لا يزال مشهد افتتاح سفارة وقنصلية اسرائيليتين في الامارات رسميا يلقى صدى وتفاعلا وغضبا كبيرا بين الفلسطينيين وأبناء الأمتين العربية والإسلامية، خاصة من ناحية التوقيت الذي يتزامن مع هدم سلطات الاحتلال بيوت المقدسيين في حي سلوان وغيره.
محللون سياسيون يقولون إن الصورة مترابطة تماما بين ما جرى في الإمارات العربية المتحدة وما يجري في حي سلوان وفي حي الشيخ جراح، مشيرين إلى أن التحول الذي حصل في المنطقة بوجود نهج وخيار المقاومة الذي غير ورسم معادلات جديدة وجعل الكيان الصهيوني يبحث كما تبحث الدول الصغيرة المطبعة عن حماية دولية، أدى إلى وجود طلب لحماية مشتركة ما بين الكيان وهذه الدول، وان المحرك والمايسترو الأساسي هو الإدارة الأمريكية التي تنظم العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول المطبعة.
فيائير لبيد الذي يشغل اليوم منصب وزير الخارجية في الكيان الصهيوني هو شخص إعلامي وكان يقدم برنامجاً سياسياً وكاتب عمود في صحيفة “يديعوت احرونوت” ويقدم نفسه كشخص ليبرالي داخل الكيان الصهيوني وهو محسوب على اليسار وليس على اليمين كنفثالي بينيت وغيره، ذهب إلى الامارات، وكل الوفد المرافق له والذين حضروا ما سمي حفل افتتاح السفارة والقنصلية كلهم كانوا يلبسون “الكبة” اليهودية وكانوا إما حاخامات أو رجال أمن صهاينة، أي لم يكن هناك شخصيات سياسية من الكيان الصهيوني، وكانوا فقط شخصيات أمنية وشخصيات صهيونية متطرفة.
لذلك يرى المتابعون أن الأغراض الأساسية من زيارة الوفد الإسرائيلي للامارات هي أغراض أمنية ومن ثم تجارية بالدرجة الثانية، موضحين أن الكيان الصيهوني والإدارة الأمريكية تريدان أنظمة تابعة ملحقة في السياسة الأمريكية في المنطقة التي تستهدف الشعب الفلسطيني وحقوقه ووجوده على ارضه وتستهدف أمن واستقرار المنطقة بشكل عام. وهذه الزيارة أتت في سياق التأكيد بأن هذه الأنظمة تقدم أكثر ما يريده الصهاينة والأمريكان أي أنهم طيعون إلى درجة يتفاجأ بها العدو.
في حين يؤكد متابعون لشؤون المنطقة أن ما يقوم به العدو الصهيوني بافتتاح هذه السفارة في دولة الإمارات أولا هو خذلان للشعب الفلسطيني ولأهل القدس الذين يتم قتلهم وهدم بيوتهم على مرأى ومسمع العالم وتسفك الدماء الفلسطينية بفعل الإرهاب الصهيوني، في المقابل يقدم حكام الامارات هدية مجانية للقتلة والمجرمين الصهاينة تحت مفهوم التطبيع الذي يعد خيانة وجرماً قاتلاً ويخالف جميع الأعراف والقيم العربية والإسلامية والوطنية.
ويؤكد هؤلاء أن هذه السفارة أو ما تم الحديث عنها هي وكر للتجسس وحياكة المؤامرات والدسائس ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني وإنما ضد الأمتين العربية والإسلامية والمنطقة والتي تهدف للسيطرة على المنطقة ومصادرة خيراتها بدءا بفلسطين ووصولا للامتين العربية والإسلامية.
واعتبر المراقبون أن ما يحدث هو أمر خطير للغاية، وأن على الأمتين العربية والإسلامية أن تواجه هذه السياسات وان لا تقبل بسياسة التطبيع بعد ان فرضت المقاومة الفلسطينية معادلة جديدة في الصراع مع هذا العدو وقالت انه لا يوجد مستحيل وبأن الحقوق تنتزع انتزاعا ولا تستجدى استجداء.
من جهة أخرى، يشير خبراء إلى أن الكيان الإسرائيلي يتمدد اقتصاديا واستخباراتيا في العمق العربي، وان هذه الزيارة ليست وليدة اللحظة بل هي نتاج علاقات وزيارات سرية بين هذا الكيان ودولة الامارات منذ عام 1993م.
ويؤكد هؤلاء أن العلاقات التطبيعية ما بين الامارات والكيان الصهيوني جعلت الأمن القومي الإماراتي مكشوفا، فكل سفارة اسرائيلية في كل مكان بالعالم حتى في أمريكا هي وكر تجسس، وبذلك تحولت الإمارات إلى محطة أمنية استخباراتية إزاء إيران بالدرجة الأولى وإزاء اليمن، فجزر اليمن سوف يتفاقم الدور الاسرائيلي فيها تحت العباءة الاماراتية من خلال التطبيع الأمني بجزيرة سقطرى التي يجري فيها التطهير العرقي وفي جزيرة نيوم.
ويتساءل المراقبون: كيف لوزير الخارجية الاماراتي أن يقول إن ما يجري هو لصالح الشعب الفلسطيني، ووسائل إعلامه كانت تسعى لتبييض صفحة الجرائم الإسرائيلية خلال العدوان الأخير على غزة؟