لم تكتف قوى العدوان الدموية بالقتل المباشر للمواطنين الأبرياء، بمئات الآلاف من الغارات التي خلفت 17 ألفا و97 شهيداً، منهم ثلاثة آلاف و821 طفلاً و2892 امرأة وأكثر من 27 ألف جريح من المواطنين، فنوعت من أساليب القتل لتبلغ حداً لم تعهده حروب التاريخ، لتلجأ للقتل غير المباشر، القتل بالحصار والتجويع، وراح ضحيته عشرات الآلاف من الأبرياء منهم 80 ألف وفاة بين مرضى لم يستطيعوا السفر إلى الخارج بسبب حصار مطار صنعاء.
منذ اللحظة التي وجه فيها غاراته على مخازن الغذاء، كشف العدوان الأمريكي على اليمن عن وجهه القبيح، لتظهر في تقاسيمه ملامح الشر والإجرام.الثورة / وديع العبسي
فاستهداف ما يرتبط بحياة الناس لم يكن يوماً من الأهداف الإستراتيجية للحروب، وإنما دليل على الانسلاخ من الكينونة الإنسانية، وإحياء لقانون الغاب.
لم تكن مخازن الغذاء فقط الشاهد على إجرام العدوان، لكنه أيضاً وفي سياق تأكيده لتوجهه العدائي قصف المزارع، المصانع، منشآت المياه، الطرقات، والجسور ومراكز الصيد.. عبث وتوحش لا مثيل له.
تعمد ضرب البنية التحتية أيضا لمحاصرة اليمنيين المواطنين بأسباب الإحباط والركون إلى الاستسلام، وكما يقول المحلل السياسي الموفق محمد العباد إن العدو ينتهج بذلك سياسة التجويع ويريد بذلك الضغط على المواطنين لخلق حالة رفض، وهم بالفعل يرفضون هذه السياسة الهمجية للعدوان ولا يساومون بكرامتهم وعزتهم.
استهدف العدو كل مقومات الحياة، ثم لحق الناس إلى الأسواق وقصفهم بينما كانوا يبتاعون لأسرهم شيئاً من العيش والخضار.
عبث غير مبرر، وعدوان لا قيم له ولا أخلاق، عجز حتى عن قراءة مدلولات هذا الثبات رغم كل ذلك القصف الهيستيري على أسباب الحياة وتعقيد سبل العيش، لذلك ظل في غيّه.
الموانئ.. استهداف وحصار
استهدف الحصار الذي فرضه العدوان على اليمن كل المنافذ البرية والجوية والبحرية، فبريّا تم إغلاق المنافذ والتحكم في الداخل والخارج منها، الأمر الذي أثر على حجم البضائع التجارية الداخلة إلى البلد بقصد خلق حالة هلع في السوق نتيجة نقص المعروض من احتياجات الناس.
وإحكاما للخناق، تعزيزا لهدف حربه الاقتصادية على اليمن، استهدف العدوان بشكل غير مبرر وغير إنساني الموانئ اليمنية بغاراته وزاد على ذلك حصارها ومنع وصول سفن الغذاء والدواء إليها، حيث أقدمت دول العدوان وحكومة المرتزقة على تحويل نحو 70% من خطوط الشحن التجاري من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن، الذي ترتبت عليه أعباء إضافية ومشاكل جمة، تحمّل تبعاتها اليمنيون بمضاعفة أسعار السلع والخدمات، جراء التكاليف الباهظة لنقل البضائع من المحافظات الجنوبية إلى صنعاء وغيرها من المحافظات الشمالية.
في بيان أصدرته بمناسبة اليوم البحري العالمي قالت اللجنة الاقتصادية العليا: للعام السادس توالياً يحل اليوم البحري العالمي، الذي يوافق 24 سبتمبر من كل عام ، في وقت لا تزال الموانئ اليمنية تعاني من الحصار والإغلاق والتعطيل على أيدي دول العدوان، ضمن حربها الاقتصادية المعلنة على الشعب اليمني.
وأضاف البيان: تعرضت الموانئ اليمنية – وخصوصاً الواقعة على البحر الأحمر- للقصف الجوي المباشر، ما أدى إلى تدمير بنيتها التحتية، وتهديد الإمدادات الغذائية لأكثر من 70% من اليمنيين المعتمدين على موانئ الحديدة للتزود باحتياجاتهم الغذائية، إلا أن مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية ظلت في جاهزية تامة لإصلاح الأضرار الفنية وإيجاد بدائل لإعادة تشغيل الكثير من المنشآت والآليات المتضررة بعد كل عملية قصف لتستمر في تقديم خدماتها.
