65 طفلاً قتلتهم أمريكا حين كانوا متوجهين لرحلة ترفيهية على حافلة تقلهم وجرح 70 آخرون في ضحيان

في الذكرى الثالثة على المجزرة.. مذبحة أطفال ضحيان جريمة أمريكية لا تُنسى بالتقادم

واحدة من سلسلة الجرائم الأمريكية المروعة في اليمن والمستمرة بشكل شبه يومي منذ مارس 2015م
السياسة الأمريكية قائمة على قتل الأطفال كوسيلة لتحقيق أهدافها .. واستهداف أطفال ضحيان يعكس ذلك
ظلت الطائرات تحلق في الأجواء مدة ساعة وعند الساعة 8:30 من صباح الخميس 9 أغسطس 2018م استهدفت بالغارات حافلة الأطفال
لا ناجون من المذبحة فقد حرصت الإدارة الأمريكية على سحق كل الأطفال على متن الحافلة

تحل الذكرى الثالثة على ارتكاب دول العدوان جريمة مجزرة ضحيان التي استهدفت حافلة مليئة بالأطفال، حيث استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي في مدينة ضحيان بمحافظة صعدة، حافلة تقل طلاباً جميعهم أطفال مع المدرسين، وذلك يوم الخميس الموافق 9 أغسطس 2018م صباحا، في جريمة بشعة تعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني بل أنها تعد جريمة حرب، فقد راح ضحيتها 130 قتيلاً وجريحاً جلهم أطفال.
الثورة /محمد شرف

