توحِّد البرامج والسياسات ولا تستثني المصطلحات
مؤتمر صنعاء للإعلام المقاوم يطلق مبادرة لتوحيد الإعلام
الثورة / إبراهيم الوادعي
بعد إطلاقها مبادرة واحدية الميادين، التي أطلقها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لتوحيد المعركة لأطراف محور المقاومة في مواجهة أمريكا وحلفائها والتي تضرب في اليمن وسوريا وفلسطين والعراق ، وإثارتها رعبا غير مسبوق لدى الكيان الصهيوني والحلف الأمريكي برمته .
مجددا.. صنعاء تتلقف للمرة الثانية مبادرات قدمت من أطراف المقاومة وتضعها موضع التنفيذ والتأييد ، فبعد إطلاقه معادلة إقليمية لحماية القدس، كان اليمن أول المنضمين في لوائها ، وبعد أيام من خطاب السيد نصر الله في اللقاء الإعلامي في بيروت ودعوته لتوحيد الخطاب الإعلامي المقاوم في وجه آلة الإعلام المهولة وماكينة الزيف الصهيونية ، ها هي صنعاء تحتضن مؤتمراً للإعلام المقاوم تبني وضع استراتيجية عمل موحدة للإعلام المقاوم ، وواحدية المعركة الإعلامية .
المؤتمر الذي نظمته وزارة الإعلام في صنعاء واتحاد الإعلاميين اليمنيين، بمشاركة اتحاد الإذاعات والتلفزة الإسلامية وممثلين عن إعلاميي فلسطين ولبنان ، طرح الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية والتي تقوم على اعتبار فلسطين هي البوصلة ، وأمريكا هي العدو ، الذي يجب أن تخاض ضدها معركة إعلامية مماثلة للمعركة العسكرية .
معركة يرى فيها اتحاد الإعلاميين اليمنيين ووزارة الإعلام اليمنية أساسا لبناء انتصار عسكري كامل في زمن غدا فيه الإعلام جزءا من الحرب والانتصار وليس رديفا أو ناقلا لها .
وزير الإعلام ضيف الله الشامي، اعتبر المؤتمر بمثابة تدشين للعمل الإعلامي الموحد بين مختلف الأطراف الإعلامية في محور المقاومة لجهة وضع البرامج والسياسات، وصولا إلى اعتماد المصطلحات تجاه القضايا الأساسية والمفصلية في الأحداث .
وقال ضيف الله الشامي: إن ما تمتلكه وسائل الإعلام في محور المقاومة قد لا يكون ذا أهمية تكنولوجيا وتقنيا مقابل ما تمتلكه الآلة الإعلامية الأمريكية والصهيونية وحلفائهما في المنطقة من السعوديين والإماراتيين .
ولكنها بحسب قوله تملك ماهو أعظم ألا وهو المصداقية في النقل ، والتضحية لدى منتسبيها في سبيل الحق وفي سبيل الله والأوطان ، وذلك سبب رجحان كفتها في المواجهة خلال سني العدوان على اليمن والعدوان على فلسطين ومناطق أخرى ، وذلك ما دفع تحالف العدوان الأمريكي السعودي إلى قصف مقرات وسائل الإعلام المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن ، ودفعه مؤخرا للاستيلاء على النطاقات الافتراضية لعدد من المواقع الإخبارية المقاومة التابعة لمحور المقاومة .
وفي المؤتمر الذي انعقد بصنعاء في الـ 7 من يوليو، أوضح الشيخ ناصر وكيل الأمين العام لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، أن وسائل الإعلام اليمنية تطورت بشكل قياسي خلال الحرب والحصار .
واعتبر أن إعلام محور المقاومة معني بالاستعداد لحرب الحجب والتضييق على تواجده في النطاق الافتراضي، والتي دشنتها أمريكا خلال الأسبوعين الماضيين بالاستيلاء على النطاقات لمواقع المسيرة نت والعالم والبناء والكوثر وغيرها المواقع الإخبارية التابعة لمحور المقاومة .
وأكد أن اعتماد سياسة إعلامية موحدة لإعلام محور المقاومة يسهم كثيرا في توحيد جهودها ومناهضة الماكينة الإعلامية التي يمول جزء كبير منها للأسف بأموال النفط العربي ، كما أن توحيد السياسة والمصطلحات بات ضروريا، وحسب قوله لمواجهة جرم التطبيع ، والحرب التضليلية على الشعوب العربية من قبل الحلف الأمريكي .
