الحرب على اليمن دولية وليست أهلية.. والمرتزقة جزء من أدواتها صمود اليمنيين “يفرمل” مشروع الشرق الأوسط الكبير

 

قائد الثورة السيد عبدالملك حذر من الدور الأمريكي والصهيوني في تعميق الانقسام السياسي العربي وتأمين ظهور معارك دموية جديدة بين العرب
مراقبون: العدوان على اليمن أظهر أن الرياض لا تملك القوة العسكرية الكافية لإنهاء الحرب
باحثون في الشؤون الخليجية: الإمارات تستعدّ لتبني دور “الشقيق الأكبر الجديد” للعالم العربي على حساب حليفتها السعودية
الدور السعودي والإماراتي في العدوان على اليمن يأتي ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير
ظاهر:القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان أبناء الشعب اليمني رغم العدوان الجائر
أبي نادر:اليمن بصموده وبامتداده المتجذر ضمن محور المقاومة سيبقى نقطة ارتكاز قوية لإعاقة وإفشال مشروع التطبيع
سيف الدين:الرياض تهدف إلى أن تكون عنصراً بارزاً في المسار الممتد بين البحرين الأحمر والعربي عبر السيطرة على خليج عدن وهذا الهدف لن يتحقق إلَّا بالسيطرة على كامل اليمن
عابد الثور:اليمن اليوم تفرض شروطها وهي في أعلى درجات الانتصار على المخطط الذي يستهدف الأمة وليس بانتصارها فقط على دول العدوان

نتذكر ذلك المنطق الذي سوقت له دول العدوان بقيادة السعودية والإمارات وبحبور تام، مطلع عام 2015، عندما تم الإعلان عن أن حل “الأزمة اليمنية” سيكون خلال شهور فقط.
كانت تلك الجرعة المخدرة هي التي يمرر من خلالها مخطط استعماري كبير يستهدف المنطقة برمتها وللبيب كان جسم وروح المخطط واضحاً بجلاء في سوريا وليبيا وقبلها لبنان والعراق وكذلك شيطنة إيران من خلال ملف النووي.
غير أن اليمن كانت النقطة المركزية في المخطط برمته فهناك مشروع يتشكل لمناهضة الهيمنة والطغيان الأمريكي والإسرائيلي عنوانه الكبير يتبلور في شعار الصرخة المدوية في وجه آلة الحرب والإرهاب الأمريكية وأدواتها التي حولت منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحديدا إلى حلبة صراع بهدف إفراغها من مقوماتها وهويتها وتحويلها إلى تابع ذليل.

الثورة  / عبدالله محمد

المهم الآن واليمن الصامدة تدخل العام السابع من العدوان، يقول واقع الحال أن الحرب انتقلت منذ أعوام تلت بداية العدوان إلى الأراضي السعودية، ولم يعد يُذكر من تحالف العدوان سوى اسمه، وتزامناً مع تصاعد الخلاف بين أبوظبي والرياض، أكبر شريكين في التحالف.
وبالتالي، فإن هناك بعداً جديداً يسود العلاقات بين الأطراف الإقليمية والعالمية في العدوان على اليمن في هذه الحالة، ولا بد من طرح الأسئلة التالية: إلى أين يتجه اليمن؟، ما هو المستقبل الذي يتجه إليه العدوان على اليمن في ظل تغير معادلات الردع والتفوق الذي يبديه اليمنيون صمودا ومقاومة ؟.
كذلك ما هي ماهية اليمن الذي تستهدفه الحرب الأمريكية الإسرائيلية وكيف ستؤثر الأهداف المختلفة للمتحالفين في عدوانهم على اليمن ؟ وما هو التغيير الذي سيحدثه هذا التوتر في الوضع الجيو سياسي الإقليمي خصوصا واليمن جزء من مخطط كبير في متن مشروع الشرق الأوسط الكبير ؟.
السعودية والشرق الأوسط الكبير
يقول البروفيسور محمد سيف الدين، رئيس مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات.
اللافت للنظر هنا، هو الخلاف السائد بين الرياض وأبو ظبي والذي بات يؤثر بعمق على سير الأزمة اليمنية، ويفتح الطريق أمام أزمات إقليمية جديدة، وبالأخص ما يتعلق بالسعودية ومشروع الشرق الأوسط الكبير.
