للعام السابع على التوالي يقبل شهر رمضان المبارك على الشعب اليمني, وكالعادة فالعدوان السعودي قد اشغل الناس عن الضيف العزيز على قلوبهم بعد أن نشر الموت والمجاعة والدمار في ربوع اليمن السعيد وبعد أن أنهك الشعب اليمني بمختلف شرائحه وطبقاته حتى ارتسمت صورة مأساوية في ذاكرة الناس لا سيما لدى المواطنين الذين كانوا من قبل تحت خط الفقر المدقع فجاء العدوان السعودي وتحالفه ليضاعف معاناتهم بقطع سبل عيشهم ومصادر دخلهم :
الثورة / حاشد مزقر
يحكي ياسر حسين قائلاً: قبل 6 سنوات من الآن كان الجميع ينتظرون بشغف كبير لحظات السعادة التي ستحملها إليهم أيام شهر رمضان المبارك، فهذا ينوي زيارة أقاربه وآخر ينوي الارتماء في أحضان المناطق الجبلية حيث الطبيعة وجمالها وحيث الاجواء الروحانية، فيما ثالث يصنع لنفسه برنامجا يضمن له الفوز بأكبر قدر ممكن من الصلاة والدعاء والابتهال إلى الله تعالى، وإذا ما حضر رمضان عاش كلٌ لحظته المنتظرة, لكن ما يؤسف له حقا أن تلك الحياة أصبحت من ماضينا السعيد فقط بقي منها في حاضرنا الذكرى لا غير، أما الآن فقد أصبح كل مواطن يمني غارقا بهموم مستلزمات ومصاريف تغرقه من رأسه حتى أخمص قدميه بعد أن جاء طغيان العدوان السعودي وتحالفه ليدمر كل مقومات الحياة.
ذكرى قاسية
يتحدث المواطن محمد علي عن شهر رمضان المبارك وكيف سيكون هذا العام؟ فيقول وحشرجة قاسية تخنق كلماته ومرارة مؤلمة تحكي تفاصيل لم تستطع الحروف والكلمات الإفصاح عنها: قبل أن تشن السعودية عدوانها الآثم كانت حياتنا كحياة بقية الناس آمنين في منازلنا ولقمة العيش متوفرة وكذا مطالب الأطفال والأسرة متوفرة ككل وكان رمضان لا يأتي إلا وقد منحناه الكثير من طقوس الاستقبال والترحاب فنوفر له كل ما يمكن أن يجعلنا نعيش لحظاته بكل سعادة سواء من المواد الغذائية أو المستلزمات الأخرى بما يسهل علينا إحياء شعائر الله وكنت أعمل جاهدا على إسعاد جميع أفراد الأسرة ولم أشعر بالمهانة يوما رغم بعض الأزمات المالية التي كنت أمر بها.. أما الآن فقد ساءت أحوالنا وقست علينا الحياة بعد كل ما أحدثه العدوان في كل نواحي حياتنا فإن شهر رمضان لم يعد سوى ذكرى قاسية لنا فنحن غير قادرين على تأمين لقمة العيش البسيطة فضلا عن متطلباته الكبيرة والباهظة ولم نعد نحلم بشيء سوى توفير ولقمة العيش.
واقع الحال
وإذا كان محمد قد نسي أمر رمضان فإن علي منصور لم ينسه على الإطلاق بل يكاد يستعجل وصوله , لكن ثمة أمراً مختلفاً فحنينه لرمضان ليس لمجرد شغفه بقضاء الأجواء الروحانية بل لهدف آخر أيضا وهو ليس ببعيد عن ضمان الاستمرار في الحياة فـ«علي» الذي كان يعمل في العاصمة صنعاء بناءً ويعول أسرته مما كسبت يداه انقطع عنه ذلك الباب للرزق فلم يبق أمامه سوى الرحيل إلى الجبال بغية الحصول على أعواد الحطب التي سيقوم بعد ذلك بحملها على ظهره قبل أن يبيعها على المحتاجين له في المدينة وقدوم شهر رمضان المبارك خير موسم لهذه التجارة حيث يقول علي: انتظرنا 5 سنوات لعلّ العدوان ينتهي لكنه لم ينته قبل أن ينفد ما كنا قد ادخرناه من أعمالنا الحرة في المواسم السابقة، ولما لم نجد حلا فكرت بالاحتطاب ولم أكن أنا الوحيد الذي يمارس هذا العمل فهناك الكثير ممن جارَ عليهم العدوان الظالم وأصبحوا بين ليلة وضحاها فقراء لا يمتلكون شيئا.
