لماذا تم استهداف الهوية الإيمانية ؟

عدنان الجنيد

الكل يعلم بأن اليمنيين هم أوائل الذين أسلموا ولحقوا بركب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أفراداً وجماعات وما وصل رسل رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلا وقد كان هناك جملة من اليمنيين الذين أسلموا وكذلك من قبلهم الأوس والخزرج الذين سماهم رسول الله فيما بعد بالأنصار لأنهم ناصروا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – في السراء والضراء ..

إن اليمنيين هم مادة الإيمان وعبرهم انتشر الإسلام إلى جميع البلدان ويكفي من عظمتهم أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وصف الإيمان بأنه يماني ” الإيمان يمان والحكمة يمانية ” ولا يوجد شعب من الشعوب حاز على أوسمة الشرف الخالدة من رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كما حصل عليها أهل اليمن فقد ورد في فضلهم أكثر من أربعين حديثاً ناهيك عن الآيات القرآنية التي نزلت في حقهم إن أهل اليمن هم مدد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وهم ظهره وانصاره سواء في أيام حياته أو بعد وفاته إلى قيام الساعة ..
فقد روى الطبراني عن أبي أمامة البابلي قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ :- ” إن الله استقبل بي الشام وولى ظهري اليمن وقال لي : يا محمد قد جعلت ما تجاهك غنيمة ورزقا ، وما خلف ظهرك مددا ولا يزال الإسلام يزيد وينقص الشرك حتى تسير المرأتان لايخشيان إلا جورا ” ثم قال : ” والذي نفسي بيده لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم” .
نعم إن اليمنيين هم مدد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – ومدد الإسلام فهم الذين نصروا الإسلام عبر مراحل التأريخ وإلى يومنا هذا فالنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قد وصفهم قبل ألف وأربعمائة سنة من الزمن بأنهم الناصرون لهذا الدين والحاملون له فعن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال بعث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه ، فبعث علياً – عليه السلام – وكنا فيمن عقِّب على علي ثم صفنا صفاً واحداً وتقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فأسلمت همدان جميعاً فكتب إلى رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بإسلامهم ، فلما قرأ – صلى الله عليه وآله وسلم – الكتاب خرّ ساجداً ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان السلام على همدان..”(1)
وفي رواية قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” نعم الحي همدان .. ماأسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد منهم أبدال وفيهم أوتاد الإسلام..”(2)
قلت : إن هذا الحديث – الآنف الذكر – له دلالات عظيمة واشارات فخيمة تشير إلى عظمة اليمنيين وما خصهم الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – بنصرهم للإسلام وصبرهم على مصائب ودواهي الأيام والأعوام وذلك في سبيل الحق تعالى .
والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم – ما وصف همدان بهذا الوصف إلا لأنه نظر بنظره الغيبي والمستقبلي إلى ما سيكون منهم ومن أحفادهم وذريتهم من نصرتهم للإسلام وصبرهم على ضيم الأيام ..
فقد كان لهم موقف بارز في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – حيث نصروه في جميع حروبه لاسيما في يوم صفين ولهذا قال لهم الإمام علي في يوم صفين ” يا معشر همدان أنتم درعي ورمحي “(3)وقال فيهم – ايضا – :” ولو كنت بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام “(4)..
وهاهو ذا موقفهم البارز والأكبر يتجلى بشكل أوسع هو في عصرنا الحاضر حيث أصبحت همدان ومعها كل القبائل اليمنية تنصر الإسلام وتقدم الآلاف من الشهداء في سبيل الله ونصرة نبيه ودينه ، فأهل اليمن يمثلون الإيمان كله ، ويواجهون الكفر كله ..
فهم اليوم ينوبون عن كل الشعوب الإسلامية ويقاتلون من أجل الدين الإسلامي وكرامة المسلمين من أجل أن يعيدوا عزة المسلمين ومجدهم وحريتهم…
وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن همدان يعد دليلا واضحا على ماهو واقع ويجري في عصرنا الحاضر
” وما اصبرها على الجهد.” إذ لا يوجد شعب من شعوب الأرض قد صبر هذا الصبر رغم الحصار الجوي والبحري والبري والذي لا يزال مستمرا منذ ما يزيد عن اربع سنوات..
إن كل ما ذكرناه – آنفاً – عن فضل أهل اليمن وعن مناصرتهم لرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كل ذلك ذكرناه لتعلم بأن اعداء الأمة من اليهود والنصارى يدركون عظمة اليمنيين ويعلمون دورهم في مناصرة الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – والإسلام بل هم أعرف بتأريخ المسلمين من المسلمين ولهذا هم يخططون للمسلمين لا يغفلون عنهم طرفة عين فكيف سيغفلون عن اليمنيين الذين هم حملة الإسلام وحماة الدين وأنصار رسول رب العالمين صلى الله عليه وآله أجمعين !!
نعم إنهم يعلمون أن أهل اليمن هم أهل الإسلام الأصيل ويدركون أن الخطر عليهم قادم من هذا الشعب الأبي المتمسك بعزته وكرامته والذي لا يقبل الضيم والتاريخ شاهد على أن اليمن مقبرة الغزاة .
إن اليهود يعلمون أنهم لم ولن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم إلا بالقضاء على هذا الشعب من خلال القضاء على هويته حتى ينسلخ منها ويكون بلا هوية بل مجرد تابع وعميل ولهذا قاموا بإنشاء دولة بني سعود تزامناً مع انشائهم لدولة بني صهيون .
أنشأتها وتعهدتها بريطانيا وبعد ذلك رعتها أمريكا ثم تبنتها إسرائيل فبعد عام 1159م بدأ بنو سعود مع تيارهم الديني الوهابي بغزو قرى ومناطق الحجاز ثم غزو مناطق الجزيرة العربية حتى وصلوا إلى بعض مناطق العراق وكذلك اليمن سلبوا فيها أموال المسلمين وسبوا نساءهم وقتلوا أطفالهم وخربوا منازلهم وقبابهم وأضرحتهم وكم فعلوا من جرائم ومجازر يندى لها جبين الإنسانية ولا أحد يجهل مجزرة تنومة – في وادي عسير – والتي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني ..
إن استهداف الوهابية – أدوات الصهاينة للشعب اليمني – بدأ بشكل مباشر من بعد قيام الجمهورية وسيأتي توضيح ذلك في مقالنا القادم إن شاء الله تعالى.
…….الهامش…
(1) ” سُبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد “[427] للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي. وقد عزى محققا الكتاب الرواية إلى المصادر الآتية : ” صحيح البخاري ” برقم (4349)- كتاب المغازي -[663/7] ، وسنن البيهقي[366/2] ، ودلائل البيهقي[369/5] .
(2) ” الطبقات الكبرى ” لابن سعد [341/1] ، و” سُل الهدى والرشاد..” للصالحي الشامي وعزى محققا الكتاب الرواية إلى المصادر الآتية : “طبقات ابن سعد”[74/2/1] ، وابن عساكر في ” تهذيب تأريخ دمشق “[440/4] ، والمتقي الهندي في ” كنز العمال (34030) .
(3)” وقعة صفين ” ابن مزاحم المنقري ص 437 .
(4)المرجع السابق .

قد يعجبك ايضا