الاسرة /خاص
بحماس وشغف كبيرين تعكف الأخوات الثلاث مالكة وفايزة وحسناء وعلى غير العادة إلى جانب والدهن الخمسيني على إكمال أعمالهن، يصعدن السلالم الخشبية ويقمن بطلاء الجدران ونقش الديكور وكذلك خلط الأسمنت وترميم المنازل في قريتهن “القابل” في وادي ظهر الواقعة على أطراف العاصمة صنعاء.
ورغم أنهن ينحدرن من إحدى أشهر القبائل اليمنية، فإنهن يتحدثن بكل فخر عن تلك المهنة التي اكتسبنها من والدهن، وأصبحت وسيلتهن لتحدي الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضها علينا العدوان وهو الأمر الذي أجبر المجتمع من حولهن على احترام خيارهن بل وتشجيعهن. على ذلك .
قصة الأخوات الثلاث مجرد نموذج لمئات النساء في بلادنا اللواتي أجبرتهن صعوبات الحياة المعيشية على مزاولة العديد من المهن الجديدة، بحثا عن مصادر للرزق من أجل إعالة أسرهن وتجاوز ظروف الحصار الجائر .
سمية ردمان واحدة من هؤلاء النساء تعمل نادلةً في أحد المطاعم بصنعاء، تقول سمية إنها لم تكن تصدق أنها ستتعايش مع هذا العمل، لكنها أصبحت منذ أكثر من عام تقضي أغلب نهارها في العمل وتقدم الخدمات للنساء.
وهناك العشرات من النساء في مختلف المدن اليمنية وجدن أنفسهن في محلات تجارية عامة، وقد اكتسبن مهارات البيع والشراء، بيد أنهن يجدن صعوبات في تقبل المجتمع لهن، وغالبا ما يصادفن أسئلة الناس التي تستخف باختيارهن تلك الأماكن وسط الأحياء.
وهناك نساء أخريات ابتكرن لأنفسهن مهنا في المنازل وأغلبهن متعلمات، مثل إنشاء مشاريع خاصة كالمخابز الخاصة بصناعة المعجنات والخبز والحلويات، وبيعها للمحال التجارية أو بيعها للمواطنين في الأحياء ذاتها في أمانه العاصمة .
ولا ننسي الدور الذي تلعبه المراة الريفية في ظل العدوان الغاشم والحصار الخانق، فهي تمارس حرفة الزراعة وتتحمل الكثير من أعباء الحياة في ظل استمرار العدوان على بلادنا.
المعلمة اليمنية افتكار البدوي وعدد من صديقاتها حاولن أن يبتكرن مشروعا مختلفا بعد أن انقطعت مرتباتهن، وفعلا فقد أنشأت كل واحدة منهن مدرسة مصغرة لتعليم الأطفال في المنازل، وقد لاقت الفكرة إقبالا غير متوقع- بحسب حديث البدوي – خصوصا الأسر التي لا تزال تحرص على أن يتلقى أطفالها تعليما جيدا.
وحتى وقت متأخر من كل يوم تقضي السيدة ريم عبد الله أكثر من تسع ساعات في تدريب النساء الراغبات في تعلم القيادة، وتستخدم سيارتها الخاصة التي كانت تفكر ببيعها نتيجة ظروف اقتصادية مرت بها- وفق قولها- وتراجعت عن ذلك بعد أن خطرت لها فكرة تشجيع النساء على القيادة .
ولا تزال أغلب النساء يعملن في بيع الخضروات ،وممارسة أعمال وحرف يدوية بشكل متواصل كصناعة الحصيرة والعمل في مجال الزراعة.
فكثير من النساء اللواتي فقدن وظائفهن وأعمالهن لا يزلن يواجهن التشرد والنزوح، ويتحملن مسؤولية إعالة أسرهن والحفاظ عليها من التفكك، خصوصا من فقدن أزواجهن وأقاربهن وهم يدافعون عن ارضهم وعرضهم.
وبحسب مختصين في وزارة حقوق الإنسان ، فإن الوضع العام في اليمن انعكس بشكل سلبي على المرأة التي أصبحت تتحمل المسؤولية بجانب الرجل، وربما في الكثير من الأحيان تضطر لتحمل المسؤولية كاملة، بسبب فقد العائل وظيفته أو حرفته، وانعدام فرص العمل البديل أو غيرها من الأسباب.