السلام وإعمار صعدة!! 

ما يبعث على التفاؤل أن اللقاء الذي جمع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يوم أمس مع الإخوة مشايخ وأعيان محافظة صعدة وشخصياتها الاجتماعية قد جاء في وقت صار فيه جميع أبناء هذه المحافظة مدركين لأهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به كل واحد منهم من أجل ترسيخ عوامل السلام والاستقرار وتهيئة المناخات أمام إعادة الإعمار وجهود التنمية وتعويض هذه المحافظة عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة الفتنة التي أشعلتها عناصر التمرد والتي أرادت من خلالها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء دون وعي بأن ذلك صار من سابع المستحيلات إن لم يكن المستحيل نفسه.
حيث وأن ما ينبئ به هذا الاحساس أن هناك قناعة صادقة ومخلصة قد تعززت لدى كافة أبناء محافظة صعدة بأنه لا خيار أمامهم سوى أن يكونوا صفا واحدا في مواجهة كل من يسعى إلى الابقاء على محافظتهم ساحة مستباحة تتقاذفها الفتن والفوضى وأنهم معنيون بدرجة رئيسية بكبح جماح كل من تسول له نفسه مواصلة ذلك العبث الذي دفعت صعدة ثمنه باهظا فضلا عن الأعباء التي تحملها الوطن جراء تلك الفتنة التي لم تخلف وراءها سوى الخراب والدمار والدماء والآلام والمآسي.
والحق أن ما أشار إليه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بوضوح بالغ وعبارات مؤثرة بقوله : إن الدولة كانت وما زالت وستظل مع السلام والاستقرار كان صادقا في ما يقول وشفافا في ما يريد ايصاله إلى تلك الشخصيات والوجاهات الاجتماعية ومن خلالها إلى كافة أبناء محافظة صعدة ومن تورطوا في إثارة الفتنة وتسببوا في إشعال الحروب الواحدة تلو الأخرى حيث وأن كل منصف يعلم تماما أن الدولة كانت حريصة كل الحرص على ألا تسفك قطرة دم واحدة في هذه المحافظة وأنها لم تترك وسيلة لحقن الدماء إلا واتبعتها وأن كل المواجهات قد فرضت عليها ولم تخترها أو تذهب إليها لإيمانها بأن كل قطرة دم تسال في تلك المواجهات هي دماء يمنية لمواطنين يمنيين سواء كانوا من جنود الأمن والقوات المسلحة الذين يؤدون واجبهم في حماية الأمن والاستقرار والدستور والنظام والقانون وحفظ الأرواح والأعراض أو من تلك العناصر المتمردة التي أرادت أن تجعل من نفسها دولة داخل الدولة.
وليس هناك دولة ولا نظام في العالم يقبل بالرضوخ لابتزاز وتهديدات مجموعة من العناصر الخارجة على النظام والقانون رفعت السلاح وأعلنت تمردها على الدستور والأنظمة والقوانين.
والمهم اليوم أن يستوعب أبناء محافظة صعدة الذين لهم سجل مشرف في الوطنية ومواقف مشهودة في مسيرة النضال الوطني الدروس التي مروا بها ومرت بها محافظتهم والدوافع التي كانت وراء استهداف هذه المحافظة المسالمة التي ظلت على الدوام عنوانا للسلام والأمن والاستقرار.. ولماذا أراد البعض أن يجعل من صعدة قبلة للمؤامرات وساحة لتصفية الحسابات وبؤرة لإشاعة الفوضى والقلاقل والتوترات على حساب دماء أبناء الشعب اليمني واستقرار وطنهم وأمنه وخططه التنموية والنهضوية¿
ولماذا أرادت عناصر التمرد أن تحل محل مؤسسات الدولة وأن تبسط هيمنتها وتتحكم برقاب أبناء هذه المحافظة منتقمة من تاريخهم الوطني ومسيئة لمواقفهم المشرفة¿
ولماذا أيضا ركزت تلك العناصر على ضرب البنية الأساسية في هذه المحافظة من مدارس ومراكز صحية ومشاريع طرق واتصالات وكهرباء ومرافق عامة تم إنشاؤها بمليارات الريالات من أجل خدمة المواطنين¿
إذ أن مثل هذه التساؤلات تحمل الكثير من الوقائع الدالة على أن المستهدف بتلك الفتنة كان المواطن في محافظة صعدة الذي لم يكتف بحرمانه من مصادر زرقه بل سعى مشعلو الفتنة إلى الارتداد به إلى حقبة التخلف والحرمان والظلام الدامس.
نقول ذلك لمجرد تذكير الجميع في هذه المحافظة بأنهم المعنيون قبل غيرهم بتكريس مناخات السلام والاستقرار حتى تتمكن الدولة من إعادة البناء والإعمار ومواصلة جهود التنمية التي رصدت لها المليارات.
وإذا ما تشابكت الأيدي وكان أبناء محافظة صعدة صفا واحدا فإن السلام سيصبح خيارا استراتيجيا لن يتجرأ أحد على الإخلال به أو محاولة النيل منه.
وقد حان الوقت لكي يفهم من لا يريد أن  يفهم أن التطرف والتعصب والغلو والتلاعب بقدسية العقل والدين والتستر وراء بعض النوازع العنصرية والطائفية والجهوية والمناطقية صارت بضاعة كاسدة ولم يعد لها رواج في هذا الوطن المحصن أبناؤه بنور المعرفة وقيم الاعتدال والوسطية التي انطلقت منها الرسالة المحمدية السمحاء.
ومن لا يريد انكشاف عوراته عليه الاستفادة من تجارب غيره ممن ساروا في نفس الطريق المعوج ولم يجنوا سوى الخيبة والندامة.
ومن هذا المنطلق فإن ما ننتظره من العناصر الحوثية هو الالتزام بخيار السلام طبقا لما حددته النقاط الست حتى تبرهن هذه العناصر على جديتها وأنها لن تحنث العهود والوعود مرة أخرى وأنها قد استفادت بالفعل من عبر الماضي وتخلت عن نزعة العنف وعادت إلى جادة الصواب واستوعبت أن تجاوز الخطوط الحمراء بالاعتداء على المواطنين والتدخل في شئون السلطة المحلية والتطاول على حدود الأشقاء وانتهاك الثوابت الوطنية هو أمر غير مقبول ليس فقط من أبناء محافظة صعدة وإنما من كل أبناء اليمن. وأن هذه العناصر إذا ما أرادت أن تمارس العمل السياسي  فلا بد وأن يكون ذلك تحت سقف الدستور والثوابت الوطنية والأسس الناظمة للحياة السياسية اليمنية. أما غير ذلك فلن يسمح به هذا الشعب. والحليم من اتعظ.

قد يعجبك ايضا