الثورة / إبراهيم الوادعي
توالت الإدانات العربية والإسلامية ضد حجب موقع المسيرة نت وعدد من المواقع والنطاقات الإلكترونية لعدد من المواقع الإخبارية المناهضة للمشروع الأمريكي في المنطقة .
ورأت فيه عدد من المنظمات المعنية بحقوق الإعلام والصحافة وحرية الرأي تعرية للشعارات الأمريكية حول صون حرية التعبير وحق وسائل الإعلام في نقل الحقيقة ووصولها إلى الرأي العام .
اتحاد الإذاعات الإسلامية وعد بعودة المواقع المستولية عليها أمريكا إلى الفضاء الافتراضي ، وقال في بيان تنديد بالخطوة الأمريكية أن الولايات المتحدة تتذرع بالحقوق والحريات لتبرر تدخلها في العالم ، ثم تعمد لقمع الأصوات التي تخالفها ، وهذا القرار دليل عجز أمريكي عن مقارعة الحجة بالحجة والكلمة بالكلمة والصورة بالصورة .
وتوعد الاتحاد الإسلامي بمواجهة القرار الأمريكي غير العقلاني وغير الأخلاقي بكل الوسائل الممكنة ، بما في ذلك ضمان عودة المواقع المصادرة إلى الفضاء الافتراضي .
وفي الوقت الذي دعا فيه إلى حملة تضامن دولية واسعة ضد الخطوة الهمجية الأمريكي، أكد اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية أن الهيمنة الأحادية الأمريكية على التكنولوجيا لن تستمر ، وستجد واشنطن نفسها الخاسر الأكبر في هذا المجال .
من جانبه اتحاد الإعلاميين اليمنيين دان القرار الأمريكي بالاستيلاء على موقع المسيرة نت وحظره ، وأدرج القرار في اطار السياسة الأمريكية المستبدة التي ترتكز على التضليل وحجب الحقائق والترهيب.
مضيفا أن حجب موقع المسيرة نت يأتي بهدف إخفاء الحقائق وإسكات الأصوات الحرة والمناهضة للاستكبار والغطرسة الأمريكية ، وإمعانا في سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها الإدارة الأمريكية لضمان إفلات تحالف العدوان على اليمن من العقاب إزاء جرائمه بحق المدنيين.
باستثناء حجب قناة المنار في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لاحقا على الأقمار الصناعية ، سبقها بالطبع قيام حلفاء واشنطن بحجب المنار وموقعها ، اتسمت التعامل الأمريكي مع المواقع الإخبارية والقنوات التي تعدها معادية خلال العقود الماضية بكثير من المرونة والدهاء ، مرونة يبدو أنها تختفي رويدا رويدا مع تنامي الفشل الأمريكي في المنطقة .
وبرغم أن العدوان على اليمن أعلن من واشنطن ، فقد حاولت الإدارات الأمريكية المتعاقبة النأي بنفسها عن اتخاذ إجراءات مباشرة علانية وترك كل أمور القتال التنفيذية والحصار لشركائها بما في ذلك المضايقات والحصار الإعلامي ، وبحسب اتحاد الإعلاميين اليمنيين فقد رصدت مئات حالات الحجب لقنوات يمنية ومواقع إخبارية يمنية وصفحات ناشطين على مواقع اليوتيوب والتواصل الاجتماعي المختلفة.
منذ إنشاء موقع المسيرة نت في العام 2016م تعرض الموقع لعديد محاولات التهكير وحذف صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي ، كان الغطاء في جميعها سعوديا ، وتعرضت قناة المسيرة ذاتها للملاحقة الفضائية والحجب على أقمار النايلسات .
في سبيل إيصال الحقيقة إلى العالم وكشف سجل جرائم الحرب الذي يرتكبه التحالف المرعي والمدار أمريكيا في اليمن قدمت المسيرة عددا من منتسبيها شهداء ، وتعرضت العديد من مقراتها ونقاط بثها للقصف من قبل الطيران ، وأمام ذلك الهجوم غير المبرر واصلت القناة والشبكة الأولى يمنيا تقديم الحقيقة إلى الدخل اليمني والعالم متخذة من شعارها “صدق الكلمة” طريقا وحيدا وجسرا يوصل الحدث إلى العالم .
