تأتي الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه كل عام لتجدد حقيقة واضحة أصبحت ماثلة أمام عيوننا تجسدت بحضوره الدائم ووجوده المستمر بيننا وتؤكد بقاءه خالدا في واقع المجتمع اليمني جيلا بعد جيل إلى أن يشاء الله.
هو حاضر بوعي مشروعه القرآني الذي يتنامى كل يوم ويحيي قلوباً جديدة، وهو حاضر بالعزة والكرامة التي نعيشها تحت ظلال مشروعه القرآني، وهو حاضر في الصفوف الأمامية للمواجهات يقود المعارك في كل جبهة بحكمته القرآنية وقريحته الإيمانية، يأمرهم بالذكر والتسبيح والحمد والترتيل ويكسوهم بشجاعة الكرار وثبات الحسين وإقدام زيد، وهو حاضر في ساحة الإعداد والتصنيع العسكري يحثهم على الإنتاج والتطوير ويدفعهم نحو الاعتماد على النفس، وهو حاضر في كل عملية هجومية وكل اقتحام ، وهو حاضر بين أوساط المجتمع يسلحهم بالصبر ويشجعهم على الصمود والتحمل ويزين لهم التكافل والإنفاق ويدعوهم إلى تزكية النفوس وتطهير القلوب ويجدد فيها المولاة لله ولرسوله وللمؤمنين، والمعاداة لأعدائه وأعداء رسوله والمؤمنين.
هو حاضر بكلماته الصادقة وحروفه المضيئة، وبنبرات صوته، وبنصحه ودروسه، وبوعظه وبيانه، وبحكمته وأنواره التي جمعها في محاضراته وملازمه وجسد فيها خلوده ودوامه بكل صفاته الشخصية وشمائله.
لقد أحيا الأمة على الدرب الذي مضى عليه بعد أن كان الزمن قد وأدها في براثن الجهل وسراديب التدجين وكانت قد أوشكت عظامها أن تصير رميما، فانتشلها من ضريح غفلتها، وأيقظها من سباتها، وحقنها بنور ثقافته القرآنية، فأعاد نبض قلبها ليضخ الوعي في عروقها وأنعش به أفئدة أبنائها وأشعل الهمة فيهم وأعاد الحياة إلى جوارحهم، وخلق العزم في نفوسهم من جديد ، وأثار دوافع الإباء والشموخ وأوقد شوقهم وعشقهم لحياة العزة والكرامة فنهضوا من تلك الغفلة ونفضوا عن أنفسهم غبار الذل والهوان وامتطوا أحصنة المجد والخلود على أسرجة النضال وتسابقوا نحو صروح الحياة الكريمة التي نعيشها اليوم ونفخر بها على كل الأمم رغم أنف تحالفهم وحصاره وشتى حروبه.
لقد قدم دماءه الزكية في سبيل الله فأثمرت رجالا عظماء صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه والتحق به ومنهم من لا يزال في أرض الرباط والبأس مدافعا عن الشعب أو معدا للعدة بمختلف أنواعها أو ساعيا ﻹيقاظ من تبقى بنور مشروعه القرآني.
إن كل ما رأيناه ونراه اليوم من انتصارات وتقدم وصمود وثبات في مواجهة العدوان للعام السادس ، وتحد وإصرار أمام حربه وحصاره وصبر وتحمل لمعاناة بلغت ذروتها كل ذلك ما كان ليتحقق لولا دماء الشهيد القائد وتضحيته، وكذلك فإن كل ما نشاهده اليوم من بأس يماني شديد قلب معادلات المواجهة رأسا على عقب وتجسد في مختلف أنواع الأسلحة من الخفيفة إلى المتوسطة والثقيلة إلى الأسلحة النوعية بعيدة المدى ممثلة بالطيران المسير وبالمنظومات الصاروخية المختلفة الباليستية والدفاعية والتي أثبتت فاعليتها وكفاءتها بعمليات توازن الردع ومواجهة السلحة العدوان الهجومية وتطورت بخطى حثيثة في نوعيتها وقدرتها ومداها وأصبحت اليوم تشكل قوة ردع يحسب لها ألف حساب، وهذا ما كان ليتحقق أيضا في ظل أصعب الظروف وأقساها لولا دماء الشهيد القائد الزكية وتضحيته في سبيل الله وفي سبيل إيصال مشروعه القرآني إلينا.
وهذا ما يخلق في نفس كل مؤمن صادق وخز الضمير ونوبات ألم الندم على تفريطنا في نصرته وتخاذلنا عنه في لحظة كان ينبغي أن نجعل من أجسادنا درعا دون جسده وحصنا دون هامته لكننا وقفنا موقف المتفرج عليه وهو يواجه جبروت الأشرار وطغمة الشيطان من أجلنا ودفاعا عنا وفي سبيل عزتنا وكرامتنا وهو ما يضاعف حسرتنا ويعكس عظمة جرمنا وقبح فعلنا ويجعلنا ندرك أن لا سبيل للتكفير عما كان منا إلا أن نبذل نفوسنا وأولادنا وأموالنا لنصرة دين الله خلف قائدنا العلم السيد عبدالملك يحفظه الله ويرعاه سامعين له ومطيعين وباذلين نفوسنا وكل ما نملك دون نفسه ﻷن نفسه هي نفس الحسين.