رويدا البعداني
يقول تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ﴾ [البقرة ٤٣]
في ظِلّ أوضاعٍ لم يسبق لها مثيل في بلادنا في العصور المتأخرة على الأقل تبرز حاجة التكاتف والتعاون؛ وأداء حقوق الله تعالى قبل هذا وذاك؛ ألا وهي فريضة الزكاة والتي كانت قرينة الصلاة في كتاب الله تعالى لما لها من الأهمية.
الزكاة لغةً:- التزكية والتطهير. وهي الركن الثالث من أركان الإسلام. فُرضت في السنة الثانية للهجرة. وقد سُميت زكاة؛ لأنها تُزكي المال، وتُحلل ربحه وهي حقٌ للفقراء في مال الأغنياء؛ وليست مِنّةً ولامِنحة ولعلوّ شأنها تكررت في أكثر من ثلاثين آية في القرآن الكريم، فهي لاتقل أجرًا وثوابا عن فريضة الصلاة، إذ نجدُ أن الله جل شأنه قد قرنها بالصلاة لبالغ أهميتها، وضرورة تأديتها؛ غير أن هُناك من يتهاون في تأدية هذه الفريضة حِرصًا أو بُخلًا متناسيًا أو جاهلًا قول الله تعالى:
(وَٱلَّذِینَ یَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا یُنفِقُونَهَا فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیم) [التوبة ٣٤]
ونتيجة لعدم الشعور بالمسؤولية لدى بعض الأغنياء والذين تجب في أموالهم الزكاة، أضحى الغني يأكل حق الفقير وبهذا أصبح مجتمعا رأسماليا باجتياز وامتياز، وهذا معوَلُ هدمٍ لطمس الهُوية الإيمانية، وكذلك الإطاحة برابطة القومية ونزع أواصر الإيثار بين أفراد المجتمع. ولتصفية هذه الظاهرة، واستئصالها من جذورها، سارعت قيادة المجلس السياسي بإنشاء الهيئة العامة للزكاة عام ٢٠١٨م. متمثلة بالشيخ شمسان أبو نشطان، ومن هُنا تم التلاحم والتكامل والتكافل رغم أنف المعضلات والصعوبات التي كانت أشبه بجسر عبور، وتمهيدا لما سيناط به من مسيرة حاشدة تُعزز مبدأ التكافل الاجتماعي بين الأفراد والمجتمعات، بما في ذلك تغطية عوز الأهالي، خاصة أهالي الشهداء، والأسرى والمعاقين والمكفوفين والنازحين والمنكوبين والأسرى والمفقودين… وتطول قائمة المعاناة وتطول.
إن دور الهيئة العامة لم يقتصر على إعطاء كل ذي حق حقه، بل كان لها الدور الأهم في تبني المهن وتدريبها، وتأهيل الأفراد وتشجعيهم ليكونوا فرق منتجة تعول أسرها من مصادر رزقها، كذلك تمكنهم من الاعتماد على أن أنفسهم كما هي عون وسند لذوي الاحتياجات الطارئة، كالغارمين وأبناء السبيل ولضحايا الحروب والكوارث النازلة، كما اهتمت بدعم مشاريع الأيدي العاملة، وتوفير ماتحتاجه للنهوض ومقارعة الركود الاقتصادي والذي يعتبر من أخطر المعضلات التي عاناها الاقتصاد العالمي.
وكان مما حققته هذه الهيئة في الآونة الأخيرة بالتعاون مع مؤسسة الشهداء توزيع العيدية لأبناء الشهداء بأمانة العاصمة “صنعاء” والمحافظات، تحت شعار “أبناء الشهداء حدقات العيون” أيضًا أعتنت بكفالة العديد من يتامى الحروب، وساعدت الأسر الأشد فاقة المستحقة بالزكاة، كذلك اهتمت الهيئة بتوزيع الهدايا العينية والنقدية لأسرى العدو وهذا بدوره يجسد أخلاق الإسلام القائمة على حُسن التعامل مع العدو، بعيدًا عن جرائمه وفداحة مايقترفه. وامتثالا لقوله:(( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا )) [ الإنسان-8]
إن الزكاة لاتقتصر على سد رمق فقير، أو مواساة مسكين، بقدر ماهي اعتماد الفرد المحتاج على نفسه، وتوفير ما يحتاجه من مقومات الحياة له ولأسرته بحيث لايلجأ للتسول وهو قادر على تحسين وضعه، أيضًا رفد القطاع الاقتصادي بالإنتاج اليدوي، بأسعار معقولة ومناسبة، لذا ينبغي على الجميع مساندة هذه الهيئة ودعمها كي نحظى بحياة هانئة مطمئنة.