وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات اخترقت القيم المجتمعية وشوهت الوعي
مدير الدائرة العامة لحماية الأسرة في وزارة الداخلية الدكتورة ابتسام المتوكل لـ”الثورة”:العدوان والحصار وتداعياتهما تسببت في الكثير من حالات الانتهاكات ضد النساء والأطفال
ظاهرة التسول أصبحت أخطر مما نتصور.. ومكافحتها تتطلب توحيد الجهود وتكاتف مختلف المؤسسات
الجرائم الإلكترونية تتطلب وقفة مجتمعية والتسلح بالثقة لمواجهة المجرمين
نتابع قضايا العنف ضد النساء ولا بد من تفعيل القانون وتنفيذ حملات توعوية
“حماية الأسرة” تشمل كل أنواع الدعم الذي يجب أن تقدمه الدولة لفئة الأطفال والنساء
الإدارة العامة لحماية الأسرة تقوم بالعديد من الأدوار قبل وأثناء وبعد التعرض للعنف والانتهاك
أكدت مدير الدائرة العامة لحماية الأسرة في وزارة الداخلية الدكتورة ابتسام المتوكل أن إدارة حماية الأسرة في وزارة الداخلية تبذل جهودا للحد من الظواهر السلبية التي تنال الأطفال والنساء.
مشيرة في حوار لـ”الثورة” إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي شوهت قيم العلاقات بين الناس، الأمر الذي يتطلب تنفيذ الكثير من حملات التوعية بحيث لا تتحول هذه التقنية من نعمة إلى نقمة.
ولفتت الدكتورة ابتسام المتوكل إلى أن العدوان ولّد آثاراً نفسية لدى الأطفال، ومع استمرار العدوان والحصار يصعب البدء في العمل على معالجة آثارها الكارثية.
وبالتطرق إلى ظاهرة التسول أكدت المتوكل أن الظاهرة خطيرة ويمكن أن تكون قنبلة موقوتة إذا ما أهملت واستغلتها الجهات المعادية للوطن منوهة بأن الحاجة تفرض تكاتف الجهود من أجل مواجهة مثل هذه الظواهر، كما تطرقت إلى العديد من القضايا .. فإلى التفاصيل:
الثورة / مجدي عقبة
ما هي أبرز المشاكل التي تواجه الأسرة اليمنية وعلى وجه الخصوص المرأة والطفل ؟ وما الذي ينبغي فعله للحد من الجرائم ضد النساء والأطفال ؟
– ابرز المشاكل التي تواجهها الأسرة اليمنية هي مشكلة اختراق القيم الاجتماعية والدينية والعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة اختراقا ممنهجا بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات وما يعرض في بعض مواقع الانترانت من محتويات سيئة .. أشياء كثيرة صارت تؤثر على المرأة والطفل وعلى البيت اليمني وتغيَّره شيئا فشيئا إلى صورة لم نكن نعهدها، صورة فيها كثير من التشوهات والمظاهر غير المشرقة التي نعتز بها في مجتمعنا اليمني وفي قيمنا وفي ديننا، هذه المشاكل تؤدي إلى التفكك الأسري والقيمي والتفسخ الأخلاقي والتشوه في الوعي وفي الممارسات أو التناقض والانفصام بين القيم وبين العادات الدخيلة والأفكار غير المرحب بها، كل ذلك صنع جملة من المشاكل منها: العنف والاستغلال والانتهاكات .
فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك حول ما الذي ينبغي علينا فعله حيال ذلك، ينبغي علينا تفعيل القانون للحد من هذه الجرائم، هناك قوانين إيجابية وجيدة لكنها تحتاج إلى تفعيل خصوصا فيما يخص الأطفال وهناك معاقبة لمن يعامل الأطفال بانحراف، لكنها لا تطبق بالشكل المنصوص عليه في القانون هذا على سبيل المثال.. هناك قوانين تخص المرأة لا تفعَّل بمعنى أن هناك غلبة لبعض الأمزجة والعادات المعينة على القانون وعلى النصوص الشرعية، إضافة إلى ما سبق نحتاج إلى حملات توعية، حملات تعزيز قدرات وأيضا اكتفاء اقتصادي وتمكين وتأهيل وتدريب ودعم نفسي، كما نحتاج إلى مشاريع دائمة من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية والنفسية .
