من أشرس المعارك التي تستميت قوى العدوان في القتال من أجلها “معركة مارب” خاصة بعد سقوط نهم والجوف اللتين كانتا تمثلان درع حماية لمعسكرات دول رباعية العدوان ومرتزقتهم في مارب، وبما تمتاز به هذه المحافظة من أهمية استراتيجية اقتصاديا ولوجستيا وعسكريا حوّلها العدوان لأوكار تترعرع فيها قوى الإرهاب داعش والقاعدة لتفخيخ المحافظة أمنياً واستخدامها كأداة قتل وحرب ضد الجيش واللجان الشعبية خاصة في هذه المرحلة – مرحلة التحرير-، فما خطورة وجود هذه المكونات الإرهابية في مارب عليها وعلى اليمن ؟ وما هو رد المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني على التصريحات الأمريكية والبريطانية الداعية لوقف العمليات العسكرية في مارب؟
حول هذا الموضوع التقت “الثورة ” عضو المجلس السياسي الأعلى أحمد الرهوي ودولة رئيس الوزراء د/ عبدالعزيز بن حبتور ومسؤولين في حكومة الإنقاذ الوطني، وخرجت بالحصيلة التالية:الثورة / مها موسى
بعد اتخاذ القرار الوطني بتحرير مارب من الاحتلال والتحرك في جميع المسارات الداعمة لذلك، كثفت رباعية دول العدوان وأدواتهم المحلية من الهجوم العسكري الشرس على هذه المحافظة التي تعتبر آخر معاقل حكومة الفنادق في الرياض إما بجيوشهم أو بالاستعانة بقوى الإرهاب (داعش والقاعدة) ما يهدد بخطورة الوضع بوجود مثل هذه الجماعات الإرهابية .. في ذلك يقول عضو المجلس السياسي الأعلى أحمد الرهوي: المعركة في مارب هي معركة وطنية بامتياز، وهي معركة ضد التكفيريين والفكر الوهابي الذي كان مرتعه مارب منذ ثلاثين سنة، لذا يظل رأس الحربة في مارب هو الداعشي والقاعدي والوهابي والسلفي, فمعركتنا هي معركة استعادة أرضنا وإخراج أي أجنبي تكفيري وهابي منها.
وفند الرهوي كل ما يروج له العدوان بأن المعركة في مارب هي ضد أبنائها، فقال “البعض يقول إننا نحارب أبناء مارب، ونحن نؤكد أن أبناء مارب معظمهم في الأصل مع شرعية الوطن شرعية صنعاء عدا فلول بسيطة من مرتزقة مارب عبدة المال المدنس السعودي والإماراتي والأمريكي والصهيوني”.
وأكد عضو المجلس السياسي الأعلى: بوجود داعش سيعود الوضع في البلد إلى عام2007 و2008 و2009م، أي سيعود القتل في كل مكان والسيطرة على كل أراضي الجمهورية اليمنية وبعض الأماكن المهمة وتغيير وطمس الهوية واستبدالها بالهوية الوهابية التكفيرية.. مشيراً إلى خطورة تداعيات بقاء ووجود هذه المكونات في مارب.
وفي ما يخص التصريحات الأمريكية والبريطانية الداعية لوقف العمليات العسكرية والتقدم لتحرير مارب، يرد عضو المجلس السياسي أحمد الرهوي على ذلك بقوله ” لا يوجد لدينا أي حديث حول وقف إطلاق النار إلا بعد وقف القتال ورفع الحصار وفك حصار مطار صنعاء.. غير هذا مهما دعوا فهو مجرد إسقاط واجب منهم لا أقل ولا أكثر “.
مضيفاً ” بالنسبة لنا معركتنا اتخذ القرار فيها وهي المعركة الاستراتيجية التي ستحسم الأمور كلها في اليمن بإذن الله “.
وكر للإرهابيين
رئيس الوزراء د/ عبدالعزيز بن حبتور بدوره أكد أهمية تحرير مارب كونها إحدى المحافظات الاستراتيجية في الجمهورية اليمنية.. وذكر ابن حبتور أن العدوان عمد إلى تجميع كل الإرهابيين من مقاتلي داعش والقاعدة الإرهابيين من السلفيين وخلافهم في هذه المحافظة، ما يستوجب تحرير محافظة مارب بكل الوسائل والطرق.
