجي: في الحقيقة إننا في حاجة لكربلاء ودروس كربلاء وشخصية الإمام الحسين وأهله ورفاقه لنتأسى من طغيان واستكبار العدوان وأذياله ونستلهم الصبر وتهون علينا التضحيات والحصار وآثاره، لو تجردتم من التعصب والتبعية وتحررتم من أغلال الوهابية لرأيتم بشاعة الواقع الذي وصلت إليه الأمة في عهد بني أمية .
وأضاف قائلا: كربلاء مأساة وبكل المآسي التي خلَّفتها على جميع الصُّعُد فإنها كانت ضرورة لا بد منها. تراجع الطلقاء بالواقع الإسلامي للجاهلية ووصل حال الأمة والمجتمع الإسلامي إلى منعطف خطير كان لا بد من صحوة توقظه وتشعل جذوة الثورة في وجه الطلقاء، ومن يستقرئ التأريخ الإسلامي ومدوناته التي سطَّرها عمالقة فقهاء السنة كالحافظ بن كثير في كتابه (البداية والنهاية ) وابن الأثير في كتابه ( الكامل ) والمسعودي في كتابه ( مروج الذهب ) وابن عبدالبر في كتابه ( الإصابة ) يدرك صوابية خروج الإمام الحسين وجمالية ثورته .
أضاف السراجي: اليوم نحن في اليمن والعالم الإسلامي نواجه طاغوت أمريكا وأذيالها منذ سبع سنوات ومن الضرورة بمكان استحضار قيم الثورة الحسينية في واقعنا المعاصر لنكون حسينيين وكربلائيين يرخص الغالي مادام في سبيل الحق ومقارعة الطاغوت .فسبع سنوات من القتل والمجازر والحصار والتجويع والخراب والدمار وهذا الواقع المؤلم يجعلنا نعيش كربلاء بكل تفاصيلها طوال السنوات السبع، فالتأريخ يعيد نفسه وإن تغيرت الأشكال والمسميات .ولن نتحرر من هيمنة الطغيان العالمي وأذنابه ما لم نكن كالحسين عليه السلام إيماناً وصدقاً وإخلاصاً وتضحية وبذلاً .
مبيناً أن عاشوراء مدرسة غنية بعطائها، فالإمام الحسين عليه السلام لم يكن يمارس عملية قتال فحسب ، بل كان ينبه أمة ، ويحمي إرادة ، ويمتد مع تاريخ رسالة ، ويقود مسيرة المجاهدين من أجل الإسلام وهو ما نستلهمه ونعيشه اليوم في تضحياتنا وثباتنا وصبرنا ورباطنا .
قضيتنا عادلة ومظلوميتنا واضحة وسننتصر بإذن الله تعالى كما هو وعده للمؤمنين ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ ﴾ الروم 47 .
ثورة حسينية:
الناشطة والمدربة فايزة محسن الحمزي أوضحت أن فاجعة كربلاء ليست وليدة ذلك الوقت الذي وقعت فيه العاشر من محرم عام 60 للهجرة وأما سببه التفريط والتقصير وقلة الوعي عند المسلمين بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله.
فنحن نستطيع أن نجسد قيم الثورة الحسينية وذلك باتباع الوعي الذي صنعته ملحمة عاشوراء والموقف الحق الذي حدد المسار الصحيح لكل أجيال الأمة، كذلك حفظ أصالة ومنهج الإسلام الحق الذي كشف و فضح الزيف والضلال كما قال رسول الله عليه السلام، (ألا ترون أن الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما).
وأضافت الحمزي: إن الثورة الحسينية قدمت لنا النموذج والقدوة بالفعل في الثبات على الحق والصمود في مواجهة الطغيان والتفاني في سبيل الله تعالى وفي الصدق والصبر والوفاء وانه لا شرعية لظالم وفاسق وان الإسلام لا يقبل الاستسلام، والضعف ليس من الإيمان، ولا ننسى (الإيمان يمان والحكمة يمانية) ويمن الإيمان حول الإمام الحسين في كربلاء ( أكثر أنصار الحسين كانوا يمنيين).
واستطردت: اليوم ونحن في العام السابع للعدوان الأمريكي السعودي على بلدنا الهادف إلى السيطرة علينا كشعب يمني واستبعادنا واذلالنا وبكل ما ارتكبه -منذ أول غارة جوية افتتح بها العدوان جرائمه اليومية الشنيعة- ندرك جيداً ونعي طبيعة هذه المعركة، فقدمنا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والآلاف من الأسرى والملايين من النازحين ومع الحصار والحرب الاقتصادية الظالمة في مظلومية يمكننا القول بأنها كربلاء العصر.
وتابعت الحمزي القول: وبصمود الشعب اليمني واستبسال حسيني مهما حشدوا وقصفوا وحاصروا وارتكبوا من جرائم وعدوان ومهما كان حجم التضحيات فلن نخضع لهم ولن نفرّط بحريتنا وكرامتنا واستقلالنا وهيهات منا الذلة.
