الحرية والعزة والكرامة التي يتمتع بها الشعب اليمني كفطرة إلهية وإنسانية، إضافة إلى الهوية الإيمانية والثقافة القرآنية والروح الجهادية عوامل قوية ومهمة تعد بالنسبة لهذا الشعب مقومات ذاتية يتحرك على أساسها في تحرير نفسه ووطنه وفي مواجهة من يسعى لإركاعه والسيطرة عليه، لأن استعمار اليمن وشعبه- الذي يتمتع بهذه المواصفات- يعد أبعد من الخيال وأصعب من المستحيل وضرب من الجنون وحالة من الوهم والسراب وغير ممكن ولن تتحقق أحلام وطموحات دول تحالف العدوان في اليمن لا سياسياً ولا عسكرياً ولا فكرياً ولا ثقافياً مهما استمر العدوان ومهما كانت الظروف والتحديات، وما دام الشعب اليمني يرفض الاستعمار جملة وتفصيلاً فهذا يعني أن العدوان يحطم نفسه تحت أقدام اليمنيين ولن يحقق أي نتيجة ، ولقد آن الأوان أن تعرف وتصل دول تحالف العدوان إلى قناعة تامة ونهائية بأن الشعب اليمني الصامد لا يقبل الهزيمة ولا يرضى المذلة والعبودية للمعتدين وإن سالت الدماء حتى تغطي مباني حضرموت التي تناطح السحاب أو حولت لون البحر إلى لون الدم القاني، فلن يستسلم لأنه يتمتع بعوامل القوة الحقيقية والقضية المحقة وأولها أنه شعب قوي بقوة الله وبقوة القضية التي يتحرك من أجلها، أما المعتدون فأهدافهم سياسية واستعمارية وأفعالهم طاغوتية وإجرامية وعليهم أن يعلموا أن القوة المادية والعسكرية والنفوذ السياسي لا يمكن أن يحقق لهم ما يحلمون به في اليمن.
ومعلوم أن من يعشق الحرية لن يقبل بالاستعمار ومن يتصشدى للطواغيت سيحصد الاستقلال ومن يقف في وجوه المعتدين المجرمين فلا شك أنه سيصنع النصر وإن طال الزمان، هذه حقائق جلية على مر التاريخ ، نسمع دائما الكثير ممن يقولون إن المعركة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد في مواجهة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي طالت لفترة زمنية كبيرة مع أننا نعلم أن المعركة معهم أصلاً لم تتوقف ولن تتوقف قبل بالعدوان العسكري ولا بعده لكنها طالت فقط في ما يتعلق بالصراع العسكري أما في بقية ميادين الصراع فإن المعركة مع تلك الدول الطاغوتية الاستكبارية قائمة ومستمرة في المجالات السياسية والاقتصادية والاستخباراتية والإعلامية وغيرها من المجالات لأن سياسة أنظمة تلك الدول وفي مقدمتها أمريكا قائمة على الأطماع الاستعمارية ومحاولة فرض الوصاية على الشعوب الحرة التي تسعى وتعمل على أن تكون حرة مستقلة في كل شؤونها وهذا ما لا تريده أمريكا ولكن إرادة الله تكون دائماً مع الحق وهو تعالى من يصنع المتغيرات لصالح الحق وأهله، فهو القائل {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.
وحينما تتوفر الرؤية الدينية والوطنية والإنسانية والأخلاقية لأغلب أبناء الوطن القائمة على الرفض لكل مظاهر الاستعمار والاستعباد والوصاية الخارجية ويكون هناك قيادة شجاعة وحكيمة خلفها شعب على استعداد دائم للجهاد والتضحية والصمود، فلا شك أن النصر حليفهم مهما طال الزمن والشعب اليمني المسلم الصامد يدرك جيداً أنه عندما تتحرر الأرض من الاستعمار العسكري والأمني والفكري فإن الإنسان سيتحرر من الاستعمار السياسي والاقتصادي وكل أنواع الاستعمار ويحظى الوطن والشعب بالحرية الكاملة وهذا ما يجري بالضبط في اليمن منذ أكثر من ست سنوات، عملية تحرر شاملة في كل المجالات يخوض غمارها الشعب اليمني الصامد الذي يرفض الاستعمار بكل أشكاله وصوره في مواجهة دول تحالف العدوان ومرتزقتها وعناصرها الإرهابية وعملائها ورغم الصعوبات والتحديات وحجم المؤامرة الدولية على اليمن إلا أن الشعب اليمني استطاع بعون الله تعالى ان يحبط ويفشل الكثير من تلك المؤامرات وأن يحقق الكثير من الانتصارات والإنجازات.
وعلى دول تحالف العدوان أن تدرك جيداً أن هنا في اليمن شعب مسلم صامد يرفض مطلقاً أن يرى نفسه في يوم من الأيام يرزح تحت الاستعمار تحكمه الوصاية الخارجية ويأبى أن يصبح وطنه مرتعاً وميداناً للمحتلين المجرمين ويبذل في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال لنفسه ووطنه التضحيات الجسيمة، ويدرك جيداً أنه قادر بمعية الله على التغلب على الأعداء وهزيمتهم والانتصار عليهم وخلال السنوات الست الماضية من العدوان والحصار منذ مارس عام 2015م إلى اليوم هناك الكثير من الدروس والعبر التي يمكن الاستفادة منها والتي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك- أو الاستمرار في الحماقة والمغامرة- أن هنا في اليمن شعب لا يمكن أن يفرط في حريته واستقلاله وعزته وكرامته لو استمر الصراع مع الأعداء لعشرات بل لمئات السنين فهو يخوض معركة مصيرية شرعية دفعته إلى خوض غمارها عقيدته الدينية وفطرته الإنسانية وقيمه ومبادئه الأخلاقية وهو مفطور على الحرية وليس على غيرها وهذه العوامل القوية والعظيمة من المستحيل أن تنهار أو تهزم خصوصاً عندما تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمن له ملكوت كل شيء ومن هو على كل شيء قدير وبمن له القوة والعزة جميعا.