لافتا إلى أن معركة “سيف القدس” أثبتت أن الإعلام جزء من المعركة بعد أن ظلت “إسرائيل” تبحث عن صورة انتصار تخرج به من العدوان على غزة ، وان العمل الإعلامي المقاوم مجتمعا اظهر ثمرته رغم انه مضى دون تنسيق إنما بمواكبة فقط للأحداث في غزة والقدس المحتلتين .
وفي كلمته خلال المؤتمر الصحفي، أشار أحمد زقة عن كتلة الإعلام الفلسطيني، إلى أهمية العمل الجماعي والمنظم لوسائل الإعلام ضمن محور المقاومة ، مؤكدا أن وسائل الإعلام الفلسطينية كما اليمنية في أحيان عدة كانت وصحفيوها هم الحدث ولم يكونا ناقليه ، حيث قصف العدو الصهيوني مقرات وأبراج 35 وسيلة إعلامية فلسطينية صمدت جميعها في كل مراحل المواجهة ونقلت الصورة والكلمة إلى العالم .
ودعا في مناسبة المؤتمر إلى مد الإعلام الفلسطيني بأسباب الصمود في ظل الحصار الصهيوني المفروض على دخول المعدات والأجهزة الإعلامية والتقنيات الحديثة إلى غزة ، ناهيك عن التضييق المعيشي والتهديد بالقتل والذي يتعرض له كل حين الإعلامي والصحفي الفلسطيني .
من جانبه اعتبر حسين رحال أن الإعلام المقاوم قدم نجاحات كبيرة في فلسطين بالتزامن مع معركة “سيف القدس” ، وفي لبنان وفي اليمن نجح الإعلام المقاوم في تحقيق نجاحات هامة واستطاع أن يصنع ايقونات عالمية تضاهي وتفوق الايقونات التي صنعها الإعلام الغربي والتي ساهمت عدسات الكاميرا والإعلام في نقلها إلى العالم ، كالمجاهد الذي حمل أخاه الجريح وسار به إلى بر الأمان وسط إطلاق الرصاص دون أن يكترث أو يضعف ، وأبو فاضل طومر الذي يعد أيقونة أخرى في التضحية والفداء والشهامة الإنسانية ، ورمزاً في التضحية حين أنقذ إخوانه المحاصرين .
وأكد أن الإعلام المقاوم استطاع أن يراهن على مصداقيته مع الشعوب ، وأن يبتعد عن الاستفزاز الذي يحاول الإعلام المعادي جره إليه ولم ينجر إلى المناكفات والعصبيات والمناطقية ، واستطاع العمل على قتل النعرات والعصبيات التي يحاول الإعلام الأمريكي والصهيوني وإعلام حلفائهما الخليجي إثارتها لإضعاف صف محور المقاومة .
وفي ما يتصل باليمن رأى أن على الإعلام اليمني أن يتحضر أيضا لما بعد الانتصار حيث ستختلف السياسة الإعلامية المعادية عما هو حالها اليوم ، وستتحول إلى سياسة هدفها سرقة الانتصار اليمني الكبير ومحاولة تحجيمه والتقليل منه رغم عظمته، بعد كل هذه المؤامرة الدولية والحصار والقتال والتضحيات.
الإعلام اليمني الوطني وفي كلمة ألقاها بالنيابة عن منتسبيه المذيع محمد منصور تطرق إلى حقيقة هامة وهي انه بالتزامن مع الغارات الهمجية كانت هناك منذ اللحظة الأولى حرب همجية ووحشية على الإعلام ووسائل الإعلام اليمنية التي صمدت لتقدم للعالم الحقيقة ، وكيف صمد الشعب اليمني وجيشه ولجانه الشعبية في مواجهة العدوان .
ولفت إلى أن الوضع بعد 6 سنوات افضل ، والإعلام اليمني يجد نفسه كل يوم وهو يزف انتصارا من هنا وهناك ، انتصاراً يحافظ المقاتل اليمني من خلاله على القيم النبيلة، فلا يستهدف مدنيا أو منشأة مدنية وهو ما لم يتورع عن فعله تحالف العدوان ولايزال بهدف خلق صورة ترويع خاصة مع بداية الحرب المفاجئة .
