نسمع جعجعة
حمدي دوبلة
حديث الإدارة الأمريكية عن رغبتها الجادة في إنهاء الحرب على اليمن أشبه ما يكون بالجعجعة التي لا تنتج طحيناً مع أن الأمر لا يحتاج- كما تقول كاتبة بريطانية- سوى أن يرفع الرئيس جو بايدن هاتفه ويجري مكالمة واحدة مع النظام السعودي ويأمره بأن يعلن انتهاء الأمر، لكن على ما يبدو فإن النوايا التي يتحدثون عنها لم تنضج بعد وترتق إلى مستوى ترجمتها على ارض الواقع.
-يعلم الجميع مدى تعقيدات الوضع في الداخل اليمني والتي تفاقمت واستفحلت بفعل ممارسات دول تحالف العدوان وعبثها الدائم والممنهج في اليمن وتعدد أجندة وأهداف ومرامي أطرافه لكن لا يخفى على أحد بأن المحرك الحقيقي لكل تلك الأدوات هي الإدارة الأمريكية ووحدها من تملك القدرة على إصدار قرار وقف الحرب كما أعلنتها في لمح البصر في ذلك المساء المشؤوم وهي تستطيع اليوم وضع حد لها ولو عن طريق العمل على إصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي بوقف اطلاق النار ورفع الحصار فورا ودفع الرواتب ومعالجة الوضع الإنساني ومباشرة حوار جاد للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تضمن سلامة اليمن وسيادته ووحدة أراضيه وترفع المعاناة عن كاهل شعبه المكلوم.
-التلكؤ الأمريكي وما يعبر عنه من نوايا نظرية تجاه السلام لا تعدو حتى اللحظة عن كونها ظاهرة صوتية تهدف كما هو واضح إلى تحسين الصورة وترميم القبح الذي بدا عليه الوجه الأمريكي في اليمن وقد عاث فسادا وخرابا في هذا البلد وجعله يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم كما تحاول من خلال هذه الجعجعة العقيمة الظهور كطرف محايد والتنصل من المسؤولية الأخلاقية والقانونية والإنسانية عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق الشعب اليمني الأعزل على مدى ست سنوات ولا يزال يعاني الكثير والكثير وكل يوم يمضي تزداد المأساة عمقا وتأثيرا في حياة الناس على مستوى الحاضر والمستقبل.
-لنستعرض هنا توقعات أصحاب الشأن من المنظمات الدولية والخبراء في شؤون الطفولة فقط ماذا سيحصل لأطفال اليمن في حال استمرت الحرب عاما آخر ..تقول منظمة الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية في آخر إحصائياتها أن نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن سيعانون من سوء التغذية في عام 2021، وقد يموت مئات الآلاف منهم بسبب نقص المساعدات الإنسانية.
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية من أن “سوء التغذية الحاد يهدد نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن في 2021?، وهذا يشمل ما يقرب من 2.3 مليون طفل.
وتقول هذه المنظمات في بيان مشترك صدر قبل يومين إنه “من المتوقع أن يعاني 400 ألف من هؤلاء الأطفال من سوء التغذية الحاد الشديد ويمكن أن يموتوا إذا لم يتلقوا علاجا عاجلا”، ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 22% عما كانت عليه الحال في عام 2020.
وتحذر مدير عام “اليونيسف”، هنرييتا فور من أنه “في كل يوم يمر من دون تحرك سيموت مزيد من الأطفال.
وتوقعت منظمات الأمم المتحدة أن تعاني حوالي 1.2 مليون امرأة حامل أو مرضع من سوء التغذية الحاد في عام 2021.
وأشارت إلى أن مستويات سوء التغذية الحاد هي من بين أعلى المستويات المسجلة في اليمن منذ العام 2015 م.
فهل تتخلى أمريكا عن مناوراتها السياسية وأساليبها الرخيصة في تنفيذ أهدافها وتقوم بمسؤولياتها كما يجب؟ أم أن الآوان لم يحن بعد من وجهة نظرها؟!