صانع الوعي في زمن التضليل والتدجين ومؤسس مدرسة الثقافة القرآنية في عصر الغزو الفكري والثقافي، ينطبق عليه قول الله تعالى {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس}، كسحابة من النور والهدى ساقه الله إلى أمة شبه ميتة فأحيا فيها وعياً كان تدجين الانحراف قد وأده في أعماقها ونفخ فيها روح ثقافة القرآن ونور الإيمان بعد أن كان قد خيّم عليها ظلام الجهل والضلال والصمت والجمود، فأثمرت جهوده ومحاضراته في واقع الناس وفي واقع الحياة ثماراً طيبة من أهمها إعادة صياغة أفكار المجتمع المسلم وتنظيفها من الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة والأفكار المنحرفة وزرع محلها قيم الإسلام ومبادئ الإيمان وأحيا فيها روح المسؤولية وصنع منها أمة جهادية قرآنية قوية مفعمة بالعزة والكرامة والحرية والاستقلال، وحرص على ربطها بالله وعلى تعميق علاقتها وثقتها به من خلال الاستجابة لتوجيهاته والعمل بها في واقعها من منطلق القاعدة الإلهية القرآنية “فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون”، وفعلاً صنع أمة عظيمة مختلفة عن غيرها من حيث القوة الإيمانية والمعنوية ومن حيث الثقافة والفكر والوعي والهدى وشهد على حقيقة ذلك أعمالها العظيمة ومواقفها المشرفة وتضحياتها الجسيمة في سبيل الله بدافع الإيمان الصادق بالله والوعي الكامل بهدى الله وبدافع المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والإيمانية ومن منطلق الحرص الشديد على العمل بما وجّه الله به ومن مضمون تعاليم الرسالة الإلهية التي جاء بها رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله ومن سيرة أهل الكساء من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا سيرة أهل البيت الجهادية، تحرك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – سلام الله ورضوانه ورحمته عليه – بعد أن تجرد من كل المقاصد الشخصية ونذر بصدق حياته ومماته لله وحده وفي سبيل دينه والمستضعفين من عباده لا هم له سوى رضى الله ورفع راية الإسلام ونصر دين الله وإعادة تفعيل ثقافة القرآن الكريم بالشكل الذي يريده الله وبالشكل الذي يخرج هذه الأمة من الظلمات إلى النور ويفك عنها أغلال الهيمنة الخارجية الأمريكية الصهيونية وينظف عقولها من دنس الأفكار الشيطانية المنحرفة، توكل على الله غير مكترث لأي ترهيب أو ترغيب أو مشاكل أو صعوبات وشق طريقه بقوة مستمدة من علاقته الكبيرة وثقته العالية بالله ومن تصديقه الشامل بما وعد الله به وهدى إليه في القرآن الكريم .
في أكثر من محاضرة ودرس وكلمة له كان يلقيها أمام مجاميع من المؤمنين كان يقول {يجب أن نصنع وعياً في نفوس الناس} {يجب أن نخلق وعياً في نفوس الناس} بهذه المفردات وبهذه المصطلحات (نصنع) و (نخلق) وعياً في نفوسنا أولاً وفي نفوس الناس، وهذا الوعي يجب أن يكون من خلال القرآن الكريم وثقافته ومن خلال الإيمان الصحيح العملي ومن خلال الأحداث والمتغيرات، بحيث نكون على مستوى رفيع من الحكمة والفهم في التعاطي مع الأحداث من حولنا ونعرف أنواع الصراع ونتدبر العواقب ونقيم الشخصيات ونميز بين الحق والباطل حتى لا نخدع ولا نكون أمة مسكينة ساذجة ينطلي عليها الكذب والمكر فـ تسهم في استحكام قبضة أعدائها عليها وتسهم في معاناة نفسها وتكون عرضة للهزيمة والضعف يتخطفها أعداؤها و يسومونها سوء العذاب لهذا كان يحرص الشهيد القائد على أن يكون هناك عملية توعوية وتربوية وثقافية من خلال القرآن في أوساط المجتمع بشكل مستمر ومتكرر يواكب الأحداث ويحصن النفوس ويدفعها للعمل بمسؤولية، بما يمنحها تأييد الله ورعايته في الدنيا وجنته ورضوانه في الآخرة.
كان الشهيد القائد سلام الله عليه يقول وما يزال يقول {نحن إذا لم نتثقف بثقافة القرآن الكريم فـ سنفقد كل شيء، وسنعود إلى أُمية كانت الأمية الأولى أفضل منها، سنصبح أُميين أسوأ من الأمية التي كان عليها العرب، حينها لا يبقى لدينا دين، ولا يبقى لدينا نجدة، ولا كرامة، ولا شجاعة، ولا إباء، ولا فروسية، ولا أي شيء آخر.} وكان يتحدث دائماً عن ضرورة التحلي بالوعي والبصيرة وأهمية التربية الإيمانية من خلال القرآن الكريم، ولهذا كان الشهيد القائد رضوان الله وسلامه عليه فريداً من نوعه إذ أنه لم يكن مجرد مفكر أو فيلسوف أو مثقف بمعلومات عامة في متناول الجميع أو أديب وفق الواقع المتعارف عليه حتى يقال إن الثقافة القرآنية الجهادية التي أعاد تفعيلها والمسيرة القرآنية التي قادها كانت نتاج أفكار ذاتية أو ثمار بحوث شخصية أو استنتاجات عبقرية بل كان علماً من أعلام الهدى قرآنياً مؤمناً مجاهداً استمد نوره من الله ومن ثقافة القرآن الكريم.