تقارير المستشفيات تفضح صمت العالم
التشوهات الخلقية للأجنة تؤكد استخدام تحالف العدوان أسلحة محرمة لقصف المدنيين
الثورة /
لم تتوقف الحرب العدوانية على اليمن عند حدود استهداف الأطفال في المدارس والمنازل والتجمعات السكانية، بل تجاوزتها إلى استهداف من سيولدون مستقبلا، إذ تسببت الحرب- التي تقودها السعودية والإمارات على اليمن منذ سبع سنوات، واستخدمتا فيها الأسلحة المحرمة دوليا- في ظهور حالات التشوه الخلقي الناتجة عن الغازات السامة والإشعاعات الضارة التي حملتها تلك الأسلحة.
حقائق ميدانية
الحقائق الميدانية- وبحسب تقارير المستشفيات اليمنية وتصريحات الأطباء- أكدت قيام تحالف العدوان باستخدام أسلحة محرمة دوليا، مشيرة إلى استقبالها الكثير من الإصابات الناتجة عن استخدام أسلحة “غير تقليدية” وهو الأمر الذي تكشف من خلال عدم جدوى التدخلات الطبية وعدم استجابة الكثير من الحالات للعلاج.
وكشفت التقارير الطبية- التي قدمها الاختصاصيون في مجالات الأمومة والطفولة- تزايدا كبيرا في أعداد حالات الإجهاض والتشوهات الجنينية والأطفال المشوهين نتيجة تعرض النساء خلال فترة الحمل للغازات السامة المنبعثة من القنابل والصواريخ المحرمة دولياً.
ووفقا لإفادات طبيبات النساء والولادة في مستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء، فقد وصلت إلى المستشفى عشرات الحالات المصابة بتشوهات جزئية وكلية في الأعضاء والأطراف، فيما حالات الإجهاض تتزايد؛ إما بسبب الخوف والأمراض الفايروسية أو بأسباب تتعلق بالحرب كاستنشاق الغازات والأدخنة الناتجة عن قصف الأحياء السكنية من قبل طائرات تحالف العدوان.
تشوهات غريبة
وبحسب إفادات أخصائيات الصحة الانجابية في المستشفى، فإن التشوهات الجنينية ووفيات الأجنة قد تحدث لأسباب عدة، وقد تكون نتيجة مرض يصيب الأم أو فايروس يصيب الجنين أو نتيجة سوء التغذية، ولكن الغريب في الأمر هو وجود تزايد في ظواهر التشوهات الجنينية دون أن يتمكن الأطباء من توضيح أسبابها، مما يشير إلى احتمالية ارتباطها بالحرب ومخلفات الأسلحة المستخدمة.
وأوضحت الأخصائيات أن أنواع التشوهات الجنينية التي يتعرض لها الأطفال تتعدد ما بين “ظهور نتوءات جسدية” أو “بروز واختفاء بعض الأعضاء الجسدية”، ما يشير إلى تسبب العدوان في زيادة التشوهات الجينية للأطفال.
وفي ذات السياق أكدت شهادات طبيبات النساء والولادة في مستشفى السلام بصعدة، “أن هناك عدداً من الأمهات الحوامل يأتين في الشهور الأخيرة، ولا يستطعن إجهاض الطفل بسهولة؛ مما يضطر معظمهمن لاستقبال أطفال تظهر عليهم علامات غريبة كانتفاخ الرأس أو عدم وجود فتحات للأنف أو الأذن أو اختلالات جسدية أخرى، وإن أغلب الحالات المصابة تأتي من مديريات “البقع ورازح، والمناطق الحدودية الواقعة تحت القصف المباشر”.
حقل تجارب عسكرية
من خلال شهادات الأطباء ووفقا للتحقيقات والشواهد المباشرة، يتضح أن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً خلال الحرب العدوانية على اليمن “التي دخلت عامها السابع”، هو السبب الأول في ارتفاع حالات التشوهات الجنينية بل وتحولها مع مرور الوقت إلى ظاهرة منتشرة في أغلب المديريات والمناطق التي تعرضت وتتعرض للقصف منذ العام 2015 وحتى اليوم.
الأمر الذي يؤكد أن تحالف العدوان خلال سنوات الحرب تعمد استخدام اليمن “شعباً وأرضاً” كساحة وحقل تجارب عسكرية لمختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، والتي قسمها الاختصاصيون إلى ثلاثة أنواع، الأولى: قنابل فراغية يتم استخدامها ضمن المناطق الهائلة، والثانية: قنابل مشبعة باليورانيوم، والثالثة: قنابل فسفور أبيض.