فبرغم أن السبب الذي يسوق ظاهرا للتدخل السعودي في اليمن، هو تقليص دور إيران وكسر “الهلال الشيعي” في المنطقة، كما تدعي السعودية زورا غير أن الانفتاح على بحر العرب، ظل دوماً حلماً جيوسياسياً بارزاً في ذهن الرياض.
ويشير إلى ذلك الهدف بالقول: بات من الواضح وفقا للمعطى السالف أن الرياض تهدف لتكون عنصراً بارزاً في المسار الممتد بين البحرين الأحمر والعرب، وذلك عبر السيطرة على خليج عدن.
وبغية تحقيق هذا الهدف، يتعين السيطرة على كامل اليمن الذي يمتلك حدوداً برية مباشرة مع السعودية.
ووفقا لسيف الدين، هذا هو أحد أبرز الخلافات الراهنة بين الرياض وأبوظبي، فالأخيرة (وعلى عكس السعودية) تتبع سياسات تدعم انقسام اليمن إلى جنوب وشمال.
فالإمارات تعتقد أن نمو السعودية واكتسابها مزيداً من القوة يتناقض مع مصالحها. وأبعد من ذلك، تعدّ الرياض تهديداً بالنسبة لأبوظبي. وهذا ما اعترف به سابقا سفير الأخيرة لدى واشنطن، يوسف العتيبي، خلال مراسلاته التي تم تسريبها.
استهداف الإمارات للسعودية من خلال اليمن
يرى مراقبون دوليون أنه من غير الصحيح القول: إن الخلاف السعودي الإماراتي مقتصر على الملف اليمني فقط، فثمة نقاط اختلاف مذهبية وأيديولوجية بين البلدين.
بل وأبعد من ذلك، وجود تنافس بينهما على القيادة التاريخية والإقليمية، لا سيما مع تعاظم طموح امتلاك المزيد من القوة الاقتصادية والتجارية في ظل الأوساط الجيوسياسية الجديدة التي تتشكل عبر بسط السيطرة على الموانئ والممرات البحرية.
وتعاظمت تلك الرغبة بالتزامن مع الإعلان عن مشروع “الحزام والطريق” الصيني، ولا تزال تحتل أهمية ومكانة هامة.
ويذهب ذات المراقبون إلى القول: إلى جانب رفضها دور السعودية، في كونها “الشقيق الأكبر” للعرب، فإن الإمارات تستعدّ لتتبنى دور “الشقيق الأكبر الجديد” للعالم العربي.
لذا فإن دعم أبوظبي لجميع الحروب القذرة في المنطقة، بدءاً من الخليج ومروراً بشمالي إفريقيا، وصولاً للحرب السورية، سببه أطماعها الجيوسياسية.
وبقراءة متمعنة لسياسيين دوليين فإن الخلافات بين البلدين، فضلاً عن الخلاف المتعلق باليمن، يبرز لنا أنه يتم دفع السعودية بشكل تدريجي، وبمساهمة من الإمارات، إلى حرب مع إيران، وذلك من خلال استمرار العدوان على اليمن وغيرها من الأزمات الإقليمية، والعمل على تقسيمها إلى أجزاء كما هو مقترح في مشروع الشرق الأوسط الكبير.
ومن المثير في هذا الإطار، توجيه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى إيران عقب استهداف منشآت “أرامكو” النفطية السعودية، وعمليات الجيش اليمني ولجانه الشعبية المتتالية، والتي تركزت أكثر وبتطور لافت منذ إعلان الإمارات اعتزامها سحب قواتها من اليمن. لقد بدأ اليمن، وبإسهام إماراتي غير مباشر، في التحول إلى مستنقع بالنسبة للسعودية.
وينصح خبراء استراتيجيون بأن تُسارع السعودية إلى وقف عدوانها على اليمن فالضربات المسددة للصواريخ اليمنية والطيران المسيَّر راكمت المشكلات الأمنية بالنسبة للسعودية وصارت المعضلة أبعد بكثير من الأضرار الاقتصادية الناجمة عن هذه الأحداث، لقد باتت الحرب على الأراضي السعودية، فيما اتضح للجميع أن الرياض لا تملك القوة العسكرية الكافية لإنهائها.
