اقتصادها يتغذى من دماء اليمنيين أمريكا.. العدو الأول لـ”السلام”

 

منذ اللحظة الأولى العدوان أمريكي واحتجاز سفن الوقود والغذاء والدواء أمريكي
حديثها عن السلام من وجهة نظر تمكينها من الاستيلاء على مقدرات البلد
اليمنيون صاروا أكثر وعياً وإدراكاً بسياسة أمريكا وهذا ما يزعج واشنطن

الثورة  / وديع العبسي

“منذ البداية لم تكن اليمن في أجندة السلام لدى أمريكا، وانعكس ذلك بوضوح في سلوكها تجاه العدوان على اليمن من أوباما إلى ترامب ثم بايدن حديث العهد”.
تعزز ذلك مع أول تحرك للمبعوث الأمريكي الخاص باليمن تيم ليندركينغ الذي وصل المنطقة منتصف مارس الماضي حاملا معه خطة ادعى إنها «متماسكة» لوقف العدوان ليتبين أن المقترح الأمريكي «لا جديد فيه ويمثل الرؤية السعودية والأممية».
وقال رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام «في المقترح الأمريكي لا وقف للحصار ولا لإطلاق النار بل التفافات شكلية تؤدي لعودة الحصار».
وكان لسان حال كل اليمنيين أن «النظام الأمريكي إذَا كان جاداً في سعيه لإحلال السلام في اليمن فعليه أن يثبت حسن نيته بالوقف الشامل للعدوان وبرفع الحصار».
ظهرت سياسة المراوغة في سياسة أمريكا حيال اليمن منذ الأيام الأولى لانتخاب بايدن رئيسا لأمريكا، فمع مرور أسبوعين على توليه المنصب، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، أنه سيوقف مبيعات الأسلحة المتعلقة بالهجوم على اليمن، ووقف دعم بلاده للأعمال التي تؤدي إلى استمرار ذلك الهجوم.
مراقبون رأوا أن تصريحات بايدن لم تكن بالوضوح والحزم الكافيين لإنهاء أزمة مستمرة منذ أكثر من ست سنوات، واعتبروا أن تلك التصريحات ليست أكثر من دعوة للتهدئة.
وأكدوا حسب ما نقلت صحيفة «القدس العربي» بأنها -التصريحات- لم تحمل تهديدا أو وعيدا لهذا الطرف أو ذاك، في حال استمراره بالحرب والقصف، كما لم يعلن صراحة عزمه لتنفيذ خطة سلام بعينها، ولكن تبدو التصريحات مجرد “إثبات حالة” لما قاله بايدن إبان حملته الانتخابية قبل أشهر عن ضرورة وقف تلك الحرب. حسب تعليق الصحيفة.
إذ أنه كان أعلن في حملته الانتخابية «أنه سيتبع استراتيجية صارمة تجاه وقف الحرب اليمنية ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في تلك الحرب، وسيجعل المتورطين “يدفعون الثمن”.
فيما كان الجانب الوطني قد شدد حينها بأن البرهان الحقيقي لإحلال السلام في اليمن هو وقف العدوان ورفع الحصار.
ويبدو أن شكل التفاعل اليمني مع ما حمله المبعوث الأمريكي لم يكن مريحا له ليكشف عن خفايا نواياه التي تخرج عن سياق معطيات الواقع، ففيما العدوان والحصار واقعان على اليمنيين يظهر ليندركينخ بمقولة لعلها تفسر حتى ما حدث بعد ذلك من إدراج أنصار الله في قائمة منتهكي حقوق الطفل وتبرئة السعودية متزعمة العدوان على اليمن ومن ارتكبت عشرات المجازر بحق الأطفال على نحو مباشر وغير مباشر.
في الـ 21 من أبريل الماضي شرعن لذاك التوجه «الأخرق»، فقال: إن دعم إيران لمليشيات الحوثي «كبير جدا وفتاك» ويتسبب في سقوط قتلى، فيما أكد على أن الإمارات والسعودية شريكتان رئيسيتان في مكافحة الإرهاب باليمن.
تماهٍ وتحيّز
ثم يتماهى مع المقاصد من حالة الاستماتة في دفع المعركة عن مارب ليحذر من أن الهجوم على مدينة مأرب يمثل أكبر تهديد لجهود السلام.. وأنه «إذا لم يتوقف القتال في مارب «فسيؤدي إلى موجة أكبر من المعارك والاضطرابات»، وصولاً إلى التهديد بـ”وضع اليمن تحت العزل الدولي المشدّد”.