آثار مدمرة
لم تقف الآثار المدمرة للأسلحة المحرمة عند مستوى التشوهات فقط؛ ولكنها توسعت وشملت صنوفاً أخرى من الأمراض، وفي مقدمتها مرض “أورام السرطان” والتي تشير التقارير والاحصاءات الطبية إلى ارتفاع قياسي في أعداد الإصابة منذ بداية العدوان على اليمن، حيث أخذت الأعداد المصابة بالأورام تسجيل قفزات كبيرة تتجاوز النسب والمعدلات الطبيعية.
وزارة الصحة في العاصمة صنعاء” أشارت في أحدث تقاريرها إلى تسجيل 71 ألف إصابة منذ بداية الحرب، وأن هناك 9 آلاف حالة تضاف سنوياً، وما نسبته 15% بين الأطفال، وتضاعف أعداد المرضى بنسبة 100% فيما يستقبل 160 حالة يومياً من مختلف المحافظات، ويسجل سنويا حوالي ستة آلاف مريض جديد.
موقف دولي مخز
لم تكن وقائع ومشاهدات استهداف الشعب اليمني- بمختلف أنواع الاسلحة بما فيها المحرمة دولياً- خافية على أحد في المجتمع الدولي خاصة مع دخول الحرب عامها السابع، إلا أن هذه الجرائم لم تستطع أن تُشكل موقفاً دولياً موحداً يستهدف وقف الانتهاكات ومحاسبة المعتدي، ولم يكن هناك سوى إدانات من قبل بعض المنظمات الدولية “على استحياء”، هذا الواقع المخزي لم يكن له أن يُفسر سوى أن أموال التحالف السعودي الإماراتي ومع بداية العدوان، استطاع شراء صمت المجتمع الدولي “دولاً ومنظمات” إلى جانب مختلف وسائل الإعلام الدولي “كبريات القنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية والصحف والمواقع الإخبارية العالمية، ومواقع ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة”.
اتهامات مباشرة
مع تعاظم الجرائم والانتهاكات بحق الشعب اليمني، شهدت المواقف بعض التحول وهو ما ساعد في المحصلة على صدور بعض التقارير الدولية بشأن الحرب في اليمن، وفي سياق هذا التحول البطيء أشارت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في عدد من تقاريرها، إلى رصدها استخدام الأسلحة المحرمة من قبل التحالف التي تقوده السعودية، وأنه توجد لديها أدلة ذات مصداقية بأن قوات التحالف استخدمت في حربها على اليمن ذخائر عنقودية محظورة “من صنع الولايات المتحدة”، وذكرت المنظمة في أحد تقاريرها الصادرة: أنها وثقت استخدام ستة أنواع من الذخائر العنقودية على الأقل، ثلاثة تم إسقاطها من الطائرات وثلاثة حملتها صواريخ أرضية على عدة مواقع في خمس محافظات يمنية (عمران وحجة والحديدة وصعدة وصنعاء)، وفي تقرير آخر” نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” صور لبقايا قنابل محرمة دولياً استخدمتها قوات التحالف عند قصفها لأحياء سكنية في العاصمة صنعاء، مما خلف خسائر بشرية في صفوف المدنيين داخل المناطق المأهولة بالسكان.
وفي ذات السياق، وجهت منظمة “العفو الدولية” اتهامات لقوات التحالف باستخدام أسلحة محرمة دولياً، وأن لديها أدلة تفيد بإلقاء التحالف قنابل عنقودية محرمة من صنع الولايات المتحدة وبريطانيا والبرازيل، وأشارت المنظمة إلى أن الأسلحة المحرمة تؤدي إلى “إلحاق الضرر المؤكد بالكبد والكلى، ومرضى السرطان، كما تسبب أضراراً وراثية وهو ما يؤدي إلى تزايد عدد حالات الإجهاض ووفيات المواليد وانتشار التشوهات الخلقية للأجنة”.
جدير بالذكر أن عمليات الرصد والتوثيق من قبل المنظمات الدولية، لم تكن هي السباقة في الكشف عن استخدام الأسلحة المحرمة من قبل السعودية وحلفائها، حيث سبقها في التحرك عدد من المنظمات اليمنية المتخصصة في الجوانب الإنسانية والحقوقية والقانونية، التي عملت في المرحلة الأولى على رصد وتوثيق مختلف أنواع الضربات الجوية ومدى قوتها ومشاهد الانفجارات التي أحدثتها، إلى جانب الرصد الإحصائي عن الأمراض المتفشية “من سوء تغذية وتشوهات جنينية وإجهاض” نتيجة استخدام الأسلحة والقنابل المحرمة دوليا، وفي المرحلة الثانية سعت المنظمات المحلية إلى الكشف عن تلك الجرائم عبر مختلف وسائل الإعلام “التقليدي والحديث” في سبيل إيصالها إلى كل مكان في العالم.