الشهيد الرئيس صالح الصماد.. أنموذج للقائد الوطني المحنك

 

تأتي الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس صالح علي الصماد، كمحطة فارقة لاستلهام المعاني والدلالات من تضحياته في تعزيز الصمود لمواجهة العدوان على اليمن.
وتمثل سنوية الرئيس الشهيد الصماد في عامها الثالث، أهمية كبيرة في وجدان أبناء الشعب اليمني لاستحضار مواقفه المشهودة في البذل والفداء وتحصين الجبهة الداخلية التي ظلت وما تزال عصّية على كل المؤامرات والمخططات التي ينسج العدوان ومرتزقته خيوطها ولم يحصدوا غير الهزائم.
وتتجسد دلالات إحياء ذكرى استشهاده في عظمة ما قدمه الرئيس الشهيد الصماد من نموذج راقٍ وشاهد حقيقي على قيادته لسفينة الوطن في ظل ظروف استثنائية قاهرة وتحديات كبيرة، مجسداً بهمومه وآماله رؤيته الحكيمة ونظرته الثاقبة والشاملة لمشروع بناء الدولة.

الثورة / جميل القشم

شخصية وطنية
يتذكر اليمنيون شخصية وطنية لطالما مثلت أيقونة للصمود والحكمة والنزاهة والشجاعة والإقدام والبأس والإلهام، عملت على ترسيخ دعائم الثبات ورسمت ملامح البناء والنهوض والتطوير وتحديث المنظومة الدفاعية وقوة الردع اليمنية لمواجهة العدوان الإجرامي.
استطاع الشهيد الصماد رغم التحديات أن يصنع في زمن قصير فارقاً كبيراً في أدائه وتحركاته وبصماته الوطنية والتنموية، وهو على قمة هرّم السلطة التي لم يرها مغنماً ولا وسيلة سوى لإحقاق الحق وخدمة الوطن والمواطن، انطلاقا من ثقافته القرآنية ووعيه وصبره وتوجيهاته الإيمانية وأخلاقه الكريمة وتطلعاته في بلورة مشروع بناء اليمن واقعاً عملياً.
رمز وطني
جسد الرئيس الشهيد الصماد بمبادئه وطموحاته خارطة طريق جديدة لتحقيق العزة والكرامة لأبناء اليمن ورفض مشاريع الوصاية والتبعية، وهو ما شكل حالة فزع أرعبت الأعداء وجعلتهم يتجهون نحو وأد هذا النهج باغتيال مهندسه وراسم خطوطه العريضة، لكسر شوكة البناء واستقلال القرار السياسي، فتعزز باستشهاده صمود الشعب وقوة الإرادة والعزيمة اليمنية وروح الإصرار على مواصلة البناء والتطوير رغم العدوان وما يقوم به من قتل وتخريب وتدمير.
فشل العدو السعودي باغتياله للرئيس الشهيد الصماد في تحقيق هدفه ، كما يفعل نظامه المتغطرس الغارق في الدماء على مّر التاريخ بالقادة العظماء الذين يرى فيهم حجر عثرة أمام مؤامرته ومشاريعه التدميرية وحقده الدفين على الشعوب، لكنه فشل في كسر الصمود اليمني والمشروع الذي أرسى قواعده الشهيد الصماد ويمضي في تجسيده خلفه فخامة الرئيس مهدي المشاط بقوة وإباء.
قدّم الشهيد الصماد روحه رخيصة في سبيل الله وخدمة وطنه وشعبه وضرب أروع الأمثلة في الوفاء، ومن واجب الوفاء في هذه الذكرى تجسيد نهجه ودوره في مواجهة العدوان والاستمرار في التحشيد ورفد الجبهات، وتخليد ذكرى قائد استثنائي مثّل رحيله خسارة كبيرة على الوطن.
صوابية التوجه
فقد اليمنيون رمزا وطنيا حظي باحترام وتقدير كافة الفرقاء السياسيين والقوى الوطنية التي لن تنسى جهوده في توحيد الجبهة الداخلية وإدارة شؤون البلد بحنكة واقتدار، وتميز بصوابية تخطيطه وأهدافه وكل توجهاته، عين له على الجبهات وتطوير الصناعات العسكرية وأخرى على حياة المواطنين ومؤسسات الدولة وتوفير الفرص رغم العدوان وكل ما يعانيه اليمن من ويلات.
تغلب الرئيس الشهيد على صعوبات المرحلة بعزم وثقة، منتهجاً أخلاق القادة العظماء في مواجهة طواغيت الظلم والاستكبار متسلحاً بإيمانية جهادية وروح زاهدة، فكان يرى أن مسح التراب من على نعال المرابطين أشرف من كل مناصب الدنيا، فلم يُخفه أو يحد من تحركاته رصد الطائرات الاستطلاعية والأقمار الاصطناعية.
مدرسة في البذل