وعن الأهمية الاقتصادية لمحافظة مارب، يقول ابن حبتور ” تأتي أهمية مارب من حيث أنها تمثل موردا اقتصاديا هاما ، وينبغي أن يكون تحت تصرف قائد الثورة والمجلس السياسي الأعلى والحكومة لأنه من غير المعقول أن يتم استنزاف خيرات الوطن لصالح العدوان والعملاء والمرتزقة والإرهابيين “.
ولفت إلى أن تحرير هذه المحافظة سيحل مشاكل اقتصادية مهمة أبرزها الرواتب.. وأضاف ” هناك أسر كريمة عفيفة موجودة في الوطن ونحن نشكل هنا 80% من بين سكان الجمهورية اليمنية ينبغي أن تصرف رواتبهم وينبغي أن تحل مشاكلهم، لذلك أصبح تحرير هذه المحافظة ضرورة”.
وعن الأهمية العسكرية، يقول دولة رئيس الوزراء ” مارب تعتبر نقطة تماس مع دولة العدوان الرئيسية السعودية، فمن غير المعقول أن تبقى تحت الاحتلال أكثر من هذا الوقت “.
كما أشار ابن حبتور – في حديثه – إلى أن أخطر ما في المعادلة هو وجود هذه المكونات الإرهابية في مارب، حيث يقول ” منذ ثلاثين سنة تم تهيئة جزء من هذه المحافظة لتترعرع فيها هذه التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة بالذات القاعدة، ولذلك هي كانت محمية من قبل الإخوان المسلمين تحديدا حزب التجمع اليمني للإصلاح، فهذه المحافظة هي عبارة عن خزان إنساني حولته قوى العدوان إلى مخزون للإرهابيين لذلك يجب تنظيف هذه الأوكار من القوى الإرهابية “..
وفي ما يتعلق بالتصريحات الأمريكية البريطانية بشأن مارب، كشف ابن حبتور زيف ادعاءاتها فقال ” هؤلاء هم بطبيعة الحال يستخدمون أوراقا كاذبة، فهم يتحدثون عن الحالات الإنسانية التي هي في الحقيقة تصل إلى قرابة 70 ألف نازح حسب بيانات المنظمات الإنسانية الدولية، فلا يزايدون على الناس, نحن نقول إن كل شبر يتم احتلاله من قبل دول العدوان، مسؤوليتنا أن نحرره “.
وفي ما يخص استخدام هذه المحافظة كورقة سياسية من قبل قوى العدوان والمرتزقة، يقول ابن حبتور ” هم يتحدثون عن الحل السياسي ويعتقدون أن هذه المحافظات هي عبارة عن أوراق.. نحن لا نتحدث حول هذه المسألة في شيء، نحن نقول من أراد أن يأتي بالسلام هو من قام بالعدوان وقام بالحرب، لذا فعليه أن يعلن إيقاف العدوان ورفع الحصار، وبالتالي ندخل جميعا في حوار سياسي إلى أن تحل المشكلات “.
مارب ليست ولاية أمريكية
بدوره تحدث أستاذ الإدارة والتنظيم – الخبير الاقتصادي – مستشار رئيس الجمهورية والمجلس السياسي الأعلى البروفيسور عبدالعزيز الترب، عن جذور تواجد داعش في اليمن، فقال “لنا قصة وتاريخ مع الدواعش والإخوان المسلمين ومع كل المرتزقة الذين غرستهم أمريكا منذ الحرب في أفغانستان بمبرر محاربة الماركسية ومحاربة كل القوى كي يوجدوا استقرارا في الجزيرة.. هكذا الهاجس كان، لكننا استطعنا مواجهتهم”.
مضيفاً ” نحن لا نخاف داعش والإخوان، فهم صناعة أمريكية بتمويل سعودي وبتخطيط بريطاني إسرائيلي، وكما هُزموا أمام الشعب في البيضاء سيهزمون في مارب”.
وأشار الترب في حديثه، إلى دور النظام السابق في استخدام ورقة الإرهاب للمتاجرة بها، فقال ” كان النظام السابق يتاجر بهذه الورقة لأن رموز النظام السابق هم من أتوا بداعش لمحاربة الماركسيين بعد الوحدة وقبل حرب صيف 1994م”.