ويتضح مما سبق، وفقا لمهتمين بالشأن الخليجي، أن هناك محاولات للزج بالسعودية في أزمات إقليمية، وتجفيف مواردها، وإضعاف قوتها، وكسر مقاومتها أمام الثنائية الأمريكية الإسرائيلية ومشاريعهما، ودفعها لقبول “السعودية كما هي في مشروع الشرق الأوسط الكبير”.
كذبة الحرب الأهلية اليمنية
لقد تآكلت تماما الكذبة التي تروجها السعودية دوما أن ما يجري في اليمن حرب داخلية بعد أن تكشفت اللعبة الأمريكية التي حذر منها السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه ) منذ الوهلة الأولى وهو يحدد عناوين مشروع المقاومة الكبير للسياسات الأمريكية الإسرائيلية البغيضة تجاه منطقتنا العربية واليمن تحديدا وتنفذه اليوم للأسف أدوات عربية صرفة كما هو حاصل في عدوان السعودية على اليمن والذي يسير في خطى المشروع الأمريكي.
وحسب مراقبون دوليون تستهدف الولايات المتحدة، من خلال مخطط تفكيك دول المنطقة ما يلي:
1 – تعميق الانقسام السياسي العربي وتأمين ظهور معارك دموية جديدة بينهم.
2 – ترسيخ الانقسام الراهن في العالم الإسلامي.
3 – توجيه السعودية، التي تميل للخروج من السيطرة، بما يتناسب مع ما هو مقترح في مشروع الشرق الأوسط الكبير وخلق مساحات فوضى جديدة في المنطقة.
4 – الانتشار في المنطقة بشكل أقوى من قبل، والسيطرة على منطقة ذات استراتيجية/جيوسياسية هامة لدى “الشرق الأوسط الأمريكي”.
5 – السيطرة على الممرات المائية وتعزيز قبضتها فيما يخص أمن الطاقة ومشروع الحزام والطريق.
ويبدو أن واشنطن ستواصل استغلال ورقة إيران لحين تحقيق أهدافها هذه، وعند النظر إلى التطورات الأخيرة، نجد أن الرياض يتم إقصاؤها أكثر يوماً بعد آخر وبشكل ممنهج، وتتعرض لاستنزاف قوتها على مختلف الأبعاد وعلى رأسها الاقتصاد.
ومما يؤكد هذا، انتقال الحرب إلى أراضيها ومشاكلها الأمنية وأزمات سياستها الداخلية. وهذا ما يكشف لنا الوظيفة أو الرؤية التي تم تحميلها العدوان على اليمن، ضمن إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير.
تحذيرات السيد عبدالملك
لقد حذر قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين منذ الوهلة الأولى للعدوان، من أن الحرب التي تشنها دول التحالف على اليمن، هي حرب أمريكية إسرائيلية بامتياز، فأمريكا هي من تخطط وتمول، وتنفذ عبر وكلائها، مؤكدا ذلك في معظم خطاباته وأوضح مرارا، أن السعودية والإمارات هي مجرد أدوات لتنفيذ الأجندة الأمريكية.. وقال ” الآن تجلت الأمور أكثر فأكثر، والبعض كان لا يستوعب أن المعتدين يتآمرون على اليمن، ويريدون احتلاله، وأن يمكنوا الأمريكي والإسرائيلي، أن يأتي من خلفهم ويسيطر على اليمن”.
وأضاف” قلنا منذ بداية العدوان أن السعودية والإمارات ومن معهما مجرد أدوات لتنفيذ مخططات أمريكا وإسرائيل في استهداف الشعب اليمني، فبعد تمكن الاحتلال من السيطرة على المحافظات الجنوبية، أصبح لدى الأمريكي قاعدة في مطار الريان بحضرموت، ويتواجد في شرورة وإلى حد ما في عدن».
وما فتئت واشنطن خلال حقبتَيْ أوباما وترامب تُمنِّي نفسها بأن استمرار الحرب على اليمن، فرصة ذهبية من خلال بيع الأسلحة للسعودية والإمارات بصفقات كبيرة لم تحدث من قبل في تاريخ واشنطن وكذلك الأموال الطائلة التي يتقاضونها من خلال دعمهم السياسي والعسكري والمخابراتي للنظامين السعودي والإماراتي في هذه الحرب التي أصبحت أحد عوامل الاستحلاب الترامبي للأموال الخليجية، وفقا للمراقبين.