وأشار إلى أن العدوان الأمريكي السعودي استغل القرار رقم 2216 لغزو اليمن وتدميره كغطاء قانوني دولي، على الرغم من أن القرار لا يعطيه الشرعية لشن الحرب وتدمير البنى التحتية وتقويض مؤسسات الدولة، وفرض حصار شامل على الموانئ يشمل منع دخول المواد الغذائية والإغاثية والمستلزمات الطبية والأدوية وكذلك المشتقات النفطية، والذي يعد مخالفة صريحة لمضمون القرار 2216 نفسه وتناقضه مع مبدأ سيادة الدول واستقلالها الذي يعد من أهم مبادئ الأمم المتحدة.
وبينما عجزت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالنقل البحري عن حماية الموانئ اليمنية من القصف، التزمت المنظمات الدولية والأممية الصمت تجاه ما تعرضت له البنية الأساسية للموانئ اليمنية من استهداف متعمد وتعطيل واضح ومخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة.
منذ عام 2015 نشرت السعودية وحلفاء لها من الدول العربية قوات بحرية في المياه اليمنية وحولها. ووافقت الدول الغربية على هذا الاستعراض للقوة.
وتبين سجلات بحرية لم يسبق نشرها وتقرير سري للأمم المتحدة ومقابلات مع وكالات إغاثة إنسانية وخطوط ملاحية أن سفن تحالف العدوان تمنع دخول إمدادات ضرورية إلى اليمن حتى في الحالات التي لا تحمل فيها السفن أسلحة.
وفشل نظام أقامته الأمم المتحدة في مايو 2016 لتسهيل وصول الإمدادات التجارية من خلال الحصار في ضمان حصول الشعب اليمني على ما يحتاج إليه من إمدادات.
وكان لهذا الحصار الفعلي ثمن باهظ على الصعيد الإنساني.
تشير وكالة رويترز إلى أنه في تقرير سري قُدِّم إلى مجلس الأمن في أبريل من عام 2017م ذكر محققو الأمم المتحدة بالتفصيل العديد من العوائق التي واجهتها السفن للمرور من خلال الحصار، وفي إحدى الحالات انتظرت سفن شركة ملاحية 396 يوما للرسو في الحديدة ما أدى إلى تراكم مصروفات وقود وتبريد بلغت 5.5 مليون دولار. وقال تقرير الأمم المتحدة إن التحالف يستغرق في المتوسط عشرة أيام لمنح الإذن للسفن بالرسو في الحديدة حتى في الحالات التي لا يتم فيها تأخير السفن.
وفي رسالتين خاصتين على الأقل مع دول أعضاء في الأمم المتحدة ووكالات إغاثة عام 2017 تذكر «رويترز» إن مسؤولي آلية التحقق والتفتيش أبدوا شعورهم بالإحباط لأن التحالف يمنع السفن التي وافقوا على مرورها أو يعطلها.
ودائماً كان النظام السعودي يتحجج بأنه يتم تهريب السلاح من إيران إلى اليمن عبر ميناء الحديدة ولذلك جرى الحصار وآلية التفتيش للسفن، ولما ثبت أن السعودية كانت تمنع دخول سفن لم تكن تحمل أي سلاح ومع تزايد النقد الدولي لهذا السلوك غير الإنساني عاد النظام السعودي ليتحجج بأنه يتم استغلال الإيرادات من الحديدة لشراء السلاح، حسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن السفير السعودي المعلمي.
القرصنة على سفن الوقود
ابرز انتهاكات العدو، كانت القرصنة المستمرة على سفن الوقود، التي بسببها تتوقف تباعاً عدد من القطاعات الخدمية عن تقديم خدماتها للناس ما ينذر بكارثة أشد سيحمل العدوان بما فيها أمريكا والمجتمع الدولي وزرها.
ومنذ مطلع هذا العام 2021 لم يصل إلى ميناء الحديدة لتر واحد من البنزين، حسب ما أكدت شركة النفط اليمنية في وقت سابق، محملّةً الأمم المتّحدة «كامل المسؤوليّة عن الأوضاع في اليمن نتيجة صمتها عن استمرار أعمال القرصنة البحريّة واحتجاز سفن الوقود».