حماية الأسرة والطفل
ما هو الدور الذي تقوم به الإدارة العامة لحماية الأسرة بوزارة الداخلية حماية الأطفال والنساء خصوصا في ظل العدوان والفقر وانقطاع المرتبات ؟
– هي أدوار وليست دورا واحدا للإدارة العامة لحماية الأسرة، نحن نتحدث الآن عن الأدوار المثالية وليس على الواقع فقط، أدوار تدخل في الحماية، الحماية السابقة والحماية أثناء التعرض للعنف والانتهاك، والحماية اللاحقة، أدوار تدخل في الجانب الاجتماعي، الجانب القانوني، في الجانب الأسري، في التعليم في الجانب التوعوي. حقيقة عندما نتحدث عن حماية الأسرة نتحدث عن كل الأدوار التي يجب أن تقدمها الدولة لفئة الأطفال والنساء وهي الفئة الأكثر تعرضا للانتهاكات خصوصا في ظل العدوان والحصار وانقطاع المرتبات، فقد تأثرت النساء كثيرا وتأثر الأطفال أيضاً نتيجة الحصار والعدوان فحدث تشرد وحدثت انتهاكات كثيرة في هذا الصدد بعضها كانت بسبب العدوان مباشرة والبعض الآخر كان بسبب العدوان ولكن بطريقة غير مباشرة، كما نتحدث عن تيتم الأطفال، عن تشردهم وعن التعليم، نتحدث عن ما تعرضت له النساء بالخروج إلى ميادين العمل ولم يكن هناك توقع سابق لهذه الاحتياجات التي سببها بلا ريب القصف والحصار وقطع المرتبات، يعني نتحدث عن أدوار كثيرة لكننا الآن نقوم باستقبال الشكاوى والبلاغات حول الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال والنساء، نقوم بمحاولة الإصلاح والتدخل لحماية الأسرة عبر إجراء التزامات وضمانات تكفل حق المرأة والطفل وتكفل أيضا حماية الأسرة وتمنع بقدر ما نستطيع التفكك الأسري كحالات الخصومة والبغضاء التي تنشأ بسبب بعض المشاكل، أيضا نحيل بعض الحالات إلى المساعدات الاجتماعية والمساعدات النفسية ودور الرعاية والتأهيل خصوصا للفتيات والأحداث، نحاول أن نقدم دعما للنساء ونحيل بعض القضايا، إلى دعم قانوني أو قضائي عن طريق متابعة بعض القضايا التي تعرضت فيها نساء للعنف أو الأطفال كذلك وما نقدمه مازال أقل مما ينبغي أن نقدمه لكن الطموحات أكبر مما هو موجود الآن .
هل لديكم إحصائيات حول الآثار النفسية في أوساط النساء والأطفال بسبب العدوان والحصار، وهل وضعتم برامج وخطط للحد من آثار الحرب على النساء والأطفال ؟
– سؤالك عن إحصائيات الآثار النفسية التي سببها العدوان سؤال تصعب الإجابة عليه خصوصا في الجانب النفسي، فهو أمر ما زال قيد التمني وقيد الطموح، أظن أننا لم نرصد حتى الآن الأضرار المادية التي تعرض لها الأطفال والنساء جراء العدوان والحصار فضلا عن الآثار النفسية، لكن كما قلت لك الكثير من مشاكل العنف ومشاكل الجنوح ومشاكل الانتهاك التي تتعرض لها النساء ويتعرض لها الأطفال في السنوات الأخيرة كان العدوان سببا رئيسيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فيها، والحد من آثار العدوان والحرب على النساء والأطفال لا يمكن العمل عليه الآن بالشكل الذي يحقق لنا النتائج الطيبة، أولا لأن العدوان لم ينته حتى هذه اللحظة كي نستطيع أن نعالج آثاره، مازلنا نخوض صراعا مريرا، إذن لننه أولا هذا العدوان وحالة القصف والحصار الذي يواجهه الشعب اليمني نساء وأطفالاً على وجه الخصوص، لهذا ما زال مبكرا الحديث عن الحد من آثار الحرب على النساء والأطفال، نحن ما زلنا في خضم هذه الحرب العدوانية حتى نحسم المعركة وننتصر بشكل نهائي إن شاءالله، حينها يمكن الحديث عن بدء مرحلة ما بعد الحرب ونتحدث عن كيف نحد من آثار هذا العدوان ونعالج الدمار النفسي والدمار المادي الذي خلفه هذا العدوان الغاشم .
