تزامناً مع التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي من مختلف القوى والأحزاب الصهيونية على خلفية التطورات الأخيرة بقطاع غزة ،من المؤكد أن مجموع القوى الوطنية الفلسطينية في القطاع تدرك جيداً أن هذا التصعيد يخفي خلفه المزيد من المخططات الصهيونية العسكرية ضد القطاع، هذه التطورات بمجموعها تدفع حتماً مجموع القوى الوطنية الفلسطينية في القطاع للتيقّن من حتمية استمرار المواجهة المؤجلة منذ زمن مع «الصهاينة»، ولكن هذه المرة ستكون المواجهة مختلفة، فالهدف من وراء الحرب الصهيونية هو ضرب وشلّ القدرات اللوجستية والعسكرية للقوى الوطنية في القطاع ، وهذا لا يخفي حقيقة وجود دعم إقليمي ـ عربي ـ دولي من الدول الشريكة علناً في الحرب على قوى المقاومة في المنطقة من أجل تصفية تحديداً “حماس – الجهاد “عسكرياً، وهذا ما تؤكده دوائر صنع القرار الأمريكي في شكل دائم، باعثة رسائل طمأنة لـ «الكيان » مضمونها «أنّ حربكم المستقبلية على القطاع ، ستثير ردود فعل إقليمية وعربية مؤيدة.
الإعلام الصهيوني بدوره وبتوجيه مباشر من نتنياهو ،بدأ فعلياً بتهيئة الداخل الصهيوني لحرب شاملة على القطاع، والمتمثل ببرامج إخبارية وسياسية بدأت تبث بشكل كبير على محطات التلفزة الصهيونية تتحدث جلها عن تهديد الصواريخ التي تملكها قوى المقاومة في القطاع من ناحية العدد والمدى والدقة، وتتحدث أيضاً عن خطورة نقل وتطوير منظومة السلاح إلى القطاع من إيران ومن سوريا، وتتحدث أيضاً وبشكل علني عن قدرة المنظومة الصاروخية التي تملكها قوى المقاومة في القطاع على إلحاق ضرر جسيم بالسكان وبالبنى التحتية والعسكرية للكيان الصهيوني… والمطلوب حسب وسائل الإعلام الصهيونية التي تعمل بغطاء سياسي وعسكري صهيوني لتوجيه الرأي العام الصهيوني نحو “تأييد خيار الذهاب نحو عدوان واسع وشامل على قطاع غزة لردع قوى المقاومة عن استخدام قدرتها الصاروخية والعمل على تعطيل مخزون قوى المقاومة في القطاع من الصواريخ”.
وبقراءة موضوعية لما جاء في الإعلام الصهيوني الذي يعكس بالضرورة الصدى الحقيقي لما يُحاك داخل دوائر صنع القرار الصهيوني، يبدو أنّ الكيان الصهيوي بدأ يعدّ لحرب كبيرة ستفرض وجودها بقوة على الإقليم المضطرب في شكل كامل، ويلاحظ جميع المتابعين لتداخلات وتقاطعات الفوضى في الإقليم ومسار تحركات الأهداف «الصهيونية» في الإقليم ككلّ، أنّ لدى «الصهاينة» رغبة جامحة في التحرك عسكرياً باتجاه فرض حرب جديدة في المنطقة، وخصوصاً بعد فشلهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لهم في سوريا ، ومن هذا المنطلق، يتوقع غالبية المتابعين أن تكون هناك مغامرة صهيونية وعمل عسكري شامل ضدّ قطاع غزة ، ومن المتوقع أن يدعم نتنياهو بهذا المسعى الجديد نخبة كبيرة من قادة الرأي «الصهاينة» وبعض الساسة المقربين منه وعدد كبير من جنرالات الجيش، بالإضافة إلى دعم واشنطن ولندن وحلفائهم في المنطقة لخوض هذه الحرب ضدّ المقاومة.
ختاماً ، هنا يبدو واضحاً وبعيداً عن المناورات السياسية الصهيونية ، أنّ «الصهاينة» وشركاءهم في المنطقة وداعميهم في الغرب، مصمّمون أكثر من أيّ وقت مضى على الحرب الشاملة على القطاع ، مستغلين فوضى الإقليم ، وهنا وتزامناً مع الرهانات الكبرى على مدى قدرة قوى المقاومة في القطاع على الصمود في المواجهات الكبرى، هناك قناعة شاملة عند الكثير من المتابعين لمسيرة قوى المقاومة في القطاع ، بأنّ قوى المقاومة وبما تملكه من قوة ردع نارية عسكرية وبشرية، والأهمّ من ذلك عمق التحالفات مع بعض قوى الإقليم، مؤهّلة للتصدّي ولردع أي عدوان، ولتحقيق المزيد من الانتصارات النوعية على طريق إزالة الكيان الصهيوني من الوجود كما يتحدث قادة المقاومة في القطاع.
* ناشط وكاتب صحفي أردني