في مؤتمر صحفي نظمته الوزارة أمس حول الأضرار والخسائر التي تعرض لها قطاع النفط والغاز والمعادن على مدى ست سنوات، أوضح وزير النفط أحمد دارس أن العدوان يمارس الابتزاز السياسي عبر احتجاز سفن المشتقات النفطية والذي يضاعف معاناة المواطنين بسبب استمرار العدوان والحصار .
وأشار إلى أن الشعب اليمني يتكبد خسائر وغرامات مالية كبيرة يومية نتيجة استمرار أعمال القرصنة البحرية واحتجاز سفن الوقود من قبل تحالف العدوان بقيادة أمريكا والتي تقدر بقرابة 22 ألف دولار يوميا وبإجمالي 29 مليون دولار حتى 20 مارس الجاري.
ولفت إلى أن السفن التي تم الإفراج عنها من قبل العدوان منذ بداية العام 2021م، هي أربع سفن ثلاث منها للقطاع الخاص وسفينة واحدة فقط ديزل للقطاع العام .
وقال وزير النفط “إن تحالف العدوان الأمريكي السعودي أفرج خلال العام 2020م عما نسبته 45 بالمائة فقط من حجم الاحتياج الفعلي من المشتقات النفطية للمناطق الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى.
وذكر أن حصار العدوان لميناء الحديدة تسبب في ارتفاع أجور النقل والمواصلات، فضلا عما قام به المرتزقة برفع أسعار الغاز بحوالي ألف ريال، وهي كلفة إضافية يتحمل تبعاتها المواطن.
ووفقا لوزارة النفط والمعادن فإن فترة احتجاز تحالف العدوان لسفن المشتقات النفطية تجاوزت 1500 يوم بإجمالي غرامات تجاوزت 29 مليون دولار.
في أوائل سبتمبر 2015 قالت الأمم المتحدة إنها توصلت إلى اتفاق لإقامة نظام للتفتيش يسهل مرور السلع إلى اليمن. وقالت الأمم المتحدة إن مقر هذا النظام أو آلية التحقق والتفتيش سيكون في جيبوتي.
واستغرق الأمر حينها ثمانية شهور أخرى لتدبير ثمانية ملايين دولار لكي تبدأ الآلية عملها.
وعندما بدأ عمل الآلية في مايو عام 2016 كان هدفها المعلن “إعادة الثقة في أوساط النقل البحري” بأنه لن يكون هناك تأخيرات غير متوقعة ومكلفة للشحنات المتجهة إلى اليمن.
ومنذ ذلك الحين أصبح على كل السفن التجارية المبحرة إلى الموانئ الخاضعة لحكومة الإنقاذ التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة يتضمن بيانات شحناتها وقوائم بآخر الموانئ التي زارتها، وثم تقوم الأمم المتحدة بمراجعة الطلبات والتحقق مما إذا كانت السفن قد زارت موانئ مشبوهة أو أغلقت أجهزة البث التي تحدد مواقعها لأكثر من بضع ساعات وهي حيلة شائعة بين المهربين الذين يريدون تجنب اقتفاء أثرهم، وبين الحين والآخر يتولى متعاقدون يعملون لحساب الآلية تفتيش السفن.
غير أنه حتى بعد صدور موافقات الأمم المتحدة يتعين على كل السفن التجارية الحصول على موافقة من سفينة حربية تخضع لإدارة سعودية ترابط على مسافة 61 كيلومترا غربي ميناء الحديدة.
وهكذا صار طرف العدوان متحكما بحركة السفن التي وجهتها الحديدة.
في وقت سابق قال المدير العام التنفيذي لشركة النفط اليمنية المهندس عمار صالح الأضرُعي، ثلاثة عوائق رئيسة تواجهه السفينة منذ شحنها, وأول عائق أن هناك ميناء واحدا فقط المسموح الشحن منه إلى الجمهورية اليمنية وهو ميناء الحمرية في الإمارات, حيث كان في السابق ميناءان ولكن تم منع الشحن من ميناء الفجيرة وأصبح الآن ميناء واحداً هو الحمرية ويعتبر من أسوأ موانئ الإمارات, أي أن السفينة عندما تذهب للميناء للشحن تبدأ في طابور في الميناء حتى يصل دورها لعملية التحميل وقدرة الميناء على التحميل ضعيفة جداً وأرصفته لا تقبل إلا سفنا صغيرة الحجم تصل إلى ثلاثين ألف طن, ثانياً لا يستطيع التحميل في وقت واحد مادتين إلى السفينة إذا كانت ستحمل بنزينا وديزل, حيث تقوم بعملية تحميل البنزين ثم تخرج إلى الغاطس لانتظار دورها لدخول تحميل المادة الأخرى.