وقال: إن ما يحدث اليوم هو بغرض تشتيت الجهود، هم يريدون أن يشتتوا جهودنا بأن يحشدوا من كل أبناء المحافظات، وهذا ما ناقشناه السبت الماضي في اجتماع مع القيادات الجنوبية “.
ويؤكد الترب أن السلطة في صنعاء لا تخاف داعش والقاعدة.. مشيراً إلى أنها من صناعة الاستعمار الجديد، وهندسته زوجة بيل كلينتون عندما كانت وزيرة خارجية أمريكا سابقاً قبل الربيع العربي .
وأضاف ” حررنا محافظة البيضاء منهم، فلجأوا إلى مارب التي تعد بالنسبة لهم اليوم مسألة حياة أو موت.. لا يوجد لديهم أي موقع استراتيجي آخر غير مارب الآن” .
وأضاف الترب: مارب جزء من الجمهورية اليمنية وليست ولاية في أمريكا ولا جزءا من أي إمارة في الإمارات ولا ركناً من أركان مملكة سعود .
مضيفاً “مارب جزء من الجمهورية اليمنية، مارب التاريخ مارب العزة ولهذا نحن لا نحرر مارب من داعش والقاعدة وإنما نحررها من كل قوى الاحتلال ممثلة بالسعودية والإمارات وعلى رأسها مهندسة التآمر بريطانيا منذ موافقة الرباعية على العدوان على اليمن في مارس 2015م من أمريكا”.
كما فنّد الترب الادعاءات الأممية التي تحدثت عن أن القيادة في اليمن غير جادة في تحركها نحو عملية السلام، قائلاً ” اليوم نحن نضرب مواقعهم ونستطيع أن نستمر وهذا ما قاله محمد الحوثي.. وأننا لسنا جادين كما يطبلون هم والمبعوث الأممي، لسنا جادين لماذا؟ عليهم أن يوقفوا الضربات العدوان علينا ويفتحوا المطار ويرفعوا الحصار وسنوقف ضرباتنا للسعودية بالطائرات المسيرة، ماعدا هذا نحن أصحاب حق وشرعية إلى أن يقول العدوان سلمت” .
وذكَّر الترب في حديثه مع “الثورة”، بالمجازر التي ارتكبها العدوان ولم نسمع للأمم المتحدة وأمريكا وبريطانيا أي تصريحات تدعو للحد منها أو إدانتها، قائلاً: ” مارب جزء من اليمن وعلينا أن نعيد إليها السلام والاستقرار، وهكذا في كل محافظات الجمهورية اليمنية الموجود فيها عدوان ومرتزقة “.
صنيعة أمريكية
فيما تحدث وزير الدولة لشؤون الحوار والمصالحة الوطنية أحمد القنع، عن محاولة قوى العدوان في إظهار أن المعارك لا تدور رحاها إلا في مارب قائلاً: ” المعارك الدائرة هي معارك دائرة في كافة المناطق المحتلة سواء في مارب أو غيرها .. هذا العدوان يريد أن يظهر أن معاركنا فقط في مارب، بل على العكس في الأيام القليلة الماضية كانت جبهتا الضالع والحديدة محتدمتين، ما يزال العدوان يضربنا في كل مكان، إلا أنهم يركزون على مارب لأنها تعتبر معقلا لهم و للإخوان المسلمين”.
ولفت القنع في حديثه إلى أن الإرهاب صناعة أمريكية بريطانية، قائلاً: “نحن نعلم أن القاعدة وداعش صنيعة أمريكية باعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق هيلاري كلينتون حينما قالت ( نحن من صنعنا داعش والقاعدة)، فلذلك نحن نعرف أن الصناعة الأمريكية كانت في المحافظات الجنوبية المحتلة حيث كانت تضعهم في أماكن معينة ولا تتخلص منهم .
واستذكر القنع فترة دخول هذه التنظيمات الإرهابية إلى بعض المحافظات الجنوبية دون أن تتعرض للقصف، قائلاً: ” في يوم من الأيام تحركت فلول القاعدة وداعش من داخل سيئون إلى أن وصلت إلى أبين حينها كان بإمكان الطيران الأمريكي والسعودي أن يضربها في الطريق، ولكنهم يدخرونهم لمواقع أخرى كما يحدث اليوم في مارب”.