كان خطيبا بليغا فقيها سياسيا حكيما، سعى بكل ما أمكن لتضميد الجراح وتوحيد الجبهة الداخلية بإجماع كل الفرقاء وانجذب الجميع إلى فصاحة بيانه وحجة لسانه ورجاحة عقله وسعة صدره وإخلاصه لكل أبناء وطنه.
عكس بنظرته الثاقبة أنموذجا في قيادة شؤون البلاد ، حيث لم يميز أو يفرق بين أحداً بل كان رئيساً لكل اليمنيين ورجل دولة لا يفتر ولا يتذمر ولا ينتظر أحد ولا يلتفت لمتخاذل، يبذل جهده في النصح والإرشاد والتبيين، يسعى في كل الميادين، ويتواجد في كل الجبهات، لم ير نفسه إلا جنديا من جنود الوطن.
كان يغبط المرابطين في جبهات ومواقع البطولة، وعلى مكانتهم وتضحياتهم ويستشعر في خلجات نفسه أن ساحات العزة والكرامة مكانه الأنسب، وأقصى غاياته الشهادة، فسعى إليها بكل جوارحه، فلا كرسي رئاسة قد يغريه عنها ولا مناصب الدنيا تغيره أو تنسيه الشهادة.
مضى بيقين القائد الحكيم في الدفاع عن الأرض والعرض والحرمات وصون مختلف المناطق خاصة الساحلية منها لعلمه بخطورة المعركة هناك وأهميتها كي لا تسقط بأيدي المحتلين والغزاة، وفي الوقت ذاته لم يغب عنه للحظة تحرير المناطق الواقعة تحت الاحتلال.
إنجازات نوعية
رغم الفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها قيادة البلاد كرس الشهيد الصماد كل جهوده في توحيد اليمنيين على قلب رجل واحد لمواجهة العدوان بكل الوسائل والإمكانات، وشهدت المؤسسة العسكرية في عهده نقلة نوعية في التصنيع الحربي ومنها الطائرات المسيّرة والمنظومات الباليستية المتنوعة والتي كان لها عظيم الأثر في تغيير معادلة المواجهة وانتقال اليمن من الدفاع إلى الهجوم والردع ومن الضربات الباليستية الأحادية إلى دفعات موجعة في العمق السعودي.
وخلال فترة حكمه للبلاد ظل الرئيس الشهيد الصماد كابوساً يقّض مضاجع العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وجعلهم يعيشون في حالة هستيرية من خلال خطاباته وتحركاته التي ترجمها ميدانيا في جبهات وميادين الكرامة، والتي كان لها الأثر القوي في إلحاق الهزائم والخسائر في صفوف العدوان، ورفع معنويات المرابطين من أبطال الجيش واللجان الشعبية.
مشروع وطن
رفع شعار “يد تحمي ويد تبني” مدركا أن مشروعه ليس سهلا ًوأن الطريق أمامه ليس معبداً، وأن هذا المشروع سيواجه عراقيل وصعوبات داخلية وخارجية وأن قوى العدوان لن تسمح ببناء الدولة اليمنية القوية دولة المؤسسات والقانون، ولكنه تحدى العدوان ومرتزقته وقرر خوض غمار معركة البناء.
تطلع بمشروعه “يد تحمي ويد تبني” إلى يمن مستقل حر عزيز غير مرتهن لأيّ دولة، فسعى حثيثا لتوجيه ضربة قاصمة للعدوان يحمي فيها الوطن ويبنيه بعد أن أحاطة به يدان وكفّان تكمل إحداهما الأخرى بل ولا تكتمل إحداهما إلا بتوأمها.
كرس بمشروعه الوطني اهتمامه بثلاث مقومات رئيسية لتثبيت مشروع بناء الدولة، تمثلت في الاستقلال والخروج من التبعية التي أضرت اليمن طوال العقود الماضية والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة والاعتماد على الذات في تقوية المؤسسات بمختلف قطاعاتها.
واعتبر مفكرون ومحللون سياسيون مشروعه الوطني أنه انعكاس لروحه ومسيرته النضالية التي لم تغره يوما شهوة المال والسلطة وهذا ما تبين من خلال ما خلفه من مواقف عكست نزاهته وزهده.
وبمناسبة إحياء اليمنيين لذكرى استشهاده استطلعت “الثورة” آراء عدد من القيادات بمحافظة صنعاء، الذين أشادوا بالدور الفعال للرئيس الشهيد صالح الصماد في مسارات البناء ودلالات مواقفه الخالدة.
قدوة لكل الأحرار
حيث أكد محافظ صنعاء عبدالباسط الهادي أن ذكرى الرئيس الشهيد صالح الصماد تجسد كل معاني التضحية والشجاعة والإخلاص والوفاء لدى أبناء اليمن، بما مثله من رمز وعنوان وطني وجهادي صادق ومدرسة ونموذج وقدوة يسير على نهجه ومبادئه الأحرار في البلد.
وقال “الشهيد الصماد ما يزال حيا بيننا بمناقبه ومواقفه وبمشروعه الوطني، فقد زاد اغتياله الشعب ثقة بعظمة المشروع الذي أطلقه والذي يمثل رسالة للعدوان أننا سنحمي الوطن بيد ولن تغيب اليد الأخرى التي ترتكز على العلم والبناء لتقود قطار التحديث والتقدم للشعب”.
ولفت الهادي إلى أهمية جعل الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الرئيس الصماد ذكرى عهد ووفاء لدمه ودماء كل الشهداء الأبرار والعمل على تنفيذ مشروعه لبناء دولة يمنية قوية.
وأشار إلى أن مسيرة الشهيد الصماد ونضاله حتى استشهاده بنيران العدوان نتاج تربية إيمانية قرآنية وإيمانه بأنه حمل مشروعا تنويريا حتى دفع روحه ثمناً لهذا المشروع.
مشروع تنويري
أمين عام محلي المحافظة عبد القادر الجيلاني أشار إلى أن الرئيس الشهيد الصماد خلّد مواقفه في أنصع صفحات التاريخ وستتناقلها أجيال اليمن .. مؤكدا أن العدوان أحيا في قلوب ملايين اليمنيين صماداً يمضون على دربه ويجسدون نهجه ومشروعه لبناء اليمن ومواجهة تحالف العدوان والتصدي لمخططاته.
ولفت إلى أن الشهيد جسد خلال مراحل حياته أنصع صور البذل والتضحية والإخلاص .. معتبرا مشروعه الوطني” يد تحمي ويد تبني” دليلاً على رؤيته الثاقبة لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
مثل أعلى
من جانبه، اعتبر وكيل أول محافظة صنعاء حميد عاصم أن النموذج الذي قدمه الشهيد الصماد في إدارة شؤون اليمن خلال ظروف صعبة، ساهم في تعزيز التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمواجهة صلف وغطرسة العدوان.
وأشار إلى أن اليمن سينتصر على العدوان بصمود وتلاحم أبنائه وأبطاله المرابطين في الجبهات للدفاع عن سيادة الوطن .. لافتا إلى أن الشعب اليمني صار أكثر تماسكاً وصلابة وأن محاولات العدو للنيل من إرادته ستبوء بالفشل ولن يجنِ سوى الخزي والذل.
وأوضح عاصم أن الرئيس الشهيد الصماد كان مثالاً للرجل المخلص الذي قام بواجبه على أكمل وجه خلال مسيرته الحافلة بالعطاء والإخلاص لوطنه في ظروف استثنائية وصعبة.
مسيرة خالدة
بدوره تطرق مستشار المحافظة عبدالله المرتضى إلى ما اتسم به الشهيد الصماد من مناقب وصفات قيادية توّج بها مسيرة حياته رئيسا لليمن وجاد بنفسه شهيدا في الدفاع عن الوطن وكرامة أبنائه.
ودعا إلى استلهام الدروس من حياته والسير على خطاه وكل الشهداء في البذل والتضحية والفداء حتى تطهير كامل تراب الوطن من دنس الغزاة والمحتلين.
وأضاف المرتضى قائلا: ” مواقف الرئيس الشهيد الصماد ما تزال في قلوب اليمنيين، بما تحلى به من تواضع ونزاهة وما قدمه من أنموذج وقدوة في إدارةشؤون البلاد ولم الشمل في ظروف بالغة التعقيد”.
وذكر أن المشروع الوطني الذي دعا إليه الرئيس الشهيد “يد تحمي ويد تبني” لبناء الدولة ومواجهة العدوان هو مشروع يتطلع لتحقيقه كل أبناء الشعب اليمني.. مشيرا إلى أن تضحيات الشهيد ستظل حاضرة في وجدان أبناء اليمن للسير في طريق البناء والحرية.
خسارة فادحة
مدير مكتب الشباب والرياضة عبدالمحسن الشريف أشار إلى أن خسارة الوطن باستشهاد الرئيس الصماد كانت فادحة ومؤلمة للجميع .. منوها بما حققه الشهيد من مكاسب في فترة عصيبة لا يزال الشعب اليمني يعيش لحظاتها ويقدم التضحيات الجسيمة من أجل استقلال قراره الوطني.
وأكد أن الرئيس الشهيد كان أنموذجا للقائد الوطني وستبقى مآثره وحنكته القيادية والسياسية تنهل منها الأجيال معاني العزة والكرامة.
في حين ذكرت القيادية التربوية هنية حلبوب أن تضحيات الرئيس الصماد وكافة شهداء الوطن وشجاعتهم ستظل خالدة في وجدان الشعب اليمني .. لافتة إلى أن خصوصية مشروع الشهيد الصماد تنبع من المشروع القرآني الكفيل بإنتاج مشاريع مماثلة لمن يأتي ويسير بعده على النهج نفسه.

قد يعجبك ايضا