يتميز شهر رمضان المبارك بالعديد من المزايا التي تساعد الصائمين على تهدئة النفوس وزيادة الألفة والمحبة بينهم ومن حولهم وإعانتهم على التحكم بذواتهم والسيطرة عليها , ولهذا شرع الله الصيام في هذا الشهر الكريم , إلا أن كثيراً من الأشخاص يكون الأمر لديهم عكسياً فيزداد لديهم في شهر رمضان معدل التوتر والعصبية ما ينجم عنه خلافات وأحياناً مشاجرات خصوصاً في الفترة التي تسبق موعد الإفطار .. فما هي الأسباب وراء ذلك وكيف يمكن معالجتها ؟
المواطن محمد سنان يشكو من حالة التوتر والقلق والعصبية التي تصيبه خلال شهر رمضان ويعلل بقوله ” أعاني في شهر رمضان من المزاج المتعكر والعصبية المفرطة بسبب الجوع والعطش وإدماني على التدخين ” , محمد سنان يعتبر نموذجاً لمن يمر بهذه الحالة خلال الشهر الكريم .
أما رجل المرور محمد دومان فيتحدث عن حالته “لرمضانيات” فيقول “بحكم عملي في المرور فإن نفسيتي وأعصابي تكون غالباً مضغوطة ومتوترة ولكن في رمضان تكون أكثر نتيجة التعب والإرهاق ما يجعلني عصبياً أكثر من الأيام العادية.
التأثير الفسيولوجي للصيام
للصيام انعكاسات نفسية فسيولوجية على الصائم تؤثر على طبيعته وسلوكه، وذلك يعود لأسباب جسمية وذهنية , فالأسباب الجسمية هي المرتبطة بأعضاء الجسم وتأثرها بالصيام بالتالي تأثيرها على نفسية وأعصاب الصائم ..عن ذلك يتحدث الدكتور فكري النائب -أستاذ مساعد واستشاري أول للطب النفسي- فيقول ” نتيجة للصيام فإن نسبة إفراز الأدرينالين والكورتيزون في الجسم تزيد عما كانت عليه سابقاً , موضحاً أن هذه الهرمونات يفرزها الجسم أثناء مواجهة الضغوط ما يؤدي إلى زيادة نسبة نوبات العصبية والغضب .
ويضيف ” كما أن لتغيير هيكلية النوم أثناء الصيام بعدة آليات من ضمنها السهر في الليل تؤدي إلى تغيرات في اليوم الثاني تتمثل في صعوبة التركيز وزيادة العصبية أثناء النهار ”
ويشير الدكتور النائب في خضم حديثه عن أسباب العصبية في شهر رمضان إلى بعض العادات السيئة مثل تناول القات والتدخين، مؤكداً أنها تضاعف العصبية والحدة في التعامل لدى ممارسيها أكثر من غيرهم خلال الشهر الكريم.
ومن الفئات الأكثر تأثراً وتحسساً في شهر رمضان هم أصحاب الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى تناول الأدوية في أوقات مختلفة.. عن ذلك يوضح الدكتور فكري السبب فيقول ” بالنسبة للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة فإن الصيام يؤدي إلى عدم الانتظام على أخذ الأدوية وبالتالي يزيد الإحساس بالتوتر والعصبية “.
أفكار وثقافات خاطئة
وعن الأسباب الفكرية والذهنية يتحدث الأستاذ أحمد شرهان -معالج نفسي- بأن شهر رمضان وفرض الصيام جاء ليحسن من أخلاق الناس وضبط التعامل فيما بينهم، لكن نتيجة لأسباب ثقافية خاطئة وقعوا في دوامة العصبية المفرطة في شهر رمضان ويضيف ” للأسف كثير من الناس يتبنون أفكارا خاطئة عن الصيام وأنه جهد مرهق بسبب البيئة والثقافة التي عاشوا عليها ما ينعكس على تصرفاتهم وردود أفعالهم تجاه بعضهم البعض”
ويذكر شرهان أن للتفكير الخاطئ عواقب وخيمة لعلنا نرى أبرزها وقت أذان المغرب وما يحدث فيه من مشاجرات قد تصل حد القتل نتيجة هذه الأخطاء في التفكير، كأن يقوم البعض بقراءة أفكار الناس من حوله وتحليل تصرفاتهم وبناء عليه يتخذ موقفاً حاداً تجاههم، وبدورهم –الناس- يردون على ذلك بأسلوب أكثر عصبية وحدة ما يسبب صدامات وحوادث مؤلمة .
معالجات وحلول
يحتاج الصائمون في هذا الشهر الكريم لمعرفة طرق وحلول مقاومة العصبية وضبط النفس ..عن ذلك يقول الدكتور فكري “جميع أثار الصيام تبدأ بالتراجع تدريجياً بعد عدة أيام ونتيجة للتأقلم والتكيف وتحسن المزاج بشكل عام”.. مؤكداً أن ذلك مشروط بالابتعاد عن العادات السيئة مثل تناول القات والتدخين وشرب كميات كبيرة من المنبهات بالإضافة إلى ضرورة عدم تناول كميات كبيرة من الطعام ليلاً.
ويضيف ” إضافة إلى ما سبق ذلك يجب الالتزام بالتعاليم الدينية والصلوات الجماعية التي تساعد على ضبط النفس والإحساس بالأخوة مع جميع المسلمين “.