العائق الثاني، أن السفينة تصل إلى جيبوتي لتجد أمامها لجنة التحقق والتفتيش «اليونيفم» التابعة للأمم المتحدة، التي تجبرها على أن ترسو في أرصفة موانئ جيبوتي وتأخذ دورها حتى تصل إلى الأرصفة، ثم تتم عملية التحقق والتفتيش وتستغرق ما يقارب أربعة أيام إلى أسبوع, وعملية التفتيش تكون دقيقة جداً حيث يتم تفتيش حتى محركات السفينة وكافة حمولتها وكافة الأدوات والمؤنة المحملة على السفينة والخزانات والمادة المحملة داخلها والأختام لخزانات السفينة ويتم مطابقتها مع ميناء الشحن والتصدير ومطابقة كافة الوثائق بأنها كميات غير مهربة والتأكد أنها كميات ليست مشحونة من إيران وبعدها تحصل السفينة على تصريح الأمم المتحدة ثم تُمنح تصريحا للدخول إلى ميناء الحديدة لتفريغ شحنتها.
تنتهي السفينة من العائق الثاني لتجد نفسها أمام العائق الثالث المتمثل بالبوارج الحربية لقوى العدوان المتواجدة في المياه الإقليمية للجمهورية اليمنية أمام الحديدة، حيث تقوم بمنع السفن من الدخول إلى ميناء الحديدة واقتيادها إلى أمام منطقة جيزان وهناك تتواجد بوارج حربية أخرى تمنعها من التحرك وتمكث هناك ولا يسمح لها بالدخول إلى ميناء الحديدة إلا بعد حصولها على تصريح مما تسمى اللجنة الاقتصادية للمرتزقة، التي يقيم جميع أعضائها في الأردن وللأسف هم يمنيون ولكنهم يمثلون غطاء للعدوان وهادي يمثل غطاء لهم وحكومة معين عبد الملك تمثل غطاء لتلك اللجنة.
مطار صنعاء.. إغلاق وقتل غير مباشر
تسبب إغلاق مطار صنعاء منذ الثامن من أغسطس 2016 م في تداعيات كارثية على المواطنين، أكان لجهة المرضى الذين هم بحاجة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، أو استقبال المواد الإغاثية وحتى التجارية من غذائية ودوائية.
هذا الأسبوع – وفي الذكرى السادسة لليوم الوطني للصمود – ذكرت وزارة الصحة أن 80 ألفاً من المرضى توفوا جراء إغلاق مطار صنعاء الدولي، في حين أن نحو نصف مليون من حالات الأمراض المستعصية بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج.
كما أكدت إحصائيات وزارة الصحة انعدام أكثر من 120 صنفاً من الأدوية والمحاليل الطبية، وأن مرضى الفشل الكلوي، الأورام السرطانية والأمراض المزمنة أصبحوا مهددين بالموت نتيجة النقص الحاد في المخزن الدوائي في اليمن، نظرا لمنع استقبال أي رحلة تحمل شحنات دوائية.
يشير وكيل الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد رائد جبل، إلى أن حركة مطار صنعاء الدولي تم حصرها من قبل قوى العدوان في رحلات الأمم المتحدة، ما أدى إلى تفاقم معاناة الشعب اليمني وحصاره في الداخل والخارج.
كما أشار رائد جبل إلى وفاة مريض من كل عشرة مرضى، في الطريق ما بين صنعاء وعدن أو صنعاء وسيئون ممن يغامرون بالسفر براً عبر طرق وعرة وغير آمنة إلى مطاري عدن وسيئون.
مؤكدا أن إغلاق مطار صنعاء الدولي يتنافى مع كل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها اتفاقية الطيران المدني الدولي “اتفاقية شيكاغو” واتفاقية مونتريال 1988 م ، والتي تنص في مادتها الأولى مكرر على “إن إلحاق الضرر بالمطارات أو التجهيزات أو الطائرات أو عرقلة خدمة المطار يعد ضمن الأفعال غير المشروعة وجريمة يعاقب عليها مرتكبوها”.