ظاهرة التسول
لوحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة التسول بشكل كبير لاسيما في أوساط النساء والأطفال حتى بدت وكأنها عملية منظمة تقف خلفها جهات معادية مع عدم إغفال حالة النزوح والتشرد الناتجة عن العدوان والتي ضاعفت من انتشار هذه الظاهرة .. هل لديكم برامج وخطط للحد من هذه الظاهرة ومعالجة آثارها ؟
– التسول ظاهرة اجتماعية مؤلمة وموجعة تخفي مواجع وتخفي الكثير من الأسباب ..
بالنسبة للبرامج والخطط للحد من ظاهرة التسول ومعالجة آثارها فهي مسألة متكاملة، مسألة اجتماعية، مسألة اقتصادية، مسألة مؤسسية، حيث لا تستطيع جهة بذاتها أن تتحمل هذا العبء لا بد من تكاتف كل الجهات والمؤسسات التابعة للدولة وحتى التابعة لمنظمات المجتمع المدني للانخراط في معالجة حقيقية لهذه الظاهرة وسواها من الظواهر التي لا ينبغي أن نتعايش معها ونعتاد عليها في مجتمعنا وهي تتفاقم، ففي السنوات الأخيرة أصبحت ظاهرة التسول بالفعل عملية نظامية كأنما هناك من يديرها ويحركها لتكون قنبلة موقوتة تنفجر في وجه المجتمع ، لقد أصبحت أخطر مما نتصور، أخطر من مجرد وجود الوجه القبيح للفقر والوجه القبيح للفساد، للعدوان، للحصار، هي أكبر من ذلك فقد أصبحت قناعا لجرائم أخرى تقترف في الشارع أو في أماكن أخرى كالسرقة مثلا أو كالترويج للمخدرات، واستغلال الفتيات للاتجار بالبشر أصبحت من ضمن ما يعاقب عليه قانون الاتجار بالبشر لأنها أصبحت عصابات منظمة تستغل حاجة الأطفال تحديدا فهي تستخدمها كما قلنا قناعاً لارتكاب جرائم أخرى، النساء والأطفال هم أدواتها، وهذا أمر مخالف لما كنا نعرفه عن طبيعة مجتمعنا المتكافل، مجتمعنا الذي يتمتع بحميّة على المرأة وعلى الطفل، الآن نجد كل هذه المناظر في الشارع وتكاد تكون مألوفة وهذه علامة خطر في التكافل المجتمعي والقيم المجتمعية التي كانت هي الضامن لهذا المجتمع من خلال الإفقار الذي نسجته دول الجوار وأيضا من خلال جرائم العدوان ومؤامراته، لكن مجتمعنا كان –وما يزال- الضمان الذي نسف مخططات العدو وأجهضها وأفشل الكثير منها.
التكافل الاجتماعي
ما هي المسؤولية التي تقع على عاتق المجتمع للحد من ظاهرة التسول ؟
– نحتاج إلى إعادة تفعيل التكافل الاجتماعي الذي هو أفضل من السلات الغذائية أو المشاريع المؤقتة أو الموسمية، فحين كان المجتمع في عافية وخير وتماسك كانت ظاهرة التسول محدودة وغير مرئية ربما تجد شخصا هنا أو طفلا هناك لكن بهذه الأعداد المأهولة التي نراها حتى أن الشوارع أصبحت بيوتا للمتسولين يعيشون فيها وتجدهم ليلا ونهارا على قارعة الطريق نساء يفترشن الأرصفة فتيات صغيرات يقطعن الطريق العام ويقفن بوجه السيارات إلى آخر هذه المظاهر، فنحن إذاً- في رأيي- نحتاج إلى إعادة الروح المجتمعية اليمنية التي تتسم بالشهامة وبالكرم وبالنجدة، حين تتعافى هذه القيم المجتمعية سنجد ظاهرة التسول تتلاشى وربما تنتهي أو تختفي إذا أصبح كل أفراد المجتمع يستشعرون مسؤوليتهم ويقيمون بواجبهم حتى ولو بالجزء اليسير مما يمتلكون، فوجود تكافل مجتمعي شامل يقلص آثار الفقر وظاهرة التسول إن لم يقض عليهما ويعيدهما إلى النقطة التي كانت موجودة قبل العدوان وهي نقطة التراجع وعدم البروز بهذا الشكل المخيف ..
إذاً هذا جزء مما يمكن أن نشتغل عليه وإذا كنا نؤمن بهذه الرؤية فعلينا أن نشتغل على المجتمع وعلينا أن نستعيد المبادئ الموجودة في ديننا الحنيف والتي تحث على الإنفاق والعطاء والصدقة والمساعدة وحب الخير كل ذلك سيكون ضمانا أكثر وفاء للقضاء على ظاهرة التسول وغيرها من المظاهر المرتبطة بالفقر.
