أمريكا تحشد أوراقها الأخيرة على اليمن.. ليندر كاذب وإدارته لا تريد تحقيق السلام
بالعقوبات والترهيب والإرهاب والحصار والتجويع تسعى أمريكا لفرض شروط الاستسلام
سلوك المبعوث الأمريكي “ليندر كينج” المشين لا يصنع السلام في اليمن بل يُعقِّد سير المفاوضات
الثورة / حمدي دوبلة
يواصل تحالف العدوان استهداف المدنيين بغارات جوية مكثفة على صعدة ومارب ، كما صعّد مرتزقته التابعة للعدوان السعودي من الخروقات العسكرية والأمنية للهدنة في الحديدة ، وإذ استشهد ثلاثة مواطنين وجرح رابع في وادي لية بمديرية الظاهر بمحافظة صعدة بغارة جوية ، شن تحالف العدوان أكثر من 30 غارة جوية على محافظة مارب خلال الساعات الماضية.
بالتوازي واصل تحالف العدوان حجز السفن النفطية عرض البحر، ومنذ بداية العام لم يسمح لأي سفينة من السفن التجارية المحملة بالوقود الضروري للحياة بالدخول إلى اليمن، إذ فرض حصارا مطبقا وشاملا أدى إلى مفاقمة الحالة المعيشية في اليمن وتوقف سبل الحياة.
وعلى غير الحقيقة تواصل الإدارة الأمريكية التي تشرف على مجريات العدوان العسكري والحصار على اليمن ، المساومة بالملفات الإنسانية والمقايضة بها سعيا لتحقيق مكاسب تفاوضية على طاولة الحوار ، متناوبة بين الحصار والضغوط من خلال إصدار قرارات تصنيف بإضافة قيادات يمنية إلى قائمة العقوبات ، وفيما ترفض اليمن مقايضة الملف الإنساني وتطالب برفع الحصار عن المساعدات والوقود والاحتياجات الضرورية ، تؤكد على ضرورة أن تكون التسوية شاملة وغير مجزأة وأن بوابة السلام يمكن فتحها من خلال رفع الحصار عن الموانئ والمطارات المغلقة بقرار أمريكي سعودي مشترك يسعيان من خلاله إلى فرض شروط وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
وقد أعاد الرئيس مهدي المشاط في كلمته يوم أمس بمناسبة العيد الحادي والثلاثين للوحدة اليمنية التأكيد على موقف اليمن الثابت إزاء السلام ، مؤكدا على ضرورة إبعاد المسائل الإنسانية والاقتصادية عن المساومة والمقايضة التي تتبناها أمريكا من خلال الأطروحات التي يقدمها مبعوثها الذي يتناوب بين عمان والرياض وواشنطن.
رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أكد في وقت سابقا بأن المقترح الأمريكي الخاص بوقف إطلاق النار في اليمن “لا جديد فيه ويمثل الرؤية السعودية والأممية ، وأضاف قائلا “في المقترح الأمريكي لا وقف للحصار ولا لإطلاق النار بل التفافات شكلية تؤدي لعودة الحصار”.
وفي الوقت الذي تعطي فيه الضوء الأخضر لتحالف العدوان بتصعيد جرائمه بحق المدنيين ، لا تتوقف عن مطالباتها بوقف ما تصفه بالتصعيد في مارب ، وتتشدق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بحرصها على إنهاء الحرب وتحقيق سلام عادل وشامل في اليمن في الوقت الذي تمنح فيه الضوء الأخضر للسعودية والإمارات بتصعيد عملياتهم الإجرامية على مختلف المناطق.
وتكرر الإدارة الأمريكية بياناتها وتصريحاتها بأن إيقاف الحرب على اليمن من أولوياتها الرئيسية لكنها في الوقت نفسه تصعد حرب التجويع والحصار المشدد على كل الواردات وتدفع تحالف العدوان إلى تصعيد الغارات ، مصدر لـ”لثورة” أفاد بأن أمريكا تدفع بالنظام السعودي إلى تكثيف الغارات اليومية على مارب والتي تتجاوز 30 غارة ، وأنها ترى في التصعيد العسكري المتوازي مع الحصار والتجويع أدوات ضاغطة تسعى من ورائها إلى فرض مكاسب سياسية على اليمن.
وما فتئت واشنطن تتباكى على الوضع الإنساني لكنها تصر على منع سفن الوقود والأغذية والطائرات المدنية من الوصول إلى اليمن ، رغم ما سببته من حالة إنسانية هي الأسوأ في العالم ، إرهاب أمريكي ما فتئت الإدارة الحالية عن استخدامه ضد المدنيين على خلاف ادعاءاتها وأكاذيبها في أنها تسعى لسلام وتسوية.
في السياق تلوح الإدارة الأمريكية بسلاح العقوبات ضد قيادات يمنية ، إذ أعادت قيادتين قبل أيام إلى لائحة عقوبات خاصة بها ، بعدما قررت سابقا رفع أنصار الله من لائحة تصنيف أمريكية ، مؤشر على حقيقة التحرك الأمريكي العدائي ضد اليمن وسعيا إلى فرض مكاسب سياسية على الطاولة.
وفي السياق ذاته، يواصل المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينج، اتصالاته مع عواصم السعودية والإمارات ، محاولا حشد أدواته في سياق الضغط والتصعيد لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية ، وقد التقى أمس السبت وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، وأجرى أيضًا مباحثات مع وزير إماراتي يدعى أنور قرقاش ، ووزير الخارجية الكويتي، عبر دائرة تلفزيونية، لمناقشة الوضع في اليمن حد بيان الخارجية الأمريكية ، تحركات لا تسعى الإدارة الأمريكية من خلالها الوصول إلى تسوية بل إلى حشد مزيد من الأدوات وتفعيلها في العدوان على اليمن.
وعلى غير العادة فقد ذكرت الخارجية الأمريكية أن مبعوثها بحث مع وزراء السعودية والكويت والإمارات موضوع الاتفاق بين المرتزقة في عدن ، وهو ما يشير إلى الذهاب الأمريكي إلى فوضى عدن الحاصلة بين أطراف المرتزقة والعملاء ، والذي يأتي استكمالا لحشد الأدوات والعملاء وإزالة الخلافات بينها لتصعيد الوضع ضد الش عب اليمني.
إعادة قياديين يمنيين في لائحة العقوبات رغم ضآلة ما تمثله قرارات كهذه في اليمن ، يشير إلى فشل أمريكي متراكم ، ويعكس النوايا التي تحملها الإدارة الأمريكية تجاه اليمن ومواصلة العدوان والحصار بالتوازي مع استخدام الضغوط والإرهاب والترهيب لمنع أي تقدم لقوات الجيش واللجان الشعبية أو توجيه ضربات عسكرية على مصالح النظام السعودي الأرعن.
وكان عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي قد دعا الإدارة الأمريكية في وقت سابق إلى إدراج قادة كيان العدو الإسرائيلي المهزوم في قائمة عقوبات معرقلي السلام.. مؤكدا أن ما تتحدث عنه واشنطن من خطط للسلام في اليمن لاوجود له على ارض الواقع .
وقال الحوثي في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي « تويتر»، « بدلاً من عقوبات بمبرر رفض سلام لا خطة له، أدعو أمريكا إلى وضع أوجه المهزومين من الكيان في قائمة العقوبات، كونهم المسؤولين عن إبادة السلام في فلسطين وسقوط صفقة القرن الأمريكية بعد العدوان على الأقصى وفلسطين المحتلة، فهي خطة رسمية أمريكية للسلام نذكّرهم بفشلها وإن كنا نرفضها جملة وتفصيلا».