مخازن الزراعة وجسور عبور شاحنات الغذاء
لم يكن الحصار في الشق الاقتصادي هو الوجه الوحيد في حرب العدوان الاقتصادية على اليمن، فالعدوان عمد إلى الاستهداف المباشر لمقومات الحياة من المنشآت المائة إلى مزارع «الدجاج».
فاستهدف المباني والمنشآت والجمعيات الزراعية والمنشآت المائية والأسواق الزراعية ومراكز الصادرات والمستودعات والمخازن وقنوات الري والآليات والمعدات والمستلزمات الزراعية وأنابيب نقل المياه وشبكات الري الحديث والمحاصيل الزراعية، ما تسبب في خسائرها في المحاصيل الزراعية بلغت أكثر ثلاثة مليارات و161 مليون دولاراً فضلا عن الخسائر في الأراضي الزراعية وبيوت الزراعة المحمية والمشاتل الإنتاجية.
واستهدف الثروة الحيوانية التي بلغت الخسائر المباشرة فيها 370 مليوناً و294 ألف دولار وحتى مناحل العسل الذي بلغت الخسائر فيه ثمانية ملايين و41 ألف دولار وقطاع الدواجن بلغت الخسائر 123 مليوناً و104 آلاف دولار.
كما استهدف العدوان الجسور، التي تكمن أهمية المدمر منها في أنها كانت تستخدم في نقل شحنات الغذاء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية الضرورية، كما تربط شبكة الطرق التي تعتبر بمثابة شريان حياة للمدنيين، الذين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل حرب عدوانية دمرت كل مقدرات البلد الاقتصادية وقلصت فرص العيش ومصادر الدخل أمام ملايين اليمنيين.
وفي بيان لها، اعتبرت منظمة أوكسفام في العام 2016م تدمير الجسور الواقعة على الطريق الرئيسي الذي يصل بين العاصمة صنعاء وميناء الحديدة تهديدا خطيرا على حياة ملايين اليمنيين غير القادرين على تأمين قوتهم اليومي، في ظل الوضع الكارثي الناتج عن العدوان، خصوصا أن اليمن يعتمد بنسبة 90 % على الواردات من أجل تأمين الإمدادات الغذائية، الأمر الذي يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة لغالبية السكان، لما يترتب على تدمير الجسور من عرقلة وتأخير لوصول الإمدادات الغذائية الضرورية.
ومن بين الجسور الحيوية التي استهدفها العدوان وأدت إلى توقف الحركة التجارية حينها (جسري المدرج في مديرية صعفان بمحافظة صنعاء وجسر مكحلة في منطقة باب الشق بمديرية بني سعد في محافظة المحويت، ونقيل يسلح جنوب العاصمة صنعاء).
تدمير الاقتصاد بإجراءات خاطئة
انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين، الذي بدأ في 2016م، بعد نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، يعد من أهم أشكال الانتهاكات والاستهداف لحياة الناس وهو المستمر حتى اليوم، وتأثر الجميع بشكل مباشر من تبعاته.. ترك كثير من الموظفين أعمالهم الحكومية واتجهوا إلى القطاع الخاص لتدبّر أمور معيشتهم.
بعدها تم إقرار إجراء يتضمن سفر الموظف من المناطق الحرة إلى عدن والمعاملة لصرف الراتب بصفة “نازح”، مع ما يعنيه ذلك من تعب ومشقة سفر برا.
الى جانب ذلك عمدت حكومة الفار هادي الى طباعة المليارات من العملة اليمنية متسببة بأزمات للاقتصاد اليمني نتيجة انخفاض سعر الصرف اليمني مقابل العملات الأجنبية، واستمرت بطباعة مزيد من العملة اليمنية دون غطاء وإغراق السوق بها .
خبراء اقتصاديون حذروا من هذا الإجراء والذي يتمثل في طباعة المزيد من العملة وضخها إلى السوق المحلية، ويمكن أن يتسبب في آثار مدمرة على الاقتصاد اليمني وهبوط للريال اليمني إلى أدنى مستوياته .
