“صرواح” رمز الصمود ..

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

أكثر من 60 ألف غارة تعرضت لها محافظة مارب منذ بداية العدوان السعو صهيو أمريكي الهمجي السافر على اليمن .
لو أجرينا حسبة بسيطة عن أعداد الشهداء الذين يتحدث عنهم إعلام المعتدين لعرفنا المهزلة الكُبرى وطائفة الكذب والزور والبهتان التي يمارسها هذا الإعلام ، إذ بجردة بسيطة فقط وجدت أنه أعلن عن أعداد تجاوزت بكثير سكان محافظتي مارب والجوف، بينما هو يتحدث عن ضحايا مدينة صرواح الباسلة فقط ، وهذا يدل بوضوح على الخلفية الساذجة لهؤلاء الناس والأموال الطائلة التي ينفقونها في سبيل تمويل هذا الإعلام الكاذب، وهو دليل واضح أيضاً على الإفلاس وانعدام بوصلة المصداقية والتفكير السليم من جانب، ومن جانب آخر يكشف عن أمواج الحقد التي تختزنها صدور هؤلاء الناس تجاه اليمن وتجاه هذه المدينة الباسلة، التي لا تزال تتلقى الضربات بشكل يومي وكأن العداوة للمدينة وللتاريخ اليمني الذي تحتويه كامنة في النفوس، أو بقصد إضعاف همم أبنائها ، لكن هذا القصد لم يتحقق ولن يتحقق ، وإن كانوا قد دمروا الكثير من شواهد التاريخ .
للحق والإنصاف، إن أبناء هذه المدينة ومعهم أبطال الجيش واللجان الشعبية يخوضون ملاحم بطولية عظيمة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني ويجسدون صمودا أسطوريا، الإرادة فولاذية تمثل التحدي وتُعيد للأذهان مشاهد تلك البطولات العظيمة التي خاضها المسلمون أثناء الدعوة إلى الإسلام برفقة رسول الهداية والحق محمد – صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا هو شأن الشعب اليمني في كل لحظة من لحظات حياته، يجسد الامتداد الحضاري العريق ، فما بالك إذا كان هذا الأمر يكمن في أهم قبلة للحضارة الإنسانية التي علّمت البشرية فنون صناعة التاريخ والحياة .
لا أقول هذا الكلام من باب المزايدة أو التلفيق ، لكنها حقيقة ناصعة استمعتها بنفسي من خلال مجموعة شباب من أبناء مدينة صرواح في منزل رجل الأعمال المعروف الأخ محمد أحمد سعيد الحاج، وبحضور الأستاذ القدير محمود الجنيد – نائب رئيس الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية ، إذ سأل أحد الحاضرين شابا من أبناء المدينة: لا شك أنكم ضقتم ذرعاً بضربات الأعداء الغادرة ، التفت إليه الشاب بنزق وكأنه يتأهب لردع صفعة قوية وجهت إليه وقال : رغم أن طيران الأعداء لا يبارح سماء المدينة أكثر من ساعة في اليوم حتى في الأيام التي تتوقف فيها لعلعة الرصاص على مستوى المحافظة، إلا أن كل تحليق لهذا الطيران يزيدنا رسوخاً وثباتاً وقدرة على التحدي ، ومن خلال أصوات الطائرات وانفجارات الصواريخ والقنابل الشديدة تزداد لدينا الهمة ويزداد لدينا الاستعداد لبذل الكثير من التضحيات ، كلما مر يوم زدنا يقينا بأن النصر قريب إن شاء الله ، وسنظل على ذلك حتى نُحقق ما يصبو إليه كل يمني.
نظرنا جميعاً إلى الشاب ورفاقه بإعجاب وحالة الزهو والنشوة بادية على وجوههم ، ومن خلالهم استحضرنا الكثير من المشاهد عن الحضارة اليمنية العريقة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني ، والدور الحيوي الهام الذي لعبه أبناء اليمن في صناعة الفتوحات الإسلامية وإدخال البشر إلى حاضرة الإسلام من مكة إلى الأندلس ، قلت لنفسي في ذات اللحظة: لا بد أن هؤلاء امتداد لذلك اليمني العظيم الذي حمل راية الإسلام لكل بقاع الأرض ، ولا شك أن هذه العوامل هي التي جعلت الملكة بلقيس تتخذ من مدينة صرواح موقعاً للعرش والمعبد وكل الشواهد الحضارية التي يحاول الأعداء هدمها اليوم ، بما تمثله من شواهد حية لعظمة الحضارة ودليل واقعي على أبعاد ذلك الماضي العريق ، وهي اليوم رمز للصمود ومنها يستمد أبناء المدينة ومعهم أبطال الجيش واللجان الشعبية قوة التحدي والقدرة على الفعل ودحر المؤامرات والخطط الجهنمية التي تُحاك ضد هذا الشعب المؤمن بقصد إخضاعه للرغبات الشيطانية والتحكم في سيادته واستقلاله ، وهو أمر أصبح اليوم مستحيلا تماماً بعد أن وجدت هذه الأفئدة وهذه السواعد القادرة على دحر الأعداء والمؤمنة بالقضية التي تُقاتل من أجلها، وهي قضية الأرض والعرض والكرامة، وعلى الأعداء أن يُدركوا أنهم مهما استهدفوا المدن اليمنية بالضربات الغادرة والمدمرة، فإنهم لن ينالوا من عزيمة هذا الشعب وثقته بنفسه، خاصة إذا ما قورنت هذه الضربات بما رافقها من حصار جائر واستهداف مباشر لحياة الناس ولقمة العيش ، كلها باءت بالفشل أمام الصمود الأسطوري، ولا شك بأن التاريخ سيذكر مدينة صرواح في أنصع صفحاته وسيُعيد للمدينة اسمها المتألق الذي عُرفت به في عهد سبأ وحمير وكل الحضارات اليمنية الغابرة .
النصر للمجاهدين الأبطال، والهزيمة والخذلان لكل الأعداء ومن وقف إلى صفهم ، بالذات العملاء والخونة من انزلقت بهم أقدامهم إلى براثن العمالة والغدر ، والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا