مكر ابن سلمان ورقص ابن جابر . .!

فهمي اليوسفي

 

 

بلا شك أن التصريحات التي أدلى بها محمد بن سلمان لقناة العربية تحمل أكثر من معنى:
أولاً: تقاس بأنها ناتجة عن شعوره بالهزيمة وارتفاع درجة القلق لديه، نظراً لاستمرار انتصارات صنعاء وما يترتب عليها من انعكاسات على مستقبل الحكم للكيان السعودي، خصوصاً بعد مغامرته بخوض هذه المعركة منذ ٦ سنوات وحتى اليوم، ناهيك عن حجم خسارته المالية التي بلغت مئات المليارات من الدولارات ومازالت الفاتورة مستمرة وفي نهاية المطاف لم يحقق شيئاً .
ثانياً : هذه التصريحات من وجهة نظري تحمل طابع المكر والخداع السياسي ويهدف من خلالها استعطاف صنعاء ومغازلة إيران لكي يحافظ على ماء الوجه، أي هي بمثابة تنازلات غير مباشرة يحاول تقديمها عبر الإعلام خصوصاً بعد فشل كل الوسائل التي استخدمها مع الأمريكان لإيقاف صنعاء عن استكمال تحرير محافظة مارب وبقية الجسد اليمني، وفشله من تمرير مبادرته السعودية التي سوقها سماسرة دون وضوء أو نية لأن صنعاء لم تعد تثق بما تطرحه الرياض خصوصا بعد أن تنصلت وانقلبت على كل الاتفاقات السابقة وكون هذا الكيان المنشاري متسلحاً بثقافة المكر والخداع وراثياً منذ عهد أجدادهم آل سلول مروراً بمؤسس مملكة قرن الشيطان عبدالعزيز آل سعود وحتى مرحلة سلمان .
ثالثاً: هبوب هذه التصريحات في ظل نجاح القوى المناهضة للعدوان بإسقاط هيبة الأمريكان وكيان سعود وصمود صنعاء في وجه العدوان لـ ٦ سنوات مضت ودخول العام السابع وتحويل واقع المعركة من دفاع إلى هجوم يعد انتصاراً لصنعاء الأمر الذي جعله يدلي بهذه التصريحات الاستهلاكية لكي يتوقف الانهيار المستمر لمنظومة حكمه ويحاول إيقاف صنعاء عن استكمال تحرير محافظة مارب، وإيقاف الضربات التي تصل بصفة يومية للعمق السعودي .
رابعاً : يدرك ابن سلمان أن استكمال صنعاء تحرير محافظة مارب هو سقوط لبنك الذرائع التي كانت وما زالت مملكته تتخذها وسيلة لتحقيق أطماعها في بلدنا لأن انتصار الطرف المضاد للعدوان يقاس من هذه المحافظة، لأن ذلك إسقاط للشعار الوهمي ( شرعية ) ولعدة اعتبارات .
خامساً: يخشى ابن سلمان استمرار الاستهداف لعمق بلده لأن ذلك سيكون عاملا لانهيار وتصدع أركان حكمه قد يفضي لنشوء ثورة داخلية في عمق مملكته ويكون عاملا لاندفاع كافة الشرائح المظلومة من تصفية حساباتها مع هذه العائلة لأن ذلك قد يجعل مستقبل هذه العائلة في خبر كان ومن المحتمل أنه سيفضي إلى تقسيم هذه المملكة على ما يشتهى الوزان .
سادساً: تزامنت تصريحات هذا المهفوف مع هذيان وزير الخارجية الأمريكي عن معركة مارب برزت من خلالها حالة التخبط الأمريكي، نظراً لهزيمة التحالف في هذه المحافظة، وهذا مؤشر أن تصريحاته كانت باتفاق مع واشنطن ولندن .
