القدس.. وَلَّادةُ العروبة والإسلام

زينب إبراهيم الديلمي

 

 

زهرةٌ وقد ذَبُلَت في حشاشة الضّالين وأمعنوا النّظر في ذبلها من الوجود، وكُبكِب الغاوون في وجه جلمود الدُنيا دانيّة رؤوسهم المنكوسة أمام هذه الركيزة التي جمّدوا قضيّتها واسترقوها في أسواق النّخاسة بِجُرمِ بيعها لإسرائيل عبر صفقتهم السّافلة..
تهمَّشت أناغيمُ الصّفقة الواهنة والتصق نايها العتيق بجُدران الهزل، وَأوحيت إلى أصحاب اليُراعات التي باعت أبجديّاتها للكيان الهشّ، ودوّنت طلامس التّطبيع في كُرّاسات العار وسكبت ألوان الكِبر على دفاتر الذُل المُكفهر..
تستفتهِم وشاة الإعلام.. أين صارت كُـلُّ تلكَ النّداءات المُعبّرة عن حقوق الفلسطينيين المسلوبة؟!، وببجاحة ألسنتهم تنطقُ ببُطلان الكيد: أيُّ حقٍّ فلسطينيٍّ هذا الذي تقولون عنه؟!، وقد تمجّد فينا الولاء والمودة لإسرائيل وتوّددنا بها وفتحنا أنصع الصّفحات، لنستردّ حقها ولها الحقُّ في أنّ تصُدّ كُـلّ من يُعارض حقوقها.. هذا أمرٌ طبيعي للغاية!
ولو تستفتهم ألف مرةٍ لن يُجيب أراذلُ الأرض غير هذا، تركوا مبادئهم، وباعوا عروبتهم الحقيقيّة فأصبحوا صهاينة الهويّة والهوى، إسرائيليّي الجنّسية والجنّس، مُستعينون باسم دين الإسلام أنّه مدّ يد التطبيع وفتح أرشيف العلاقات التودديّة مع من غرقوا في وحلِ اللّعنة الأبديّة التي صبّها الله عليهم في مجيد كتابه..
تلكَ الزّهرة التي لم ولن تَذبُلَ في حشاشة المُتّقين الذين صدحوا بالحناجر: كلا لإسرائيل، من حملوا أمواجَ العروبة والإسلام في كيانهم وَعلّقوا لوحة القُدس على ناصيّة العِزة والكرامة، أولئك الذين احتشد ذُباب الكون عليهم وهم في أوج الاستضعاف، وهُزموا بصرخةٍ واحدة، بسلاحٍ واحد، وبجيشٍ أوحد، بمعيّة الإله الأحد.
كواحدةٍ من آلاف اليُراعات النّادرة التي شيدتَ بروج الحريّة والمؤذنّة في صوامعِ الحَميّة والمُخاطِبة في منابرِ الحق، كإنسانة أنهكتها حشرجات القيّد بأغلال السّكون، تبوحَ بالكلام اللّادغ للمُتصهينين: فلسطين هي وَلاّدة العُروبة ومنبع الإسلام والأنبياء وملاذ لأفئدة المُسلمين، فلسطين هي أرضنا، وعرضنا، وشَرفُنا، وحَميّتنا، وغيّرتنا.. وقُدسنا هي عاصمتها السرمديّة، فسحقاً لصفقتكم الفاجرة الكاذبة..
بِبُنّ صنعاء، وزيتون القُدس، بَزيتِ دمشق وزعترِ بيروت، بسِجّاد طهران وصروح بغداد، تسموَ حشودها المُمجّدة، وتتصاعد باخرة علانيّة الصّوت المؤبّد والصّيحة الخاطفة لأنفاس الأعداء: قُدسُنا لا أورشليمكم.

قد يعجبك ايضا