في تقرير مفصل، يوثق المركز اليمني لحقوق الإنسان جوانب مهمة من شهادات أسر الضحايا الذين سقط أبناؤهم من الأطفال شهداء في الجريمة السعودية الأمريكية التي استهدفت حافلة الطلاب التابعة لمركز صيفي لتحفيظ القرآن الكريم. ففي 9 أغسطس 2018م وبعد دقائق من الغارة الجوية لطيران العدوان هرع “زيد حسين طيب” من أبناء مديرية ضحيان للمشاركة في إسعاف الضحايا من بين عشرات هرعوا إلى موقع القصف وسط سوق المدينة، لكنه فوجئ بأن أولاده “أحمد ويوسف وعلي” بين الضحايا.
قال زيد حسين طيب “أنا في طرف السوق والحافلة في وسط السوق، إلا تفاجأت بالضربة، أول ما سمعت الضربة حسيت إن به خطر على الناس ما فكرت في أولادي، يعني سوق، قلت إن الحافلة قد مشت“، وأضاف قائلاً “ومن الليل مجهزين لهم أغراض الرحلة، شامبو وصابونات ومعهم التلفون اللمس قالوا بايشلوه معاهم لأجل يوثقوا الرحلة حقتهم والفرحة غير طبيعية (قوية جداً)، وصلت وإنها الحافلة الذي سرحوا فيها أولادي الثلاثة والحمد لله رب العالمين، أول ما وصلت أنا من المسعفين، أنا من أول من وصل يسعفهم أول جريح لقيته ابني، ولا أنا داري إنه ابني، وما كنت متوقع انه ابني نهائياً، وهو كذا على وجهه (مقلوب)، رفعته وإذا به ابني يتحزرني (يراني) وكأنه بيقل لي ياباه، شفته وإنه أحمد شليته إلى مكان فيه ظل، ارجع إلا والثاني في جوف الدكان يوسف، والطيران يحلّق بكثافة“، كان زيد قد وجد ابنيه وبقي الثالث لم يجده في مسرح الجريمة، بعدها جاءه اتصال من المستشفى حيث ذهب إلى هناك ليجد جثمانه بين القتلى، يقول زيد طيب “دخلنا المستشفى الجمهوري وصلت وانه علي، طبعا رجليه مكسرة كل الأفعال (الاصابات) في رجليهم في ظهورهم، مقطعة، شليت علي وروحته لعند أمة للبيت، لأنها قالت بدها تراه ولو جيفة ولو ما تراه إلا بعد أسبوع، قالت ولو ما به إلا فنيلة منه أو سروال لأجل أقتنع، أقتنع إنه استشهد“، فيما يستكمل زيد حديثه بأن “أخوهم الصغير تفاجأ وقال أين جدلت (رميت) بإخوتي؟، فجأة أربعة وفجأة ماعد به إلا هو، صدم، حتى الليل قلنا ارقد قال أشتي افرش لأحمد وعلي، لأن بيجي (يأتي) وهم في محل واحد في غرفة لحالهم، قال وأحمد ويوسف وعلي وين هو مكانهم، قلنا بايجوا ذلحين (سيأتون الآن) قد فرشنا، وطبعا فرشنا لهم“، كما عرض زيد طيب أثواب أحمد ويوسف وعلي الجديدة التي اشتراها لهم لأجل العيد.
أم الطفلين (علي وأحمد زيد حسين طيب) الذين استهدفهما التحالف في الباص في مجزرة طلاب ضحيان، قالت “الحمد لله رب العالمين، أنا سمعت صوت الصاروخ، وكنت مطمئنة أن أولادي في رحلة ولم أتوقع أن الضربة فيهم، اتصل بي والدهم وقلت له أيش في؟، قال ولا شيء لكن ضربوا الحافلة الذي جهالش (أولادكِ) فيها، وأنا لم أستوعب، قلت كيف يضربوا الحافلة!!!، كيف يعتدي عليهم وفرحتهم كانت قوية قوية، لأنهم قد كملوا وقد كرموهم وقد أعدوا لهم الرحلة“، وأضافت قائلة “عندما قال لي والدهم أجيبهم؟، قلت له جيبهم، وكنت أتوقع إنه بايجيبهم (سيأتي بهم) أحياء، خرجت أراعي لهم خارج، وصل أبوهم قلت له أين الجهال؟، قال الآن بايجيبوهم (سيأتون بهم) لش، جابوهم فوق السيارة قال: هاه سيري أبسري جهالش، فتحت وفتشت عليهم كذيه كان منظرهم زيااااادة، يعني قدهم أشلاء وقدهم محروقين وقدهم منتفين“، وكان حديثها في ظل دموع تخنق حنجرتها ليخرج صوتها بحاً، عرضت أم أحمد وعلي صورة لابنيها مع بعضهما البعض وقالت أنهما تصورا تلك الصورة قبل مقتلهما بأربعة أيام.
ويقول التقرير :(في مشاهد أولية لإسعاف الجرحى يظهر أحد الأطفال حاملاً لحقيبة تابعة لمنظمة اليونيسف وعند إجراء العلاج له حيث يبدو انه أصيب في رأسه، كان يصرخ قائلاً “مشتيش (لا أريد) إبرة، مشتيش إبرة” تعبيراً عن رفضه للحقنة كونه خائفاً منها.
هيئة المستشفى الجمهوري بصعدة وجهت نداء استغاثة للقطاع الصحي العام والخاص والمنظمات المحلية والدولية ودعت المواطنين للتبرع بالدم.
يقول أحد الشهود “اثنين جهال عند الحلاق جهال الحلاق، ماعد ريتهم ما بلا قطعهم وأشلائهم، طائرة ضربت السوق كل أبوه، ولا خلن لا صغير ولا كبير ولا سيارة ولا دكان ولا ثلاجة“.
في مسرح الجريمة توجد أشلاء في كل مكان، في الطريق، في أسطح المنازل المجاورة وفي كل مكان، كما يوجد كتب ودفاتر مبعثرة كانت مع الطلاب أثناء استهدافهم.
يقول المدني (زيد الحمران) والد الطفلين القتيلين (أسامة وزيد) “هذا المجرم السافح قام بضرب الأطفال وهم ذاهبون إلى رحلة وكانوا مرتاحين (سعداء) بهذا اليوم يوم الخميس (يوم الرحلة) في عطلة بعد دراستهم، وهذه الكتيبات كانوا قد وضعوها، هم يعطوهم يوم رحلة ترويض للنفس“، وأضاف قائلاً “هذا نوع من الجبن ومن العجز ومن الفشل تطاوله على المنشآت وعلى المدارس، والأطفال“.
“أول من أسعفته وشليته ابني أحمد، وصلت وهو على وجهه مقلوب أشله وإذا به ابني“، هذا قول أحد آباء الأطفال، بينما يقول أب آخر وقت الإسعاف “ابني محمد لا زال يتنفس، ساعدوني وهاتوا سيارة الإسعاف“.