سابعاً: التصريحات أتت بعد فشل من استعانت بهم الرياض لتحقيق مشاريعها الخداعية في العمق اليمني، ومنهم المبعوث الأمريكي ليندر كينغ أو الأممي غريفيث، وكل ذلك جعله يشعر بفشل هؤلاء وليس أمامه سوى البحث عن وسائل أخرى تكفل خروج مملكته من هذا المأزق ولم يجد أمامه سوى إطلاق هذه التصريحات الخداعية .
ثامناً: قبل تصريحات هذا المعتوه كان هناك غضب سعودي تجاه قيادات المرتزقة ممن أدمنوا على فنادق الرياض كعلي محسن وغيره، الأمر الذي ربما دفعه لإرسال محسن وكثير من القيادات العسكرية لمحافظة مارب ووضعهم أمام خيارين: إما أن يعودوا من مارب إلى فنادق الرياض منتصرين أو مقتولين ويقاس الغضب من خلال قصف المرتزقة في مارب بعض الأحيان وتنامي الاغتيالات لدى بعض الصف القيادي من هؤلاء المرتزقة إضافة لإهانة البعض .
تاسعاً : هذه التصريحات باركها السفير السعودي لدى اليمن من خلال ترديده لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا يؤكد إقرار صناع القرار السعودي بالهزيمة والمحاولة بوضع برنامج إنقاذي لهذه المملكة من هذه الورطة التي تجلت باعتراف هذا المعتوه بالقوى المضادة للعدوان بشكل غير مباشر ومغازلة طهران لكي تساعده في الخروج من الورطة، هذا في حال حصل على موافقة واشنطن ولندن .
خلاصة :
التصريحات في مجملها هي عرض مبطن بتقديم تنازلات سعودية لصنعاء لكنها تمثل اعترافاً مبطناً بقوى ٢١ سبتمبر، وبنفس الوقت تعد انتصاراً للمسيرة الجهادية ضد العدوان، كما أنها موافقة غير مباشرة من الرياض على التفاوض الندي بين صنعاء والرياض يعني موافقتها غير المباشرة بالتخلي عن حكومة الفنادق، وهذا انتصار لصنعاء وهزيمة للسعودية .
على هذا الأساس ينبغي أن تستمر صنعاء بتحرير بقية المحافظات الخاضعة لاحتلال دول تحالف العدوان ومواصلة استهداف العمق السعودي ورفع سقف الشروط من قبل صنعاء لأي برنامج تفاوضي ندي وجدي بين الرياض وصنعاء على أن يكون المدخل العملي لهذا البرنامج أن يتوقف العدوان وفك الحصار عن اليمن وانسحاب قوى الاحتلال السعودي الأمريكي والانجلوإماراتي من كل أرجاء الساحة اليمنية إلى ما بعد خط الاستقلال الموضح عام ٦٧م فيما يخص الجنوب وإلى حدود اليمن ما قبل اتفاقية بلدنا عام ١٩٣٤م في الشمال على أن تقبل الرياض شروط ثورة ٢١سبتمبر، وإعادة إعمار اليمن، وإلغاء أي اتفاقيات تمس سيادة بلدنا سواء التي تمت من منتصف القرن المنصرم وحتى اليوم على أن توافق الرياض على دفع مرتبات الموظفين وتسليم كافة المرتزقة والدواعش لصنعاء لمحاكمتهم بما فيهم الفار هادي وعلي محسن وتساهم بإعادة كافة الأموال المنهوبة والآثار وغيرها التي تم نهبها من اليمن وإعادتها إلى صنعاء، وها هي اللحظات الأخيرة تحمل في طياتها ملامح انتصار أسطول المسيرة الجهادية وهزيمة كوكتيل دول التحالف في عدة جبهات وعلى رأسها بمحافظة مارب التي نتوقع أنها ستكون كفيلة تغيير مجرى المعركة على كافة الأصعدة وعلى قاعدة البادئ أظلم ، وهذه ستكون ليست صفعة للسعودية بل للناتو وأدواته الخليجية والأجندات التابعة لهم من الداخل .
*نائب وزير الإعلام

قد يعجبك ايضا