العداء الأمريكي وتحيزه الواضح للقاتل والمعتدي، ظهر قبل ذلك، في أواخر عهد «الترامب» حين قررت إدارته إدراج أنصارالله، في قائمة الإرهاب، وهو الأمر الذي أثار سخطا دوليا ضد أمريكا وشكل ضغطا قويا في اتجاه إلغاء القرار الذي وصفه سياسيون بـ”الأحمق”، كان مبرر إدارة ترامب عدم تحقيق خطوات ملموسة في عملية السلام فيما كانت هذه الإدارة مطلعة على كل المبادرات التي قدمها الجانب الوطني لإحلال السلام.
هذه السياسة إنما تكشف عن مطامع أمريكية في اليمن، وأكد تقرير نُشر العام الماضي أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين على مدى العقدين الماضيين صعّدوا من تدخل أمريكا العسكري في اليمن سعيًا وراء خدمة أهداف لم تضع اليمن أولًا.
وهو ما صار مكشوفاً، وصار اليمنيون أكثر دراية ووعياً بالسياسة الأمريكية لذلك فإنهم يتعاملون معها وفق هذا الإدراك ولذلك أيضا تجد أمريكا وضعا حرجا في عدم قدرتها في تمرير ما تشاء عبرهم للاستيلاء على بلادهم.
يقول عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي: تضع أمريكا خيار الحرب أولوية لها في اليمن في حين تتظاهر بالسلام.
أمريكا تقتل الشعب اليمني
وبالنظر إلى الحالة العدائية الأمريكية، نجد تواطؤها في حالة الحصار البشعة ضد الشعب اليمني سواء بإغلاق المطارات أو باحتجاز سفن الوقود والغذاء والدواء.
وعلينا ألا ننسى أن أمريكا هي من أعلنت الحرب على اليمن من عاصمتها، وهي من تقتل اليمنيين بقنابلها ومن يقاتل عناصر القاعدة وداعش في صفها، وهي من امتلأ تاريخها بالحروب وتلطخ اسمها بدماء الشعوب.
والعُدوان المُستمرّ لِسبعة أعوام لَمْ يكنْ لِيستمر لولا شرعنَته مِنْ مجلسِ الأمنِ التَّابع لِأمريكا وكذلك شرعنته مِنَ الأمم المُتَّحِدة بتغطيتها على كُـلّ الجرائم بحق أطفال وأبناء اليمن.
يقول الكاتب علي الدرواني: الدعم الأمريكي للسعوديّة في عدوانها يرقى إلى مشاركة مباشرة في العمليات العسكرية، لا سِـيَّـما عندما يتساقط عدد من طائرات التجسس الأمريكية من مثل أم كيو9، المتقدمة في أجواء مارب، وغيرها، بواسطة الدفاعات الجوية للجيش واللجان الشعبيّة، وهي الطائرات التي تعمل حصراً لصالح الجيش الأمريكي، وتدارُ مباشرةً من ضباط أمريكيين.
وكـدليلٍ حديثٍ على التورط الأمريكي المباشر إلى جانب تحالف العدوان، جاءت الرسالةُ التي بعثها البيتُ الأبيض مؤخّراً للكونجرس الأمريكي واعترف فيها بتواجُدِ قواتٍ أمريكية على الأرض في اليمن، وإن كان يبرَّرُ ذلك بعناوين ما يسمى مكافحة الإرهاب، وهي الرسالة التي تكشفُ زيفَ ادِّعاءات إدارة بايدن وقفَ دعمها للعمليات العسكرية السعوديّة الهجومية في اليمن.
يؤكد الكاتب مصطفى العنسي أن «مساعي “السلام” الأخيرة هي مسرحيةٌ لعبت فيها أمريكا دورَ المارد الخفي في دراماتيكية مفضوحة وفي دورٍ قبيح ينبئُ عن وجهها القبيح».
تغذية الاقتصاد الأمريكي
بات من الواضح أن أمريكا عدو السلام في اليمن، وهو بالأمر المستغرب، خصوصاً إذا ما علمنا أن اقتصاد أمريكا وانتعاشه قائم على نشر حالة من عدم الاستقرار في مختلف بلاد العالم لتنشط مبيعاتها من الأسلحة وحتى تقديم خدماتها اللوجستية متمثلاً بالاستشارات والخبراء والتقنيات الحديثة، لذلك فهي في بعض الحالات تقوم بتغذية الحروب والنزاعات حول العالم حتى تستكمل تحقيق مطامعها.
الحالة اليمنية ربما تكون شاهداً حياً على النزعة الأمريكية التي يجعل منها العدو الأول لسلام في اليمن والعالم، وفي غير مرة صرّح ترامب بأنه يدعم الخزانة الأمريكية ويحسن من مستوى دخل المواطن الأمريكي ليعيش في رفاهية.

قد يعجبك ايضا