السعودية والإمارات .. أجندات متصارعة وأطماع توسعية في المحافظات المحتلة

 

الثورة /

في الحرب العالمية الثانية، تحالف الشرق والغرب واتفق الاتحاد السوفياتي مع الولايات المتحدة، ومن يسير في فلكهما، وتوحدت البنادق والتقت الرؤى والغايات حول هدف واحد، وهو إسقاط نظام ألمانيا، وأوهموا العالم ألا أهداف لهم ولا أطماع توسعية ولا يسعون لفرض سيطرتهم وهيمنتهم على ألمانيا والعالم.
تم تدمير ألمانيا وقتل الملايين من أبنائها وسقط النظام السياسي، لكن الهدف، الذي قال الحلفاء إنهم تناسوا خلافاتهم وتوحدوا من أجله، سرعان ما تحول إلى عنوان لمشاريع احتلال وهيمنة أدت إلى احتلال ألمانيا وتقسيم الدولة الواحدة إلى دولتين وشعبين وهويتين مختلفتين، ونظامين يخضعان لسياستين مختلفتين.
اليوم، وبعد أكثر من سبعين عاماً على سقوط ألمانيا وتحولها مع إيطاليا واليابان إلى غنائم حرب تخضع لقوانين وهيمنة الحلفاء؛ تستعيد السعودية والإمارات سيناريوهات رسمها صناع نظاميهما، وتصنعان تحالفاً لاستهداف اليمن، وتحت شعار إنقاذ اليمن واليمنيين تستهدفان البلد وتقتلان أبناءه وتحولانه إلى غنيمة، تسعيان اليوم لتقاسمها وبسط نفوذهما وهيمنتهما عليه.
ووفقاً لمراقبين، فإن الخلافات بين السعودية والإمارات، اللتين تظهران -وهما تستهدفان اليمن واليمنيين وتخضعانه لسياسة التجويع وتدمران مؤسساته- وكأنهما متفقتان تلتقي سياساتهما حول هدف واحد، بدأت تتكشف خلافاتهما وتشتعل وتتحول إلى صراعات ومواجهات عسكرية، وإن بأدوات يمنية.
وبحسب المراقبين، فإن النجاحات التي تتوهم السعودية والإمارات أنهما حققتاها، بعد احتلال سقطرى والمحافظات الجنوبية المحتلة، وتعتقدان أن سيطرتهما عليها أزالت كل العوائق أمام تنفيذ مشاريعهما التوسعية؛ إلا أنها في الحقيقة تمثل قنبلة موقوتة تهدد الدولتين، مشيرين إلى أن انفجارها لن يتوقف عند حدود تحويل اليمن إلى ميدان صراع بينهما، بل ستتسع دائرتها لتشمل منطقة الخليج.
السعودية وفي محاولة منها لكبح جماح الإمارات -التي تستقوي عسكريا بمليشياتها المتمثلة في الانتقالي- اتجهت لتفريخ مكونات جديدة والزج بها في مشاورات الرياض، الأمر الذي يؤكد أن للسعودية أهدافاً وأجندات تتعلّق بمشاريعها التوسعية وخاصة في محافظتي حضرموت وشبوة المحتلتين، وتسعى من خلال هذه الكيانات لتنفيذ مخططاتها التوسعية في اليمن.
وتعليقا على ما تقوم به السعودية قالت مصادر سياسية –مقربة- إن الأهداف الحقيقية التي تسعى السعودية للوصول إليها من وراء مشاورات الرياض، التي تزداد غموضاً كل يوم.. مشيرة إلى أن ما تشهده كواليس المشاورات يؤكد أنها لم تتوقف عند حدود تنفيذ اتفاق الرياض، كما هو معلن.
وأكدت المصادر أن السعودية تهدف، من خلال تفريخ واستدعاء قوى وكيانات جديدة لتمثيل حضرموت، إلى منح هذه المكونات الصفة والغطاء القانوني والاعتراف الدولي -كما فعلت الإمارات مع المجلس الانتقالي من قبل- كغطاء لما تطمح لتحقيقه من وراء المشاورات.
وأشارت المصادر إلى أن إيصال السعودية لمثل هذه المكونات للمشاركة في مشاورات الرياض، يأتي في إطار سيناريوهاتها التي ترمي إلى خلط الأوراق وصبغ المشاورات بالمناطقية، بهدف فرض هيمنتها وقراراتها وإضعاف جميع الأطراف، وفي مقدمتها الشرعية المزعومة.
ووفقاً للمصادر، فإن مرتزقة الرياض ومرتزقة أبوظبي يراهنان على حضرموت، التي تشكل مساحتها ثلث اليمن، الغنية بالثروات المختلفة لترجيح كفتهما خلال المشاورات السابقة والحالية التي تجري في الرياض برعاية سعودية.
ونوهت إلى أن السعودية تدفع لتجاوز تمثيل الجنوب عن طريق المجلس الانتقالي والاكتفاء بشخصيات جنوبية موالية لها على شاكلة “العيسي” وائتلافه الوطني الجنوبي وغيره من الشخصيات والمكونات الجنوبية المقربة من الرياض، بهدف الإبقاء على ذراع يمكنها من الرد على أي استهداف لمصالحها، وخاصة في ظل التنافس المحموم بينها وبين حليفتها الإمارات على المناطق الاستراتيجية في الجنوب.
وتعليقا على التوجهات السعودية، قال رئيس وفد الانتقالي في مباحثات الرياض ناصر الخبجي أن الحلول الانتقائية والمجزأة في التسويات القادمة ستؤسس لصراعات جديدة في المنطقة.
وأكد الخبجي أن المجلس الانتقالي لن يتعاطى مع أي حلول أو مخرجات لمفاوضات لم يكن مشاركاً فيها، محذرا من أن أي حلول تجتزئ تمثيل الانتقالي ستؤدي إلى تأجيج الصراع في الجنوب، مطالبا بضرورة تجاوز حالة الانتقائية في التعامل مع بنود الاتفاق.
وبحسب مراقبين، فإن الإمارات تعمل -من خلال أدواتها المتمثلة في مسلحي الانتقالي- على عرقلة المشاريع والأهداف السعودية التي تسعى لتنفيذها في المحافظات الجنوبية، مشيرين إلى أن إدراك السعودية لما تقوم به الإمارات، دفعها إلى إنشاء ودعم مكونات جنوبية جديدة في حضرموت والمهرة وعدن، في محاولة منها لسحب البساط من تحت أقدام الانتقالي، وإحراق الورقة التي تستخدمها أبوظبي ضدها.

قد يعجبك ايضا