يتميز باأحاسيس وطنية فريدة وضحى بالكثير من أجل حبه 

كتب/ ياسر الشوافي
 
< .. عندما نستمع للفنان اليمني المخضرم أبوبكر سالم بلفقيه وهو يشدو بروائعه الغنائية المتنوعة والمختلفة لابد لنا أن نذوب شوقاٍ وهياماٍ ورقة وغراما حتى ولو كنا في قمة اليأس والتعاسة أو في أسوأ الظروف ونحن نتحدث هنا عن جميع أغاني وفنون هذا الفنان العملاق دون استثناء ليس لأن هذا الفنان العريق  يتمتع بملكات فنية وإبداعية مختلفة من صوت نادر ومتنوع الطبقات واللمعات أو من ذكاء أو غيرها من المواهب التي خصه الله بها دون غيره من الفنانين والمطربين اليمنيين والعرب بشكل عام.. ولكن لأن هذا الفنان والمطرب الكبير استطاع أن يستغل هذه الملكات والمواهب لينميها ويوظفها التوظيف الصحيح في المجالات الفنية المختلفة وأن يضفي لها الكثير من الأمكانيات الأخرى التي تسلح بها فناننا العملاق أبوبكر سالم من خلال الإطلاع والمتابعة لكل ما هو قديم وجديد في أن واحد.. فبعد تسلحة بالعلم والدين الذين تشربهما منذ صفولته في مدينة تريم الغناء ومنارة العلم والإشعاع الديني منذ قديم الأزمان (وهي مسقط رأسه) حيث عاش طفولته بين أزقتها وشوارعها المشحونة بالروحانية والمحبة والتسامح والأخلاق الحميدة وبين جوامعها وما مآذنها الشاهقة في السماء والتي لقبت قديما (مدينة المساجد والمآذن» و«مدينة العلم والعلماء» إلى أخرها من المميزات المعروفة وغير المعروفة عن هذه المدينة المتوشحة برداء الدين الإسلامي الحنيف .. والحديث عنها يحتاج إلى مجلدات ولكننا هنا نتحدث عن أحد اعلامها الذين برزوا في مختلف العلوم والابداعات المختلفة التي خدمت البشرية والامة الإسلامية في كل مكان وزمان فكما برع وبرز أبناؤها في علوم الدين والفقه والشريعة وهو الجانب الأكثر شهرة عن هذه المدينة الغناء.. برزوا في الأدب والثقافة بشتى انواعها وبالتاريخ وعلوم كثيرة وبرعوا في الشعر والإنشاد وفنون الغناء والفنون بأنواعها سوءاٍ كانت الفنون المعمارية والاسلامية.. ونواصل هنا في هذا الحيز البسيط الحديث عن أحد أعلام هذه المدينة التاريخية الزاخرة بالعطاء وهو الفنان اليمني العملاق أبوبكر سالم بلفقيه والذي كما ذكرنا سلفاٍ إنه من أبناء هذه المدينة العظيمة وتربى وعاش بين أربطتها ومساجدها ومآذ نها السامقة في عنان السماء وتشرب من علومها الدينية والثقافية والتاريخية المختلفة.
والحديث عن هذا الفنان العملاق الذي أبدع في شتى المجالات الابداعية الثقافية لما يمتلكة من مواهب ابداعية وثقافة كبيرة في الدين والتاريخ والأدب واللغة العربية الفصحى والشعر والغناء والموسيقى فعندما يصدح بصوته الجبار الساحر تضيع كل الاصوات والحناجر مهما كانت وعندما يطرب تخرس السنة المطربين من حوله وإذا هندس للكلمات الشعرية وكتب وقال شعراٍ لاجدال حوله وإذا ما تفنن وأبدع في الجانب الموسيقى قدم الروعة والجمال النادرين وإذا ما تحدث وأسهب في الثقافة بشكل عام فعلى الجميع أن ينصتوا ليستفيدوا فقط.
ونحن هنا وفي هذه الواحة والحيز البسيط لانستطيع الحديث عن اللآلئ والدرر والتحف البديعة النادرة في شواطئ بحار هذا المحيط الهادر والمتدفق بذلاٍ وعطاءٍ فما  بالكم بالحديث عنه.
فالحديث عنه يحتاج إلى كتب ومجلدات وأبحاث وابحاث ودراسات لمتخصصين وأكاديميين.