ووفق المراقبين، فإن طباعة كميات من العملة الوطنية ستضاعف المعاناة الاقتصادية على اليمن، وبالفعل وبعد طباعة أكثر من تريليوني ريال يمني خلال الأعوام الماضية دون غطاء، وصل سعر الدولار إلى 1000ريال يمني في المناطق المحتلة مقارنة بـ370 في العام 2015م .
وكان السفير الأمريكي “ماثيو تولر” هدد وفد صنعاء – خلال مشاورات الكويت في 2016م – باتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية ستجعل الريال اليمني لا يساوي الحبر الذي كُتب عليه، ليبدأ من وقتها الاستهداف الممنهج للعملة اليمنية في إطار الحرب الاقتصادية التي يمارسها التحالف على اليمن .
جمعية صرافي محافظة حضرموت، وعدد من المحافظات قالت إن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها “حكومة هادي” أسهمت في تدمير الاقتصاد الوطني، وتأثيرها المباشر على أسعار المواد الغذائية واحتياجات المواطن الأساسية.
قتل غير مباشر
واعتبر مراقبون منع دخول السفن – رغم حصولها على تصاريح من الأمم المتحدة بعد استيفاء إجراءات التفتيش – إمعاناً في قتل الشعب اليمني الذي يعيش أسوأ أوضاع إنسانية نتيجة العدوان.
وأكدوا أن اللجوء إلى الحرب الاقتصادية واستخدام سلاح التجويع واحتجاز سفن النفط يعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب تستوجب المساءلة، كما أنه يتنافى كلياً مع اتفاق السويد ومع الخطوات العملية التي قدمها الطرف الوطني من إعادة الانتشار في موانئ الحديدة.
كما أكدوا أن مصداقية المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية على المحك، لتلافي كارثة وشيكة جراء احتجاز تحالف العدوان سفن المشتقات النفطية، وكأن جرائم القتل والحصار المفروضة على اليمن منذ خمس سنوات لم تكن كافية لخلق أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم.
يؤثر الحصار الذي يمعن التحالف العدواني الأمريكي السعودي في فرضه على الوقود بشكل كبير في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وتقّدر الأمم المتحدة احتياجات اليمن من الوقود بحوالي 533 ألف طن شهريا حتى الآن في عام 2021م ولم يصل إلى اليمن أي لتر بنزين، فيما كان النقص في الاحتياج من مشتقات الوقود بلغ في العام 2020م 55% ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن المتزايدة على المستهلكين ونتج عنه حالة معيشية متردية للمواطنين، وضائقة مالية تعاني منها منشآت الخدمات والمرافق والنقل والمستشفيات.. ومع إمعان أمريكا وحلفائها في هذا الحصار الظالم – والذي ينافي الأخلاقيات والقوانين والمواثيق الدولية – يموت يوميا عشرات الأطفال جراء انقطاع الكهرباء في المشافي والحضانات.. فيما باتت الحركة في المدن اليمنية شبه متوقفة جراء انعدام البنزين والديزل والغاز.
أمريكا والأمم المتحدة
تتحمل أمريكا ودول العدوان كامل المسؤولية، كما تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية نتيجة صمتها «المخزي» عن هذه الممارسات التعسفية واستمرار تحالف العدوان الأمريكي السعودي في أعمال القرصنة البحرية على سفن الوقود، لكونها هي الجهة الدولية المعنية بتسهيل دخول واردات السلع الأساسية إلا أنها تصر على عدم مغادرة حالة الجمود والانحياز المشين، على الرغم من اعترافها الصريح بتفاقم التبعات الإنسانية الناجمة عن النقص الحاد في إمدادات الوقود وتشديدها على وجوب وضمان تدفق السلع الأساسية وغير ذلك مما ورد في إحاطات المبعوث الأممي «غير النزيه» إلى اليمن، مارتن غريفيث في جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة في تاريخ 15 سبتمبر 2020م، فما يزال الدور الأممي المفترض مجرد حبر على ورق.
وكنتيجة يمكن أن تنتهي إليه مثل الممارسات فإن أكثر من 26 مليون مواطن اليوم، على شفا كارثة إنسانية نتيجة استمرار احتجاز السفن وتداعيات ذلك على مختلف القطاعات وفي المقدمة الصحة ومصادر الأمن الغذائي، ناهيك عن تكبد غرامات مالية تضاعف من تدهور الوضع الاقتصادي.