“سيف القدس” .. انتفاضة أمة

عبدالفتاح علي البنوس

فجَّرت همجية كيان العدو الصهيوني على المصلين المعتكفين داخل المسجد الأقصى انتفاضة عارمة فوق مستوى تخيل وتوقع هذا الكيان المحتل الغاصب، الذي ظن أن همجيته التي تنتهك حرمة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتستهدف أبناء الشعب الفلسطيني من الرجال والنساء والأطفال ستمر مرور الكرام وخصوصا في ظل التفاهمات الأمنية التي تربطه بالسلطة الفلسطينية، ولكن الانتهاكات الصهيونية التي أظهرت قبحه وتوحشه وإجرامه وصلفه، أشعلت انتفاضة ثورية فلسطينية قادتها حركات المقاومة الفلسطينية البطلة التي اجتمعت في تكتل واحد لمقاومة ومقارعة الكيان الصهيوني والرد على الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها ولا يزال بحق المدنيين الأبرياء .
الانتفاضة الفلسطينية المظفرة بفضل الله وتأييده والتي أطلق عليها اسم “سيف القدس”  شكلت نقطة تحول في مسار المقاومة الفلسطينية، وأظهرت حجم القدرات التي باتت تمتلكها والتي تؤهلها لضرب عمق الأراضي المحتلة متجاوزة منظومات الدفاعات الجوية الحديثة والمتطورة وفي مقدمتها ما يسمى بالقبة الحديدية التي وجدت نفسها عاجزة عن إيقاف صواريخ المقاومة التي انهمرت وما تزال بغزارة على الأراضي المحتلة والمستوطنات ومواقع وتحصينات قوات الاحتلال الصهيوني، متسببة في خلق حالة غير مسبوقة من الرعب في أوساط هذا الكيان الذي ذهب لقصف المنازل والأحياء السكنية والقنوات الفضائية والمنشآت الخدمية في قطاع غزة، مخلفاً عشرات الشهداء والجرحى .
مشاهد مخزية ومذلة ومهينة لقطيع الجنود والمستوطنين وهم يلوذون بالفرار ويقصدون الملاجئ ويحتمون خلف السيارات والمركبات وينبطحون في الشوارع خشية تعرضهم لصواريخ المقاومة التي تتساقط عليهم بغزارة لم يعهدوا لها مثيلاً من قبل، وخصوصا مع دخول صواريخ بالستية ذكية خط المواجهة والتي تمتلك القدرة على استهداف المواقع الحساسة داخل الأراضي المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، وهذا ما يمثل الرعب الحقيقي لهذا الكيان الذي ظن بأن الحماية الأمريكية له ستجعله في مأمن من ردة فعل أبطال المقاومة الفلسطينية على جرائمه واعتداءاته على أبناء الشعب الفلسطيني .
ومما لا شك فيه أن هذه العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية التي لا تزال متواصلة ستحد كثيرا من الغطرسة والعنجهية الصهيونية وستجبرهم على مراجعة حساباتهم كثيرا، كما أنها ستسهم في جلب المزيد من السخط والغضب والاستهجان على أنظمة العمالة والخيانة والتطبيع واليهودة والتصهين العربية المسماة، “العبرية الولاء والانتماء”، والتي سارعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به كدولة والدخول معه في علاقات، والتي ذهب قادتها بكل جرأة وقلة حياء ووقاحة إلى إعلان الولاء لأحفاد القردة والخنازير وقدموا لهم القرابين وسارعوا إلى التقارب والتحالف معهم، على حساب القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، في الوقت الذي ينفثون سموم حقدهم وإجرامهم على العرب والمسلمين، ولا يجدون أي حرج في المجاهرة بمناصبتهم العداء والتحريض ضدهم والتآمر والاعتداء عليهم وتصوير كل حركات المقاومة الإسلامية التي تمثل محور المقاومة في المنطقة على أنها حركات ( إرهابية ) حسب التصنيف والمفهوم الأمريكي السعودي الصهيوني لمصطلح الإرهاب، خدمة لليهود الصهاينة والشيطان الأكبر أمريكا ومشاريعهم التآمرية التدميرية الإجرامية .
واللافت في انتفاضة “سيف” القدس أنها جسَّدت وحدة حركات المقاومة الفلسطينية البطلة من خلال القيادة المشتركة التي تدير هذه الانتفاضة، علاوة على الكم الهائل من الصواريخ النوعية التي دخلت المعركة وباتت تمثل مصدرا للرعب للكيان الصهيوني الذي لم يستوعب حتى اللحظة ما حصل وما هو حاصل حتى هذه اللحظة فصواريخ المقاومة لم تتوقف، ومعها لن يتوقف الرد الفلسطيني على الهمجية والوحشية والنزعة الإجرامية الصهيونية .
الكيان الصهيوني يلعب بالنار وهو اليوم أول من يحترق بنيران المقاومة، وإذا كان هو من اتخذ قرار الاعتداء على المصلين المعتكفين داخل المسجد الأقصى وأشعل ثورة الغضب العارمة في أوساط الشعب الفلسطيني، فلن يكون بمقدوره اتخاذ قرار إيقاف هذه الانتفاضة والثورة العارمة، فالقرار بيد المقاومة الفلسطينية وهي من تمتلك الحق في اتخاذه بحسب المعطيات والمستجدات التي تتبدى أمامها، المهم تظل انتفاضة “سيف القدس” ضربة موجعة ومؤلمة جدا لكيان العدو الصهيوني – سيتوقف عندها هذا الكيان كثيرا للدراسة والتحليل، وعليه أن يعي ويدرك جيدا بأنه مهما أوغل في وحشيته وإجرامه في حق أبناء شعبنا الفلسطيني، فإن الرد على ذلك سيكون مزلزلا ومدمرا، وهو وحده من سيدفع ثمن ذلك، وعلى الباغي تدور الدوائر .

قد يعجبك ايضا