السيد عبدالملك الحوثي : جاهزون للسلام ونحن سباقون إلى طرح المبادرات ومد يد السلام لكنهم يريدون سلاما على طريقتهم
السّلام في اليمن ضائع يريده العدوان سلام على الطريقة الإسرائيلية
الثورة /
عندما يعلن المعتدي عن مبادرة سلام ويعبر عن استعداده لإيقاف عملياته العسكرية، وفي ذات الوقت يضع شروطا لوقف العدوان، فإن ذلك لا يعني اتجاهه للسلام وإنما يسعى لاستخدام السلام كسلاح لاستهداف الطرف الآخر وإضعاف موقفه السياسي والعسكري، بعد فشله وعجزه عن تحقيق أي انتصار عسكري.
مفهوم السلام
تتعدد المسميات والعبارات التي يمكن من خلالها وصف مفهوم السلام، لكن التعريف المتفق عليه عالمياً ينص على أنّ السلام هو الآلية التي يتم اللجوء إليها لفض النزاعات دون اللجوء للعنف مع ضمان تحسين مستوى حياة البشر واحترام الطرف الآخر وعدم تهميشه ومصادرة حقه في الحياة.
لكن ورغم أن السلام كمصطلح متعارف عليه عالميا يمثل الخيار البديل للحرب، إلا أن ما نسمعه اليوم وما تطرحه دول العدوان من دعوات للسلام يتناقض مع كل المبادئ والمفاهيم المتعارف عليها، لأنه ووفقا لما قامت وتقوم به من عدوان منذ أكثر من سبع سنوات لا يبتعد عن كونه مناورة تستهدف الطرف المقاوم والرافض لسياساتها العدائية بل وتسعى من خلال الحديث عن السلام للنيل من صموده وإضعاف جبهته العسكرية وخلخلة صفوفه.
اليوم وبعد سبع سنوات من العدوان تعرضت خلالها اليمن لنزيف مستمر تمثل بارتكاب العدوان للعشرات من المجازر بحق المواطنين الأبرياء واستخدمت ضدها أبشع سياسات التجويع من خلال الحصار، تتحدث السعودية التي تقود تحالف العدوان، عن السلام، وهي الدعوة التي تدفعنا للتساؤل عن الأسباب التي تقف وراء حديثها عن السلام الذي رفضته أكثر من مرة وحرصت على أن تظل الحرب والعمليات العسكرية لغتها التي تتعامل بها مع اليمنيين.
سلام المعتدي
تتحدث السعودية اليوم ومن ورائها أمريكا عن السلام ولا تستحي من إعلان المبادرات التي سرعان ما تلاقي تأييدا ومباركة ممن باركوا ودعموا عدوانها على اليمن، وهي التي لم تلتفت لمبادرات السلام التي أطلقها اليمنيون منذ سنوات والتي كان أبرزها المبادرة التي قدمها الرئيس الشهيد صالح الصماد في سبتمبر من العام 2017، والتي دعا فيها إلى إيقاف القصف الجوي للعدوان ورفع الحصار المفروض، وذلك مقابل إيقاف العمليات العسكرية للقوات اليمنية في الحدود وإيقاف إطلاق الصواريخ على السعودية.
لم تلفت السعودية لتلك المبادرة لأن الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب –آنذاك- لم تكن تريد سلاما وكانت كل اهتماماتها تصب في اتجاه استغلال الحرب لتحقيق الأرباح والمكاسب المالية من خلال بيع المزيد من الأسلحة للسعودية وحلفائها في العدوان، بل إن السعودية كانت تجتهد في إرضائها بشن المزيد من الغارات واستهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية لليمن وتتجاهل دعوات السلام ولا تعيرها أي اهتمام.
لكن وبعد مغادرة إدارة ترامب للبيت الأبيض ومجيء إدارة بايدن التي وضعت السلام عنوانا عريضا لسياساتها وتوجهاتها في الكثير من مناطق العالم تغيرت السياسة السعودية التي سرعان ما اتجهت لمحاكاة السياسة الجديدة للبيت الأبيض بهدف الحفاظ على موقعها القريب من واشنطن، أو بالأصح للتقرب من إدارة بايدن وإثبات أن الرياض خير من ينفذ ويدعم ويمول سياساته في منطقة الخليج وهي السياسة التي تستهدف السيطرة على القرار السياسي لدول وحكومات المنطقة بسلاح السلام البارد.
اليوم وبعد سبع سنوات من العدوان والحصار وسياسة التجويع ماذا يمكننا أن نسمي ما تتحدث عنه دول العدوان، وهل يمكننا تصديق أن للسلام مكان في أجندات دول اختارت الحرب والعدوان ونسفت السلام القائم قبل بدء عملياتها العسكرية..؟ وهل يمكننا أن نثق في سلام تقدمه دول تشن عدوانا همجيا وتفرض على اليمن حصارا بريا وجويا وبحريا منذ أكثر من سبع سنوات، وتمنع دخول الغذاء والدواء والوقود، وتطبق سياسة التجويع على شعب بكامله..؟
السلام الجاد
لم تتوقف دعوات السلام والمبادرات الجادة التي أطلقتها صنعاء على المبادرة التي أعلنها الرئيس الشهيد صالح الصماد قبل خمس سنوات بل تبعتها العديد من المبادرات الجادة التي مثلث المبادرة التي أطلقها الرئيس مهدي المشاط تتويجا لها، وترجمة حقيقية للمبادئ التي يفترض أن يقوم عليها السلام.
وفي الوقت الذي تأتي فيه المبادرة السعودية لترجمة توجهات أمريكية تدخل في إطار الاستهلاك الإعلامي وتلميع قبح السياسات العدائية للسعودية وتجميلها أمام العالم، تتجاوز المبادرة التي أطلقها الرئيس المشاط ذلك بكثير بل إنها لم تتوقف عند حدود السلام الشكلي المتمثل في إيقاف العمليات العسكرية ودعت إلى مفاوضات جادة في ظل وقف تام لإطلاق النار تفضي إلى الحل السياسي الشامل، على الرُغم من عدم تنفيذ الطرف الآخر اتفاق ستوكهولم، ما يؤكد أن صنعاء تمتلك الكثير والكثير من خيارات السلام الحقيقي ولن تقبل بالسلام الذي يستخدمه المعتدون سلاحا ويسعون من خلاله لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في جبهات القتال.