مدرسة الفروسية
د. جابر يحيى البواب
تُعدُ المدرسةُ إحدى الهيئات في المجتمع، والتي تتولى وظيفة التنشئة، والعمل على رفع القُدرات والمهارات في شتى المجالات، فهي تعمل إلى جانب الأسرة في التنشئة الاجتماعية للفرد وزرع القيم الإنسانية لديه.
ما قدمه مربط الرعد للخيول العربية الأصيلة في سنوات ضئيلة مضت يضرب به المثل في الشغف والحب الحقيقي لرياضة الآباء والأجداد والتعلق بالصافنات الجياد.. أتذكر أن هذا المربط كان لا يملك سوى بضعة خيول أغلبها لا يرتقي إلى مستوى الخيل اليمني ناهيك عن الخيل العربي الأصيل، وبحكم تواجد هذا المربط بمحافظة الحديدة وقربه من الخيول التهامية ذات الأصل الحبشي والتي تنتشر وتتكاثر أكثر من الخيول العربية الأصيلة نتيجة لسهولة استيراد ونقل الخيول الحبشية ورخص ثمنها وغياب الرقابة والإشراف على عملية التلقيح والتكاثر وانتقاء السلالات والمحافظة على جودة إنتاج الخيول العربية الأصيلة، فقد كانت خيول هذا المربط عبارة عن خليط من الخيول متنوعة السلالة وفاقدة للأصالة “لا تمتلك مواصفات وصفات الخيل العربي الأصيل” وفي الفترة الأخيرة من العام 2014م وبعد تواصل القائمين على المربط بالاتحاد العام للفروسية والهجن واختلاط كادر المربط بكادر نادي العاصمة للفروسية وتواصلهم مع المختصين بالاتحاد والنادي والجهات العسكرية الممارسة لرياضة الفروسية كالكلية الحربية وكلية الشرطة، بدا جلياً ظهور تحسن في مقتنيات المربط من الخبرات والإمكانيات والخيول العربية الأصيلة.. حتى وصل المربط إلى درجة كبيرة في مستوى امتلاك العديد من الخيول العربية الأصيلة خصوصا بعد شراء أهم الخيول العربية الأصيلة التي كان يمتلكها نادي العاصمة للفروسية، وآخرها كان الفحل العربي الأصيل الملقب بالذهب، والذي كان نادي العاصمة للفروسية يتيح الفرصة للعديد من ملاك الخيول بتلقيح أفراسهم من هذا الفحل حرصا على تكاثر هذا النوع من الخيول العربية الأصيلة وعدم اندثار السلالات الجيدة التي تمتلك القوة والرشاقة والجمال.
لقد انتقلت ملكية هذه الخيل العربي الأصيل وغيره من الخيول العربية الأصيلة من ملكية نادي العاصمة للفروسية إلى ملكية مربط الرعد للخيول العربية الأصيلة، في وقت صعب ومؤلم مر به نادي العاصمة بعد أن شردت خيوله ودمرت مرافقه الرياضية والترفيهية وغلق المكان الذي ظل طيلة خمسة عشر عاما مقصدا للعائلات والفرسان والأفراد الشغوفين المحبين لرياضة الآباء والأجداد.
أخرجت خيول نادي العاصمة من إسطبلاتها وأخرجت معها خيول مربط الرعد التي استضافتها إسطبلات نادي العاصمة بعد نقلها من الحديدة إلى صنعاء فرارا من صواريخ العدوان التي طالت مزارع وإسطبلات ومنشأة مزرعة مربط الرعد بمحافظة الحديدة، مما اضطر القائمين على المربط إلى نقل هذه الخيول وإيوائها في إسطبلات النادي حرصا منه على الحفاظ على موروثنا الشعبي الأصيل من الخيول العربية الأصيلة، وحرصا على استمرار رياضة الآباء والأجداد “الفروسية”.. لكنها الأقدار التي تغير الأحوال، فقد جاء موعد التزام القائمين على النادي بضرورة إخلاء الأرض وملحقاتها من المنشأة “إسطبلات -صالات – مسبح..” المؤجرة من مالكها فشردت الخيول وتم نقل خيول نادي العاصمة إلى أرض مكشوفة مفتوحة من كل الجوانب بمنطقة أرتل، ونقلت خيول مربط الرعد إلى منشأة حديثة بذل القائمون على مربط الرعد جهدا كبيراً من أجل إبرازها بالشكل الذي يليق برياضة الفروسية ويحافظ على جمال الخيول العربية الأصيلة التي امتلكها مربط الرعد، مظهرت فكرة فتح مدرسة تعليمية لركوب الخيل وممارسة هذه الرياضة الأصيلة على أسس ومناهج تعليمية، تكسب المنتسبين الأصالة والقيم والسلوك الحميد.
من جمالية وأصالة مدرسة الرعد للفروسية البناء الأثري التاريخي للإسطبلات والتي استخدمت فيها الياجور الصنعاني والقمريات التراثية التي كانت وما تزال من المعالم الجميلة التي تزين منازل مدينة سام التاريخية “صنعاء”.. مدرسة الرعد رغم صغر المساحة وضيق ميادين التدريب ونقص الإمكانيات التعليمية التدريبية، إلا أنها سوف تصبح مستقبلا مقصد كل عشاق ومحبي الخيول العربية الأصيلة، وهدف كل شغوف لتعلم ركوب الخيل بالأسس والمبادئ التعليمية السليمة.
اليوم وبعد فتح مدرسة الرعد للفروسية وتعلم ركوب الخيل بت متفاءلاً جدا بتحقيق حلمي وحلم الكثير من عشاق رياضة الآباء والأجداد بانتشار وتوسع ممارسة الفروسية وركوب الخيل وتعلم أصول هذه الرياضة وتحقيق إستراتيجية الاتحاد العام للفروسية والهجن التي أطلقنها بعد فوز أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بالأغلبية وحصولهم على ثقة الجمعية العمومية في الانتخابات الرسمية والقانونية والمنظمة لجميع الاتحادات الرياضية اليمنية بإشراف اللجنة الأولمبية الوطنية والدولية وبمباركة الاتحاد العربي والآسيوي والدولي.. تمنياتي للقائمين على مدرسة تعليم ركوب الخيل وممارسة رياضة الفروسية بمزيد من النجاح والتألق.. وللقائمين على نادي العاصمة للفروسية بالتوفيق والوصول إلى إقناع قيادة الشباب والرياضة بتوفير مقر جديد لهذا النادي العريق والأول في تعليم وتدريب الفرسان والأشخاص على أسس ومبادئ ركوب الخيل منذ ما يقارب الخمس والعشرين عاماً.