ذكريات وفراق
عبدالله الشريف .. هو الآخر له مع شهر رمضان الحالي ذكريات مؤلمة بالطبع ستختلف كليا عن سابقيه.. فنهار وليل أيام الشهر الفضيل وللمرة الرابعة لن يجمعه بوالده وشقيقه الأكبر اللذين استشهدا في الخامس والعشرين من شهر رمضان قبل أربعة أعوام بغارة جوية لطائرات العدوان السعودي استهدفت احد المنازل بمحافظة حجة وهما يمران بالصدفة بالقرب من الهدف وهما في طريق عودتهما إلى المنزل بمحافظة صعدة ..كان والده يعمل في مزرعة كبيرة ومثله شقيقه الأكبر البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاما وهو متزوج ولديه طفلان والذين استهدفهم العدوان نهارا جهارا بإحدى الغارات الوحشية.. ويقول عبدالله معلقا على حلول شهر رمضان المبارك: بالتأكيد سيكون مختلفا جدا فلم يعد بإمكاني التهرب من مسؤولية تحمل أعباء الأسرة وتوفير احتياجاتها والقيام بأمرها فقد رحل من كنت ألقي بالمهمة على كاهله، أيضا لن أتمكن من رؤية أخي ووالدي و لن اصلي معهما ولا خلفهما في هذا الشهر الكريم: باختصار سيكون هذا الشهر بالنسبة لي وللعائلة ذكرى رحيل مؤلمة لروح الحياة الجميلة.
العدوان وحصاره البربري
محمد الحشف- ناشط حقوقي تحدث عن جزء من واقع المجتمع اليمني الذي تسبب به العدوان وحصاره البربري على بلادنا خلال السنوات الماضية وقال :في السنوات السابقة كنت قد قمت برصد الحالة المجتمعية لبعض المناطق في اكثر من محافظة في الشمال والجنوب وكانت الصورة كارثية, فعشرات الآلاف من الأسر تضررت من العدوان, إذ دمر العدوان منازل اسر كثيرة واسر أخرى فقدت بعض أفرادها نتيجة الغارات الطاحنة التي تشنها طائرات العدوان في كل محافظات اليمن, كما أن أسراً أخرى فقدت مصادر دخلها التي لا تملك سواها, وعلى صعيد آخر تعطلت الحياة في اكثر من قطاع كالصحة الذي يعيش أوضاعا كارثية فعشرات المستشفيات توقفت عن العمل لأكثر من سبب وبالتالي يفقد الكثير من المرضى حياتهم وعلى صعيد آخر ارتفعت نسب الفقر في أوساط الأسر اليمنية وكذا نسب البطالة في أوساط الشعب، فضلا عن مئات الآلاف من الشباب فقدوا أعمالهم في القطاع الخاص بعد تسريحهم بسبب الحصار وبسبب استهداف المنشآت الحيوية، وآخرون فقدوا أعمالهم التي كانت تعتبر كأعمال حرة وذلك بسبب العدوان علاوة على قطع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي واحتكارها من قبل حكومة الفار هادي ..ومن هنا فإن معاناة اليمنيين في شهر رمضان هذا العام ستكون كبيرة والسبب الأول والأخير لذلك هو العدوان السعودي الذي دمر اليمن أرضا وإنساناً.
انعدام الأمن الغذائي
وبحسب التقارير الدولية فإن اليمن سيبقى هذا العام البلد الذي يشهد أكبر أزمة إنسانية كما في الأعوام السابقة، حيث أشارت إلى أن هناك أكثر من 22 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة في اليمن، منهم “22 مليونا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، لافتة إلى أن أكثر من 8 ملايين يعانون من انعدام خطير للأمن الغذائي، وأن هناك أكثر من خمسة ملايين طفل معرضون لخطر الموت جوعا.