تتجلى مشاريع الغلاط الأمريكي بطراز جديد من خلال العديد من المؤشرات سواء بلعبة أمريكا المتمثلة في التقرير الذي قدمته الاستخبارات الأمريكية ضد السعودية بشأن مقتل الصحفي خاشقجي، أو من خلال إدانة واشنطن صنعاء باستهداف المواقع السعودية وعدم إدانتها العدوان على اليمن ..
الكثير منا قد تابع ترويج وسائل الإعلام الإمبريالي، أن إدارة بايدن سوف تلقن السعودية دروساً تأديبية, وهذا كلام استهلاكي تضخه واشنطن للمجتمع الدولي لصناعة قضايا وهمية أتقنت هندستها مطابخ الناتو .
لو توقفنا للحظات أمام تقرير واشنطن ضد السعودية سنجد 99 % من النقاط الواردة في التقرير مرتبطة بقضية خاشقجي .. ولم ترد ضمن سياقه أي قضية أخرى حتى بنسبة 1 % رغم أهمية القضايا الأخرى التي تعد السعودية متورطة فيها من القاع للنخاع ومنها جرائمها المنشارية بحق اليمن .
الأسئلة التي تطرح ذاتها.. ما هو سر اختزال هذا التقرير في قضية الصحفي القتيل خاشقجي وإغفال مجمل القضايا الإجرامية ذات الأهمية المتورط فيها سلمان ونجله بحق بلدان كثر من دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن ؟
هل الأهم قضية خاشقجي أم قضية اليمن وبقية بلدان وشعوب المنطقة ؟
هل هناك لعبة خفية تدور بين الرياض وواشنطن تصب في صالح كيان صهيون تطلبت هندسة مسرحية مشتركة بين الأمريكان ومملكة المنشار لها طابع وهمي وأوكلت مهمة الترويج لوسائل الإعلام ؟
لماذا تدين واشنطن الهجمات على المواقع العسكرية السعودية وأيضا موقفها المضاد لصنعاء من تحرير محافظة مارب, بينما لا تدين الاحتلال السعودي لليمن وارتكابه أبشع الجرائم بحق بلدنا منذ 6سنوات وحتى اليوم ؟
الإجابة باختصار من وجهة نظري حول اختزال التقرير في قضية الصحفي خاشقجي أنها فقط لتمييع قضايا المنطقة المتورطة فيها الرياض وواشنطن . .
هذا الاختزال يزيل البصمات الإجرامية لواشنطن بمشاركتها في العدوان على اليمن وكذا العراق وسوريا وليبيا وغيرها وفي نفس الوقت يترتب عليه طمس الجرائم السعودية بحق بلدنا خلال هذا العدوان المتواصل .
كما أن التقرير يعتم على الدور السعوأمريكي المشترك بدعم كل مشاريع التدعيش الإرهابي على مستوى المنطقة بما فيها اليمن وأكبر دليل ما هو جار في محافظة مارب .
نقل صورة مشوهة للمجتمع الدولي خلافا لما هو ملموس على أرض الواقع بحيث يعزز الدور الغلاطي لسمسار الأمم المتحدة غريفيث التي يقدمها في إحاطاته لمجلس الأمن نهاية كل شهر ليكفل استمراريته في اللعبة عبر النافذة الأممية طالما مشاركته من تحت الطاولة تخدم الناتو وإسرائيل وتمهد لدخول الأمريكان وبقية كوكتيل الناتو بشكل مباشر في المشاركة في استهداف اليمن الأمر الذي يجعل كل ذي عقل يقول: لماذا تتوافد البوارج العسكرية الأمريكية إلى البحر الأحمر ؟ وماذا يعني ذلك ؟
مع الأخذ بعين الاعتبار عدم إدانة واشنطن الحصار على اليمن وبالذات الحصار البحري لأن تلك البوارج الأمريكية هي التي تنتهك السيادة اليمنية وربما القصف الذي تعرض له مدنيون في الحديدة مؤخرا هو بضوء اخضر من واشنطن ..
