العدوان على التعليم لا يقل شأنا عن العدوان على البلد، فالتعليم مستهدف للتدمير بكل تنوعاته، واستهداف التعليم هو استهداف لإنسان اليمن ومستقبله العلمي والقيم والمصالح العليا للوطن والشعب.
وإذا كان العدوان الخارجي قد استهدف المباني والمنشآت، وخاصة معاهد التعليم الفني والمهني التي تعرضت للدمار الممنهج، فإن العدوان قد أوكل إلى مرتزقته تدمير القيم التعليمية بالإهمال، وتعميم الغش في الاختبارات، وتزوير الحقائق العلمية والتاريخية، وإصدار الشهادات المزورة، وبيعها لمن يدفع. وضرب استراتيجية التعليم وأهدافه ومناهجه وفلسفاته.
لقد تعمد العدوان أن يضع أحط المرتزقة على رأس المؤسسات التعليمية لتدمير المنظومة التربوية والتعليمية.
وعمد مرتزقة العدوان بقطع مرتبات المعلمين والتربويين في المحافظات الحرة التي تقاوم العدوان فتسببوا بتجويع المعلمين وإضعاف قدراتهم على العطاء، وإشغالهم بأمور العيش والحاجيات اليومية.
أما في المحافظات المحتلة فقد تركوا الحبل على الغارب، فلا انضباط ولا تواجد للمعلمين والمدارس شبه مغلقة والطلاب لا يذهبون إلى المدارس، فهم يعتمدون على الغش ودفع الرشاوى في الاختبارات والحصول على نسب مرتفعة، والمعلمون جندوهم في المليشيات الإرتزاقية.
آخر فضائح المؤامرة على التعليم في المحافظات المحتلة حصول ٩٠٠ طالب وطالبة على العشرة الأوائل. منهم ٤٦٠ على المركز الأول مكرر بنسبة ١٠٠٪ منهم ٣٥٠ طالبا وطالبة في محافظة الضالع لوحدها !!
وتلك – لعمري – كارثة لم تحدث على مر التاريخ في أي بلد على وجه الأرض.
كارثة التعليم لم تظهر اليوم فحسب، بل بدأت بعد حرب ٩٤ حيث عمم نظام عصابة ٧/٧ الغش والتزوير لمن شاركوا في الحرب، بل إن بعضهم دخلوا تلك الاختبارات بدون شهادة ما قبل الثالث الثانوي، بل إن ما كانت تسمى بالمعاهد العلمية كانت توزع شهادات نجاح لأناس في خارج اليمن.
اليوم يفاخر الطلاب في المحافظات المحتلة بحصولهم على المراكز الأولى وبالنسب العالية، وبعضهم لم يفتح كتابا، ولم يعرف ما هي المقررات. والأدهى والأمر أن الكثير منهم في عداد أشباه الأميين الذين لا يعرفون كتابة أسمائهم.
تلك هي مخرجات الفساد الذي يقوده مرتزقة العدوان، وينفذون أجنداته المشبوهة؛ المتمثلة في تدمير الأجيال والتاريخ والإنسان وكل ما هو جميل وحضاري في اليمن.
إن العدوان يستهدف اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا وعلما وثقافة.
هو يريد أن يمحو اليمن من الوجود.
وإذا استطاع أن يستهدف العلم والثقافة والهوية التاريخية والأجيال فلن يبقى له إلا الأحجار والأشجار والتراب سوف يستلمها باردا مبردا.
الحال لا يقتصر على اختبارات الثانوية العامة، بل إنه معمم على المدارس والجامعات. والمصيبة أن هناك من يؤدون الاختبارات بدلا عن غائبين في المهاجر مقابل مبالغ مالية لمن يقوم بالمهمة ولرؤساء اللجان الاختبارية.
كبار المرتزقة والعملاء واللصوص يدرسون أبناءهم في الخارج، ويتآمرون على التعليم وأبناء الشعب في الداخل.
يؤهلون أبناءهم لأن يكونوا عملاء بعدهم ينفذون مؤامرات العدوان.
المؤامرة على اليمن كبيرة والعدوان على التعليم والأجيال لا تقل شأنا على العدوان العسكري، وكله تدمير ودمار وحروب ملعونة.
وإذا كان العدوان قد هزم عسكريا فإنه يحاول أن يعوض عن تلك الهزيمة في الجبهة التعليمية.
على أحرار اليمن والحريصين أن يتنبهوا لهذه الكارثة بالمواجهة الجادة لحماية أجيال اليمن من تلك المؤامرة.