وأضاف «إن الأولى بالإدارة الأمريكية أن تعاقب من أفشل خطتها الرسمية للسلام في فلسطين، لا أن تضع عقوبات على آخرين بذريعة رفضهم لسلام لم تقدم خطة بشأنه، في إشارة إلى تهديدات المبعوث الأمريكي الخاص بشأن اليمن ليندركينغ».
وتتزامن هذه التحركات الأمريكية مع تصعيد عدواني واسع لقوى العدوان الأمريكي السعودي والتي واصلت خرق هدنة الحديدة، وتنفيذ عشرات الغارات الجوية على مارب ومختلف المحافظات وأسفرت عن استشهاد وإصابة أربعة مواطنين مدنيين في صعدة خلال الساعات الماضية.
التناوب الذي يمضي عليه المبعوث الأمريكي ليندر كينغ يتكامل مع الممارسات الأمريكية والدفع إلى التصعيد ، والتجويع والحصار والإرهاب الاقتصادي ، لتأتي محاولة التوظيف لما سببه الحصار في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية من قبل ليندر كينغ كاشفة عن شكل من الأشكال والوسائل التي تستخدمها أمريكا في الحرب العدوانية التي تشرف عليها ضد اليمن منذ سبع سنوات ، ولمحاولة فرض إملاءاتها وسياساتها وتدخلاتها البجحة في اليمن ، وإذا كانت إدارة ترامب اتخذت من التصعيد المعلن والدعم بالسلاح والدعم السياسي للنظام السعودي العميل ، فإن إدارة بايدن تسعى بالعقوبات والحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية وتشديد الحصار ظالم الذي يستهدف لقمة عيش الشعب اليمني ومستلزمات حياته إلى تحقيق ما فشلت فيه إدارة سلفه.
ليس جديداً في قاموس الحروب الأمريكية فطالما اتبعت الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض هذا الأسلوب عند فشلها في تحقيق ما تحيكه من مؤامرات عبر الأساليب العسكرية والسياسية وهذا ما أكده الكاتب الأمريكي دانييل لاريسون في مقال نشره موقع غلوبال ريسيرتش الكندي وقال فيه: إن “العقوبات الاقتصادية ما هي إلا شكل من أشكال الحروب وإن الولايات المتحدة مهووسة بهذا النوع من الحروب وأكثر من يشنها في العالم” مبيناً أن واشنطن تستخدم العقوبات وتحولها إلى أداة للضغط على حكومات ودول ذات سيادة لتحقيق أهدافها.
الحروب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة تحت عنوان عقوبات استناداً إلى أكاذيب باطلة تتسبب بموت مئات آلاف الأشخاص لكن هذه الوفيات لا تقارن بحجم المآسي والكوارث الإنسانية التي تعاني منها شعوب بأكملها في العالم بأفعال أمريكا المشينة، إذ أن هذه العقوبات مصممة لإحداث الدمار ومن خلالها لن تكون واشنطن بحاجة إلى التدخلات العسكرية لتحقيق هدفها في قتل آلاف الأبرياء وإخضاع الدول المستقلة لأوامرها.
وكما هو الحال في اليمن فإن الحصار المشدد الذي فرضته أمريكا على رأس تحالف العدوان والذي شدد أكثر مع بداية صعود بايدن إلى سدة البيت الأبيض قد أدى إلى آثار كارثية على الشعب اليمني باستهدافه في أبسط تفاصيل حياته اليومية كما أن فرض حصار خانق على الشعب اليمني بأكمله يهدف بشكل متعمد إلى إحداث أكبر قدر من الضرر بالمدنيين بغض النظر عن الأكاذيب التي تسوقها واشنطن وتحالفها العدواني لتبرير هذا النوع من الحروب ، وبغض النظر عن الأكاذيب المتعمدة التي يكررها ليند كينع ويدعيها ، فالسلوك المشين الذي يتبعه والمساومة على الملفات الإنسانية يعريه ويجعل منه شخصا شائنا يمثل أمريكا المجرمة والباغية.