الأصيل «أبو أصيل»
> ولكننا نتحدث هنا في هذه الاسطر البسيطة عن الأصيل ابوبكر سالم الإنسان الفنان الوطني الأصيل.. فمن يعرف الفنان المخضرم «أبو أصيل» يعرف مدى وطنيته ومدى حبه لليمن أرضاٍ وإنساناٍ.. وكيف يهيم بهذا البلد عشقاٍ وغراما وهو يتحدث عنها بكل ذلك الإسهاب والعمق الشديدين وذلك الحب الخالص وعن عطائها وعراقتها وعظمة أبنائها ومبدعيها وكأنه لم يغترب ولم يعش بعيداٍ عنها أكثر من خمسين عاماٍ متنقلاٍ بين بيروت والرياض الكويت وكل دول الخليج العربية حتى استقر به المقام قبل أكثر من عشرين عاما في قاهرة المعز وأم الدنيا مصر الحبيبة بحثا عن الابداع والعلم والاطلاع والتطوير والتألق والشهرة ويضيف لها ويترك بصماته واضحة وعلامته الواضحة أينما حل وغدا.. حتى استطاع أن يحقق كل هذا النجاح والشهرة والتألق الدائم .. ومع هذا وكما أسلفنا لم ينس أو يتناس يوماٍ موطنه الحبيب ومسقط رأسه و«أمه اليمن» التي كان يزورها بين الحين والآخر إذ لم ينقطع عنها انقطاعا كليا طوال هذه الفترة حيث كان يزور مدنها وشعابها المختلفة في حضرموت وعدن وتعز وصنعاء وكلما زار شطراٍ من الشطرين إبان حقبة التشطير غنى لليمن ككل في الشطرين حينها وهكذا.
وتجده هناك يتلهف لمتابعة أخبار بلاده الأم وكل صغيرة وكبيرة عنها عبر الفضائيات والاذاعة وغيرها كما أنه في منزله هناك لا يفتح التلفاز إلى المتابعة الفضائيات اليمنية طوال الوقت حتى ولو لم يكن فيها سوى برامج مملة وبرغم أنها لاتبث أعماله الغنائية إلا في النادر لكن هذا لا يهمه ولايجعله يغفل عن متابعتها وكلما وكلما شاهد فيها منظراٍ سياحياٍ لأية مدينة من اليمن تجده يطلق النهدة متشوقاٍ لهذه الأرض الحبيبة وكلما سمع عنها خبراٍ من الأخبار الشائنة والشائعات المغرضة أمسك بيده على قلبه ويتصل ويسأل ويتقصى عن التفاصيل حباٍ وخوفاٍ على هذه الأرض الحبيبة.
وتجده يسأل عن كل صغيرة وكبيرة يعرفها أو قد لا يعرفها في هذا الوطن الحبيب وبكل لهفة وشوق.. ويسأل وكيف الفنان فلان والفنان الفلاني وكيف الشاعر فلان وكل من يعرفهم.
> نعم هذا هو جزء بسيط من حياة وحب هذا الفنان العملاق الذي أحب بلاده وأعطاها كل مشاعره وأخلاصه وعطاءاته دون رياء أو نفاق أو لحاجة يريدها منها.. بل كل هذا الحب والعطاء الوطني في وقت كان بإمكانه أن يعمل كما فعل البعض من الفنانين والشعراء والمبدعين ضعفاء النفوس ممن لمجرد أن حصلوا على فرصة الخروج من حدود هذا الوطن والاغتراب أو الاستقرار في الخارج يبدأون بنشر أثير الجحود والنكران لهذا الوطن الذي اعطاهم الكثير والكثير مما أعطى لفناننا العملاق أبوبكر ولم يكتفوا بالسكوت على الاقل بل يتنكرون علناٍ حتى أنهم يعيشون في الخارج على حساب هذا الشعب والوطن وسمعته وتراثه بينما لم يستفد فناننا الأصيل «أبو أصيل» شئياٍ وهو داخل الوطن وبنى نفسه وتاريخه ونجاحه في الخارج لكنها الروح الاصيلة والمبادئ والأخلاق الوطنية والاجتماعية.
ونحن نتحدث بهذه العجالة عن وطنية هذا الفنان العملاق وحبه الكبير لليمن أرضاٍ وشعباٍ.. وبالأخص عندما نستمع إلى أغانيه الوطنية الكثيرة التي غنى بها لليمن وتغنى بها منذ بداية اغترابه حتى اليوم ونتمعن في كلماتها ومعانيها بدقة وبلاغة سندرك مدى الحب والشوق والحنين إلى أرض اليمن في قلب «أبو أديب» هذا الإنسان الأديب الفنان.