واعتبر أن وحدة إعلام المقاومة والتنسيق في ما بينه يساعد على حفظ صورة الانتصار ويعزز ذلك وجود قيادات سياسية داعمة للتوحد في كل المجالات .
مؤتمر الإعلام المقاوم في صنعاء اكد في بيانه الثبات على المبادئ المتمثلة في أن فلسطين والقدس هي البوصلة وأن الكيان الإسرائيلي عدو مطلق يجب العمل على إزالته ولا يمكن التعايش معه ، وأشار البيان إلى أهمية إعادة تفعيل سلاح المقاطعة في ظل التطبيع القائم الذي تهرول إليه الأنظمة الضعيفة ، وإطلاق حملة إعلامية ضد التطبيع والمطبعين ، وإطلاق حملة توعوية شعبية بخطر أمريكا وسياساتها وحيلها الخبيثة في المنطقة .
وفي استراتيجيات المواجهة أكد البيان أهمية العمل على بناء استراتيجية متكاملة للعمل المقاوم مع مختلف الأطراف في محور المقاومة ، بما في ذلك اعتماد سياسة موحدة المصطلحات في مواجهة الحلف الأمريكي و “إسرائيل” ومختلف القضايا التي يواجهها حلف المقاومة .
مشيراً إلى أنه على مدى 6 سنوات من العدوان والحصار على اليمن قدم الإعلام اليمني 400 شهيد من المصورين الميدانيين والصحفيين الذين استشهدوا أثناء تغطية عملهم الإعلامي ، و47 شهيدا آخر استشهدوا بالقصف على مقار وسائل الإعلام ومنازل إعلاميين .
كما دمر تحالف العدوان مقار 22 وسيلة إعلامية واستهدف بالقصف 30 برجا ومركز إرسال إذاعيا وتلفزيونياً ، ناهيك عن الحجب على الأقمار الصناعية والاستنساخ والتزوير والاستيلاء على النطاقات الالكترونية .
يضاف إلى ذلك الحصار الذي يمنع وسائل الإعلام اليمنية من إعادة التزود بالمعدات والأجهزة الإعلامية الحديثة ووسائل الاتصال ونقل الصورة إلى العالم وانقطاع الرواتب عن منتسبيه، الأمر الذي فرض مزيدا من الضغوط على الصحفيين والإعلاميين اليمنيين وعائلاتهم.
وانطلاقا من هذه المأساة فإطلاق المبادرة من صنعاء نحو سياسة إعلامية موحدة توحَّد البرامج ولا تستثني المصطلحات ، إلى كل محور المقاومة ووسائل الإعلام الحرة والشريفة أينما كانت في العالم ، والتي تضاف إلى كل ما سبق من الدعوات السياسية والعسكرية حول واحدية المعركة وإسناد فلسطين والقدس في أي معادلات ومواجهات قادمة قدمتها صنعاء، رغم استمرار الحصار والعدوان واشتعال المعارك في اكثر من 50 جبهة ، تكتسب دلالة كبرى ، ومؤشراً على أن اليمن الذي ظل على هامش الخارطة الجيوسياسية لم يعد كذلك ، وانه من رحم الحرب تتولد دولة إقليمية ذات ثقل كبير ، حاضرة بشجاعة قيادتها ورجالها وفطنتهم وحكمتهم في إحداث التغيرات الإقليمية والدولية، ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم ، فاليمن واقع على ممر حيوي تمر منه نحو ثلي التجارة الدولية ويقطعه طريق الحرير القديم والجديد.
وأمام المتغيرات والهزائم التي يتلقها المحور الأمريكي في اليمن وسوريا وفلسطين عسكريا وسياسيا ، لا ريب في أن المنطقة مقبلة في الوقت القريب على مخاض كبير بدأت إرهاصاته في اليمن وفلسطين وقبل سنوات في لبنان وسوريا ، وقد يجد الإعلام المقاوم نفسه عما قريب يتلاقى جغرافيا، بعد أن اقتصر التلاقي وجدانيا لسنوات ..
الأيام حبلى بالمفاجآت وقد تحدث مفاجآت فتضع مولودها سريعا ، حيث يؤكد متابعون ومحللون سياسيون وعسكريون بما في ذلك غربيون أنه لصالح أبناء المنطقة وليس في صالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.