الحروب السيبرانية ساحة صراع جديدة أدواتها الحواسيب وجنودها العقول وأهدافها المعلومات والبيانات وميدانها الشبكة الافتراضية
الأمن السيبراني.. التحدي القادم للسيادة الوطنية
لا بد من رفع مستوى وعي المواطنين بأساليب الحرب السيبرانية ومخاطرها الناتجة عن سوء استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي
تتزايد مخاطر الحروب السيبرانية بزيادة العلاقة بالفضاء الإلكتروني
الكيان الصهيوني سعى لتطوير القبة الحديدية الرقمية لمواجهة معارضيه سيبرانياً
الثورة/ هاشم السريحي
قُدمت إلى المؤتمر الوطني الأول للأمن السيبراني الذي نظمته وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال الفترة 7 – 9 يونيو الجاري دراسة علمية بعنوان: “الأمن السيبراني التحدي القادم للسيادة الوطنية” أعدها الدكتور ناصر القُدمي – أستاذ الاتصالات والشبكات المساعد – الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
وقد بيّنت الدراسة أن الأهمية العلمية والعملية لمثل هذه المؤتمرات وورش العمل والأوراق العلمية المقدمة تكمن في توضيح مفاهيم الحرب السيبرانية وأدواتها وتوضيح مخاطرها وأبعادها العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على اليمن في ظل تزايد انخراطنا في استخدام تقنيات الفضاء الإلكتروني، وما يتصل بها من تهديدات للأمن القومي حيث تتزايد مخاطر وتداعيات الحروب السيبرانية كلما زادت علاقتنا بالفضاء الإلكتروني؛ لذا تسعى هذه الدراسة لدق ناقوس الخطر القادم وتشخيصه وتحديد الوسائل والإجراءات الاستراتيجية لمواجهته بالإضافة إلى أنها تهدف إلى نشر ثقافة وطنية بمخاطر الحروب السيبرانية.
وتتمثل المشكلة البحثية للدراسة في تساؤل رئيسي مفاده: كيف ستتأثر السيادة الوطنية والأمن القومي لليمن إذا لم تستعد بشكل يتناسب مع مخاطر الحرب السيبرانية؟
وكشفت الدراسة أن الفضاء السيبراني أجبر الدول على الاعتراف به والتعامل معه كجبهة جديدة للصراعات والتفاعلات على المستويات كافة المدنية والعسكرية وباستخدام وسائل وأساليب ذكية تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أدواتها الحواسيب والأرقام وجنودها العقول وأهدافها المعلومات والبيانات وساحتها الشبكة الافتراضية، وهذا النوع من الحروب والتهديدات شديدة الخطورة على المؤسسات والبنى التحتية الحيوية للبلدان، حيث تعتبر بيانات الحاسوب بيانات رقمية إلكترونية قابلة للتغيير والمسح والإضافة والتشفير والسرقة، عن طريق ثغرات رقمية خفية مما يجعل من المستحيل تتبع مصادر الاختراق واحتوائها، ولهذا سيشكل هذا النوع من الحروب تغييراً كبيراً في موازين القوى في المستقبل.
إقليميا: يسعى الكيان الصهيوني دائماً إلى الاحتفاظ بميزة التفوق النوعي على دول المنطقة وتعويض نقص العنصر البشري من خلال السعي نحو الريادة التكنولوجية و خصوصا في مجالات الحروب الإلكترونية والسيبرانية كأداة وسلاح هام للغاية من أسلحة الحروب المستقبلية، مستغلاً في ذلك تقدمه التكنولوجي في صناعة البرمجيات ونظم الحماية السيبرانية وواضعاً في حسبانه الأبعاد الأيديولوجية والعقائدية والوضع غير القانوني له كدوافع أساسية لتشكيل جيش إلكتروني يمكنه حماية شبكات الإنترنت، و في نفس الوقت يشن هجمات مدمرة على الدول التي تعارض سياساته أو تقاومه وهذه الهجمات قد تفوق في ضررها ما تحدثه الأسلحة التقليدية، بالإضافة الى ذلك فقد بدأت جامعة بن جوريون واعتباراً من العام الجامعي 2013م في إدراج مجال الفضاء السيبراني ضمن مقررات المرحلة النهائية والماجستير بقسم هندسة نظم المعلومات، في إطار مبادرة بالتعاون مع وزارة الدفاع والإدارة الوطنية للفضاء السيبراني وتتركز الأبحاث التي ستدخل ضمن المقررات على: أساليب كشف الاعتداءات السيبرانية، والحماية ضد الفيروسات والبرمجيات الخبيثة، وحماية الشبكات ونظم التشغيل وغيرها ولأهمية هذا المجال فإنهم يطلقون عليه ما يسمى بالقبة الحديدية الرقمية، كما أنشأت إسرائيل ما يعرف بالوحدة 8200 وهي وحدة خاصة تابعة لجهاز مخابرات الكيان الصهيوني وظيفتها التجسس وقيادة الحرب الإلكترونية وتتبع أعداء الكيان الصهيوني المحتملين كما تعمل على التحكم في الرأي العام عن طريق صفحات الويب ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما عربياً: فقد خطت بعض الدول العربية خطوات خجولة في هذا السباق، في ظل غموض الموقف لدى الدول الأخرى في المنطقة ومنها بلادنا وعدم لعبها دوراً واضح المعالم في سباق التسلح السيبراني عالمياً.
كما تطرقت الدراسة إلى الأبعاد المختلفة للقوة السيبرانية على الأمن القومي والسيادة الوطنية والتي تتمثل في الأبعاد العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ودعت الدراسة إلى ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية للأمن السيبراني تتكفل بضمان أمن وحماية الوجود اليمني في الفضاء السيبراني، وحماية البنية التحتية الحيوية للمعلومات من أي تهديدات إلكترونية تمس بالأمن والسيادة أو الأصول أو البيانات أو المصالح لكل الكيانات والمؤسسات والأفراد المتواجدين على التراب الوطني.
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على تأسيس مركز دفاع سيبراني تكون مهمته الأساسية التصدي للهجمات الإلكترونية، وإدخال مجال الأمن السيبراني ضمن مناهج التعليم، وتبني العقول النابغة واحتضانها داخل مؤسسات الدولة.
كما أكدت الدراسة على أهمية دور وسائل الإعلام الوطنية في رفع مستوى وعي المواطنين بأدوات وأساليب الحرب السيبرانية والتوعية بمخاطر الجرائم الإلكترونية الناتجة عن سوء الاستخدام لشبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
ودعت الدراسة إلى العمل على طرح مسودات للقوانين والتشريعات المتعلقة بالفضاء السيبراني، ووضع اليمن على خارطة الفضاء السيبراني العالمي ومراجعة المعاهدات والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن وبما يتناسب مع الأمن والسيادة والمصالح الوطنية العليا.