كما ينبغي علينا ادراك أن هناك نشاطا متسارعاً لواشنطن ولندن لبناء قواعد عسكرية لدول الغرب في بعض الجزر اليمنية وفي مقدمتها ارخبيل سقطرى وجزيرة ميون وأيضا في محافظة المهرة وباب المندب وبعض المناطق الأخرى إضافة لنقل قوات عسكرية إلى محافظة المهرة وهذا أحد المؤشرات على ذلك .
إشهار التقرير تستثمره إدارة بايدن وإسرائيل للتعتيم على هذا النشاط العسكري الخفي سواء في حوض البحر الأحمر وكذا المحيط الهندي أو المناطق الخاضعة للاحتلال في اليمن .
كما أن مصالح ومطامع الغرب تتطلب من وجهة نظر الناتو نسج مثل هذه المسرحيات الواهية بين واشنطن والرياض لخدمة الناتو وإسرائيل في المنطقة تصب نحو الاستمرار في العزل الناعم لأي دور روسي أو صيني في المنطقة بما فيها اليمن تحديدا ولأجل ذلك فإن الرياض وواشنطن سخرتا وسائل الإعلام للترويج بأن هناك خلافاً بين الرياض وواشنطن بينما الواقع عكس ذلك بل هناك مسرحية وهمية تخدم الدور المشترك لواشنطن ومملكة المنشار يكفل استمرار العزل لروسيا والصين ويمكن آل سعود من مغازلة الدور الروسي والصيني من خلال هذا الفيلم بحيث يفضي الى شراء صفقات سلاح للسعودية من الروس والصين لتصبح حقن تخدير للدب الروسي لكي لا يلتفت الدب الروسي لليمن على غرار اللعبة التي اتبعها اردغان مع الروس .. مع أن المغازلة قد بدأت بين الرياض وموسكو، لكن من المحتمل أنها بضوء أخضر من واشنطن..
على هذا الأساس إذا كان لدى الأمريكان رغبة حقيقية في إنهاء الحرب والعدوان على اليمن وإيجاد حلول شاملة وعادلة فبإمكانهم ذلك ولا يحتاج الأمر حتى ربع ساعة.. هذا في حالة وجود مصداقية من قبل الأمريكان والأمر لا يحتاج لمثل هذه المسرحيات بل يتطلب اتخاذ قرار فوري بذلك، وعلى القوى المناهضة للعدوان- إذا لمست مصداقية الأمريكان- أن تضع ضمن شروطها الآتي:
– إيقاف العدوان السعوأمريكي على اليمن وفك الحصار عن بلدنا برا وبحرا وجوا مع إلزام العصابة المساندة للعدوان بدفع مرتبات موظفي جهاز الدولة .
– انسحاب القوات الأجنبية من اليمن بما فيها التابعة لدول التحالف إلى حدود اليمن التي كانت عام 90م.
– أن تعترف وتعتذر واشنطن عن مشاركتها في العدوان على اليمن .
– أن توجد ضمانات بتسليم عناصر الإرهاب الذين تمولهم دول التحالف الى صنعاء لمحاكمتهم.
– أن يعاد كل ما تم نهبه من أموال وآثار من قبل أجندات العدوان الى صنعاء .
– أن تعتذر السعودية عن عدوانها على اليمن وبقية التحالف وتلتزم الدول المعتدية بإعادة إعمار بلدنا.
– أن تلغى أي اتفاقيات تمت بين حكومة الفنادق وأطراف دولية وإقليمية لان ذلك يمثل انتهاكاً للسيادة اليمنية .
– أن تسمح دول العدوان بدخول المشتقات النفطية دون قيد أو شرط .
هذه الشروط ينبغي أن تكون المدخل العملي لقياس حسن النوايا لواشنطن، وفي حال استمر العدوان فليستمر قصف المواقع السعودية والمصالح الأمريكية برمتها في العمق السعودي, وعلى قاعدة العين بالعين، والبادئ أظلم .
هذه وجهة نظري..
* نائب وزير الإعلام