ومع اعتراف الولايات المتحدة بأن الحرب على اليمن أحدثت وضعا إنسانيا صعبا ودمرت البلاد بشكل كامل، إلا أنها كانت تبرر هذا العدوان البربري بأنه يحارب ما تسميه بالنفوذ الإيراني في اليمن، حتى لو كان ثمنه إبادة شعب بأكمله.
وبالتوازي مع تلك التوجهات العدائية تجاه اليمن كشفت العديد من المنظمات السياسية والحقوقية أن الإدارة الأمريكية لا ترغب في إيقاف هذه الحرب، نظرا للفوائد المادية والسياسية والاقتصادية التي تجنيها من استمرارها.
فلسطين بوصلة اليمنيين
وفي سياق القضية الفلسطينية ساهم صمود اليمنيين طيلة ست سنوات من العدوان في إفشال تلك المخططات والتي من بينها وفي طليعتها ما يسمى بصفقة القرن من خلال توجهات السيد القائد عبد الملك الحوثي وكل الأطر السياسية في العاصمة صنعاء وأداء الجيش واللجان الشعبية التي تتبنى هذا الموقف العروبي حيث يتضح يوما بعد آخر أن القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان أبناء الشعب اليمني برغم العدوان الجائر الذي يتعرض له اليمن منذ ستة عوام من قبل أمريكا وإسرائيل وأعوانهم في المنطقة”.
وهنا يقول الكاتب العربي ذو الفقار ظاهر: المواقف البطولية من الشعب اليمني تتلاقى مع الجهود العسكرية التي يقدمها الجيش واللجان الشعبية عبر تخريج دورات عسكرية تحت اسم فلسطين والقدس، ما يؤكد أن القدرات اليمنية في مختلف المجالات هي في خدمة القضية الفلسطينية وأن السلاح هدفه الأساس هو التوجه لصدر العدو الأول للأمة، أي العدو الإسرائيلي، وما الحروب التي تحاول إشغال هذا السلاح كالعدوان السعودي الأميركي على اليمن سوى احد الأساليب لإلهاء الشعب اليمني الحر عن قضية فلسطين وعن العدو الذي اغتصب أرضها، حيث يعتقد بعض الحكام أنه بهذه الطريقة يمكن إخراج اليمن من الحضور على الساحة العربية والإسلامية، لكن الرد دائما يكون يمنيا حكيما وواعيا وثابتا في ساحات القتال وساحات السياسة والنضال، بأن اليمن مهما زادت جراحه لا ينشغل عن قضايا أهله وإخوته أيا كانت هوية السيوف التي تطعنه بالظهر سعودية أو إماراتية أو غيرها.
من يتمسك بفلسطين ومن يسوق صفقة القرن؟
ويضيف ظاهر: الحقيقة أن هذه المواقف اليمنية مقابل ما تقوم به أنظمة الخليج بحق القضية الفلسطينية تُظهر وجود انقسام عامودي في المنطقة بين محور ينتمي إلى فلسطين ومحور باع فلسطين ويتآمر عليها بكل الوسائل الممكنة خدمة لمصالحه السياسية ولمصالح أمريكا و”إسرائيل”، ونفس الأنظمة التي تبيع فلسطين اليوم هي نفسها التي تواصل عدوانها على اليمن منذ مارس من العام 2015 دون أي رادع أخلاقي أو قانوني على الرغم من كل الانتهاكات التي ارتكبت بحق مختلف فئات الشعب اليمني.
وبهذا المعنى تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن الشعب اليمني في مناسبات عدة بمناسبة يوم القدس حيث قال “هذا الشعب لم يترك القضية الفلسطينية رغم كل شيء.. مئات الآلاف من كل الشرائح وتحت المخاطر بالقصف والقتل يتظاهرون.. يكفي هذا المشهد لنؤكد الفشل الأمريكي الإسرائيلي السعودي في اليمن وأن الشعب اليمني يؤكد أنه لم ولن يتخلى عن فلسطين والقضية الفلسطينية”.
