الأراضي المحتلة / وكالات
يتمثل أحد أشكال الانتهاك المنهجي والوحشي لحقوق الإنسان للفلسطينيين من قبل الكيان الصهيوني المحتل منذ فترة طويلة، في هدم منازل الفلسطينيين والمواقع الدينية في الضفة الغربية والقدس، والذي تزايد في السنوات الأخيرة، ومنذ بداية عام 2021م، هدمت السلطات الصهيونية ما لا يقل عن 153 منزلاً فلسطينيا بذرائع مختلفة، أي أكثر بثلاث مرات من نفس الفترة من العام الماضي، ففي عام 2020م، هدم الصهاينة 848 منزلاً فلسطينيا في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، بزيادة قدرها 36 % مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019م.
والجدير بالملاحظة أن معظم المباني المدمرة تقع في مناطق خاضعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو في التسعينيات.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أكثر من 80 شخصا قد تشردوا وجرح مئات آخرون في هدم منازل الفلسطينيين.
وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية للمفوضية الأوروبية في بيان إنه منذ مصادرة وهدم 46 مبنى تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية في حمسا الفقه شمال الأغوار، تم تهجير حوالي 60 فلسطينيا منهم 35 طفلا.
ووفق المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، فقد دمر الكيان الصهيوني 21 منزلاً و17 حظيرة للحيوانات وثمانية مراكز للمياه والصرف الصحي في تجمع حمصة البقعية خلال أسبوع واحد فقط.
كما صادرت القوات الإسرائيلية خياما تبرعت بها المنظمات الإنسانية للبدو يوم الاثنين الماضي.
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جون إيجلوند: “يبدو أن إسرائيل مصممة على طرد الفلسطينيين من قراهم، وحرمانهم من المأوى الأساسي، وتدمير حياتهم، بينما تدمر المساعدات الدولية المهداة للأشخاص المعرضين للخطر”.
وأثار هذا التدمير الذي اشتد منذ الإعلان عن ضم المستوطنات الصهيونية للأراضي المحتلة وتطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية والصهاينة، قلقا شديدا للسلطات الفلسطينية.
وقال الوزير الفلسطيني وليد عساف المسؤول عن مراقبة المستوطنات الإسرائيلية في شريط فيديو “ان ما يحدث هو أكبر وأخطر عملية تخريبية”.
كما دعا محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية “المجتمع الدولي للتحرك الفوري لمنع هذا العدوان على شعبنا”.
عقاب جماعي للفلسطينيين
إن قيام الكيان الصهيوني بهدم منازل الأفراد المتهمين في محاكمه بالعمل ضد المستوطنين أو التعاون مع مجموعات المقاومة الفلسطينية هو شكل من أشكال العقاب الجماعي للفلسطينيين وانتهاك واضح للقانون الدولي، ولا سيما انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة (1949م) التي تنص على حماية المدنيين معروف في الحرب التي طالما استخدمها كيان الاحتلال في القدس ضد الفلسطينيين، وتنص المادة 53 من هذه الاتفاقية على أنه “يُحظر تدمير أي ممتلكات شخصية أو غير منقولة للأفراد من قبل دولة الاحتلال، إلا في الحالات التي يعتبر فيها هذا التدمير ضروريا للغاية للعمليات العسكرية”.
وفي عام 1968م، بعد احتلال الصهاينة للضفة الغربية وغزة، أوصى تيودور مارون، المستشار القانوني لوزارة الخارجية آنذاك، في مذكرة سرية للغاية إلى مكتب رئيس الوزراء بهدم المنازل، حتى مكان وجود المشتبه بهم يجب أن يكون على جدول الأعمال.
وقد بدأ هدم منازل الفلسطينيين بعد يومين من احتلال المنطقة القديمة في القدس المعروفة باسم الحي المغربي، بالقرب من الحائط الغربي، وكانت إحدى الخطوات الأولى التي تم اتخاذها بعد احتلال القدس عام 1967م طرد 650 فلسطينياً من منازلهم في قلب المدينة وتقليص منازلهم ومزارعهم لتقليص عدد السكان الفلسطينيين.
ووفقا لـ ICAHD، وهي منظمة حقوقية في الأراضي المحتلة، انه منذ احتلال الأراضي الفلسطينية حتى عام 2019م، دمر الكيان الصهيوني 49532 منزلا فلسطينيا وشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين في نفس الوقت.
وقبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى، كان لا بد من موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية على استخدام هذا السلاح اللاإنساني الذي يهدد حياة المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، ولكن تم رفعه بعد الانتفاضة، لم تعد بحاجة إلى موافقة وزير الدفاع، بل أعطيت لقادة المناطق، وفي عام 2009م ، بعد سلسلة من الهجمات الفلسطينية المميتة على المستوطنين في القدس، سمحت محكمة العدل الصهيونية للجيش بإغلاق منازل المقاتلين الفلسطينيين بشكل تعسفي بالإسمنت.
ومنذ سبتمبر 2000م حتى نهاية عام 2004م، المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، دمر الجيش الصهيوني 4100 منزل تعود ملكيتها لأولئك الذين وجدوا في الانتفاضة.
ومن عام 2006م إلى 31 أغسطس 2018م، دمر الصهاينة ما لا يقل عن 1360 وحدة سكنية فلسطينية في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، ما أدى إلى تشريد 6115 شخصا – بينهم ما لا يقل عن 3094 طفلا صغيرا.
وعادة ما يتم هدم المنازل دون إشعار مسبق ولا يُمنح ساكنو المنزل سوى القليل من الوقت للإخلاء بحيث تصبح صعوبات ومشاكل فقدان المنازل والبيوت أكبر بكثير.
لكن مع تكثيف عمليات هدم منازل الفلسطينيين لتقليص عدد الفلسطينيين، ارتفعت تصاريح البناء في المستوطنات غير القانونية في القدس الشرقية بنسبة 60٪ منذ عام 2017م، عندما تولى دونالد ترامب منصبه، في حين انه منذ عام 1991م، حصل الفلسطينيون، الذين يشكلون أغلبية سكان المنطقة، على 30 % فقط من تصاريح البناء.