فقد بدأ فناننا العملاق يشدو بأغانيه الوطنية القوية منذ بداية الستينيات بداية فترة اغترابه في بيروت التي اغترب فيها أكثر من عشر سنوات وكان نجم الحفلات والسهرات والمحافل طوال فترة إقامته فيها.. حيث تغنى بـ«يا طائرة طيري على بندر عدن زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن».. هذه الرائعة الشهيرة التي صارت حينها على لسان كل يمني وعربي.. وبعدها صدح بحنين «كل شيء معقول.. كل شيء مقبول إلا فراقك يا عدن».
وغنى الكثير من هذه الروائع الوطنية من كلماته وألحانه مثل رائعته العميقة والشهيرة «أمي اليمن» التي غناها في العيد الفضي لثورة 26 سبتمبر في حفل كبير في صنعاء عام 1987م وبعدها غنى «يمن على مر الزمن» عام 1989م في ميدان الظرافي بصنعاء في حفل لم تشهد صنعاء له مثيلا.. ثم غنى «اليمن طيب» وقبلها «دوِن ياقلم دوِن» وغيرها الكثير وجميعها من كلماته وألحانه ولن نجد أروع وأصدق من هذه الأغاني والروائع الوطنية المعبرة والبليغة والتي نتمنى من الفضائيات اليمنية بثها بشكل متواصل على شاشاتها ليتعلم منها الشباب داخل الوطن وخارجه.
> هذا إلى جانب الأغاني الأخرى مثل «حد في الحجيرة» و«ليلة في الطويلة» و«على طريق البريقة» و«ليلة الأحد في سيئون» و«أنا من الغناء مدينة حضرموت» وغيرها الكثير بعضها من كلماته والبعض الآخر من كلمات الشاعر الراحل حسين أبو بكر المحضار هذا إلى جانب ما غناه من التراث الصنعاني واليمني بشكل عام تخليداٍ لهذا التراث وحباٍ في هذا الوطن وتراثه الزاخر.
> ولهذا كله وغيره الكثير والكثير من العطاء والحب الوطني اليمني اسمح لنا أيها العملاق المخضرم أبو بكر سالم أن نقول لك على لسان الصغار والكبار والشباب من أبناء هذا الشعب العظيم بأننا نحبك نحبك نحبك بقدر حبك لهذا الوطن وشعبه وبقدر عطائك الفني الزاخر وبقدر مساحات صوتك المازنة في السماء.. ونبادلك نفس الحب والوفاء.
أمي اليمن من يشبهك
> نعم أيها الأصيل «أبو أصيل» فمن يسمعك وأنت تترنم باسم «الحبيبة اليمن» وتشدو بحبها وعراقتها وجمالها وسحرها وشعبها وتوثق جزءاٍ لتاريخها.. وتتباهى بهذا التاريخ لهذا البلد العريق وتتفاخر بحبها وعروبتها وأصالتها.. وإبداعات أبنائها وعلمائها ومفكريها بمختلف المجالات وأنت تتغنى برائعتك الشهيرة «أمي اليمن» التي صغت وهندست كلماتها ولحنها على متن الطائرة وأنت متجه إلى صنعاء الحضارة – كما قلت لي أكثر من مرة – أثناء تلبيتك لدعوة كريمة للمشاركة في احتفالات الوطن بالعيد الفضي لثورة 26 سبتمبر المجيدة.. وقد يستغرب البعض عندما يقرأون هذا الكلام ويقولون (مش معقول) لكن من يعرف مدى حبك وعمق شغفك لهذا الوطن والشعب وغزارة ثقافتك سيدرك أنك لست بحاجة إلى البحث عن الفكرة والكلمات للتعبير عن حبك لهذه الأرض الطيبة وهذا الوطن الذي يسكن في حناياك وجوانحك ولم تكتف بتقديمها بذلك الحفل الذي حققت فيه هذه الأغنية كل النجاح بل غنيت حينها «أحبة ربى صنعاء» و«ظبي اليمن» و«رسولي قم بلغ لي إشارة» و«ومعلق بحبل الحب» وغيرها من أغاني التراث الصنعاني إلى جانب مجموعة من أغانيك بل انك أصبحت تغنيها بعد ذلك في كل حفل فني أحييته سواء بالإمارات أو البحرين أو الكويت أوالقاهرة وغيرها ومن لا يذوب عشقاٍ فيك وفي اليمن الحبيب وهو يستمع لك وأنت تشدو بكل أحاسيسك ومشاعرك:
أمي اليمن .. أمي
في داخل القلب حبك
في الفؤاد استبأ
من عهد بلقيس وأروى والعظيمة سبأ.