الصمود اليمني يُفشل المخططات
وحول الصمود اليمني الذي كان نقطة مركزية في إفشال المخطط الكبير الذي يستهدف المنطقة برمتها، يقول الخبير العسكري عابد الثور: أمريكا وإسرائيل تعيان تماما محورية الحضور اليمني في خط المقاومة لمشاريعهما التفكيكية، إذ لم تستسلما فخاضتا حرباً ضد اليمن الجديد وقائد الثورة الشعبية والشعب اليمني الحر، من خلال أدواتهما العميلة في المنطقة بعد أن بات خطر اليمن على إسرائيل من خلال تطور أسلحته ورفضه للظلم والوصاية بكل أنواعها، وتحمل الشعب اليمني هذا العدوان الظالم تحت مرأى ومسمع العالم بأكمله، وضرب الشعب اليمني أروع البطولات في الثبات الأسطوري ضد أقوى الأنظمة في العالم وأعتاها وأغناها.
وتابع الثور: استطاعت القيادة الوطنية المخلصة في صنعاء أن تجعل من سنوات الحصار والعدوان سنوات للعمل الجاد والدؤوب في بناء المؤسسة العسكرية والدفاعية لضمان الحفاظ على الدولة ومقدراتها وسيادتها وتحسبا لقيام أذناب بني صهيون بالحرب على اليمن والمحاولات المستمرة لمنع أن تصبح الأمة الإسلامية قوة عظمى، وها هي اليمن تفرض شروطها وهي في أعلى مراتب الانتصار على المخطط الذي يستهدف الأمة وليس بانتصارها فقط على تحالف دول العدوان بقيادة السعودية وهو الأمر الذي سيسجله التاريخ لليمنيين كما سجلت إنجازاتهم العظيمة في منوال نصرة الإسلام على مر العصور.
وما يؤكد فشل المخطط الأمريكي الصهيوني وفق الخبير العسكري الثور هو قوله: بعد أن كانت اليمن بالنسبة لهم فرصة ذهبية لن تتكرر ولكن كل ما خُطط له من قبل إسرائيل وأمريكا وبريطانيا يفشل أمام أعينهم، صحيح أن كارثة اليمن الإنسانية تزداد، ولكن يزداد معها قوة الإرادة والثبات والصمود والتحدي. وبات العدو الصهيوني يعلن رسميا أن استمرار تطور القوات في اليمن يشكل خطراً على أمن إسرائيل، وما هذا التطور الكبير في الأسلحة والعتاد إلا امتدادا لفلسطين وكل فترة يكشف الستار عن أسلحة استراتيجية مؤثرة وتزداد معها حسرة إسرائيل وقلقها وخوفها من القادم من اتجاه اليمن.
الصمود اليمني والتطبيع
ويرى الكاتب شارل أبي نادر في الصمود اليمني انتصارا لقضايا الأمة، حيث يقول مدللا على ذلك: فيما اللافت أيضاً في هذه الحرب، غير أنها قد كسرت المعادلات التقليدية للحروب والمواجهات العسكرية بسبب ما أظهره أبناء اليمن حتى الآن من صمود ومن ثبات، أن هناك أطرافاً إقليمية، وبالتحديد الإمارات العربية المتحدة، قد انخرطت فيها لأهداف لم تكن واضحة في البداية، في الوقت الذي كانت فيه أهداف الطرف الآخر الأساسي في هذه الحرب، والذي تمثله المملكة العربية السعودية، واضحة ومعروفة ومنتظرة، ومنها السياسية والاقتصادية التاريخية.
ويضيف بالقول: مع الوقت، ومع متابعة حركة الوحدات العسكرية الإماراتية على الأرض، وخاصة على السواحل اليمنية وعلى سواحل الدول المحيطة باليمن، في بحر العرب أو خليج عدن أو خليج عمان أو القرن الأفريقي (الصومال وجيبوتي وأريتريا)، بدأت تتوضح شيئًا فشيئًا أهداف أبو ظبي من هذه الحرب، لتظهر مؤخرًا، وبما لا يقبل الشك، أنها مرتبطة بالكامل بمشروع كبير وخطير ترعاه الإدارة الأمريكية، لمصلحة “إسرائيل”، وبالتحديد، لمصلحة مشروع تطبيع واسع مع “إسرائيل”، وقد توجت انطلاقة هذا المشروع بالاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي.