وفي ما يخص من يقاتل في صفوف العدوان، يرى القنع أنهم يمنيون ويجب أن لا نطلق عليهم إلا ” المغرر بهم ” حيث يقول: ” إن مصطلح المرتزقة دائما ما نستخدمه ولكنني كوزير دولة لشؤون الحوار والمصالحة الوطنية أدعو إلى لم شمل اليمنيين، لذا دائما ما أطلق عليهم “المغرر بهم من إخوتنا اليمنيين” بحيث نبقي بيننا وبينهم رابط الود للعودة وخصوصا أن السيد القائد وجَّه إليهم كلمة، أثناء خطابه الأخير بمناسبة جمعة رجب، قائلاً: ( أهل مارب هم أهلنا وهم شركاؤنا ) والسيد يتحدث عن عدوان حقيقي وهو العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي، أما هؤلاء هم إخوتنا وشركاؤنا نرحب بهم ولا زلنا في لجنة المصالحة نرحب بهم ونستقبل منهم كل يوم أعدادا كبيرة “.
ويؤكد أن التصريحات والدعوات الأمريكية البريطانية تأتي من منطلق خوفهم على خسارة آخر معقل لما تسمى الشرعية وليس خوفا على مارب أو أبنائها وإنما خوفا على السعودية، فعندما تكون مارب تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية سنكون في مواجهة مباشرة مع السعودية”.
ويضيف ” نحن ندعوهم إلى وقف العدوان وفك الحصار ونحن سنتوقف عن ذلك، أما مارب فهي محافظة يمنية سنحررها اليوم أو غدا”.
انكشاف الحقائق
وفي ذات السياق يتحدث الخبير الاستراتيجي والعسكري _ عضو مجلس الشورى _ اللواء عبدالله حسن الجفري عن سبب وجود هذه التنظيمات الإرهابية في مارب، قائلاً: ” إن الأهمية الاستراتيجية لموقع مارب الجغرافي – لكونها تربط أكثر من أربع محافظات من المحافظات الشرقية من صنعاء مرورا بمحافظة مارب وشبوة وحضرموت والمهرة – يراد من خلال تحريك كل أدوات العدوان الرخيصة من خلال هذه التنظيمات الإرهابية التي أنشأتها الماسونية العالمية عبر الاستخبارات البريطانية والأمريكية والإسرائيلية في ثمانينيات القرن الماضي لإذكاء الصراعات الطائفية والجهوية والمناطقية” .
مشيراً إلى أن الهدف من ذلك هو أن تكون اليمن على غرار ما هو حاصل اليوم في سوريا وليبيا والعراق من خلال هذه التنظيمات الإرهابية التي تستخدمها لنهب النفط والثروات، وبالتالي اليوم يحشدون عناصر هذه التنظيمات الإرهابية إلى مدينة مارب ويزعمون بأنهم يتبعون ما يسمى الجيش الوطني.
ويضيف ” نحن نعرف أن هذه الجماعات كانت عبارة عن خلايا نائمة في هذه المحافظات يستخدمونها كجيوش بديلة لتصفية الحسابات بين الخصوم السياسيين”.
واعتبر اللواء الجفري أن التصريحات الأمريكية والبريطانية نابعة من أهمية محافظة مارب بالنسبة لهم، فيقول: ” اليوم نسمع أبواق المجتمع الدولي ينعقون بأنهم يريدون أن يتوقف الجيش واللجان الشعبية عن تحرير مدينة مارب، وهو ما يؤكد الأهمية الاستراتيجية للمحافظة بالنسبة لما يسمى بالمجتمع الدولي الذي أنشأ هذه التنظيمات الإرهابية “.
ويضيف ” يراد من خلال وجود الإرهاب في محافظة مارب السيطرة وشرعنة التدخل المباشر بحجة وجود الإرهاب، بعد أن كانوا هم من صنعوا الإرهاب وهم أم الإرهاب وهم أهل الإرهاب “.
مؤكدا أن مثل هذه المصطلحات ومثل هذه التسميات لم تعد تنطلي على أحد، وأن أبناء الشعب اليمني يسطرون أروع الملاحم وأعظم الانتصارات بفضل من الله ونصر منه وتأييده وبفضل القيادة الثورية والسياسية والعسكرية.