أمين المتوكل
تخنقُنا العبرةُ عندما نستذكرُ الشهداءَ، لا سِـيَّـما عندما تأتي الذكرى السنوية للشهيد.. فتنشغل أذهانُنا واهتماماتُنا وتنصبُّ إلى ساحة الشهداء ودَوحة عليائهم.
نستذكرُ الأحبةَ الذين بذلوا مهجَهم في سبيل الله ورحلوا عن هذه الدنيا وتركوا فراغاً في حياتنا.. ولكنه فراغٌ اجتماعيٌّ مقابل عزة أورثوها لنا فكانت دماؤهم سياجَ كرامة لهذا الوطن الحبيب وحِمى للعرض والشرف.
المؤامرة التي تحَرّك في مواجهتها الشهداء والمجاهدون ما زالت قائمةً إلى الآن؛ لأَنَّ المؤامرةَ مؤامرةٌ كونية تظافرت فيها جهودٌ عظمى من دول الاستكبار.. والعدوان على اليمن عدوان عالمي.. مقابل ذلك نجد أن القوافلَ من المجاهدين تتوالى إلى ساحات العزة والكرامة للدفاع عن الأرض والعرض والشرف.
أمامَ هذا المشهد لا بد أن يكونَ لنا دورٌ.. فإذا التكليفَ الشرعي أراد منك أن تعملَ في جبهة غير الجبهة العسكرية فَـإنَّ لديك دورٌ أنت مُناط به.
في الحديث عن الشهداء ووجود تكليف شرعي لكل واحد منا لا بُـدَّ أن نتحملَ مسؤوليته.. تأخذنا الشعاراتُ التي منشأُها الحبُّ والانتماء والوفاء والإخلاص ووعي المسلك الذي نرفع فيه شعاراتنا.. فَـإنَّنا نقول دائماً بأنه لا بُـدَّ أن نكونَ أوفياءً لدماء الشهداء.
لا بد أن نتأمَّلَ جيِّدًا أيها الأحبة.. بأن صمودنا قائمٌ على ثلاثة محاورَ رئيسية.
المحور الأول وجودُ قيادة ربّانية هي المركز لكل تحَرّكاتنا والمرجع لكل رؤانا والتسليم لها سببٌ كَبيرٌ ورئيسٌ من أسباب تعجيل النصر.
أما المحور الثاني هو دماءُ شهدائنا وثباتُ مجاهدينا الذين لهم الفضلُ بعد الله سبحانَه وتعالى في إرساء دعائم النصر وتماسك البلد.
أما المحور الثالث فهو نحن والوعي.
لا بد أن يدركَ كُـلُّ واحد منا أنه سببٌ وأن لديه القدرةُ على أن يكون مؤثراً.. فالسيد القائد حماه الله قال (لكل موقف من كُـلّ فرد قيمة.. فلا يحتقرنَّ أحدٌ نفسه).
نحن عندما نشعر بمسؤولية وبافتقار أننا فعلاً بحاجةٍ ماسة وبشكل يومي ودائم أن نزيدَ من وعينا ومن عِلمنا ومن حيوية عقولنا وأن نرتبطَ بهدى الله بشكل دائم في الاستزادة في الوعي وأن ننطلقَ من القاعدةِ الذهبيةِ (عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث)، وأن نقتُلَ الركودَ في الجانب التوعوي وأن ينطلقَ كُـلّ فرد فينا، أن يعي أكثرَ، وأن يرى في كُـلّ حالاته أنه بحاجة إلى الوعي والإحساس المستمر الدائم بأننا فقراء توعوياً لننطلقَ، ليثقف كُـلّ فرد فينا نفسَه ومن حوله.
هذا التحَرُّكُ الجاد سيكونُ دعامةً أَسَاسيةً وكبيرة في إرساء دعائم الثبات والنصر؛ كونه محوراً مهماً جِـدًّا ومن خلاله نكونُ أوفياءً لدماء الشهداء وللسيد القائد.
لماذا كُـلُّ هذا؟!؛ لأَنَّ الأُمَّــةَ ولأن الوطنَ مستهدَفٌ في وعيه.. وَالعدوّ سيكون انتصارُه عندما يكون وعيُنا في مرحلةٍ متدنية.. فأميرُ المؤمنين علي عليه السلام يقول: (العارفُ بزمانه لا تهجمُ عليه اللوابس).
يمكن أن تضيعَ تضحياتُ الشهداء هباءً حين نرى قيمةَ الوعي والاستزادة في الوعي أمراً ثانوياً وأمراً غيرَ مهم؛ لأَنَّنا سنكونُ تحت سيطرة الأعداء ونكون ساحةً هشة نهيئ الدمارَ لأنفسنا على يد أعدائنا.
لا بد أن نحملَ المسؤوليةَ وتلك الروحيةَ العظيمةَ التي كان يحملُها رسولُ الله صلى الله عليه وآله حين أمره الله تعالى بقوله (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).