علي محمد السري..أستاذ في فن الحياة والإنسانية

 

محمد القعود
(1)
الإنسان النبيل الأديب الأريب علي محمد السري ..رجلٌ عصاميٌ..
درس في أكاديمية الحياة وحصل منها وفيها على أعلى الشهادات العليا وبتفوق عالٍ وبتقديرات ممتازة وبجدارة لافتة ومشرّفة..
استحلب الحياة.. عصرها.. واستقطر عطرها ومرّها ورحيقها وعلقمها وعسلها وشهدها..
نهل من دروسها وينابيع حكمتها وخيباتها.. صارعها في مكرها وغدرها وتقلباتها وتحولاتها وتنكرها.. وراقصها في وداعتها وسلامها وسكونها وأمانها واستقرارها وجنونها وعصفها وبطشها..
روّضها وطوّعها وتعايش معها وصارعها ونازلها وهادنها وواجهها وتصالح معها وعرف كيف يناورها ويحاوروها ويفلت مرات كثيرة من بين أنيابها ومخالبها وحوافرها.. ونجا كثيرا من فخاخها ومكائدها وكمائنها..
تعلم منها.. واختزن تجاربها.. عاركها وعركته.. خبرها وخبرته.. وأثرى رصيد أيامه بالكثير من الخبرات والتجارب والمواقف والعبر والخلاصات التي لا تقدر بثمن.
(2)
علي محمد السري.. رجل كامل الإنسانية.. تتجسد وتتمثل فيه وتنضح وتعبق منه كل القيم والمُثل النبيلة والرائعة التي تزيين وتوشح جل حياته وصدره وأيامه بأوسمة وأوشحة وقلائد السمو والفخار والاحترام والتقدير والقدوة والثناء الطيب العاطر والمآثر العظيمة والطيبة والمضيئة بكل جميل وجلال وجمال وبهاء..
ففيه جَمّ الْفَضَائِل التي توسم كل إنسان مؤمن صادق , نقي القلب والسرائر, والروح, والطوايا والنوايا, يسكن الحب أعماقه، وتتدفق روعة المحبة والإنسانية من كل كيانه وحناياه, صافية المنبع, عذبة اللهفة, متدفقة العطاء, دافئة بجود السخاء, كريمة الانهمار والرواء.
تراه وتجده في كل المواقف والظروف والأحوال والفصول ذلك الجبل العالي والطود الشامخ والحصن المنيع والفارس الصنديد والرجل الصلب والرمح الذي لا ينثني والسيف الذي لا يثلم , والضوء الذي لا يخفت ,والضمير المشرق المخضرّ بالحقّ والحبِّ والجمال والأمان..
تجده في كل مواقفه وظروفه ومواجهاته هو ذلك الجوهر النفيس الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل ولا يصدأ..
تجده كما خلقه الله, ذلك الإنسان الذي أحسن الله خلْقه وخُلقه..
ومن يقترب منه ويجالسه ويتمحّصه ويتفحّصه و يعايشه ويعاشره, يجد هذا الإنسان رغم بساطته متواضع في مظهره وزهده وسمته,َ إِنَّهُ من أقيال الوطن العظام ومِنْ أَهْل النَّجَابَةِ، وَالنُّبْل، وَالْمُرُوءَة، وَالشَّهَامَة، وَالْكَرَم، وَالْجُود، ، وَالْحِلْم، وَالأَنَاة، وَالدَّعَة، وَالرِّقَّة..
وله رصيده الباذخ في الرَّصَانَةِ، وَالْحَصَافَة، وَالْحُنْكَة، وهو من ذوي الفراسة وَالرَّأْي، وَالسَّدَاد، ، وَالتُّقَى، وَالصَّلاح، ، وَالْخَيْر , ومن ذوي التجارب والخبرة والدراية والدربة والعارف العالم بتضاريس وبصفحات الحياة ودروبها ومواقفها وتقلباتها ,واللبيب والخبير بـ”ليّات أم رجال”.!!.
(3)
هذا الرجل المثقل والمتخم بسجاياه النبيلة, هو قاموس ومعجم وموسوعة للأعراف والتقاليد والأصول ومراغة ومرجعية للقبْيلة النبيلة, وللإنسانية في أسمى تعاملها تفاعلها ورؤاها ورؤيتها..
موهبته في إنسانيته وخبرته وفراسته الثاقبة في الحياة ومصائرها وسبر ناسها وأحوالها, ومهارته في قراءة تقلباتها وتشريح تحولاتها وعوامل دوافعها ومدلولاتها وملامح وجوهها ومساراتها وغوامضها, بعقل امتلأ بدروس وتجارب الحياة ذاتها..
هو رجل اجتماعي من الطراز الأول .. وإنسان نادر المثال, ومن جوهر نفيس , ومنة فصيلة النفوس الرفيعة والشريفة التي تتعالى عن الضغائن والإحن والصغائر وتوافه الأمور..
وهو رجل يفيض محبة وإنسانية لكل من عرفه واقترب منه..
رجلٌ كأنّه أمة.. حين يتوارى الكثيرون في الظروف والمواقف التي تتطلب فرسانها وأقيالها وشماريخها, تجده بمثابة “رجل بألف رجل” ..ولا ترى سواه ..كأنّ ذلك الشاعر العربي القديم هو من عناه بقوله:
“أني لأغمض عيني ثم أفتحها
على كثير ولكن لا أرى أحدا
ما أكثر الناس، لا بل ما أقلّهمُ
والله يعلم أني لم أقل فندا “.
أو كما قال ابن دريد في “مقصورته”:
” وَالنـاسُ أَلـفٌ مِنهُـمُ كَـواحِـدٍ
وَواحِـدٌ كَالأَلـفِ إِن أَمـرٌ عَنـا”
هذا الرجل النبيل الكثير بسجاياه ومزاياه وصفاته البهية, تراه في العديد من المناشط الثقافية والاجتماعية والفنية في مقدمة الصفوف, باهي المحيّا طلق الوجه ,مشرق الحضور, مشع ومتدفق الابتهاج والفرح والسرور.. يحلق بكل من معه إلى فضاءات رحبة الأمل والحبور والدفء الإنساني النبيل.
(4)
الأستاذ الفاضل والإنسان الكثير بنبله وروعته علي محمد السري.. حياته الزاخرة بدراما الحياة, رواية وملحمة إنسانية تختزل الكثير والكثير من التجارب والمواقف.. حياة حافلة بكل ما في الحياة من محطات وتقلبات وظروف ومشاهدات ومحطات وأفراح وأتراح..
وحكم ونتائج وخلاصات لتجاربه ومواقفه ورحلته مع الحياة الممتدة , أمد الله في عمره وأيامه البهية والممتلئة بالعافية والسعادة..
هذه السطور هي غيض من فيض, وقطرة من مطرة ووردة من حديقة في مقام هذا الأنموذج المضيء الذي نكنّ له كل المحبة والتقدير والاحترام..
سطور كتبته عقب تعرضه لوعكة عابرة, وأطل منها بحيوية ربيع وبهاء الحب ونظارة الجمال في اكمل مراتبه وإشراقته.. فلله الحمد والمنّة.. وحفظه الله لأهله وأحبابه وأصدقائه ومجتمعه ووطنه.

قد يعجبك ايضا