الحاجة (ضيفة علي المعس) – أم أحد ضحايا المجزرة– والتي تبلغ من العمر 50 عاماً وافتها المنية كمداً على ولدها الأستاذ (حسين)، بعد أن سمعت أن طيران التحالف استهدف حافلتهم هرعت إلى السوق مكان المجزرة للبحث عن ولدها ولم تجده وعادت إلى منزلها في حالة من الدهشة والفجيعة، أغمي عليها فور وصولها وأسعفها أقاربها إلى المستشفى ليخبرهم الطبيب أنها قد توفت، أما ابنها الأستاذ حسين – أحد المدرسين في الحافلة التي استهدفها طيران التحالف– كان أحد جرحى المجزرة.
يحيى يحيى فايع والد الطفل (محمد) القتيل في مجزرة طلاب ضحيان يقول “كان حبي له حب عجيب، وحبه لي حب جنوني، و والله أني كنت أستحي منه من كثر حبه لي، وكان المرافق الوحيد، لم أكن أستطيع أن أتحرك إلا به، وكان ابني الوحيد فلم أتوقع أو أتخيل أن يفارقني“، وفي عيد الأضحى المبارك قال يحيى فايع “كان العيد محمد، كان يهتم هو أن نذهب نشل الحلوى، يغسل السيارة، لأجل عندما نذهب نسلم على عماته وعلى خالاته، لكن هذا العيد كان عيد لا نحسد عليه، عيد أعوذ بالله من عيد، وأقسم بالله أن الموت كان أهون من هذا العيد، وهذا شعوري أنا وأمه“.
عبدالإله محمد والد الطفل محمد، أحد ضحايا مجزرة طلاب ضحيان الذي يبلغ من العمر 7 سنوات وقد أنهى الدراسة في الصف الأول الابتدائي والذي لم يجد لابنه أي أثر أو أي جزء من جسده كي يشيعه ويدفنه، يقول عبد الإله “أخي وابن أخي وعمي من ذهبوا للبحث أما أنا فلم استطع، ذهبوا للمستشفى الأول والثاني، وفي مكان الضربة، لكنهم لم يجدوا شيئاً“، وأردف قائلاً “قبل شروق الشمس قال ابني لأمه: يماه ليش (لماذا؟) ما تخليني اسرح بدري، لأنه فارح بالرحلة“، وواصل حديثه قائلاً “كان عندي شبه يقين بأنه شهيد، وكنت أدعي الله أن يأخذه شهيداً أو يبقيه سليماً، يعني ما جهدي اتحمل منظر أراه مبتور يد.. مبتور كذا.. يعني..”.
وتظهر المشاهد الأولية للمجزرة صورة أحد الآباء يتصل بزوجته ليسألها عما يلبسه ولده حتى يسهل عليه البحث عن ولده في مسرح الجريمة، كما يظهر أب آخر وجد جثة ابنه وصاح باكياً ” أووووه والله انه يوسف والله انه يوسف“.
(عبد الحكيم عامر) بحث عن ابنه في كل مكان ولم يجده، بحث في مسرح الجريمة ثم بحث في جميع المستشفيات، ثم عاد مرة أخرى للبحث في مسرح الجريمة عله يجد أي شيء لولده، وإن كان بعضا من الأشلاء، يقول عبد الحكيم “لم أجد لا أصبع ولا عظمي ولا جمجمة ولا رأس ولا شيء، قلبت الأشلاء جميعها في المستشفيات ما رأيت شيء“، وقف عبد الحكيم باكيا على ولده في مسرح الجريمة وأضاف “عمر ابني 12 سنة يدرس في الصف الخامس الابتدائي، كان من الأذكياء وكان يحفظ القرآن كما انزل، وآخر ما سمع لي غيبا سورة الزمر إلى آخرها، إلى قوله تعالى: {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} سمع لي هذه السورة ولم اره بعدها، لبس ملابس العيد وذهب فرحاً بالرحلة إلى مقابر الشهداء وإلى جامع الإمام الهادي مع الطلبة“، ويواصل كلامه “إلى حد الآن أمه ما رقدت ولا أنا ما رقدت، وأخوه الصغير يبكي عمره 5 سنوات يبكي يريد أخوه أحمد ويقول وين أحمد؟، وأخته تبكي وين أحمد؟ وين أحمد؟، وأنا جيت أبحث في مسرح الجريمة هل با ألقى لابني أثر أو ألقى له حزام أو ألقى له شيء؟ ما لقيت إلا رواحله (أحذيته)، رواحله هيذيك هناك رواحله، لم القى له أثر ولم ألقى له جثة ولم ألقى له أشلاء“.
تم العثور على مشاهد صورها الطفل أسامة زيد الحمران وهو يوثق الرحلة ويصور فيديو الأطفال وهم في الحافلة قبل الذهاب في الرحلة وتظهر الحافلة وهي مليئة بالأطفال والسعادة واضحة في وجوههم، جميع الطلاب حضروا الرحلة حتى من كان منهم يتغيب في بعض الأحيان من الدروس أو يتأخر عنها، إلا هذه المرة فقد حضر جميع الطلاب ، وكان حضورهم منذ الصباح الباكر لدرجة أن بعضهم خرج دون أن يودع أهله وخرج وهم نيام، وذلك من شدة سعادته وفرحه بالرحلة، فكان وصولهم قبل حضور المعلم وقبل تواجد الحافلة، وأثناء تجمعهم في الحافلة كان طيران التحالف يراقبهم ويترصد لهم حسب تصريح واعتراف الناطق الرسمي باسم قوات التحالف.
كانت الحافلة مليئة بالطلاب ضعف عدد المقاعد التي فيها، ومن وصل متأخراً ولم يجد له مكاناً ليجلس فيه كان يقف بداخل الحافلة، بدأت رحلة الطلاب إلى مقبرة الشهداء ثم تحركوا للذهاب إلى مسجد الإمام الهادي وفي الطريق أراد المعلمون شراء بعض مستلزمات الرحلة من سوق ضحيان فتوقفوا هناك حين باغتهم الطيران الذي كان يترصدهم منذ الصباح الباكر، قوات التحالف – حسب معلوماتها الاستخباراتية الدقيقة والمراقبة الدقيقة حسب تصريح المالكي – وجدت حافلة مليئة بالأطفال وسط سوق شعبي مكتظ بالمدنيين لتستهدفه استهدافاً مباشراً وتعتبره هدفا عسكريا مشروعاً، ليترك مشهداً كله مصبوغ بالدماء.

قد يعجبك ايضا