شكلت المسيرة بأذرعها الإعلامية المتعددة إلى جانب قنوات الإعلام الوطني صداعا للتحالف السعودي الأمريكي ، حيث استطاع الإعلام الوطني بمصداقيته أن يخترق شبكة التضليل التي نسجتها ماكينة إعلام التحالف وساهمت فيها قنوات وشبكات عالمية دفع لها الكثير من المال على مدى 6 سنوات من العدوان والحصار ، وجرى خلالها تضليل العالم عن جرائم حرب فظيعة ترتكب ، وحصار يخلق افظع أزمة إنسانية في العالم .
هذه المرة يبدو الأمر مختلفا فالأمر تعدى عمليات القرصنة والتهكير ، حضور الولايات المتحدة الأمريكية العلني في الأزمة اليمنية وتحكمها علانية بمجريات التفاوض السياسي أخذ بالازدياد ، منذ تعيين الإدارة الأمريكية الجديد مبعوثا خاصا إلى اليمن تيموثي ليندركينغ ، حيث اقصي المبعوث الأممي عملياً وتحول دور الأمم المتحدة إلى حديقة خلفية للدور الأمريكي .
وتستميت الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة لمنع هزيمة واضحة قد تلحق بحلفائها في اليمن ويطال بتبعاته مشروعها ومصالحها وأمن “إسرائيل” في المنطقة في ظل صحوة شعبية وسقوط ورقة التوت عن الأنظمة الخائنة التي خانت القدس وفلسطين وقضايا الأمة الإسلامية الثابتة ، بما في ذلك توقيع اتفاقيات استسلام باسم شعوب الأمة للعدو الصهيوني .
الإدارة الأمريكية تعلن من خلال القرار الأخير حجب موقع المسيرة نت ومواقع أخرى مساندة في المنطقة لمظلومية اليمن عن حضورها العلني في الحرب الإعلامية إلى جانب المواجهة السياسية على طاولة التفاوض القائم في عمان ، وهي فرضت مؤخرا إدراج “أنصار الله” في قائمة منتهكي حقوق الأطفال الأممية ، لتحقيق مكاسب سياسية لتحالف السعودية المعتدي على اليمن وفرض مزيد من الضغوط على أنصار الله والشعب اليمني ، وفي هذا السياق لا يعلم إلى أي مدى بلغ التوغل العسكري الأمريكي ميدانيا في القتال في اليمن ، بين الحين والآخر تعلن عن فقدان حياة جنود في مهمات بالشرق الأوسط ، وتكاد البيانات الأمريكية عن الوضع في مارب يومية في ظل اشتعال المعارك هناك وخطورة وضع حلفاء السعودية وواشنطن هناك .
السلطات الأمريكية حجبت إلى جانب موقع المسيرة نت مواقع قنوات فلسطين اليوم والعالم وللؤلؤة والكوثر ونبأ ، ما عده مراقبون مرحلة جديدة تدشنها واشنطن في المواجهة مع محور المقاومة ، قرار يقول هؤلاء إن في طياته اعترافا أمريكيا بعجز وسائل المواجهة الأخرى عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، وتأثير هذه الوسائل المتنامي وهو ما تخشاه واشنطن في ظل عجز وسائل المواجهة الأخرى .
ويضيف هؤلاء : لجوء واشنطن إلى سياسة تكميم الأفواه هي سياسة عقيمة وتدل على العجز الذي بلغته السياسة الأمريكية خارجيا ، وهو إجراء برأيهم سيزيد من شعبية هذه الوسائل التي استولت واشنطن دون حق على نطاقاتها الافتراضية ، ويدشن نوعاً جديداً من المواجهة في الفضاء الإلكتروني .
وهو ما أكده السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، في خطابه مساء الـ 25 من يونيو الحالي أن مواقع وسائل الإعلام التي استولت عليها الإدارة الأمريكية تنتمي إلى ثقافة ومحور المقاومة كان لها دورها الكبير في التضامن مع فلسطين ولها موقف من الهيمنة الأمريكية وموقف من الفتنة والتكفيريين والقرار بحجبها يكشف زيف ادعاءات الإدارة الأمريكية المتعاقبة عن الديمقراطية وحرية الرأي ، كما اكد السيد نصر الله .
إقدام الولايات المتحدة على الاستيلاء على مواقع تابعة لمحور المقاومة فتح جيد لأبواب معركة اقتصرت على التراشق الكلامي ، وهي خطوة يرى فيها متابعون اضطراراً أمريكيا نتيجة التراجع في الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط أمام محور المقاومة ، ومحاولة أخيرة لحجب تأثير الانتصارات والثبات الذي يحققه هذا المحور في الميدانين العسكري والاقتصادي أمام الولايات المتحدة وحلفائها.