يجب علينا كمسلمين ونحن نواجه أعداء الله وسوله أن يكون دعاؤنا وابتهالنا وتضرعنا إلى الله مشمولاً بالعمل الجاد والتحرك الفاعل الذي ينتج آثاره في الدنيا والآخرة.
فلا يكفي دعاءٌ وابتهال وقراءةٌ للقرآن دون أن نعمل بما جاء في آيات الكتاب الحكيم، ولا بد أيضاً مع ذلك وجوب النهوض بالمسؤولية وليس على أساس القعود والتنصل التام عن الالتزامات والمسؤوليات ويكفينا أسوةً وقدوةً ومدرسة ومنهجاً ومشروعاً النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وكما كان كذلك فإنه كان ولا يزال معلماً ومرشداً وموجهاً حكيماً،
ذلك ما تحدث به السيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله في إحدى محاضراته الرمضانية والتي تناول فيها تفاصيل مهمةً جداً وبيّن فيها الطريق لمواجهة الأعداء نصرةً لدين الله وإعلاءً لكلمته لتكون هي العليا، ويوضح السيد القائد المنهج الإسلامي الصحيح الذي يريده الله تعالى لعباده وهو المنهج الذي يوصلهم إلى بناء مسيرة حياتهم بعزةٍ وكرامة والمشروع الذي يحررهم من هيمنة محور الشر وتسلطه على رقابهم وتحكمهِ في قوتهم ومعيشتهم وأسلوب حياتهم ومواقفهم مع الظالمين المستكبرين على هذه الأرض الذين يعملون بشكلٍ دائم على حب استعباد المستضعفين واذلالهم والتحكم بمصائرهم.
ولذلك يؤكد السيد القائد على ضرورة الثقة بالله والتوكل عليه والعمل على مواجهة أعداء الله بالنزول إلى ميدان المواجهة وصراع الطاغوت والباطل وتمثيل محور الخير،
أما من يلبس عباءة الدين ليتخذه مظاهر وعناوين فقط دون أن يكون له دور فاعل ومتحرك ومؤثر فإن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بريءٌ من ذلك الدين،
فليس هناك من هو أكثر حكمةً ودليلاً منه صلوات الله عليه وآله الذي كانت له القيادة والريادة في التحرك لنصرة الإسلام والمسلمين بدايةً بغزوة بدر في السنة الثانية للهجرة والتي كشفت حقيقة المنافقين والمرجفين الذين في قلوبهم مرض وعملوا جاهدين على تخذيل المسلمين وتثبيطهم عن القتال بقولهم : غر هؤلاء دينهم
فقالوا إن المسلمين خُدعوا بالدين وألا ناصر لهم وأنهم قلةٌ مستضعفون ورأوا أن الوقوف أمام الباطل هو محاولة يائسة وفاشلة ولا يقدم عليها إلا مخدوعٌ مغرور ، ولذلك يتجه بنا الحديث عن المنافقين والمرجفين والذين في قلوبهم مرض من يعملون على هدم وتخريب الصف الإسلامي من داخل المسلمين وكانوا يجالسون الكفار والمشركين ويسمعون منهم ويجتمعون على الاستهزاء بآيات الله ويخادعون الله والمؤمنين وفي حقيقة الأمر أنهم مخدوعون لا مخادعون.
كانت أقوالهم تلك نتيجةً لعدم وجود الإيمان الحقيقي وثباته في أنفسهم و لمرضٍ في قلوبهم وهو الشك في صدق رسول الله وفي رسالته وقد جهلوا وتناسوا أن الله غالبٌ لا يذِل ولا يخذِل من استجار به ويفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل ويعجز عن إدراكه.
كانت دوافع المنافقين معروفة ومكشوفة ويرجون بها تحصيل المنافع الدنيوية ولو وصل بهم الأمر إلى الكيد ضد الإسلام والمسلمين لتحقيق مصالحهم فإن كان للمؤمنين فتحٌ قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ من التقدم قالوا للكافرين ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين،
وبذلك نجدهم يتخذون الكافرين أولياء ويبتغون عندهم العزة،
ولذلك يقول الله تعالى عنهم في محكم كتابه :
“بشّر المنافقين بأنّ لهم عذاباً أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا”..
وهاهم المنافقون اليوم من هم عملاء وأدوات محور الكفر والشرك يتولون الكافرين ويبتغون عندهم العزة وكأن الأحداث تعيد نفسها فنراهم يطلبون منهم العون والمدد على المسلمين ويؤذونهم بالعدوان والحصار ويجالسون أربابهم من المنافقين ويسمعون منهم ويأتمرون بأمرهم وكأنهم يقولون فينا ونحن نقاوم ونواجه الطغيان والاستكبار العالمي :
غر هؤلاء دينهم لكن وفي مقابل الإرجاف والنفاق والتخذيل والعمالة لمحور الشر فقد انتهج المؤمنون اليمانيون وغيرهم من أحرار العالم في مواجهتهم للكفار والمنافقين أسباب القوة والثقة والاعتصام بالله وأحكموا العُروة ومدُّوا لله تعالى أيديهم ولم يتوقَّفوا عند هذا فحسب بل اطمأنت قلوبهم لله وأحسنوا الظنَّ به وفوضوا أمرهم لله فإذا بهم يَخوضون غمار الصِّعاب ولجج الأهوال تحت قيادة سيد البشرية محمد صلوات الله عليه وآله فصبروا على الأذى وعلموا أن في رحم الأيام وبطون الساعات أقداراً لصالح من وثق بالله وأن تصاريف الأقدار يَجري مبدؤها من رب العرش العظيم وأن إليه منتهى الأمور والعاقبة للمتقين..
Prev Post
Next Post