رغم مظاهر الفرح والبهجة التي عشناها في اليمن بفعل الانتصارات العظيمة التي حققها الأبطال رجال الرجال في ميادين الشرف والكرامة وقدوم عيد الأضحى المبارك، إلا أن الغصة أمسكت بالحلوق وكادت تخنق الكثيرين، وبالذات من هم في سن مبكرة، الذين عاشوا تلك الأجواء المُفعمة بالإيمان والحب كلما حل عيد الأضحى المبارك وسبقته مراسم الحج العظيم كركن من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا به، ولم يستثن الخالق سبحانه وتعالى إلا غير القادر، والقدرة تشمل أيضاً هذه الظروف الصعبة التي يخلقها البشر ويتسببون فيها ويمنعون من تهفو نفوسهم لأداء الفريضة وزيارة قبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فلقد التقيت إحدى النساء وهي في منتصف العمر تبكي بحرقة وألم لأن آل سعود – عليهم لعنات السماء – حالوا بينها وبين أداء الفريضة، وعلى مدى سبع سنوات وهي تستعد بكل شيء بما في ذلك ملابس الإحرام لكي تؤدي هذه الفريضة العظيمة، إلا أن الظروف القاهرة التي صنعها هؤلاء البشر شُذاذ الآفاق من توقف الإسلام عند ألسنتهم ولم ينفذ إلى قلوبهم، بل هو بعيد كل البُعد عن عقولهم وأفئدتهم، لأنهم منذ أن هلوا على هذه الحياة وهم يخدمون الصهاينة بكل ما لديهم من قوة، تدفقت الأموال إلى خزائنهم بفعل النفط التي للأسف يوظفونها لهدم الإسلام من داخله، بل والاعتداء على المسلمين في دولهم ودورهم ومساجدهم وحتى المسيحيين في كنائسهم، لأنهم طائفة مارقة لا تلتقي إلا مع اليهود، فحيثما يكون اليهود يكون فكر هؤلاء وتكون عقولهم وفي نفس المكان ينفقون الأموال الطائلة لتغذية الشواذ من اليهود وليس اليهود المؤمنين بموسى، بل الصهاينة أصحاب الفكر المنحرف والمتطرف، وها هي حلقات التاريخ تتكشف لتقول لكل مسلم أن هؤلاء بعيدون كل البُعد عن الإسلام، بل هم من يتآمرون عليه من داخله، تارة بتمويل جماعات الإرهاب والتطرف وأخرى بمد اليهود أنفسهم الأشد عداوة للإسلام بالمال والقوة والسلاح لكي يستكملوا الاستيلاء على ثالث الحرمين الشريفين “الأقصى الشريف” إنها كارثة فعلاً !!؟ نحس بوقعها في اليمن ومرارتها لأننا على مدى عقود وقرون عشنا طقوساً خاصة ومراسم متعاقبة تبدأ بوداع الحجيج، ثم إعلاء المداره في كل الأحواش والميادين لمرافقة الحاج حتى يصل مكة، ثم الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يعود سالماً، وهي طقوس لم تنشأ من فراغ، لكنها تراكمت في الواقع بفعل المآسي التي حلت باليمنيين كلما ذهبوا لأداء فريضة الحج، وأعنفها وأشدها إيلاماً مجزرة تنومة وساق الغراب، وغيرها من المجازر التي رملت النساء ويتمت الأطفال، لا لشيء إلا بدافع الحقد من قبل آل سعود المجرمين، إلى غير ذلك من الطقوس التي ترافق عيد الأضحى المبارك، وتنتهي بإحياء يوم الولاية الأكبر “عيد الغدير” الذي كان قد أصبح مناسبة معتادة ويطلق عليها اليمنيون “يوم النشور ” لأنه يترافق مع عودتهم إلى أعمالهم بعد قضاء عشرة أيام في إجازة، يتنعمون فيها بالذبائح التي نحروها تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى والأضحيات، ثم في يوم الثامن عشر من ذي الحجة يحيون مناسبة ذكرى يوم الغدير الأغر، وهو اليوم الخالد في التاريخ الإسلامي الذي أعلن فيه الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – الولاية المطلقة للإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام، إلى أن جاء أعداء الإسلام وأعداء الفكر الإسلامي النقي والهوية الإسلامية الصادقة فحاولوا إلغاء هذه المناسبة نهائياً واعتبروها بدعة وضلالة، لا يدرون أنهم هم البدعة وهم الضلالة وأن وجودهم هو أعظم بدعة في تاريخ الإسلام، نسأل الله لهم الهداية وأن يعرفوا الصواب ويمضوا إليه إن كان الله سبحانه وتعالى يُريد لهم الهداية، ولا أعتقد ذلك لأنهم قد تشربوا الفكر الصهيوني من حليب أمهاتهم، وأصبحوا لا يسيرون إلا بناءً على نهجه وهديه، وبالتالي فإنهم بعيدون كل البُعد عن الهداية والطريق السليم .
أخيراً، في مثل هذه المناسبة العظيمة نزف أصدق التحايا والتبريكات إلى من يستحقون مثل هذه التحايا ويستحقون أن نفديهم بأرواحنا ودمائنا ونضع أقدامهم على أكتافنا لكي يصعدوا إلى قمم المجد والشرف والكرامة، وهم لا شك صاعدون بإذن الله سبحانه وتعالى، والنصر بالنسبة إليهم صبر ساعة، أعني أولئك الأبطال رجال الرجال المرابطين في الساحات وقمم الجبال والوديان والسهول يدافعون عن حياض الوطن بكرامة وعزة وصدق وإيمان، فلهم منا أعظم التحايا، ومن نصر إلى نصر إن شاء الله، وعيد مبارك لكل اليمنيين، والله من وراء القصد ..