وحول نقطة التطبيع مع إسرائيل قال شارل أبي نادر :هذا المشروع التطبيعي مع “إسرائيل”، والذي انطلق مع اتفاقها الأخير مع الإمارات، تلعب فيه الأخيرة دورًا رئيسًا، يتجاوز السياسة والديبلوماسية، إلى الدور الميداني – البحري – العسكري، والذي يقوم على سيطرة أبو ظبي على اغلب، لا بل على جميع الموانئ والمعابر البحرية الحساسة، والمنتشرة على هلال بحري واسع، يبدأ من مضيق هرمز شمالا، ليمتد جنوبا على السواحل الغربية لبحر العرب ولخليج عمان، وصولًا إلى كامل الشريط الساحلي اليمني الجنوبي، ضمنًا جزيرة سقطرى، مع باب المندب فميناء المخا، وامتدادًا على سواحل البحر الأحمر مع القرن الأفريقي، في الصومال وجيبوتي حتى أريتريا، ليتوقف عمليًا على سواحل السودان الشرقية على البحر الأحمر.
وتابع: هذا الهلال الواسع من السيطرة البحرية والبرية، يبدو أنه قد اكتمل تقريبا، ولم يعد ينقصه إلا ميناء الحديدة والشريط الساحلي المحيط به شمالا وجنوبا، من جهة، ومدينة صنعاء ومحيطها من المدن والمحافظات اليمنية المحررة، والخارجة عن سيطرة التحالف العربي السعودي الإماراتي، من جهة أخرى.
من هنا، يمكن أن نستنتج تلك الشراسة التي واكبت محاولات التحالف للسيطرة على الحديدة وعلى صنعاء، فالأولى (الحديدة) كمدينة ساحلية وكميناء رئيس أخير تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية اليمنية وأنصار الله، منه يمكن مسك وتغطية قطاع كبير وأساسي من الساحل الشرقي للبحر الأحمر.
أما الثانية، (مدينة صنعاء) فهي تمثل العاصمة الوحيدة والأخيرة العاصية على هذا الهلال التطبيعي، والرافضة لمسار التسويات والاتفاقات مع العدو الإسرائيلي، وهي المدينة الوحيدة القادرة على حماية التماسك المطلوب لتثبيت وحدة اليمن، كما أنها تشكل ومن موقعها الجغرافي والحيوي، نقطة ارتكاز رئيسة في عمق اليمن، والقادرة على ربط جميع محافظاته ببعضها بعضاً، بالإضافة لما تمثله من جبهة وطنية قوية، بمواجهة تحالف العدوان، والذي تبين أنه هو نفسه تحالف التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
وزاد بالقول: من هنا كانت أهمية ما حققته جبهة صنعاء الوطنية (الجيش واللجان الشعبية اليمنية في معركة دفاعها عن اليمن، والتي تبين أنها معركة الدفاع عن الأمة ضد مشروع التطبيع مع العدو، وهذه الجبهة (صنعاء الوطنية) أصبحت اليوم تشكل عائقًا صلبًا لهذا المشروع، ليس فقط في الجغرافيا والميدان والانتشار العسكري على الساحل اليمني وبالتحديد في الحديدة ومحيطها، إنما في البعد الاستراتيجي، حيث أن امتدادها المتجذر والأساسي ضمن محور المقاومة، بما تمثله شعبيًا وعسكريًا واستراتيجيًا وقوميًا، لا يمكن تجاوزه، وسيبقى نقطة ارتكاز قوية لإعاقة وإفشال هذا القوس أو الهلال عن الانبطاح والاستسلام.
وختم تحليله بالتأكيد على أن الأهم من ذلك، حيث إن هذه الجبهة، والتي شكلت بصمودها، عائقًا ثابتًا وصلبًا بمواجهة مشروع التطبيع، وكانت نقطة حيوية، فصلت وقطعت جغرافيًا، إمكانية اكتمال هذا الهلال، فهي ستكون (جبهة صنعاء) وعبر ما تملكه من قدرات استراتيجية ونوعية، مشروع مواجهة أكيدًا لهذا الهلال التطبيعي، وليس مستبعدًا أبدًا، أنها قد تطيح بأحد الأطراف الرئيسة ضمن هذا الهلال، الإمارات العربية المتحدة، على الأقل في أماكن سيطرة الأخيرة في جنوب اليمن وعلى سواحله وموانئه وجزره، حيث تواجدها بمثابة احتلال لأراضٍ يمنية، وهذا الاحتلال سوف يستدعي حتما التحرير.

قد يعجبك ايضا