ظاهرة الجرائم الإلكترونية
لوحظ أن معظم ضحايا الجرائم الإلكترونية من النساء والأطفال .. ما الذي ينبغي فعله للحد من هذه الظاهرة وحماية المرأة والطفل من الابتزاز والتلاعب والعنف الأسري ؟ وهل المشكلة في عدم وجود قانون يحمي المجتمع من هكذا جرائم أم أن المشكلة في ضعف الوعي لدى المجتمع ؟
– الجرائم الإلكترونية ظاهرة جديدة ارتبطت بالتقنيات الحديثة وثورة الاتصالات وبينت كيف أن الإنسان يستطيع أن يحول الكثير من الاختراعات البشرية والنعم التي وفق الله الإنسان إليها إلى نقمة والى أداة من أدوات الجريمة، والجرائم الإلكترونية تشير إلى المسار الإجرامي لدى بعض المرضى وغير الاسوياء الذين يستخدمون هذه التقنيات الحديثة للإيقاع بالفتيات تحديدا وربما أحيانا الأطفال لابتزازهم وتهديدهم لاحقا وبشكل ممنهج الأمر الذي يتطلب إيجاد معالجات وتفهم لوضعية الهواتف الذكية، كما تسمى.
ما أردت قوله بالنسبة للجرائم الإلكترونية أنها جاءت تقريبا بسبب وسائل الاتصال الحديثة أو بسبب مواقع الانترنت والواتساب إلى آخره، هذه الجرائم أصبحت موجودة في مجتمعنا للأسف وضحاياها الأكثر من الفتيات، وهناك تخوف مجتمعي يفرض نوعاً من تغطية مثل هذه الأمور خصوصا بالنسبة للفتيات والنساء مع أنه من المفترض أن نسلح فتياتنا ونساءنا وحتى الأطفال بالثقة في مواجهة المجرمين لأن الذي ينبغي أن يخاف هو المجرم الذي يبتز إلكترونياً ويحاول أن يرتكب جريمة وبالتالي ينبغي أن ندعم ضحايا هذه الجرائم وندين من يقومون بهذا الابتزاز وهذه الجرائم ولا بد أن نكون أكثر تفهما لهؤلاء الضحايا وأكثر نقمة على هؤلاء المجرمين الالكترونيين، لأن جرائم الابتزاز تحدث عبر وسائل التواصل وعبر كل ما هو موجود على شبكة الإنترنت .
لماذا لا يتم تسهيل مهمة الفتيات اللواتي يتعرضن للابتزاز والاستغلال من خلال فتح بريد الكتروني خاص بتقديم الشكاوى من هذا النوع من الجرائم ومراعاة وضع المتقدمة بالشكوى من خلال عدم الكشف عن هويتها بما يمنع بعض المشاكل التي قد تتعرض لها الفتاة؟
– بالنسبة لفكرة البريد الالكتروني والحماية والسرية، أولا المعلومات التي تأتينا إلى الإدارة العامة لحماية الأسرة تتمتع بطابع السرية ولكن نحن لابد أن نتثبت من وجود شخص حقيقي بالنسبة للشاكي أو الُمبلغ ضده، لأن الاعتماد أحيانا على البريد الالكتروني أو على الاتصال الهاتفي قد يجعل الأمر عرضة للشكاوى الكيدية أو لمحاولة إلصاق تهم بـ ” س ” أو ” ص ” من أفراد المجتمع لأغراض شخصية أو مكايدات أو مناكفات، لهذا نحن نحاول قدر الإمكان أن تكون الشكوى أو البلاغ مثبتا وإلا فلا نستطيع أن نمضي فيه لأننا سنمضي في طريق تضليل العدالة وتضليل رجال الأمن والقانون .
جرائم الابتزاز
لماذا لا يوجد قانون يعاقب مثل هذه الجرائم ويضع لها العقوبات المناسبة ؟
– بالنسبة للقانون، جرائم الابتزاز لا أظن أنها من الجرائم المسموح بها لكنها من الجرائم الحديثة التي ربما لم تسن لها قوانين ذات صلة مباشرة بطبيعة هذه الجرائم، لكن مع ذلك فهي تدخل في إطار جرائم الانتهاك وجرائم التعدي، وممكن أن نعتبرها من جرائم الحرابة بسبب طبيعة الابتزاز والأضرار التي تتسبب بها اجتماعيا .