ثم تتباهى بين الشعوب والأمم وتشدو  متفاخراٍ:
من يشبهك .. من¿¿
أنت الحضارة أنت
أنت المنارة .. أنت
ياكاتب التاريخ سجل بكل توضيح
أنت الأصل والفصل والروح والفن
من يشبهك .. من ¿¿
ولم تكتف بذلك بل تغنيت وغنيت وحبيت كل من يحب أويهوى اليمن وتربتها الطاهرة الزكية يمنياٍ أو عربياٍ أو غيره.. فقلت:
عيني علي كل من .. حلت قليبه اليمن
عيني على كل من.. يهوى ربوع اليمن
إلى آخر هذه الرائعة الوطنية التي يعرف الجميع يمنيين وغيرهم كم كلفتك كتابتها وتلحينها وغناؤها وكم دفعت ثمنها من سنين عمرك ومن شقا وكم واجهت بسببها من المشاكل والمصاعب والعناء وخسرت الكثير الكثير من المال والامتيازات وغيرها .. ووكنت تعرف كل هذا وما سيحصل لك من وراء تلك المشاركة وتلك الأغنية والكلمات ولكنك رغم ذلك شاركت احتفالات شعبك الوطنية حينها وكتبت هذه الأغنية ولحنتها بأروع الكلمات والألحان.

يهيم حباٍ وعشقا باليمن
> كيف لا نحبك ونهيم عشقاٍ بك وبفنك الراقي والرفيع وأنت ترفع راية بلدك اليمن واسمها عالياٍ في كل محفل عربي طوال أكثر من خمسين عاماٍ مضت ولا زلت بكل حب ووفاء وصدق المشاعر دون أن تنتظر منا شيئاٍ أو كلمة شكر على الأقل سواء في الإعلام أو غيره أو على الأقل التباهي بهذه الأعمال والإبداعات والروائع وبثها عبر وسائلنا الإعلامية الإذاعية والتلفزيون والفضائيات اليمنية التي يجب أن تبث هذه الأعمال الوطنية 24 ساعة وعلى مدار العام لأنها ليست مرتبطة بمناسبة وطنية بعينها بل هي شاملة وعميقة صالحة لكل المناسبات الوطنية المختلفة.. أو ليس حباٍ فيك أو بجمهورك الذي هو عامة الشعب اليمني صغيره وكبيره شبابه ونساءه.. فعلى الأقل حباٍ في اليمن وبهذا الوطن الحبيب الذي نحبه جميعاٍ دون استثناء ونحبك لأنك تحبه أكثر بل قد تلاقي الجحود والنكران والحقد الدفين من البعض وهم لا يتجاوزون أصابع اليد أكانوا داخل الوطن أو خارجه وإن كانوا مؤثرين أو في مواقع حساسة فهؤلاء للأسف الشديد ليسوا يمنيين ونتبرأ منهم جميعاٍ.. أو أنهم موتورون وحاقدون على الوطن فقط ومغتاظون لأنك تقدم لوطنك كل هذا الولاء والحب والإبداع والنجاح وتهديه كل هذا العطاء والمتدفق أيها اليمني الأصيل العملاق.
وإن كان مثل هؤلاء القلة فعلاٍ موجودين رغم أننا واثقون بأنه لايوجد هناك فرد واحد في أسرة يمنية من بين أكثر من خمسين مليون يمني يعيشون داخل الوطن أوخارجه إلا وهو يبادلك الحب والإحترام ويكن لك كل التقدير ويفتخر بك وبانتمائك الوطني وحبك ووفائك لوطنك وشعبك أيها الأصيل «أبو أصيل».
فأنت من غنيت هياماٍ وعشقاٍ لليمن السعيد أرضاٍ وشعباٍ طربا وغناء في كل المحافل والمهرجانات . أو حديثاٍ ونغما في كل اللقاءات والبرامج التلفزيونية الفضائية العربية المختلفة.
 

قد يعجبك ايضا