النصر الأسطوري:
الكاتبة بلقيس علي السلطان تقول:
لقد كانت ثورة الحسين الجذوة لكل الثورات التي تقوم من أجل إعلاء كلمة الحق ودحر الباطل ، فبتتبع المنهجية التي سارت عليها ثورة الإمام الحسين عليه السلام يمكن أن نحقق ثورة حسينية عظيمة ضد قوى الاستكبار العالمي في عصرنا هذا ، فالطغاة يتوارثون الطغيان جيلا بعد جيل كما يتوارث الأحرار العزة والكرامة والأنفة ورفض الذل والهيمنة .
وقالت السلطان: جعلت ثقافة الجهاد والاستشهاد من الإمام الحسين قائدا عظيماً يقف في وجه الطغاة ولا يهابهم مهما كان عددهم وعتادهم ، فإصلاح الأمة واجب ديني مهم يحتم على المؤمن الصادق التضحية والفداء من أجل بلوغ مقاصده، ولو كان ثمن ذلك هو التضحية بالمال والأولاد والنفس، وهذا ما فعله الإمام الحسين في عصره ، وهذا ما ينبغي على الحسينيين في هذا العصر فعله ، فقوى الاستكبار العالمية بكامل عتادها وعدتها لن تصمد أمام المؤمنين الصادقين الثائرين الذين عدتهم الإيمان والصبر وعتادهم الجهاد في سبيل الله والتضحية من أجل إعلاء كلمة الحق ، والذين يجسدون قيم الثورة الحسينية المتمثلة برفض الذل ونبذ المناصب والمال من أجل الرضوخ والقبول بوصاية الظالم ، وكذلك الوقوف بعزم وحزم ضد الطغاة وعدم الخوف منهم مهما كانت إمكاناتهم وأساليبهم ، وكذلك الصبر في جهاد الطغاة مهما بلغت الخسائر فخسران الكرامة والعزة والدين هو الخسران المبين .
ومضت السلطان تقول: لقد خطا المجاهدون في سبيل الله درب الحسين وصرخوا بصرخات رفض الذل التي صرخها الحسين (هيهات منا الذلة) ومضوا في صمود أسطوري في مقارعة قوى الظلم والاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل ومن يعمل تحت لوائهم من آل سعود وآل خليفة وغيرهم من أمراء وملوك الخليج المدجنين والخاضعين لهم ، ومن يظن أن ثورة الحسين قد انتهت في كربلاء فهو واهم ، لأن ثورة الحسين كانت البداية لثوراث متلاحقة تنبذ الظلم والذل وتعلي كلمة الحق عالياً ضد الطغاة المستكبرين وتدحرهم حتى يعم النصر المبين والعاقبة للمتقين
عوامل السقوط:
من ناحيتها أوضحت الناشطة الثقافية فايزة بسباس ان شعبنا اليمني العظيم تعلم الكثير من مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) وقدم الكثير من الأمثلة العظيمة والمشرفة من خلال رجاله ونسائه وأطفاله في مواجهة هذا العدوان الغاشم في مقارعة الجاهلية الأخرى وبرزت المرأة اليمنية مثلا يحتذى به في العالم كله في صبرها وصمودها وثباتها وهي تقدم أباها وأخاها وابنها وزوجها بل البعض تقدم كل هؤلاء في سبيل الله بكل فخر واعتزاز.
وقالت بسباس: اليوم صحيح إننا نضحي ولكنها تضحيات لها ثمرة ومن هذه الثمرات العزة والكرامة والحرية والاستقلال لبلدنا والخير في الدنيا والآخرة ولذلك الدرس المهم لنا الذي يجب أن نستفيد منه هو الحذر من عوامل السقوط وان ندرك ضرورة الارتقاء الإيماني الذي يمنح الإنسان تماسكا عند المزلات ويكون له دفعا وعونا للاستمرار والاسقامة والثبات.
مشروع حقيقي:
ضياء علي الرميمة وكيل وزارة التعلم الفني والتدريب المهني أوضح ان الإمام الحسين عليه السلام أرسى وثيقة المشروع الحقيقي للثورات الإسلامية ضد الطغاة والظالمين، وثيقة أسس وفيها قيم وثوابت ومبادئ الاستقلال والتحرر من العبودية والاستكبار وكان من أبرز هذه الأسس والقيم : الإيمان بالله والثقة به والوعي والولاء والتسليم الصادق والتحرك بمسؤولية وروحية النصر والتمكين بروحية الاخوة الإيمانية والتعاون والإيثار إضافة إلى العديد من المبادئ والقيم العظيمة، هذه المبادئ رأيناها تتجسد في الثورة الإسلامية، فعندما جسد الإيرانيون هذه المبادئ والمعايير تجسيدا عملياً في التحرك ضد الطغاة بقيادة الإمام الخميني عليه السلام قائد الثورة كيف تغيرت المعادلة الكونية لنظرة الشعوب إلى الإسلام وكيف تحقق لهذه الدولة المرتبة العظيمة في النهوض والاستقلال والقوة في كل المجالات العسكرية والاقتصادية والصناعية والتكنولوجية
مبينا ان هذا ما يجب أن نجسده في واقعنا الحالي والمعاصر ونجسده في نفوسنا ونفوس أجيالنا لنضمن التحرر من الاستكبار العالمي للعيش بعزة وكرامة معتمدين على كل مواردنا البشرية والطبيعية والإمكانات الذاتية. سائلين من المولى عز وجل النصر والتمكين لهذا الشعب العظيم.

قد يعجبك ايضا